العلوم الإغريقية (المفكر ثالس)					
				 
				
					
						
						 المؤلف:  
						سليم حسن					
					
						
						 المصدر:  
						موسوعة مصر القديمة					
					
						
						 الجزء والصفحة:  
						ج12 ص 560 ــ 561					
					
					
						
						2025-05-18
					
					
						
						439					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				وكان أول وأعظم هؤلاء المفكرين من أهل «أيونيا» هو «ثالس» من أهالي «ميليتس» ولد عام 624ق.م ويقال: إن أعماله الهندسية قد حملته على السفر إلى مصر حيث أمضى فيها سنين عدة، وقد عاد من بلاد الفراعنة يملؤوه الإعجاب بالعلوم المصرية لدرجة أنه ترك التجارة، وانقطع إلى تحصيل العلم فدرس الفلك وكان في قدرته أن يتنبأ بوقوع الكسوف، وخطا خطوات واسعة في علم الهندسة، وعلى الرغم من أن المصريين قد درسوها، فإن أشكالهم الهندسية كانت تتألف من خطوط أو زوايا ذات حجم خاص أو صورة خاصة في حين أن «ثالس» قد كشف حقائق صالحة لأي شكل من النوع الذي كان يصفه، مثال ذلك أنه عرف أن مجموع زوايا أي مثلث يساوي زاويتين قائمتين، وأن الزاويتين اللتين عند قاعدة مثلث متساوي الساقين متساويتان، وأن الزاويتين المتقابلتين اللتين تتكونان بأي خطين متقاطعين تكونان متساويتين. وكان كذلك في مقدوره أن يطبق الهندسة على المسائل العملية كحساب ارتفاع هرم من ظله، أو مسافة بعد سفينة في البحر من اليابسة. هذا وكان «ثالس» يعرف شيئًا عن المغنطيسية أو الجاذبية، والكهرباء التي تحدث من الاحتكاك (أي بحك مادة بأخرى). وكان الكهرمان (وهو بالإغريقية = إلكترون) — وهو العصارة المتجمدة المستخرجة من نوع من شجر الصنوبر تنمو على ساحل البحر البلطي — معروفًا بجماله، وقد استعملته السيدات الإغريقيات قلائد وحلي — كما هي الحال في مصر، وبخاصة في الأرياف هذا فضلًا عن أنه يستعمل مسابح في كل العالم الإسلامي — وقد لاحظ «ثالس» أن الكهرمان عندما يحك بنسيج ملبس يجتذب إليه قطعة صغيرة من الشعر أو القش أو التراب، وقد ظن أن ذلك يرجع إلى روح خفي، أو جن كامن فيه، ووجد أن مادة واحدة أخرى كانت لها نفس هذه القوة الجاذبة للأشياء، وهذه المادة هي حجر المغنطيس الذي وجد في «ماغنيزيا» ببلاد آسيا الصغرى. وهناك قصة تروى عن صبي راعٍ من «طراودة» كان يحتمي بصخرة من حرارة الشمس، وقيل: إن عصاه المعكوفة المصنوعة من الحديد قد اجتذبت من يده، وعلقت بالصخر فوق رأسه وقد فسر هذا ثانية بأن الحديد الغفل كان يسكنه روح خفي أو جهرًا.
وهذه الملاحظات التي لاحظها «ثالس» — وكانت قد بقيت ذكراها، ولكن لم تأخذ تطورها العلمي في الأزمان القديمة أو في القرون الوسطى — قد استعملها في عام 1600م الدكتور «جلبرت» الإنجليزي من «كولشستر» Colchester للمرة الأولى في إجراء تجارب منظمة في علوم المغناطيسية والكهربية.
وكانت كلمة «فلسفة» في طورها الأول (حب الحكمة) تشمل العلوم والرياضيات، وقد اجتهد بعض الفلاسفة في أن يفكروا في سبب وطبيعة العالم الذي رأوا عجائبه حولهم. وقد رأى «ثالس» أن الماء هو الذي ساعد على الحياة وامدادها؛ ولذلك فكر في أن الماء هو السبب الأول لكل هذه الأشياء، وقد فكر آخر غيره في أن السبب الأول هو النار، وتوهم ثالث أنه هو الهواء، وظن رابع أنه هو الضباب أو البخار الذي لم يكن في الواقع إلا صورة أسمك أو أرفع تتألف منه النار والماء والهواء والسحاب والأرض. وكشف بعض الفلاسفة حقائق أصبحت فيما بعد جزءًا من الفكر العلمي مثال ذلك اعتقد أحد العلماء أن العالم يتألف من ذرات (1)، غير أنه في استعمال هذه الذرات لم يكن يسير على قواعد علمية صحيحة جدًّا؛ وذلك لأنه ظن أن العالم ومشتملاته كان يتألف من هذه الذرات متصادمة معًا عندما تسقط في الفضاء. وكذلك قرن «ثالس» الدنيا بطبق مسطح عائم على الماء، ولكن في هذا الوقت ظن بعض العلماء أنه يمكن أن تكون كرة، وأنه من المحتمل ألا تكون المركز الذي تدور حوله الأجرام السماوية، وأن الشمس كانت أكبر مما نرى وأنها من المحتمل أكبر من كل شبه جزيرة «البلوبونيز». وتدل شواهد الأحوال على أن ثالس قد نقل الكثير من أفكاره هذه عن المصريين في زيارته لأرض الكنانة.
وفي حين كان العلماء يبحثون عن الحقائق بهذه الطريقة كانت «أثينا» تنمو من مدينة صغيرة إلى مدينة هامة جدًّا. فعندما انتهت حروب فارس وأصبحت «أثينا» بقيادة «بركليز» صاحبة شهرة عظيمة بقوتها وفنونها وآدابها، توجه إليها العلماء من أنحاء كثيرة من العالم الإغريقي، ومن بين هؤلاء العلماء طبقة تعرف «بالسفسطائيين» الذين أخذوا على عاتقهم أن يعملوا بأجر أي فرد من أفراد البلاد، وبخاصة الأجرومية والآداب والبلاغة، وهذه الدراسات كانت تجعل الفرد أكثر تثقيفًا وتساعده على أن يفكر بوضوح، ويكون حسن الحديث في المجتمع. ومثل هذا التعليم لم يكن إلا تعليمًا إلى حد ما، وأن الغرض منه كان تدريب الشبان فقط على أن يسيروا في الحياة، وأن يعرضوا بطريقة خلابة معارفهم على الناس.
وفي هذا الوقت كان الفلاسفة قد أخذوا يميلون التأملات عن طبيعة العالم، وأصبحوا الآن يهتمون أكثر بالفلسفة البشرية، وما يتبعها من درس العقل وسلوك الإنسان. ومن أهم المفكرين في هذا الحقل الفيلسوف «سقراط».
............................................
1- وهي أجزاء لا يمكن كسرها إلى جزئيات.
				
				
					
					
					 الاكثر قراءة في  العصور القديمة في العالم 					
					
				 
				
				
					
					
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة