الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
دور نهري دجلة والفرات في تشكيل جغرافية العراق الثقافية The role of the Tigris and Euphrates rivers in shaping the cultural geography of Iraq
المؤلف:
د. فؤاد عبد الوهاب العمري ، د. رقية احمد الامين ، د. امير محمد خلف الدليمي
المصدر:
المدخل الى الجيومورفولوجيا النهرية
الجزء والصفحة:
ص 420 ـ 423
2025-06-01
38
إن جغرافية العراق الطبيعية متنوعة ومؤثرة فسلسلتي طوروس وزاجروس تفصل حدوده الطبيعية عن الأناضول وإيران والسهول والبادية وان وادي ما بين النهرين يخترقه كل من الشريانين الأزليين، دجلة والفرات فضلا عن العشرات من الروافد والبحيرات، فقد اكتسب هذا الموقع أهمية قصوى لوقوعه في قلب المجال الحيوي للشرق الأوسط إذ يقع بين خمسة بحار(الخليج ـ قزوين - الأسود - المتوسط - الأحمر) فهو بيئة مركزية مستقطب للأقوام البشرية، وكان هدفا أساسيا لدول وإمبراطوريات.
أن علم الجغرافية الثقافية الذي لا يتجاوز عمره العقد الواحد من الزمن قد بدا في جامعة كولورادو الأمريكية ولم تزل تصدر حوليتها بالعنوان نفسه الجغرافية الثقافية التي تعالج في أعدادها الصادرة حتى ألان العديد من المفاهيم والأساليب المنهجية لهذا الاختصاص فمن خلال هذا الاختصاص يمكن إعطاء نبذة مختصرة عن جغرافية العراق الثقافية وفقا لمعطيات التوزيع الجغرافي لموارد الثروة الطبيعية المرتبطة بالموارد المائية فيه إذ يمكن إجمالها بالنقاط الآتية:
- إن سكان دجلة والفرات هي مجتمعات عمودية وليست أفقية، فهي تمتد عموديا مع امتداداتهما الجغرافية من الشمال حتـى الجنـوب ويشدد المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي في نظريته التحدي والاستجابة التي يتضمنها كتابه (دراسة في التاريخ) على قيمة النهرين العظيمين دجلة والفرات في تكوين الاليات البشريه وانطلاق الحضارات القديمه وان من اصل 8 حضارة بشرية، هناك خمس حضارات عراقية عريقة تعد الأصل في التكوين البشري (السومريون والاكديون والبابليون والآشوريون ووصولاً إلى العباسيين) فكلها حضارات نهرية، نتج عنها ما يمكن أن نطلق عليه بوحدة بلاد وادي الرافدين دجلة والفرات وقيمتهما في التاريخ البشري.
ـ إن ما يميز دجلة عن الفرات هو إن دجلة عراقيا أطلق عليـه تـايكرس إغريقيا ووصفه بطليموس بالنمر لسرعة جريانه أما الفرات فهو اهدأ من جريان دجلة بكثير، ولقد اتخذت تسميته منذ القدم عربية (يو فريتس، أي الفرات) كما هو في الأدبيات الإغريقية ومن ثم البيزنطية واللاتينية وعليه، فلقد عد الكلاسيكيون القدماء نهر الفرات، عربياً خالصاً بدءاً بأعــالـي الجزيرة الفراتية ووصولاً إلى أعماقه حيث الملتقى مع دجلة.
- يتصف نهر دجلة بغنى روافده وهـي مـن أهـم الأنهار ذات المياه العذبة لذا تنوع سكان شرق دجلة كثيرا بتنوع بيئاتهم الجغرافية الجبلية والمتموجة والسهلية وكانت لهم ثقافاتهم الزراعية المختلفة عن أبناء الفرات الذين لهم شراكة واحدة مع الفرات وحده وبالذات مجراه فقط إن ما هو على غرب الفرات من بوادي وصحاري وان ما هو على شرق دجلة جبال هضاب وسهول فقد اخذ أبناء ما بين النهرين سمات أولئك وهؤلاء معاً، فشكلوا بذلك ثقافة العراقيين الموحدة.
- كان للفرات أهميته في العصور الكلاسيكية بدءا بالسومريين وانتهاء بالبابليين، ولكن الآشوريين يعتبرون أبناء دجلة في العصور القديمة، لقد كان التوطن العراقي الأول عند أسفل الفرات أكبر بكثير من دجلة وخصوصا منذ أن بدأ الإنسان يشرع بالتوطن على ضفاف الفرات السفلى وبناء أول مدينـة في التاريخ اعتمدت ملتقى الفرات بدجلة ولكن استمر تكوين السهل الرسوبي في العصور الجيولوجية القديمة لتتشكل الحضارة السومرية وتنطلق من الفرات باتجاه دجلة أولا، وباتجاه البحر ثانيا وتوسع مسافاتها البعيدة.
- إن التوطن على دجلة وروافده أي على كل امتدادات شرق دجلة أكبر بكثير من التوطن على نهر الفرات منذ العصور الوسطى، أي أن توطن العراقيين على مجرى الفرات لوحده وان دجلة كان مهدا لعواصم استثنائية في التاريخ ومنها طيسفون وبغداد وان كلاً من دجلة والفرات اعتبراً حدوداً مانعة لمن أتى من الأقوام الغازية للسيطرة على الهلال الخصيب والوصول إلى البحر المتوسط الذي كان هدفاً لهم.
- اعتبرت ثقافات العراق منذ العصور الوسطى وحتى اليوم بأنها نهرية متنوعة ولكن سادت ثقافة دجلة أكثر على ثقافة الفرات في العصر الحديث نتيجة توطن الأعراق السكانية العديدة لكل من شرق دجلة وما بين النهرين، فكانت ثقافات دجلة متنوعة تنوعا كبيراً، أما ثقافة الفرات الأدنى والأوسط والأعلى فلقد بقيت عربية صرفه، صحيح أن الفرات العراقي تمتد عليـه عـدة مدن على ضفتيه ولكن دجلة تقع على ضفتيه أكبر مدينتين هما بغداد والموصل، فضلاً عن مدن صغرى أخرى.
- إذا كانت بغداد قد جمعت ثقافات دجلة والفرات معاً، وخصوصا في جانبي الكرخ والرصافة، والجسر بينهما، فان البصرة تكاد تكون صاحبة ثقافة خاصة بها استلهمتها من نهر جامع بين دجلة والفرات هو (شط العرب)، وعليه فان البصرة، هي التي استقطبت البر والنهر والبحر، فكانت متميزة بتنوعها منذ تأسيسها، ولعل أشهر أزمانها تلك التي أسميت فيها ببندقية الشرق إبان عصر النهضة الأوربية، كونها غدت من أشهر مراكز تجارة العالم خلاصة ما تقدم تعد إثراء الثقافة العراقية المعاصرة باتجاه المستقبل في القرن الواحد والعشرين، وتعمل على بناء جيل جديد يفكر في عراقيـته المتنوعة ويحاول أن يستلهم منه طريقه نحو المستقبل إن أي محاولة المقاربة سكان نهري دجلة والفرات ستعمل على دمج المكونات الاجتماعية العراقية مع بعضها البعض ثقافيا واجتماعيا، إذ ستكون بالضرورة مشروعا مضادا لأية محاولات انقسام للعراق.