شرائط وآداب سلوك الطريق إلى الله تعالى
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج1/ ص204-205
2025-07-09
584
اعلم أن الولاية الخاصّة هي كمال القرب إلى الحقّ تعالى، لدرجة أن تمّحي الثنائيّة بينهما، ويذوب الوليّ في الحقّ تعالى بعد فناء ال- «أنا» فيه، وهذا لا يتمّ بغير التصفية، وذلك عن طريق ترويض النفس على المجاهدات، والتجرّد من العلائق والكدورات البشريّة والعوائق الجسمانيّة، والتوجّه نحو الحقّ تعالى، والتزام الخلوة، والمواظبة على الذِّكر والطاعة والعزيمة والانقطاع والتبتّل عن الخلق.
و الأنبياء عليهم السلام بحكم قدسيّتهم ونزاهتهم، وفائق العناية الإلهيّة التي تحيط بهم، فإنّهم في مسألة الإرشاد، لا يحتاجون أحداً غير الحقّ تعالى، إن استثنينا توسّط الملائكة في بعض الأحيان. وأمّا اتّفاق أصحاب الطريقة، فهو أن باقي أصناف الأولياء، عدا المجذوبين منهم لا يمكنهم الوصول للهدف الحقيقيّ، وهو مقام الولاية، بدون إرشاد صاحب الكمال الذي يتولّى إرشادهم. شعر:
پير، ما لا بدّ به راه آمد ترا *** در همه كارى پناه آمد ترا[1]
اى خنك آن مرده كز خود رسته شد *** در وجود زندهاى پيوسته شد
هر كه شد در ظلّ صاحب دولتي *** نَبوَدش در راه، هرگز حاجتي[2]
الإنسان هو عصارة جميع المراتب، فإذا عمل بطريقة التصفية كما ينبغي ونوّر قلبه- الذي هو بالحقيقة البرزخ الجامع للوجوب والإمكان- بالذِّكر والتوجّه الكلّيّ للمبدأ، ورفع الموانع عن الطريق إلى نور القدس، فإنّه سيحصل على الصفاء التامّ، وينعكس كلّ موجود فيه، وتنكشف صور كلّ الأشياء، من مادّيّات ومجرّدات، في قلبه، وبهذا الصفاء والانسجام الذي ابتدع مع عالم المعاني، تتجسّم المجرّدات له، وهي التي ليس لها صور حسّيّة في العالم الجسمانيّ، وتتشكّل بأشكال محسوسة، على حسب النسبة الموجودة بينها وبين تلك الصورة، فعلي سبيل المثال، كان جبرئيل عليه السلام يظهر بصورة دحيّة، وغير ذلك من الصور، للرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلّم وحتى البارئ جلّ وعلا، أحياناً، يظهر له في عالم المثال، متلبّساً بلباس المظاهر الحسّيّة، وهو ما يطلق عليه اصطلاحاً، التأنيس، وهو عبارة عن تجلّي الحقّ تعالى على صورة المظاهر الحسّيّة، لغرض تأنيس المريد المؤيّد، بالتزكية والتصفية، وهو بداية تجلّيات القلوب.
[1] يقول: «أيّها الشيخ! لقد جاءك ما لا بدّ منه ولا مفرّ، وهو ملاقيك في كلّ أعمالك».
[2] يقول: «فيا أيّها السعيد! أن ذلك الميّت الذي تحرّر من (قيود) نفسه، قد التحقَ بالوجود الحيّ.
فمَن استظلَّ بظلّ صاحب الحكومة والسلطان لم يَحْتَجْ إلى شيء خلال سيره في ذلك الطريق».
الاكثر قراءة في قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة