تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
الفيزياء من حركة سقوط الأجسام (مبدأ التكافؤ وثورة آينشتاين: من سقوط الأجسام إلى انحناء الضوء)
المؤلف:
ب . ك. و. ديفيس
المصدر:
المكان و الزمان في العالم الكوني الحديث
الجزء والصفحة:
ص103
2025-07-02
14
إن نسبية الحركة المنتظمة ، وهي تشكل حجر الأساس في ميكانيك نيوتن كما في نسبية آينشتاين ، تعتمد في أعماقها على وجود مرجع مقارنة عطالي . وكل المراجع المتحركة بالنسبة لأحدها بسرعة منتظمة تعتبر متكافئة ميكانيكياً في هاتين النظريتين . ولا تتجلى الفروق الفيزيائية داخل الجملة المتحركة إلا بالحركة المتسارعة . وبموجب قانون نيوتن الثاني (وكذلك بالتالي تعميم آينشتاين لا يمكن إزالة التسارع والعودة الى الحركة المنتظمة إلا بإزالة فعل كل القوى المتسلطة على الجملة . فوجود جملة عطالية يتوقف إذن على مهارتنا في القدرة على صنع حالة حركية حرة من أي تأثير مبدئياً على الأقل . إن الفيزياء الحديثة تقول بوجود أربع قوى طبيعية ، أشدها ـ وتسمى عادة التفاعل الشديد ـ تفعل على مدى قصير جداً ، من رتبة 10-13 سنتيمتر ، بين الجسيمات المكونة لنواة الذرة ، وهي المسئولة عن ارتصاص النواة ، وهناك قوة أضعف - التفاعل الضعيف - تعمل على مدى قصير أيضاً ضمن الجسيم الذري الواحد ، وهي المسئولة ، من جملة ، عن النشاط الاشعاعي بيتا . ولا تأثير لأي من هاتين القوتين على حركة الأجسام
أفعالها المحسوسة ، وقد كانتا مجهولتين عندما اكتشف آينشتاين نظرية النسبية . أما القوتان الأخريان فهما القوة الكهرطيسية وقوة التثاقل ، وكلتاهما تؤثران في الأجسام المحسوسة . ولا يمكن أن تحدث حركة عطالية (منتظمة) بوجود واحدة من هاتين القوتين . لنبحث إذن كيف يمكن للمرء أن يعلم فيها إذا كانت جملة معينة حرة من مثل هاتين القوتين. إن الجسيمات المشحونة بالكهرباء تتسارع في الحقل الكهربائي بما يتناسب عكسياً مع كتلها ، وبذلك يمكن الاستدلال على وجود الحقل الكهربائي . والجسيمات المشحونة ايجابياً تتحرك بعكس اتجاه حركة الجسيمات المشحونة سلبياً . أما الجسيمات الحيادية كهربائياً (كالذرات العادية لأنها تحوي عددين متساويين من الشحنات الموجبة والسالبة فلا تتسارع في الحقل الكهربائي . ونعلم أن الجسيمات المتساوية بالشحنة يقل تسارعها كلما كبرت كتلتها لأن عطالتها تكبر . يمكن إذن تحرير الجملة من القوى الكهربائية ، إما بجعلها حيادية كهربائياً أو ذات كتلة كبيرة جداً ، أو بتعبير آخر ، بإنقاص نسبة الشحنة الكهربائية على الكتلة العطالية الى قيمة مهملة . فتحرر الجملة من القوة الكهربائية يمكن التحقق منه مباشرة بالاعتماد على أرصاد تتناول الجسيمات المشحونة واللامشحونة .
أما في حالة التثاقل فإن هذه الخطة فاشلة تماماً. فحركة جسيمات الاختبار بتأثير ثقالة الأرض تحدث كلها نحو الأسفل. ولا يوجد مادة معروفة تنفر نحو الأعلى . فالثقالة تجاذبية دوماً بين الأجسام . ونعبر عن ذلك أيضاً بالقول : إن كل الشحنات الثقالية من إشارة واحدة ، وذلك بخلاف الشحنات الكهربائية التي هي إما موجبة وإما سالبة ؛ والثقالة المضادة ، بالمعنى المباشر ، لا توجد إلا في قصص الخيال العلمي . ورغم ذلك فإن من
شکل 4 - 1 . الحركة بفعل القوى الكهربائية. إن الجسيمات المتروكة في حقل كهربائي مختلف حركاتها . إن الكرة المشحونة سلبياً تجذب الشحنتين الموجبتين المتساويتين بقوة واحدة لكن أخفها تكتسب التسارع الأكبر لأنها الأقل عطالة. يمكن أن نجعل نسبة الشحنة على - العطالة تتغير كثيراً أو تنعدم الجسيمات الحيادية لا تناش و حتى تصبح سالبة (ينفر الجسيم عن الكرة) . فوجود حقل قوى كهربائية يمكن الاستدلال عليه دوماً وفي أية نقطة من الفضاء ومهما كانت حالة الراصد الحركية وذلك باستخدام جسيمات اختبار من أنواع شتى .
المعروف أن وجود قوى ثقالية، متسلطة على جملة ما ، يتجلى بتسارعات تختلف عموماً من جسم الأخر ويمكن صنع جملة حرة من مثل هذه القوى إذا جعلنا نسبة الشحنة الثقالية / الكتلة العطالية صغيرة لدرجة الإهمال .
إن التسارع الذي تكتسبه الأجسام المختلفة يمكن تعيينه بتركها تسقط في حقل الثقالة الأرضي. ويقال إن غاليله قد أتم هذه التجربة على أجسام تركها تسقط من قمة برج بيزا المائل . وهو على كل حال كان أول من اكتشف المبدأ الذي لا يقل أهمية عن نتيجة تجربة مايكسلون ومورلي والذي يقول : إن كل الأجسام تسقط بتسارع واحد . وقد رأى أكثر الناس في هذه النتيجة أمراً لا يُصدق . فقد كانوا يظنون أن الأجسام الثقيلة أسرع في سقوطها من الأجسام الخفيفة . هذا رغم أن الأجسام الثقيلة أعظم عطالة وبالتالي أصعب تحريكاً. وبذلك اكتشف غاليله أن هاتين الخاصتين - كون الجسم أثقل وكونه أعظم
شکل 4 - 2- الحركة بفعل قوى الثقالة. إن كل الجسيمات تسقط في حقل التثاقل بأسلوب واحد ففي (a) يصل الجسمان، الثقيل والخفيف، إلى الأرض معاً وفي (b) تطلق القذيفتان ، الثقيلة (النقط الكبيرة ) والخفيفة (النقط الصغيرة) ، بسرعة واحدة. إن لهما مساراً واحداً . إن هذه النتائج صحيحة على سطح الأرض ولكن بصورة تقريبية بسبب مقاومة الهواء . إن وجود الثقالة لا يمكن الاستدلال عليه في نقطة من الفضاء بواسطة جسيمات اختبار مختلفة تترك لشأنها. فالمساران المنحنيان في (b) يمكن أن ينجها ، على حد سواء ، من جذب الثقالة نحو الأسفل أو من حركة الراصد نحو الأعلى .
عطالة - تعدل إحداهما أثر الأخرى بالضبط والتمام . فالثقالة تجذب الحجرة الكبيرة بأشد مما تجذب الحصاة الصغيرة ، لكن الحصاة تستجيب بأطوع مما تستجيب الحجرة . ونتيجة ذلك أن كلتيهما تسقطان متصاحبتين فتصلان الى الأرض معاً ، وهذا ما يمكن للقارى، أن يتحقق منه بسهولة (انظر الشكل (4-2) ولئن كانت ريشة الطائر أو نفاخة الطفل المطاطية تبدوان عملياً مناقضتين لمبدأ غاليله فما ذلك إلا بسبب مقاومة الهواء ، وهي مستقلة عن طبيعة الثقالة . لقد كان ذلك من أعظم انجازات غاليله - وهو التفريق بين خاصية التثاقل العامة الهامة وبين مقاومة الهواء التي هي على بدهيتها ، غير ذات شأن في هذا الصدد .
إن نتيجة غاليله هذه قد جرى امتحانها بعد ذلك لدى أنفوس von Eotvis. هنغاري 1848 - (1919) عام 1889 ومؤخرا لدى ديك Dicke. عام 1964 بدقة لا تتجاوز واحداً من مليون مليون . وربما كان خير تعبير عنها هو أن نقول إن نسبة الشحنة الثقالية على الكتلة العطالية ثابتة ، أي مستقلة عن طبيعة الجسم الساقط . والواقع أن الشحنة الثقالية والكتلة العطالية هما خاصتان فيزيائيتان متكافئتان من خواص أي جسم . ولهذا السبب يطلق على هذه النتيجة اسم مبدأ التكافؤ . وهذا المبدأ يقضي بشكله العام بأن كل جسيمات الاختبار تتحرك على المسار نفسه بفعل الثقالة . وعلى هذا لا يوجد طريقة تتيح لنا أن نكتشف ، من خلال فحص السلوك الموضعي لأي جسيم اختبار ، وجود الثقالة . إذ لا يوجد أشياء حيادية ثقالياً لتصبح حرة من تأثير الثقالة ولكي نستطيع أن نقارن جملتنا المدروسة بحركتها لتعلم إن كانت حرة من القوة الثقالية .
وقد يكون أقرب الى الادراك أن نجد لمبدأ التكافؤ تعبيراً أكبر نفعاً إذا تذكرنا أن الشحنة الثقالية تجسد كمياً قوة الثقالة ، بينما تجسد الكتلة العطالية كمياً قوى العطالة الناشئة عن الحركة المتسارعة . إذ يصبح عندئذ التطابق بينهما تعبيراً عن تكافؤ فيزيائي بين القوى الثقالية والقوى العطالية. وهذا التكافؤ معروف بالخبرة. فالقوة النابذة الفاعلة في الجسم الدوار لا يختلف الاحساس بها عن الاحساس بقوة الثقل اللهم إلا أن تكون أفقية) . والواقع أن عبارة «الثقالة المصطنعة كثيراً ما تُستعمل لدى علماء الفضاء الذين یرون استخدام محطات فضائية دوارة لتوليد ثقالة ، قيمتها ج" محبط المحطة ، تتيح أن يعمل قاطنوها في ظروف مألوفة . والنبذ الدوراني طريقة مر توليد وجيمات عالية جداً .
شکل 4 – 3
. لاحظ أن الخط المتقطع يمكن أيضاً أن يمثل مار شعاع صوني ، مما يوحي بأن الضوء ينحني أيضاً بفعل الثقالة (انظر الشكل 4 - 5) .
وبالمقابل ، لا يمكن التمييز موضعياً أي) في فضاء محدود بين قوة الثقالة ومفعول التسارع . فالشخص الموجود في صندوق غير شفاف انظر الشكل 4 - 3 عاجز عن معرفة اذا كان ساكناً على سطح الأرض أو متحركاً نحو الأعلى بتسارع ج في منطقة من الفضاء نائية عن الأرض بحيث يمكن إهمال جاذبيتها.
وهكذا ، فكما يمكن استخدام التسارع لمحاكاة قوة ثقالية ، يمكن التخلص من فعل الثقالة باستخدام التسارع . وهذا ظرف يمكن أن نخلقه في مرجع أتيح له أن يسقط حراً . فإذا كان الصندوق المذكور أعلاه في حالة سقوط حر من ارتفاع شاهق فإن القاطن
شکل 4 - 4 . مراجع تسقط حره. إن آثار التثاقل الموضعية تختفي (يتخلص منها) في السقوط الحر بموجب مبدأ التكافؤ . في (a) يسقط الصندوق ومحتوياته نحو الأسفل بسرعة واحدة ، مما يجعل المحتويات تبدو للراصد عديمة الثقل . والأجسام المتحركة ، كالرصاصة التي تخترق الصندوق ، تبدو له سائرة في خط مستقيم . في ( ) ، الراكب الفضائي الذي يدور حول الأرض هو أيضاً في حالة سقوط حر ، وبذلك يشعر بانعدام وزنه . وذلك أن تسارعه الناجم عن انحناء مساره) يخفي موضعياً ثقالة الأرض. إنها ماتزال موجودة طبعاً بدليل جذبها للنيزك المار بجوارها .
المسكين لا يشعر بالثقالة أثناء سقوطه مع الصندوق ومحتوياته . فهو ، والأجسام الأخرى في الصندوق حوله ، تسقط كلها بأسلوب حركة الصندوق بموجب مبدأ التكافؤ . فغليونه الذي خرج من فمه ، مثلاً ، بفعل المفاجأة الأولى يظل مسمراً في مكانه على بضعة سنتيمترات أمام وجهه . فالمشهد المائل لعين القاطن داخل الصندوق هو مشهد متحرر من ربق الثقالة يدع كل شيء عائماً ، فلا يتسارع بالنسبة للصندوق ولا يبدو له أي وزن . فالقاطن لا يستطيع إذن أن يكشف وجود الأرض وهو في حالة السقوط الحر هذه . لكنه سيعرف دون ريب كل شيء عن وجود الأرض عندما يرتطم الصندوق بقعر الهاوية وتنشأ قوى عنيفة غير ثقالية تولد تسارعات شتى في حطامه.
لابد أن مثل هذا الظرف لم يكن مألوفاً لدى (أحياء) البشر عندما لفت آينشتاين النظر إليه أول مرة . أما اليوم فمن النادر أن تصادف إنساناً لم يشاهد منظر انعدام الثقالة داخل مراكب الفضاء. فعندما ينفد وقود صاروخ المركبة تصبح المركبة في سقوط حر ولا يشعر ملاحوها بالثقالة . والثقالة ماتزال موجودة بالطبع ، وماتزال محسوسة حتى في جوار القمر ( وإلا فكيف يتسنى للقمر أن يلزم مداره حول الأرض (؟ لكن المرجع الساقط بحريته عاجز عن كشفها . وثقالة الأرض على مدار يبعد 200 كيلو متر عنها تبلغ 6٪ من شدتها على سطحها ، لكنها تختفي ضمن المركبة بفعل تسارع حركة المركبة وهي تدور على مدارها المنحني حرة في السقوط. وبصريح العبارة نقول : إن الثقالة المصطنعة في حركة الدوران حول الأرض توازن بالضبط ثقالة الأرض لينجم عنها انعدام الوزن ، وهو السمة اللامألوفة التي تسود في رحلات الفضاء.
إن مبدأ التكافؤ بين المفعولين الثقالي والتسارعي (العطالي)، يجب أن لا يخدع القارىء فيظن أن الثقالة نوع من الوهم يتوقف على المرجع الذي يتفق أن نستعمله . فهذا المبدأ الذي نلح عليه كثيراً صحيح موضعياً فقط، وهذا ما دعانا لقصر مثالنا على الصندوق المحدود. لكن الأرصاد التي تتناول مسافات عظيمة يمكن أن تكشف بسرعة وجود الثقالة. وهذا بسبب أن الثقالة تتغير من مكان لآخر . وعلى هذا يمكن أن نفكر فيها وكأنها حقل يشبه حقل مكسويل الكهرطيسي ، وهو حقل غير نسيق بل يتغير شدة واتجاها . وعلى هذا فإن الحقل الثقالي لا يكون نسيقاً بصورة تقريبية) إلا في مناطق صغيرة من الفضاء .
فحقل ثقالة الأرض على مسافة نائية منها أضعف مما هو قرب سطحها ، والمركبة الفضائية التي تدور على علو 200 كيلو متر تنجز دورة واحدة في نحو ساعة ونصف ، بينما يستغرق القمر ، وهو يتثاقل ببطء نحو الأرض وعلى علو 40000 كيلو متر ، 28 يوماً كاملة وبذلك يوجد تسارع نسبي كبير بين المركبة والقمر ، ومع ذلك يوجد ضمن حجم المركبة الصغير انعدام وزن ظاهري ، والملاح الفضائي، الذي يستطيع رؤية حركة القمر بالنسبة للمركبة ، قادر إذن على استنتاج وجود حقل الأرض الثقالي (حتى ولو لم يستطع رؤية الأرض). فالأرصاد التي تغطي مناطق واسعة من الحقل الثقالي تكشف وجود هذا الحقل . وتغير الحقل من منطقة الأخرى يسمى مفعول المد والجزر ، ذلك لأن التغيرات الطفيفة التي تطرأ على حقل الأرض من جراء تداخله مع حقل القمر الثقالي هي السبب في توليد مد وجزر مياه المحيطات . ولو كان القمر يسلط قوة ثقالية واحدة في كل مكان من الأرض لما كان له تأثير في مياه المحيطات.
إن مفعول المد والجزر في الصندوق الساقط مهمل لأن الصندوق أصغر بكثير من الأرض. ورغم ذلك فإن محتويات الصندوق لا تسلك في سقوطها مسارات متوازية بل تتهافت نحو مركز كرة الأرض . فهذه المسارات تتقارب إذن ببطء ، ولو كان للصندوق أن يستمر سقوطه في بئر جد عميقة لالتقت كل محتوياته في مركز الأرض . وهكذا ، ورغم ذهول القاطن أمام هذه الظاهرة ، فإن ثقالة الأرض يمكن اكتشافها ببطء شديد من رصد انجرار المحتويات البطيء نحو مركز الصندوق وهو يقترب من مركز الأرض . إن هذا المفعول صغير طبعاً ، والسقوط من ارتفاع مئة متر عن سطح الأرض يولد اقتراباً بين جسمين لا يزيد عن بضعة أجزاء من ألف جزء من السنتيمتر إذا كانت المسافة بينهما لحظة بدء السقوط تساوي ثلاثة أمتار.
ولا يجاز ذلك نقول : بينما يمكن اكتشاف الحقل الكهربائي بواسطة شحنات اختبار توضع في نقاط الحقل ، إلا أن تغيرات الحقل الثقالي من موضع لآخر هي وحدها التي تولد آثاراً فيزيائية يمكن اكتشافها .
وبالعودة الى موضوع المراجع العطالية نذكر أن نيوتن كان مدركاً جيداً للتكافؤ بين الشحنة الثقالية والكتلة العطالية . إلا أنه كان يفترض أننا لو تصورنا منطقة من الفضاء نائية عن أي منبع ثقالي أو كهرطيسي وعن أية قوة أخرى، فإن ظروفها تكون قريبة جداً من حالة جملة عطالية حرة من القوى . فالمراجع العطالية يمكن إذن صنعها ، مبدئياً على الأقل ، في كل نقطة من العالم بالرصد وبالمقارنة مع هذه الجملة النائية . فمفهوم المرجع العطالي مايزال ذا معنى واقعي ، لأن بالمستطاع توسيع المنطقة الحرة من القوى لتعم العالم كله اذا احتاج الأمر . إن كلمة «صنع) مرجع عطالي يجب أن لا تؤخذ بمدلولها الحرفي الذي يعني بناء شبكة من القضبان المعدنية الصلبة أو شيء من هذا القبيل . إنها رطانة رياضية تدل على تشكيل احداثيات تلازم حالة حركية معينة) . وبذلك ، وبوجود شيء ناء يتحرك بانتظام في منطقة من الفضاء نظيفة من كل قوة ، فإن رصد حركته من الأرض لابد أن يكون كافياً لتعيين درجه تسارع جملة على سطح الأرض ، تسارع تسببه كل القوى المتسلطة على الجملة ، بما فيها قوى الثقالة إن محاكمة نيوتن هذه لم تحظ بموافقة آينشتاين لأنه ، وبصرف النظر عن واقع أن الثقالة موجودة في كل مكان وناجمة بكل بساطة عن الحقل العام الذي تولده كل أشياء هذا العالم ، قد عرف من نظريته النسبوية الخاصة أن مقارنة الحالة الحركية الموضعية (مرجع المقارنة بالجملة العطالية النائية لا يمكن إجراؤها كما كان يفترض نيوتن ، حتى ولا مبدئياً . وسبب ذلك هو التكافؤ بين الكتلة والطاقة (Emmc) ، وهو يقضي بأن الضوء ، ک حامل طاقة، يتمتع بكتلة ويعاني من حقل الثقالة كما يعاني الجسيم المادي . ولقد أمكن التحقق من انحناء الشعاع الضوئي في حقل الثقالة ، وهذه نبؤة مركزية من نبؤات نظرية آينشتاين أحرزت انتصاراً مذهلاً عندما قاس إدنغتون A .Eddington (بريطاني ، 1882 - 1944) انعطاف الأشعة الضوئية ، الآتية من النجوم البعيدة ، نحو الشمس أثناء كسوفها عام 1919 ووجد القيمة التي حسبها آينشتاين في نظريته (انظر الشكل 4 - 5 . إن هذا الانحناء الواقعي للضوء بفعل الثقالة يدعو لاستبعاد استعمال الأشعة الضوئية لرصد حركة جملة نائية من موقع يعاني حقلاً ثقالياً ، لأن الأرصاد تكون عندئذ زائغة .
وبمحاكمات من هذا القبيل خلص آينشتاين الى القول بأن بنية المكان والزمان ، بعد أن انضما معاً في مبادىء نظرية النسبية الخاصة الجديدة، لا يمكن أن تدرس بمعزل عن اعتبارات الثقالة ، ثم اضطلع بمحاولة بناء نظرية ثقالية جديدة تحل محل نظرية نيوتن التي كان العلم قد انتفع بها وبنجاح عظيم خلال قرنين من الزمان.
الاكثر قراءة في النظرية النسبية العامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
