في آداب النوم والانتباه منه
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج1/ ص237-246
2025-05-19
1008
المقام الأول من آداب النوم :
انه يستحب النوم بالليل فإنه قرار البدن ، بل يكره السهر إلا للتفقه وطلب العلوم الدينيّة ، أو التهجّد بقراءة القرآن والصلاة والدعاء ، أو ليلة العرس ، أو السفر[1] .
ويكره كثرة النوم واستيفاء الليل به ، فإنها تدع الرجل فقيرا يوم القيامة ، ممقوتا من اللّه عزّ وجل[2] ، وورد ان كثرة النوم مذهبة للدين والدنيا[3] ، وان اللّه يبغض كثرة النوم وكثرة الفراغ[4] فينبغي الانتباه بعد نصف الليل والاشتغال مقدارا من الزمان بالعبادة ، ويكره النوم بين صلاة الليل والفجر ، فان صاحبه لا يحمد على ما قدّم من صلاته ، ولا بأس بالضجعة من غير نوم[5] واشدّ كراهة من النوم في ذلك الوقت النوم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس[6] ، وقد ورد انه يورث الفقر[7] ، وان اللّه تعالى يقسّم في ذلك الوقت ارزاق العباد يجريها على يد الأئمة عليهم السّلام[8] ، فمن نام في ذلك الوقت حرم من الرزق ولم ينزل نصيبه ، وكان إذا انتبه فلا يرى نصيبه احتاج إلى السؤال والطلب[9] ، وانّ الأرض لتعجّ إلى اللّه تعالى من النوم عليها قبل طلوع الشمس[10]، وان نومة الغداة مشومة ، تطرد الرزق ، وتصفّر اللون ، وتقبّحه وتغيّره ، وهو نوم كل مشوم [11] ، وان النوم بعد الغداة خرق - أي حمق وضعف عقل وجهل -[12] وان إبليس إنما يبثّ جنود الليل من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق ، ويبث جنود النهار من حين يطلع الفجر إلى طلوع الشمس . وذكر ان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كان يقول : أكثروا ذكر اللّه عز وجل في هاتين الساعتين ، فإنهما ساعتا غفلة ، وتعوذوا باللّه عزّ وجل من شر إبليس وجنوده ، وعوذوا صغاركم في هاتين الساعتين ، فإنهما ساعتا غفلة[13] وما ورد من اخبار الرضا عليه السّلام بأنه ينام بعد صلاة الفجر[14] محمول على الجواز ، أو جهة أخرى ، ومثل هذا الوقت في كراهة النوم فيه ما بعد صلاة المغرب قبل صلاة العشاء ، لأنه يحرم الرزق[15] ، وقد ورد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه قال : دخلت الجنة فوجدت قصرا من ياقوت احمر يرى باطنه من ظاهره لضيائه ونوره ، وفيه قبتان من درّ وزبرجد ، فقلت :
يا جبرئيل ! لمن هذا القصر ؟ فقال : لمن أطاب الكلام ، وادام الصّيام ، وأطعم الطعام ، وتهجّد بالليل والناس نيام ، ثم فسر صلّى اللّه عليه وآله وسلّم اطابة الكلام بقول : سبحان اللّه والحمد للّه واللّه أكبر . وإدامة الصيام بصوم جميع شهر رمضان . واطعام الطعام بطلب ما يكفّ به وجوه عياله عن الناس . والتهجّد بالليل والناس نيام بعدم النوم حتى يصلّي العشاء الآخر ، قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : ويريد بالناس هنا اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين لأنهم ينامون بينهما[16].
ويكره النوم بعد العصر ، فقد ورد انه حماقة ، وانه يورث السقم[17].
ويستحب نوم القيلولة ، وهو النوم نصف النهار ، أو بين الضحى ونصف النهار[18] ، وقد ورد ان القيلولة نعمة[19] ، وانها نعم العون على يقظة الليل وعبادته[20] ، وورد الأمر بالقيلولة معلّلا بان الشيطان لا يقيل[21]. وقد امر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من عرضه النسيان بالعود إلى ما كان متعوّدا به من القيلولة ، فعاد اليه فعادت حافظته[22].
ويكره النوم على سطح غير محجر[23] كما مرّ في الفصل الثالث ، وهكذا النوم في بيت ليس عليه باب ولا ستر[24].
ويستحب عند النوم - سيما في الليل - غلق الأبواب ، وايكاء السقاء ، وتغطية الاناء ، فان الشيطان لا يكشف غطاء ، ولا يحل وكاء[25]. وورد ان الآنية إذا لم تغط يبزق فيها الشيطان ويأخذ منها[26] ، وورد الأمر بحبس المواشي والأهل في الدار حين تجب الشمس إلى أن تذهب فحة[27] العشاء[28].
ويكره النوم وحده ، لما مرّ من أن اجرأ ما يكون الشيطان على الانسان إذا كان وحده[29] ، وان من نام وحده يتخوّف عليه الجنون[30] وقد لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم النائم في البيت وحده[31] ، وورد كراهة ان يبيت على سطح وحده[32]، ومن اضطر إلى النوم وحده فليكثر ذكر اللّه سبحانه عند المنام ما استطاع ، ويستصحب القرآن المجيد[33] ، وليقل : « اللهم آنس وحشتي ووحدتي » وليقل أيضا : « يا ارض ربي وربك اللّه ، أعوذ باللّه من شرّك وشرّ ما فيك ، ومن شرّ ما خلق فيك ، ومن شرّ ما يحاذر عليك ، أعوذ باللّه من شرّ كل أسد وأسود وحيّة وعقرب من ساكن البلد ومن شرّ والد وما ولد ، أفغير دين اللّه يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها واليه ترجعون ، الحمد للّه بنعمته وحسن بلائه علينا ، اللهم صاحبنا في السفر وأفضل علينا فإنه لا حول ولا قوة إلا باللّه » ثم يقرأ سورة التكاثر ، فإنه ان فعل ذلك لم يؤذه شيء من السباع والهوام والحيّات والعقارب ، ولو بات على الحيّة بإذن اللّه عزّ وجلّ[34].
ويكره ابقاء النار في البيت عند النوم[35] ، وكذا يكره ابقاء السراج في البيت عند النوم ، للأمر بإطفائه حينئذ معلّلا بان الفويسقة - يعني الفارة - تجرها وتحرق البيت وما فيه[36] ، ومقتضى هذه العلة عدم كراهة ابقاء السراج الذي لا يمكن جرّ الفارة له واحراق البيت ، كالشمعة في الفانوس المسدود بابه . نعم لا يبعد جريان الكراهة في سرج النفط التي قد تحترق بنفسها .
ويكره النوم وفي اليد غمر الطعام ، فإنه ان فعل ذلك فأصابه لمم الشيطان فلا يلومن إلا نفسه[37].
ويكره النوم على الطريق ، لنهي أمير المؤمنين عليه السّلام عنه[38].
والمشهور بين الفقهاء رضوان اللّه عليهم كراهة النوم في المساجد . وهو ظاهر بعض الأخبار[39] إلا أن جملة من الأخبار تأبى عن ذلك[40] ، ولا شك ان الاجتناب أولى[41].
وليكن النوم نوم المتعبدين الأكياس الذين ينامون استرواحا ، وهم الذين ينامون بعد الفراغ من أداء الفرائض والسنن والواجبات من الحقوق ، فإنه نوم محمود ، وليس في هذا الزمان وأمثاله أسلم من هذا النوم ، واحذر من أن يكون نومك نوم الغافلين الخاسرين ، وهو النوم عن فريضة أو سنة أو نافلة اتاه سببها[42].
وأحسن أصناف النوم للمؤمن النوم على اليمين مستقبل القبلة على حالة الميت في اللحد[43] فان النوم على أربعة أصناف ، نوم الأنبياء ، وهو النوم على القفاء مستلقيا مستقبلا بباطن كفي الرجلين القبلة ، ونوم المؤمنين ، وهو على ما وصفناه . ونوم المنافقين وهو النوم على الشمال ، وفي بعض الأخبار انه نوم الملوك وأبنائها ليستمرئوا ما يأكلون ، ونوم إبليس وجنوده وكل مجنون وذي عاهلة[44] ، وهو النوم على الوجه منبطحا ، وظاهر بعض الأخبار انّ من كان اكله ثقيلا فالراجح له ان يتمدّد أوّلا على جانبه الأيمن مدّة ، ثم ينقلب على الأيسر وينام عليه[45].
ويكره النوم للجنب إلّا بعد الغسل ، للنهي عنه ، ولأنه لا يعلم ما يطرقه في رقدته ، فإن لم يجد الماء أو ضره فليتيمم ، وتخف الكراهة بالوضوء[46].
ويستحب للمحدث بالحدث الأصغر ان يتوضأ إذا أراد أن ينام ، لأن من نام على طهارة فكأنما أحيى الليل [ كلّه ][47] ، ومن تطهر واوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده[48] ، ولم يزل في صلاة ما ذكر اللّه ، فان اوى إلى فراشه ، ثم ذكر انه ليس على وضوء أجزأه ان يتيمم من دثاره كائنا ما كان[49] ، ولا يلزمه ان يقوم ويتوضأ . وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السّلام النهي عن النوم إلا على طهور ، قال عليه السّلام : فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد ، فان روح المؤمن تروح إلى اللّه عزّ وجل فيلقاها ويبارك عليها ، فإن كان اجلها قد حضر جعلها في مكنون رحمته ، وان لم يكن أجلها قد حضر ، بعث بها مع امنائه من الملائكة فيردها في جسده[50].
ويستحب لمن أراد ان يأوى إلى فراشه ان يمسحه بطرف ازاره دفعا لاحتمال ان يكون مؤذيا عليه ، فإنه لا يدري ما حدث بالفراش قبله[51].
وينبغي لمن أراد النوم ان يحاسب نفسه ويستغفر مما صدر منه ، ويصلح ما فات منه[52] ويفرض نفسه كأنه يريد أن يموت ، ويتشهد الشهادات ، فان النوم أخو الموت ، وقد لا يقوم من رقدته ، وكذا ينبغي له ان يلتفت إلى أنه عبد مملوك حقير يريد ان ينام ويمدّ رجليه وينبسط في الحركات والسكنات بين يدي مالك عظيم كبير فيتأدّب قولا وفعلا ، فكلّما يتأدب ويتذلّل كان مولاه اهلا له وكان العبد أصغر وأحقر محلّا ، وان ينوي بنومته ان يتقوّى بها في اليقظة على طاعة اللّه وعلى ما يراد في تلك الحال من العبودية والذّلة .
ويستحب ان يستاك قبل النوم تأسّيا بالنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم[53] ، وان يضع يده اليمنى تحت خده الأيمن عند النوم ، للأمر به معللا بأنه لا يدري أينتبه من رقدته أم لا[54].
[1] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 352 باب 34 حديث 7 ، بسنده قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : لا سهر الّا في ثلاث : متهجّد بالقرآن ، أو طالب العلم ، أو عروس تهدى لزوجها .
[2] الخصال : 1 / 89 حديث 25 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : ثلاث فيهن المقت من اللّه عزّ وجلّ : نوم من غير سهر ، وضحك من غير عجب ، واكل على الشبع .
[3] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 352 باب 34 حديث 9 .
[4] مكارم الأخلاق : 151 طبع التفرشي .
[5] التهذيب : 2 / 137 باب 8 حديث 534 ، بسنده قال أبو الحسن الأخير عليه السّلام : ايّاك والنوم بين صلاة الليل والفجر ، ولكن ضجعة بلا نوم ، فان صاحبه لا يحمد على ما قدم من صلاته .
[6] الفقيه : 1 / 318 باب 78 حديث 1444 .
[7] الفقيه : 1 / 319 باب 78 حديث 1454 .
[8] وسائل الشيعة : 4 / 1065 باب 36 حديث 11 ، بسنده عن أبي حمزة ، عن علي بن الحسين عليهما السّلام - في حديث - قال : لا تنامنّ قبل طلوع الشمس فانّي أكرهها لك ، انّ اللّه يقسّم في ذلك الوقت ارزاق العباد ، على أيدينا يجريها. أقول : من معتقدات الشيعة الاماميّة رفع اللّه تعالى شأنهم وأهلك عدوهم ان النبي وأهل بيته المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين هم الوسائط بين الخالق والخلق ، وكل خير يفيضه اللّه تعالى على عباده فهم وسائط في الفيض ، والوسيلة الحقيقية ، والموضوع يستدعي بحثا مسهبا ليس هذا محلّه ، ومن شاء ذلك فليراجع الكتب الكلامية والحديثية .
[9] التهذيب : 2 / 139 باب 9 حديث 540 .
[10] الخصال : 1 / 141 حديث 160 .
[11] الفقيه : 1 / 318 باب 78 حديث 1445 .
[12] الفقيه : 1 / 318 باب 78 حديث 1446 .
[13] الفقيه : 1 / 318 باب 78 حديث 1444 .
[14] الاستبصار : 1 / 350 باب 203 حديث 1323 .
[15] الفقيه : 1 / 318 باب 78 حديث 1446 .
[16] امالي الشيخ الطوسي : 2 / 73 ذكره المصنف قدس سره ملخصا .
[17] الفقيه : 1 / 318 باب 78 حديث 1446 .
[18] مجمع البحرين : 452 مادة : قيل - الطبعة الحجرية - .
[19] الفقيه : 1 / 318 باب 78 حديث 1446 .
[20] امالي الشيخ الطوسي : 2 / 111 .
[21] الفقيه : 1 / 319 باب 78 حديث 1452 .
[22] الفقيه : 1 / 318 باب 78 حديث 1449 .
[23] المحاسن : 622 باب 6 حديث 66 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في السطح يبات عليه غير محجّر ؟ فقال : يجزيه ان يكون مقدار ارتفاع الحائط ذراعين . وحديث 67 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من بات على سطح غير محجّر فأصابه شيء فلا يلومنّ الّا نفسه .
[25] الكافي : 6 / 532 باب نوادر حديث 12 .
[26] المحاسن : 584 باب 15 حديث 75 .
[27] فحّة العشاء : اي حرارة العشاء ، يقال : فحة الفلفل اي حرارته .
[28] وسائل الشيعة : 3 / 576 باب 16 حديث 4 .
[29] الكافي : 6 / 533 باب كراهيّة ان يبيت الانسان وحده حديث 1 .
[30] وسائل الشيعة : 3 / 582 باب 20 حديث 9 .
[31] الخصال : 1 / 93 باب لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ثلاثة حديث 38 ، والوسائل : 3 / 582 باب 20 حديث 9 .
[32] المحاسن : 622 باب 6 حديث 65 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه كان يكره البيتوتة للرجل على سطح وحده ، أو على سطح ليست عليه حجرة ، والرجل والمرأة فيه بمنزلة .
[33] الكافي : 6 / 533 باب كراهية ان يبيت الانسان وحده حديث 4 .
[34] مستدرك وسائل الشيعة : 2 / 47 باب 49 نوادر حديث 8 .
[35] عيون أخبار الرضا عليه السّلام : 230 ، بسنده قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : اطفئوا المصابيح بالليل لا تجرّها الفويسقة فتحرق البيت وما فيه .
[36] الكافي : 6 / 532 باب النوادر حديث 12 .
[37] الفقيه : 4 / 3 باب ذكر جمل من مناهي النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حديث 1 .
[38] المحاسن : 364 باب 29 حديث 103 .
[39] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 229 باب 14 حديث 2 ، بسنده عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من نام في المسجد بغير عذر ابتلاه اللّه بداء لا زوال له .
[40] وسائل الشيعة : 3 / 498 باب 18 حديث 7 ، بسنده وفيه انما نصبت المساجد للقرآن . أقول : هذان الحديثان ربّما يدلان على الكراهة ، وهناك روايات تدل على عدم كراهة النوم في المساجد فمنها ما في الكافي : 3 / 269 باب بناء المساجد حديث 10 ، بسنده عن معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن النوم في المسجد الحرام ومسجد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : نعم ، فأين ينام الناس ؟ . وحديث 11 ، بسنده عن زرارة بن أعين قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : ما تقول في النوم في المساجد ؟ فقال : لا بأس به الّا في المسجدين ؛ مسجد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والمسجد الحرام ، قال : وكان يأخذ بيدي في بعض الليل فيتنحّى ناحية ثم يجلس فيتحدث في المسجد الحرام فربّما نام ونمت ، فقلت له في ذلك ، فقال : انّما يكره ان ينام في المسجد الحرام الذي كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فأمّا النوم في هذا الموضع فليس به بأس .
[41] كراهة النوم في المساجد مصرّح به من جلّ الفقهاء كالشيخ والحلي والفاضل والشهيد والمحقق الثاني والسيد بحر العلوم قدست اسرارهم وغيرهم ، بل هو المشهور عند المتأخرين ، واستدلّوا على الحكم بأمور :
أولا : حديث : إنما نصبت المساجد للقرآن ، ومن نام في المسجد ابتلاه اللّه ببلاء لا زوال له .
وثانيا : من كراهة دخول الصبيان ، ومن في فيه رائحة الثوم والبصل كراهة النوم .
وثالثا : من مخالفة النوم لتوقير المسجد ، ومظّنة خروج الريح ، والحدث من النائم .
ورابعا : من آية لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى بناء على أن المراد مواضع الصلاة التي هي المساجد ، ومن السكارى النوم . والاستدلال بكل من هذه الأدلة على الحكم ضعيف جدا ، لمناقشات اما في اسنادها أو دلالتها ، لكن الانصاف ثبوت الكراهة ، وذلك لا من باب التسامح في أدلة السنن فإنه غير سديد ، بل من حيث حصول الاطمئنان بالحكم من ملاحظة مجموع الروايات والمناسبات وأقوال الفقهاء ، واللّه العالم .
[42] مستدرك وسائل الشيعة 1 / 353 باب 35 حديث 6 - عن مصباح الشريعة - قال الصادق عليه السّلام : نم نوم المعتبرين ولا تنم نومة الغافلين ، فان المعتبرين من الأكياس ينامون استراحة ولا ينامون استبطارا ، قال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : تنام عيناي ولا ينام قلبي ، وانو بنومك تخفيف معونتك على الملائكة ، واعتزال النفس عن شهواتها ، واختبر بها نفسك ، وكنّ ذا معرفة بأنك عاجز ضعيف لا تقدر على شيء من حركاتك وسكونك إلا بحكم اللّه وتقديره ، وان النوم أخو الموت ، واستدلّ بها على الموت لا تجد السبيل الّا الانتباه فيه والرجوع إلى صلاح ما فات عنك ، ومن نام عن فريضة أو سنة أو نافلة فاته بسببها شيء فذلك نوم الغافلين ، وسيرة الخاسرين ، وصاحبه مغبون ، ومن نام بعد فراغه من أداء السنن والواجبات من الحقوق فذلك نوم محمود ، واني لا اعلم لأهل زماننا هذا شيئا إذا اتوا بهذه الخصال اسلم من النوم ، لان الخلق تركوا مراعاة دينهم ومراقبة أحوالهم . . إلى آخر كلامه .
[43] يستفاد الحكم من جملة من الروايات .
[44] الخصال : 1 / 262 باب النوم على أربعة وجوه حديث 140 .
[45] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 352 باب 34 حديث 1 .
[46] الفقيه : 1 / 47 باب 19 حديث 179 .
[47] المجالس لابن بابويه رحمه اللّه : 21 .
[48] المحاسن : 47 باب 48 حديث 64 .
[49] المحاسن : 47 باب 48 حديث 64 .
[50] وسائل الشيعة : 1 / 266 باب 9 حديث 4 .
[52] تفسير الإمام الحسن العسكري : 38 بتصرف ، عن علي عليه السّلام . عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : أكيس الكيسين من حاسب نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، فقال رجل : يا أمير المؤمنين ! كيف يحاسب نفسه ؟ قال : إذا أصبح ثم امسى رجع إلى نفسه وقال : يا نفسي ! ان هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك ابدا ، واللّه يسألك عنه بما أفنيته فما الذي عملت فيه ؟ اذكرت اللّه أم حمدته ؟ اقضيت حاجة [ خ . ل : حوائج ] مؤمن فيه ؟ أنفّست عنه كربة ؟ أحفظته بظهر الغيب في أهله وولده ؟ أحفظته بعد الموت في خلفه [ خ . ل : مخلفيه ] ؟ أكففت عن غيبة أخ مؤمن ؟ أعنت مسلما ؟ ما الذي صنعت فيه ؟ . . فيذكر ما كان منه ، فان ذكر انه جرى منه خير حمد اللّه وكبره على توفيقه ، وان ذكر معصية أو تقصيرا استغفر اللّه وعزم على ترك معاودته .
[53] الكافي : 3 / 445 باب صلاة النوافل حديث 13 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كان إذا صلّى العشاء الآخرة امر بوضوئه وسواكه يوضع عند رأسه مخمّرا ، فيرقد ما شاء اللّه ثم يقوم فيستاك ويتوضّأ ويصلّي أربع ركعات ، ثم يرقد ثم يقوم فيستاك ويتوضّأ ويصلى أربع ركعات ، ثم يرقد حتى إذا كان في وجه الصبح قام فأوتر ، ثم صلى ركعتين ، ثم قال : « لقد كان لكم في رسول اللّه أسوة حسنة » قلت : متى كان يقوم ؟ قال : بعد ثلث الليل ، وقال في حديث آخر : بعد نصف الليل . وفي رواية أخرى : يكون قيامه وركوعه وسجوده سواء ويستاك في كل مرّة قام من نومه . . .
[54] الخصال : 2 / 631 ، والوسائل : 4 / 1069 باب 40 حديث 12 ، بسنده عن علي عليه السّلام قال : لا ينام الرجل على وجهه ، ومن رأيتموه نائما على وجهه فانبهوه . . إلى أن قال : ليس في البدن اقلّ شكرا من العين فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر اللّه عزّ وجلّ ، إذا نام أحدكم فليضع يده اليمنى تحت خدّه الأيمن فانّه لا يدري ا ينتبه من رقدته أم لا .
الاكثر قراءة في اداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة