1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء

الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية

الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية

علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت

الفيزياء الحديثة

النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية

الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي

فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد

الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر

علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء

المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة

الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات

الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

الفيزياء العامة

مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى

علم الفيزياء : الفيزياء الحديثة : الطاقة البديلة : مواضيع عامة في الطاقة البديلة :

الطاقة النووية والاستدامة

المؤلف:  روبرت ل. إيفانز

المصدر:  شحن مستقبلنا بالطاقة مدخل الى الطاقة المستدامة

الجزء والصفحة:  ص203

2025-05-13

25

 يمكن لبعض القراء أن يشككوا في اختيار الطاقة النووية كمصدر للطاقة المستدامة. إن فكرة الاستدامة (Sustainability) هي فكرة نسبية، وكنتيجة للقانون الثاني للثيرموديناميك، الذي ينص على أن إجمالي الإنتروبي (Entropy) في الكون هو بازدياد ،دائم لا يوجد مثل هذا الشيء بمعنى استدامة تامة. لقد اخترنا أن نركّز على الطاقة النووية في هذا الفصل لأن استخدامها في توليد الطاقة الكهربائية بدلاً من الوقود الأحفوري هو أحد الطرق الواضحة في تخفيض توليد غازات الدفيئة. كذلك، حتى ولو أن وفرة اليورانيوم ليست من دون حدود، تماماً مثل أي مصدر طبيعي آخر، فإن استخدام مفاعلات من نوع «المُنَسل أو المُولّد» (Breeder) يمكن أن يطيل فترة توافر الوقود النووي إلى مئات السنين. وبالتالي، سوف ندرس في هذا الجزء مسائل الاستدامة الرئيسة التي يمكن أن تؤثر في الخطط في الكثير من البلدان لأجل توسيع الطاقة النووية كطريقة للانتقال باتجاه مصدر أكثر استدامة للطاقة. تتضمن هذه المسائل توافر اليورانيوم كوقود طبيعي رئيسي للمحطات النووية، بالإضافة إلى الأمان والانتشار النووي وتخزين النفايات النووية والجوانب المالية لإنتاج الطاقة النووية. أخيراً، سوف ندرس مسألة قبول عامة الناس بالطاقة النووية، وننظر إلى فرنسا كحالة دراسية» في استخدام الطاقة النووية لتخفيض الطلب على الوقود الأحفوري. إن الاحتياطي المثبت» والمعروف حالياً لليورانيوم هو حوالى-3 4 مليون طن، وهو كافٍ لتزويد جميع المحطات النووية الموجودة البالغ عددها حوالى 440 محطة، بالوقود لحوالي الخمسين سنة القادمة. وقد تم التقدير بأنه مع مضاعفة سعر اليورانيوم يمكن ازدياد هذه الفترة إلى حوالى عشر مرات (2005 ,US DOE). إن تقدير المخزون لخمسين سنة ضمن الأسعار الحالية يفترض أن وقود اليورانيوم يستخدم في الجيل الحالي لمحطات الطاقة النووية بنمط لمرة واحدة»، أو بنمط الدارة المفتوحة، حيث يتم في هذه الحالة استخدام حوالي 0.7 في المئة فقط من اليورانيوم الطبيعي الذي هو على شكل يورانيوم 0235 الانشطاري بتعبير آخر، إن أكثر من 99 في المئة من اليورانيوم لم يتم استخدامه، ليصبح أخيراً جزءاً من سيل النفايات المشعة التي يجب أن تُخزن أو يتم التخلص منها بطريقة ما. وعلى المدى الطويل، يمكن تحقيق انتقال لبعض تقنيات الجيل الرابع، حيث تستخدم فيه مفاعلات سريعة لتحويل جزء مهم من اليورانيوم 238 غير المستخدم إلى نظير بلوتونيوم Pu239 وعناصر أكتينيدية (Actinides) مشعة أخرى قادرة على الخضوع لتفاعلات انشطار نووي. إن استخدام هكذا تصاميم لمفاعل ذي دارة مغلقة، يمكن أن يمدّد بعدئذ من توافر الوقود النووي بأكثر من خمسين مرة. هذه العملية، بالإضافة إلى الازدياد المتوقع للاحتياطي المثبت لليورانيوم سوف تؤدي إلى ازدياد كبير في كمية المواد الانشطارية المتوافرة لتوليد الطاقة الكهربائية. وحتى مع توسع كبير في استخدام الطاقة النووية سوف يكون هناك توفر للوقود النووي لأكثر 1000 من عام الذي من الممكن أن يُلبّي تعريف الاستدامة لكثير من الناس. في النهاية، حتى هذه المصادر سوف تكون بالطبع غير كافية على المدى الطويل جداً، لكن خلال ذلك الزمن يمكن أن يحصل انتقال طويل الأمد بشكل جيد إلى الطاقة المتجددة كمصدر مطلق ونهائي للطاقة المستدامة.

إن أمان المحطات النووية هو حقيقة الشغل الشاغل لكل من عامة الناس ولمشغلي هذه المحطات. لقد حصل حادثان خطيران خلال تشغيل المحطات النووية، أدى كلاهما إلى ضرر شديد في القلب النووي والذي يعبر عنه عادةً بحادث فقدان المبرد». حيث إن فقدان سائل التبريد من أي مفاعل نووي لا يزيل فقط قابلية الحفاظ على درجة حرارة قلب المفاعل ضمن الحدود التصميمية فقط، لكن عادةً يزيل أيضاً أحد عناصر التحكم الرئيسة المطلوبة للحفاظ على تشغيل مستقر. حصل أول حادث عام 1979 في محطة «ثري مايل آیلاند« (Three Mile Island plant) المشغلة من قبل شركة ميتروبوليتان إديسون (Metropolitan Edison) في هاريسبوغ بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية (Merile1980). في هذه الحادثة حصل ضرر شديد لقلب المفاعل نتيجة حالة تقليدية من سلسلة أعطال ميكانيكية ثانوية نسبياً، مركبة مع استجابة تشغيل غير مناسبة. كانت الوحدة الثانية في جزيرة ثري مايل آيلاند ذات تصميم تقليدي من نوع مفاعل الماء المضغوط (PWR) حيث استخدم ماء ذو ضغط عال كمبرد أولي يتم تمريره عبر قلب المُفاعل لإزالة الحرارة، ونقلها بعدئذ إلى مبرد ثانوي في سلسلة من المبادلات الحرارية، أو المولدات البخارية المستخدمة لإنتاج البخار المطلوب لإدارة المولد التوربيني. إن جميع المبردات الأولية والثانوية في مفاعلات الماء الخفيف، كتصميم مفاعل الماء المضغوط هي مياه عادية. وتتم المحافظة على ضغط المبرد الأولي عند 150 بار تقريباً، وبذلك لا يغلي هذا الماء ويحافظ على فاعليته كمبرد ووسيط، بينما تتم المحافظة على المبرد الثانوي عند ضغط أقل لكي يغلي وينتج بخاراً مناسباً لإدارة التوربين. وإذا كان هناك أي فقدان مهم لكل من المبرد الأولي أو الثانوي خلال تشغيل المفاعل فإن ذلك سوف يؤدي إلى تخفيض قابلية إزالة الحرارة من قلب المفاعل ما يستدعي بالضرورة توقيف المفاعل بسرعة وبشكل متحكّم به تشمل جميع تصاميم المفاعلات مراقبة معقدة للأمان ونظام التحكم اللذين صمما لتأمين توقف أوتوماتيكي للمفاعل في حال أي فقدان أساسي للمبرد.

في صباح 28 آذار / مارس 1979 تم إنجاز بعض أعمال الصيانة الروتينية على وحدة مصفّي ناتج التكثيف الذي ينزع الشوائب من البخار المكثف، وبذلك يمكن استخدامه ثانية في المحطة. كان عامل الصيانة يستخدم الهواء المضغوط ليحاول إزالة انسداد في أنبوب ماء ضيق. ونتيجة ذلك، تم إجبار الماء على الرجوع إلى النظام الهوائي خلف صمّام فحص التسريب، ليدخل في نهاية الأمر إلى النظام الهوائي لعناصر التحكم الذي يُستخدم لتشغيل صمامات عديدة. بسبب هذا التلوّث للنظام الهوائي، حصلت عمليات تحكم عدة غير مخطط لها ما أدى إلى تفعيل نظام أمان المفاعل ليبدأ بإيقاف المفاعل أوتوماتيكياً. تتضمن هذه الإجراءات تشغيل سلسلة من مضخات التزود بالماء في حالة الطوارئ التي صممت لتأمين مصدر إضافي لإزالة الحرارة للمحافظة على درجة حرارة قلب المفاعل ضمن الحدود الطبيعية. عادةً تنتهي هذه الحالة ككثير من الحوادث الثانوية الأخرى، بتوقف كلي للمحطة متحكماً بها أوتوماتيكياً بواسطة نظام أمان المفاعل. وفي هذه الحالة، تم ترك سلسلة من صمامات «الإغلاق» مغلقة من دون اهتمام، وبالتالي لم يكن هناك من إمكانية لضخ مياه التزود في حالة الطوارئ إلى نظام المبرد الثانوي. وبسبب فقدان المبرد عند الطرف الثانوي لم يكن هناك من طريقة لإزالة الحرارة من المبرد الأولي، ما جعل درجة حرارته تزداد، وبالتالي يزداد ضغطه إلى مستوى تسبب في فتح صمام الأمان. للأسف، فشل هذا الصمام في الإغلاق مجدداً عندما انخفض ضغط المبرد الأولي، ما أدى إلى فقدان معظم المبرد الأولي. كذلك، بما أن هذا المبرد بدأ بالغليان، بقي الضغط عالياً، جاعلاً مُشغلي المحطة يعتقدون بالخطأ أن هناك مبرداً أولياً أكثر في النظام مما هو بالفعل عادةً. الأمر الذي دفعهم إلى أن يتدخلوا يدوياً لتخفيض جريان مبرد الطوارئ الذي كان قد بدأ أوتوماتيكياً، وأدى ذلك مع فشل صمام استعادة الضغط في الإغلاق إلى انصهار جزئي لقلب المفاعل في حادث فقدان - مبرد كلاسيكي. لحسن الحظ، لم يكن هناك فقدان للأرواح نتيجة الحادث في جزيرة «ثري مايل آيلاند»، وتم تعلم دروس عديدة حول كل من تصميم «الفشل بأمان»، وحول تدريب المُشغلين.

 في النتيجة، إن تصاميم مفاعل الجيل الثالث هي بالأساس أكثر أماناً من التصاميم التي سبقتها، وتم توسيع تدريب المُشغلين لضمان عدم توقف أنظمة الأمان خلال إجراءات التوقف الأوتوماتيكي. من المحتمل أن الدرس الأكثر أهمية الذي تم تعلمه هو : أن الأنظمة تصمیم الهندسية المعقدة يمكن أن يُجعل آمناً إما من الفشل الميكانيكي، أو من خطأ المُشغل البشري، لكن عادة ليس من كليهما معاً.

أما الثاني، وهو الحادث الأكثر خطورة بكثير، حصل عام 1986 في تشرنوبل (Chernobyl) قرب كييف (Kiev) في أوكرانيا، التي كانت سابقاً جزءاً من الاتحاد السوفياتي. كان المفاعل في تشرنوبل من نوع (RBMK)، وهو مفاعل من نوع ماء مغلي، لكنه يستخدم الغرافيت كوسيط عوضاً عن الماء كما في تصميم مفاعل الماء المغلي (BWR) المستخدم في بلاد أخرى. وهذا النوع من التصميم يمكن أن يؤدي إلى تشغيل غير مستقر خلال بعض الظروف التشغيلية، حيث إن وظيفة الوسيط مفصولة عن وظيفة المبرد. يتم في المفاعل الذي هو من نوع الماء المغلي ذي التصميم المخصص المرة واحدة»، توليد البخار مباشرة في قلب المفاعل، بشكل غير مشابه لنظام مفاعل الماء المضغوط (PWR) الذي يتم فيه الحفاظ على ماء عالي الضغط دائماً في طور سائل كمبرد أولي، وبعدئذٍ تُنقل الحرارة إلى مُبرّد ،ثانوي كما رأينا في محطة ثري مايل آيلاند». هناك مشكلة أساسية محتملة مع تصميم مفاعل الماء المغلي (BWR) وهي أن تشكل البخار الإضافي في القلب يمكن أن يُخفّض إمكانية إزالة الحرارة بسبب وجود جزء كبير من البخار. في مفاعل ماء مغلي تقليدي يستعمل الماء كوسيط. ووجود جزء أكبر من بخار الماء في القلب يخفّض أيضاً من فاعلية الماء كوسيط، ما يؤدي إلى تبريد منخفض للقلب مترافقاً مع انخفاض في قدرة الخرج، مؤدياً بالتالي إلى تشغيل مستقر. ولكن في تصميم (RBMK)، لا يترافق التشكل الإضافي للبخار مع تخفيض في فاعلية وسيط المفاعل، وبذلك إن أي تخفيض في المقدرة التبريدية ومقدرة الوسيط الإجمالية من المحتمل أن تؤدي إلى تشغيل غير مستقر. يعتمد تصميم (RBMK) على سلسلة من قضبان التحكم، التي تتكوّن من مواد ماصة للتترونات من أجل التحكم بالتفاعل النووي والمحافظة على استقرار المفاعل. خلال الفترة من 25 إلى 26 نيسان/ أبريل عام 1986 كانت الوحدة الرابعة لتشرنوبل لا تزال تعمل خلال سلسلة من اختبارات الأمان، بشكل يدعو إلى السخرية، حيث كان مستخدماً فيها عدد أقل من العدد الطبيعي لقضبان التحكم، وكان مصدر ماء التبريد لحالة الطوارئ غير مشغل خلال أحد هذه الاختبارات أصبح المفاعل غير مستقر بشكل كبير وسببت ذروة العمل في التفاعل إنتاجاً زائداً للبخار، مؤدياً ذلك إلى تشقق القلب. وأدى تشقق القلب إلى إضرام النار في الوسيط الغرافيتي، وبسبب غياب بناء الاحتواء ذي الجدران السميكة، تم انبعاث غازات ذات درجة عالية من الإشعاع التي نقلت حول العالم بواسطة الرياح السائدة.

للأسف، تم فقدان حوالى 30 ضحية كنتيجة مباشرة لانفجار المفاعل واندلاع النيران في تشرنوبل، أو بسبب التسمم الإشعاعي مباشرة بعد ذلك. وعلى الرغم من إجراء دراسات عديدة عن التأثيرات الصحية الطويلة الأمد لحادث تشرنوبل، ومع وجود دليل واضح بأن الآلاف من الناس تلقوا جرعات زائدة من الإشعاع، يبدو أنه لا يوجد هناك إجماع حول عدد الضحايا الذين يمكن أن يكونوا في النهاية قد تأثروا بالكارثة. هناك ملحق لتقرير أعدته الهيئة العلمية للأمم المتحدة على تأثيرات الإشعاع الذري عام 2000، حيث تم التعليق على التأثيرات الطويلة الأمد لحادث تشرنوبل ,UNSCEAR) (2000، والذي يُستخلص جزئياً منه :

أخيراً، يجب التأكيد أنه على الرغم من أن هؤلاء الذين تعرضوا للإشعاع كالأطفال، وعمال الطوارئ وعمال استعادة التشغيل، هم في حالة خطورة زائدة من التأثيرات المستحثة بالإشعاع، وإن الأغلبية الكبيرة من عدد السكان لا تحتاج إلى العيش في خوف من العواقب الصحية الخطيرة لحادث تشرنوبل. إن الجزء الكبير كان معرضاً لمستويات إشعاعية مساوية إلى تلك المستويات الطبيعية، أو أعلى بمرات قليلة منها، وإن التعرضات المستقبلية ستنخفض مع اضمحلال الإشعاع لدى المواد المشعة المترسبة. لقد تعطلت الحياة بواسطة حادث تشرنوبل لكن من ناحية المنظور الإشعاعي، وبالاعتماد على فحوصات هذا الملحق، هناك نظرة ايجابية عامة بالنسبة إلى مستقبل صحة معظم الأفراد التي من المفروض أن تسود.

لا يوجد شك في أن لهذا الحادث الرئيس صدى عالمياً بالنسبة إلى مجمل القطاع الصناعي النووي وليس للاتحاد السوفياتي فقط. كذلك أدى إلى مساع مجددة لتقدير المخاطر المترافقة مع تطوير الطاقة النووية، وفي النهاية لتبني أفكار تصميمية ذات أمان أكبر وتعزيز معايير الأمان في كل العالم وكما هو الحال مع أي تكنولوجيا، سوف يكون هناك حوادث لا مناص منها، وفي النهاية إن مخاطر تطوير الطاقة النووية يجب أن تُحَكّم لمقارنة بالفوائد المحتملة للبشرية عندما تتزود بمصدر ضخم للكهرباء بسعر معقول ومن دون توليد غازات الدفيئة.

إن احتمال الانتشار النووي، حيث تستخدم المواد النووية من قبل بلدان في حالة عداء لتطوير أسلحة نووية، أو بنقلها إلى منظمات إرهابية، يجعلنا نحتاج أيضاً إلى التعامل مع هذا الانتشار بعمق. سوف تتطلب هذه التهديدات للمجتمع فحصاً دقيقاً للتوفيق بين الاستعمال الخاطئ المُحتمل للمواد النووية وفوائد الكهرباء المولدة نووياً. ونحتاج إلى أن ندرك أن الأمر بعيد عن السيطرة وأن المواد النووية التي من المحتمل أن تكون خطيرة سوف تكون متوافرة لأحد ما يريدها بإلحاح كافٍ في حال توسع الاستخدام السلمي للطاقة النووية أم لا. يبدو من المحتمل أنه سوف يوجد دائماً عناصر مارقة ترغب في استخدام أي تكنولوجيا كوسائط لفرض إرادتها على الآخرين، سواء كانت هذه الوسائط على شكل بارود، أو سموم كيميائية، أو مواد نووية. ولصنع رأس ،نووي، يتطلب ذلك الوصول إلى يورانيوم عالي التخصيب وإلى تجهيزات تصنيع معقدة، ومن غير المتوقع الحصول على هذه التقنيات حتى بواسطة مجموعات إرهابية متطورة عاقدة العزم على ذلك. غير أنه يمكن الحصول على النفايات النووية عند بعض المراحل في المستقبل، إما من مصادر السوق السوداء، أو بالطبع حتى مباشرة من الدول المعادية التي طورت مسبقاً قوة نووية كفؤة. ومن المحتمل أنه يمكن استخدام هذه المواد لتصنيع ما يسمى القنبلة المُلوّثة التي لن تؤدي فعلياً إلى انفجار نووي، ولكنها سوف تستخدم متفجرات تقليدية لتوزيع مادة نشطة شعاعياً في منطقة آهلة بالسكان يمكن أن تكون نتائج مثل هذا الهجوم مشابهة لتلك الناتجة من انبعاث غازات عالية السمية في مناطق محصورة، ما يشكل تهديداً إرهابياً آخر متوقعاً، ويتطلب فقط خبرة منخفضة التقنية نسبياً. وللحماية ضد هذه الاحتمالات نحتاج دائماً إلى أن نكون يقظين، وهناك حاجة إلى تقوية وكالات دولية كوكالة الطاقة الذرية الدولية، وازدياد في التعاون الدولي لضمان المراقبة الحريصة لكل مواد النفايات النووية، بحيث إن التكنولوجيا التي هي مفيدة للكثيرين لن تستخدم بشكل سيئ من أجل مصلحة البعض.

إن التخرين و/ أو التخلّص الطويل الأمد من مواد النفايات النووية ما زال موضوعاً قيد التعامل معه من قبل بلدان عديدة تقوم بتشغيل محطات نووية. بسبب الكمية القليلة للوقود النووي المطلوبة لتوليد كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية فإن كمية النفايات الناتجة

هي أيضاً صغيرة جداً. مثلاً، إن كمية الوقود المستهلكة في مفاعل1000 ميغا واط كهربائية يعمل لمدة سنة يُقدر بحوالي -3025 طن. إن معظم مواد النفايات الناتجة من المحطات النووية التجارية يتم تخزينها في موقع كل محطة نفسه، إلى يومنا هذا. وعندما تتم إعادة تزويد مفاعل نووي  بالوقود عادةً خلال الإغلاق السنوي للمحطة أو بشكل مستمر طالما تعمل المحطة كما في حالة مفاعلات (CANDU)، تتم إزالة عناصر الوقود النووي المستهلك وتخزينها في وعاء مفتوح من الماء مشابهاً لحوض سباحة كبير. يوفر الماء درعاً طبيعياً من الإشعاع ويخدم أيضاً بإزالة أي حرارة يمكن أن تبقى متولدة من عناصر الوقود المُستخدمة. على الرغم من أن هذا النوع النفايات المنتجة تقريباً خلال التخزين هو كاف لاحتواء جميع من حوالي خمسين سنة من تشغيل المحطة النووية، فإن المطلوب إيجاد شكل أكثر ديمومة للتخلّص من النفايات تُصنف عادة مواد النفايات النووية كنفايات مستوى منخفض أو مُستوى متوسط أو مستوى عالٍ. يحتوي الوقود النووي المُستهلك في المفاعل على مجال كبير من المواد المشعة، بأنصاف عمر الزمن الذي تنخفض فيه النشاطات الإشعاعية إلى نصف مستواها الأولي تتراوح بين بضع ثوان وملايين السنين. في بعض الحالات كما رأينا يمكن إعادة معالجة الوقود المستهلك لاستخراج المادة القابلة للانشطار كالبلوتونيوم Pu239، وفي هذه الحالة هناك فقط حوالى 3 في المئة من الوقود الأصلي يبقى كنفايات مستوى عال محتوية على مخلفات انشطار شعاعية، بعضها ذات أنصاف طويلة عمر جداً. هذه الحالة في أولاً تبخير النفايات التي هي على الأغلب سائلة ذات مستوى عال، والباقي الذي هو مواد صلبة يُضاف بعدئذٍ إلى زجاج البوروسيليكات المنصهر ويُبرّد إلى مادة زجاجية صلبة. بعدئذٍ تُصبح هذه النفايات المُزجّجة جاهزة من أجل توضيبها النهائي في علب التخزين من أجل التخلص منها، أو تخزينها الطويل الأمد. إذا لم تتم إعادة المُعالجة للوقود المستهلك،كما هي حال جميع النفايات النووية التجارية في الولايات المتحدة وكندا، مثلاً، عندئذ يتم التعامل مع إجمالي الوقود المستهلك كنفايات ذات مستوى عالٍ ويجب في النهاية التخلّص منها في ما يُعرف بخيار« التخلص المُباشر».

وعلى مدى السنين تم اقتراح العديد من تقنيات مختلفة للتخزين الطويل الأمد لمواد النفايات النووية. تتضمن هذه الاقتراحات التخلص من النفايات بوضعها في المحيطات العميقة، والتخزين تحت الأرض في طبقات مُستقرة جيولوجياً، وحتى إنه تم التطرق إلى ترحيل حاويات النفايات إلى الفضاء البعيد باستخدام الصواريخ والمركبات الفضائية الموجودة حالياً ولكنها مُكلفة. حتى الآن، يبدو أن الاتفاق الدولي يدور حول طريقة أكثر أماناً وأكثر اقتصادية للتخلص من النفايات والتي سوف تكون طريقة التخزين لنفايات المستوى العالي عميقاً تحت الأرض في طبقات مستقرة جيولوجياً كالتشكيلات الصخرية أو الترسبات الملحية أعلنت كل من الولايات المتحدة وفنلندا خططاً من أجل التخلص من النفايات النووية ذات المستوى العالي في الطبقات الجيولوجية العميقة. في عام 2001 وافق البرلمان الفنلندي على بناء منشآت تحت الأرض للتخلص من النفايات في أوراجوكي (Eurajoki) والتي سوف تكون قادرة على تخزين حوالي 2500 طن من النفايات النووية المغلفة , (2005World Nuclear Association) .

تشكل هذه الكمية النفايات ذات المستوى العالي التي سوف يتم انتاجها بواسطة المفاعلات الفنلندية الأربعة العاملة خلال فترة 40 سنة، وسوف تكون هذه المستودعات تحت الأرض على عمق حوالي 500 متر، وسوف تصمم بحيث يمكن استعادة مستوعبات النفايات بعد زمن معين في المُستقبل إذا اعتبر ذلك مرغوباً. يخضع المكان حالياً لاستقصاءات دقيقة جداً، من ضمنها اختبار وتصنيف للمادة الصخرية، ومن المتوقع أن تكون في حالة تشغيل عام 2020. وقد تم تقدير الكلفة الطويلة الأمد المُقدّرة لإدارة النفايات، من ضمنها تخزين النفايات وتفكيك المنشأة، بحوالى 10 في المئة من إجمالي كلفة توليد الكهرباء نووياً. في الولايات المتحدة، اختارت وزارة الطاقة جبل يوكا (Yucca) في نيفادا كأول موقع تخزين دائم للنفايات النووية ذات المستوى العالي. وفي عام 2002، وافق الكونغرس الأميركي على تطوير جبل يوكا كمستودع نفايات نووية بعد حوالى 20 سنة من الدراسات العلمية، وإن التفاصيل الهندسية هي الآن في طريقها إلى تطوير المنشأة. تم اختيار هذا الموقع بسبب مكانه البعيد في منطقة جافة جداً ومستقرة جيولوجياً، تشمل بشكل رئيس صخوراً بركانية دعيت (Tuf) التي ترسبت منذ حوالى 12 مليون سنة. سوف يتم تخزين مواد النفايات في سلسلة من الأنفاق حوالى 200 إلى 500 متر تحت السطح، وحوالى 300 متر فوق مستوى المياه. سوف يتم تصميم المستودع تحت الأرض بحيث يمكن إما إغلاق الأنفاق وختمها بشكل دائم، أو تركها مفتوحة لتسمح بالوصول إلى النفايات من قبل أجيال المستقبل إذا بدا ذلك مرغوباً. يشير المخطط الزمني الحالي إلى إنشاء مستودعات النفايات النووية في جبل يوكا، بأن المنشأة سوف تكون جاهزة لاستقبال النفايات النووية عام DOE- EIA, 2005) 2010 US).

 

 

EN