حمزة بن حبيب في سطور
المؤلف:
المَجمع العلمي للقران الكريم
المصدر:
المدون الأول لعلم متشابه القرآن حمزة بن حبيب الزيات
الجزء والصفحة:
ص18-28
2025-04-23
969
اسمه ونَسَبهُ
حمزة بن حبيب بن عَمَارة[1] بن إسماعيل، الكُوفيُّ التيميُّ، قيل التيمي- تيم الله ولاءً وقيل نسباً[2]- وقيل السلمي[3].
وقيـل النيلي[4]، ولـد في مـدينة حـلوان* سنة 80هــ
[5] في أيام عبد الملك بن مروان[6]، وتوفي 156هـ في المدينة نفسها[7]، في حكم أبي جعفر[8].
وقيل توفي سنة 151 هـ وقيل 154هـ[9]، وقيل 158 هـ[10]، غير أن المشهور هو الرأي الأول بأنّ وفاته كانت سنة 156هـ.
ولُقّب بالزيَّات؛ لأنّه كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان، ويجلب من حلوان الجبن والجوز الى الكوفة[11]، وعدَّ في الطبقة الرابعة من الكوفيين[12] وأدرك الصحابة بالسن فيحتمل أن يكون رأى بعضهم[13]، وقال الذهبي عن أَصْله بأنّه فَارِسِيٌّ[14].
وَثْاقَتهُ
لقد عدَّ الشيخ الطوسي حمزة الزيات من أصحاب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)[15]، وتابعه في ذلك السيد الخوئي[16]، أمّا فيما يخصُّ الحكم على مرويات حمزة بن حبيب في الحديث، فإنَّ أغلب الروايات لم تنزل عن درجة الحسن، عند أغلب علماء العامة، وضعَّفه القليل منهم قد تكون لغايات شخصيّة وهذا ما صرّح به حسين عزيزي قائلًا: أثنى عليه العلماء وأهل الحديث والقراءة، وضعّفه القليل منهم[17]، قال أحمد بن حنبل: حمزة الزيَّات ثقة في الحديث[18]، ومثل ذلك عن يحيى بن معين[19]، وقال أحمد العجلي: «كوفيّ تيمي ثِقَة رجل صَالح صَاحب سنّة»[20] ومثل ذلك قال يعقوب بن سفيان[21]، وقال بن حجر العسقلاني: «مولاهم صدوق زاهد»[22]، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس[23]. وعن الأزديُّ والساجيُّ: صدوق في الحديث [24]، وقال الساجيّ مَرَّةً: صدوق[25]، وقال ابن معين: حسن الحديث[26].
وهذه الشهادات والإشارات إنّما تشير إلى صدق حديثه وأدائه للأمانة وهو يتوخّى الدقة في القول والنقل، وأنَّ حديثه مخرَّج في صحيح مسلم، وفي السنن الأربعة، ولا ينحط عن رتبة الحسن[27]، وقد نال هذه الفضائل والإشادات بجهده وعزمه، ولعلّ ابن الجزري يحسم الأمر بالقول عنه: «كان إمامًا حجةً ثقةً ثبتًا»[28].
وبمثل ذلك ختم العلامة المامقاني - من الإمامية- ترجمة حمزة بعد أحاديثه من الحسان بقوله: وهو من الشيعة الإمامية، ولولا اختلافنا مع العامة في الوثاقة لعددته من الثقات لتصريحهم بذلك، ولكن أعدّه من الحسان الأجلّاء، والحديث من جهته حسنا، واللّه العالم[29].
وممّن روى حمزة الزيات عنهم: الحكم بن عتيبة، وعدي بن ثابت، وحبيب بن أبي ثابت وطلحة بن مطرف[30]،حمّاد بن أبي سليمان، حمران بن أعين، سليمان الأعمش، عطاء بن السائب، ليث بن أبي سليم[31].
وكذا الحال فقد روى عنه جماعة كثيرة منهم: إبراهيم بن هراسة، الأحوص بن جوّاب، بكر بن بكّار، سعد بن الصلت البجلي، محمد بن فضيل، محمد بن جعفر المدائني، يحيى بن آدم، عيسى بن يونس[32]، إذ ذكر الذهبيّ عدد الأحاديث الواصلة إلينا عن حمزة بقوله: ظَهرَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِيْنَ حَدِيْثاً[33].
وهذه الخصال الساميّة التي وصِف بها العالمحمزة الزيات إنما تؤكد مكانته العلميّة، وحضوره الإنسانيّ النبيل الذي عضّد رسالته العلميّة بالقيم الأخلاقيّة العالية، وهو يمدّهما بصدقه وأمانته.
ما قالوا فيه وفي علمه
لقد تعدّدت الأقوال في حقّ حمزة الزيات ونتاجه، كذلك فإنَّ إشارات الثناء والمدح قد توزّعت في متون كتب العلماء وهي تمجّد عطاءه، وتقول بفضل سبقه، فكان منها:
- قال أبو حنيفة لحمزة: شيئان غلبتنا عليهما لسنا ننازعك فيهما: القرآن والفرائض[34].
- وقال عبد الله بن موسى:وكان شيخه الأعمش إذا رآه قد أقبل يقول: هذا حبر القرآن[35].
- قال الأعمش يوماً وقد رأى حمزة مقبلاً: وبشّر المحسنين [36].
- وقال ابن سعد: كان رجلًا صالحًا عنده أحاديث وكان صدوقًا صاحب سنة[37].
- قال ابن فضيل: ما أحسب أنّ الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة[38].
- قال الذهبي: وَكَانَ إِمَاماً قَيِّماً لِكِتَابِ اللهِ، قَانِتاً للهِ، ثَخِينِ الوَرَعِ، رفِيْعَ الذِّكْرِ، عَالِماً بِالحَدِيْثِ وَالفَرَائِضِ[39]
- وقال أبو بكر بن منجويه: كان من علماء زمانه بالقراءات، وكان من خيار عباد الله عبادة وفضلاً وورعًا ونسكًا[40].
- وقال الصفديّ عنه: كَانَ عديم النَّظير فِي وقته علمًا وَعَملًا وَكَانَ رَأْسا فِي الْوَرع[41].
وتأتي هذه الأقوال لتكون شاهدًا آخر على علو مكانته العلميّة والإنسانيّة.
تراثه الفكريّ وآثاره العلميّة
لقد أثمرت جهود حمزة بن حبيب الزيات عن ثمار معرفيّة، وتركت لنا تراثاً واسعاً وتصانيف هامة ذات قيمة علميّة وموضوعية، لاسيما في محور القرآن الكريم، وقد كان له في بعضها السبق في التأليف والريادة فيها، وهي مَنْ ثمّ تكشف عن دوره التأصيلي في تلك الجوانب، ومن مصنفاته:
- متشابه القرآن: وهو أول من ألّف فيه[42]، وسيأتي الكلام عنه في المبحث الثالث.
- كتاب الفرائض[43].
- أسباع القرآن: وتعني أجزاء القرآن[44]، وقيل هو أول من صنّف فيها .[45]
- كتاب القراءة [46] : وهو من القرّاء السبعة المشهورين، ويُعدّ ثاني من ألّف في علم القراءة، سبقه أبان بن تغلب في ذلك، ولم يعهد لأحد قبل أبان وحمزة تصنيفًا في القراءات [47].
- كتاب العَدد[48]، حول عدد آيات القرآن.
- وكتاب مقطوع القرآن وموصوله[49]، وقيل هو أول من ألّف في ذلك[50].
- كتاب الوقف والابتداء[51]، ويبدو أنّه يرجع إلى مقطوع القرآن وموصوله[52].
- كتاب حدود آي القرآن: وقيل هو أول من صنّف في ذلك[53].
ومن النظرة الأولى لهذا التراث نجد العناية الواضحة بالقرآن الكريم، وعلى وفق ما تمَّ ذكره فإنَّ لـحمزة الأسبقية في بعض هذه المصنفات المذكورة وهي أربعة مصنفات قرآنية قد نال حمزة فيها قصب السبق على أقرانه، وجميعها تكشف عن ريادته فيها وتأصيله لها.
[1] ويكنّى أبا عمارة [فهرست ابن النديم، ابن النديم البغدادي، ص 42]
[2] معجم الأدباء، ياقوت الحموي، ج3، ص261.
* حلوان: بضم الحاء المهملة وسكون اللام وفتح الواو وبعد الألف نون - وهي مدينة في أواخر سواد العراق ممّا يلي بلاد الجبل. [ وفيات الأعيان 2/ 216] .
[3] الأبواب رجال الطوسي ، الشيخ الطوسي، ص 190
[4] الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق عليه السلام، ج 1، عبد الحسين الشبستري، ص 477
[5] ينظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء، ج 10: 290.
[6] الذريعة، الطهراني: 2/ 13 .
[7] ينظر: غاية النهاية، ابن الجزريّ، ج1: 263.
[8] فهرست ابن النديم، ابن النديم البغدادي، ص 42
[9] ينظر أعيان الشيعة، ج 6، السيد محسن الأمين، ص 238
[10] ينظر غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 263، الذريعة، ج 19، آقا بزرگ الطهراني، ص 63
[12] فهرست ابن النديم، ابن النديم البغدادي: 42.
[13] معجم الأدباء: إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 3/ 1219:
[14] ينظر سير أعلام النبلاء - ط الرسالة 7/ 90:
[15] ينظر رجال الطوسي،: 190
[16] معجم رجال الحديث، ج 7، السيد الخوئي، :279
[17] الرواة المشتركون بين الشيعة والسنة، ج 1، حسين عزيزي / پرويز رستگار / يوسف بيات،:272
[18] الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/ 210:
[19] ينظر تاريخ ابن معين - رواية الدوري 3/ 556:
[20] الثقات للعجلي ت البستوي 1/ 322:
[21] ينظر التذييل على تهذيب التهذيب ص103:
[23] معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 3/ 1220:
[24] ميزان الاعتدال 1/ 605:
[25] سير أعلام النبلاء - ط الحديث 6/ 531
[26] ميزان الاعتدال 1/ 605:
[27] معرفة القراء: 1/117؛ سير أعلام النبلاء: 7/92.
[28] غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 263:
[29] تنقيح المقال في علم الرجال، ج 24، الشيخ عبد الله المامقاني العلامة الثاني ، ص 203
[30] ينظر معجم الأدباء، إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 3/ 1219:
[31] ينظر الرواة المشتركون بين الشيعة والسنة، ج 1، حسين عزيزي / پرويز رستگار / يوسف بيات، ص 273
[32] الرواة المشتركون بين الشيعة والسنة، ج 1، حسين عزيزي / پرويز رستگار / يوسف بيات، ص 273
[33] سير أعلام النبلاء - ط الرسالة 7/ 92
[34] معجم الأدباء، إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 3/ 1220
[35] طبقات القراء، ج1، ص261.
[36] معجم الأدباء، إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 3/ 1219
[37] ينظر الطبقات الكبير 8/ 507 ط الخانجي
[38] ميزان الاعتدال 1/ 605
[39] سير أعلام النبلاء - ط الرسالة 7/ 90
[40] تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ج/7/316.
[41] الوافي بالوفيات 13/ 106
[42] الذريعة، ج 4، آقا بزرگ الطهراني، ص 273
[43] فهرست ابن النديم، ابن النديم البغدادي، ص 42
[44] ينظر أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين: 1 / 124 .
[45] ينظر معرفة الإمام، الطهراني: 16 – 17/ 79 .
[46] الذريعة الى تصانيف الشيعة، أغا بزرك الطهراني، ج17، ص53.
[47] ينظر الشيعة وفنون الإسلام، حسن الصدر:27- 28.
[48] آغا بزرك الطهراني، الذريعة، ج6، ص299.
[50] ينظر أعيان الشيعة، ج 5، السيد محسن الأمين، ص 327
[52] أعيان الشيعة المؤلف: الأمين، السيد محسن الجزء: 1 صفحة: 124
[53] الشيعة وفنون الإسلام، السيد حسن الصدر، ص 101
الاكثر قراءة في تراجم المفسرين
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة