الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
أربع خطوات نحو تحسين العلاقات
المؤلف:
روبرت بولتون، ودوروثي جروفر بولتون
المصدر:
أساليب الناس في العمل
الجزء والصفحة:
ص 100 ــ 107
2025-02-24
79
كان لدى جيل آلين الكثير مما يتوقف عليه اجتماعه القادم مع مديره السيد جو باترسون نائب الرئيس التنفيذي للمؤسسة، وكان أمامه ساعة ونصف الساعة حتى يعرض احتياجات قسمه من الموظفين والميزانية خلال العام القادم، وإذا لم يتم الموافقة على بنود جديدة ويتم تحويل الزيادات إلى بنود أخرى، فإن هذا سيشل خطته التي أعدها للقسم.
وكانت سياسة احتواء التكاليف تحظى بالأولوية الكبرى لعملية تحديد الميزانية ذلك العام. ولم يكن عاماً يسمح بطلب الزيادة، ومع هذا فقد كانت التكاليف التي اقترحها جيل ستعوض نفسها خلال فترة لا تزيد عن ثلاثة أعوام، وبعد ذلك سيتم تحقيق مدخرات كبيرة كل عام إلا أن كل ما خطط له جيل ما كان لينجح لو لم يتغلب على عقبة الموازنة.
ولم ير أحد أن علاقة العمل بين جيل وجو كانت سهلة، فذات مرة، وبعد مقابلة مع جو اتسمت بتوتر شديد أخبر جيل زوجته قائلا: (كل ما في الأمر أن كيمياء الاتصال ليست على ما يرام)، ومن خلال جلسة تدريب على المهام التنفيذية تعلم جيل طريقة أكثر إفادة لوصف المشكلة، فقد كان يرى أن هناك صداماً في الأساليب بينه وبين نائب الرئيس التنفيذي، حيث كان هو (معبرا) وباترسون (تحليلياً)، ولم يكن لدى أحدهما مرونة وكان أسلوب (طريقتي لا طريقتك)، الذي اتبعوه في العمل معاً قد أعاق علاقتهما كثيراً.
وعلى مدى الأربعة أعوام السابقة كان عرض جيلي الميزانية على باترسون يبدو مزرياً، فكلما ارتفعت حماسة جيل في حديثه عن الميزانية زاد هذا باترسون نفوراً منه، وكانت المؤثرات البصرية الملونة التي يستخدمها جيل تلقى استحسانا من البعض لكنها لم تؤثر أي تأثير في باترسون، وكان ازدراء باترسون واضحا في إشارته بأنه يمكن أن يقتنع بالحقائق ولكن لا يمكن أن تبهره الأضواء.
وقد اتضحت فكرتان في هذه الجلسة جعلتا جيل يتبنى أسلوباً مختلفاً في اجتماع الميزانية القادم. الأولى: هي أن كيفية عرض الاقتراح عليها معول هام في جعل الآخرين يولونه ما يستحق من اعتناء، وهذه الأهمية مثلها مثل أهمية ما يتضمنه الاقتراح والفكرة الأخرى التي أدهشته هي عندما لا تسير العلاقة على ما يرام، فلا تكرر ما تفعل بل جرب شيئًا مختلفاً.
والشيء المختلف الذي قرر جيل فعله هو استخدام مهارات جديدة لم يستخدمها من قبل في تطويع أسلوبه خلال اجتماع الميزانية الهام، ومن خلال جلسة التنمية التنفيذية توصل جيل إلى صورة مؤلفة وضعها له الحاسب الآلي ـ لوجهة نظر خمسة من الموظفين عن ماهية أسلوبه، وقد حدد جيل أسلوب باترسون، وحدد كلا الموقعين على شبكة الأساليب، وبعد ذلك طلب جيل من روجر وهو أحد موظفيه الرئيسيين وله أسلوب تحليلي مثل باترسون أن يساعده على التوصل إلى أسلوب أفضل يستخدم خلال الاجتماع، واستقر الاثنان على ثلاثة أشياء مختلفة سيقوم بها جيل حتى يستطيع التفاعل مع باترسون بشكل أفضل.
والشيء الأول كان أن جيل بدأ بالاتفاق فبدلاً مما اعتاد عليه من محاولة خلق الألفة من خلال سرد القصص، أظهر تركيزا واهتماما أكبر بالمهام، وخطط جيل لجعل تعليقاته الاستفتاحية غير رسمية على أن تكون موجزة، وأن ينتقل سريعاً إلى الهدف من الاجتماع، وبهذا تكون البداية جادة وغير مثيرة.
ثانيا: قرر جيل أن يكون تقديمه شاملاً ومعتمداً على المنطق مدعما رأيه بموجز مكتوب وملاحق شاملة ومفصلة وقد ساعد روجر جبل على إعداد التقديم والتقارير والملاحق المكتوبة، وبهذا سيكون في متناول باترسون كل ما يمكن أن يحتاج إليه من البيانات التي سيتم تنظيمها بعناية بحيث يسهل الرجوع إليها.
ويقول جيل: (لقد قررت أيضاً أن أعود نفسي على المزيد)، فقد اعتاد أن يتحدث قليلاً ويستمع كثيراً. فبدلاً من الإسراع إلى التهوين من مخاوف باترسون كعادته كان يشجعه على طرح كل تحفظاته بشكل كامل وعندما أدرك إطار المرجعية لدى باترسون عرف نقاط الاتفاق فيما بينهما، وبالتالي استخدم الحقائق والمنطق قدر الإمكان عند مناقشة الخلافات بينهما.
وأعجب جيل وروجر بالأسلوب الذي خططا له، ومع هذا، فقد كان جيل متخوفاً من تنفيذ الخطة، فبالرغم من أنه غير ثلاثة أشياء فقط في أسلوب عرضه، فإن هناك تغييرين كانا يشتملان على أشياء كثيرة ولم يكن من السهل عليه القيام بهما. ولذلك قام جيل وروجر بتمثيل الاجتماع حيث قام روجر بدور باترسون ولم تسر المحاولة الأولى بشكل جيد تماما، وقام الاثنان بمناقشة ما ينبغي إدخاله من تحسينات وجربا مرة أخرى ولكن على نحو مُرض هذه المرة، وهنا أخبر جيل روجر (إنني جاهز، كما سأكون دوما).
وفي الاجتماع الحقيقي مع باترسون، شعر جيل بأنه أدى بشكل جيد عملية تطويع أسلوبه، وأثناء مراقبته لعملية الاتصال فيما بينه وبين باترسون لاحظ بعض الزلات، ولكنه استطاع بشكل عام تنفيذ الخطة، وقد كان سعيداً بما أسفر عنه الاجتماع فقد وصلت الألفة والتقارب بينهما إلى ما لم تصل إليه من قبل حتى إن باترسون لم يجر أي تخفيض في ميزانية جيل، وقد انتهى جيل إلى أن التغيرات السلوكية الثلاثة التي أجراها للانسجام مع باترسون سوف تفيده في الاجتماعات المستقبلية أيضاً.
وإذا كان تطويع الأسلوب قد أفاد جيل فإنه سوف يفيدك أنت أيضاً، ولكن هذا لا يعني أنك بتطويع أسلوبك بشكل فعال ستحقق أهدافك حتماً، فهذا ليس ممكنا ولا مطلوبا، فإذا أمكنك من خلال أسلوب ما أن تجعل الاخرين ينفذون أوامرك بشكل تلقائي فإن هذا سيدمر حرية الآخرين كبشر، وعندما نقول إن تطويع الأسلوب قد يفلح نعني أن هناك احتمالاً كبيراً أن الألفة والتقارب سوف يكونان أفضل، وأن أفكارك ستجد ما تستحق من اهتمام، فإذا استمعت أنت أيضا للشخص الآخر بعناية فإنكما معا غالباً ستخرجان بنتيجة أفضل مما لو لم تقم بتطويع أسلوبك.
فإذا كان لتطويع الأسلوب هذا الأثر البناء على التفاعل، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: (كيف تفعل هذا؟) في هذا الفصل سوف نوجز خطوات تطويع الأسلوب.
عملية من أربع خطوات
في اجتماعه مع مديره باترسون اتبع جيل سلسلة من الخطوات
الخطوة الأولى: حدد. حيث حدد جيل أسلوبه قام بتحديد أسلوب باترسون.
الخطوة الثانية خطط. بمساعدة زميل له قام جيل باختيار ثلاثة أنواع مختلفة من السلوك أمكنه استخدامها من الانسجام مع مديره، وقد أدرك أنه في إطار تبادل الحوار أثناء الاجتماع سيكون من الصعب عليه أن يقوم ببعض ما خطط له، ومن ثم قام بإجراء تجربة للخطة مع زميله.
الخطوة الثالثة: نفذ. خلال اجتماعه مع باترسون أجرى جيل التغيرات السلوكية التي رأى أنها ستساعده على الانسجام مع أسلوب باترسون في العمل، كما كان يجس نبض الاجتماع من آن لآخر ليرى ما إذا كان عليه أن يتخذ أي إجراء تصحيحي أثناء الاجتماع أم لا.
الخطوة الرابعة: قيم، بنهاية الاجتماع قام جيل بمراجعة عقلية للعملية والنتيجة أنه استطاع أن يتعلم من التجربة.
دعنا نلقِ نظرة فاحصة على ما تتضمنه كل خطوة.
الخطوة الأولى: حدد
في هذه الخطوة تقوم بـ:
* ملاحظة أسلوبك
* تحديد أسلوب الشخص الآخر.
ولكي تطوع من أسلوبك، عليك أن تحدده بشكل دقيق إلى حد كبير، وقد يكون تقديرك الأول لأسلوبك خاطئاً، وأحد أسباب هذا يرجع إلى أن أسلوبك لا يتعلق إلى حد كبير بما في أطواء نفسك بقدر ما يتعلق بطريقة تعاملك مع الآخرين، فإذا لم تكن حتى الآن قد تلقيت تغذية استرجاعية من الآخرين بشأن أسلوبك فلتفعل هذا الآن.
ومما لا شك فيه أنه لكي تطوع بنجاح فلابد أن تحدد بدقة أسلوب الشخص أو الأشخاص الذين ستتصل بهم. والتحديد الدقيق لأسلوب الآخرين أمر لا بد منه.
أما وقد عرفت أسلوبك وأسلوب الشخص الآخر، فأنت مستعد للخطوة التالية.
الخطوة الثانية: خطط
بعض الناس يعرضون عن فكرة التخطيط لأسلوب التفاعل والتحاور مع الزملاء فقد أشار أكثر من شخص قائلا: (لكم هو سيء عندما يكون لزاما عليك أن تخطط كيف ترتبط بشخص ما، فكل شيء هكذا... محسوب).
والحقيقة هي أن كل شخص يقوم ببعض التخطيط لاتصاله بالآخرين إذ إننا نضع جدول أعمال للاجتماعات، وأحيانا ما نضع ملاحظات بالأشياء التي سيتم تناولها في اتصال هاتفي، وعندما تعرف أن هيلين شخصية تحب التبكير تعد لها موعداً في وقت مبكر من اليوم، وأثناء سيرنا للعمل نفكر في محادثة مهمة سوف نجريها.
بل إننا أيضاً نخطط لعلاقاتنا بعيدا عن العمل، حتى أكثر العلاقات حميمية. فقبل التقدم للزواج يقضي الكثيرون الوقت الطويل في التفكير بشأن مكان التقدم وماذا سيقولون فيه، وإذا ما صدر منا كلمات متوترة فقد نحاول عندما نغادر المنزل صباحاً، التفكير فيما يمكن أن نقوله أو نفعله لنعيد العلاقة إلى مسارها.
إنها طبيعة بشرية أن نتنبأ بالعديد من اجتماعاتنا مع الآخرين، وأن نفكر بشأن الأسلوب الذي نريد للاجتماع أن يسير عليه، وفي خطوة التخطيط لعملية تطويع الأسلوب فإن كل ما نفعله هو دمج ما نعرفه عن الأساليب في عملية الإعداد.
ومع الخبرة يمكنك في الغالب أن تقوم بالتخطيط في ذهنك وبوحي الساعة وأنت تتحدث مع الشخص، ومع هذا ففي بداية الأمر أو عندما تكون الخطورة كبيرة أو عندما يميل الحوار إلى أن يخلق ضغطاً كبيراً إلى حد ما، يكون من الأفضل أن تخطط مقدماً بل إنه أحيانًا ما ينصح بكتابة الخطة.
وقد تكون الآن بحاجة إلى استغراق بعض الوقت لتعود نفسك على هذا المصدر القيم.
فإن تطويع الأسلوب يتعامل بشكل أساسي مع عملية الحوار أو التفاعل وفضلاً عن ذلك غالباً ما يمكننا أن نعقد اجتماعات جيدة إذا وضعنا أيضاً منهجاً بناء لمضمون المناقشة، وكما قد تذكر فقد أجاد جيل آلين في تخطيط المضمون الذي ناقشه مع باترسون بالإضافة إلى التخطيط لأسلوب طرح هذا المضمون، وذلك من خلال سد الفجوة بين أسلوبيهما.
الخطوة الثالثة: نفذ
في هذه الخطوة تقوم بالتفاعل العملي مع الشخص الآخر، وعادة ما يكون هذا وجها لوجه، ولكنه أحياناً ما يتم من خلال الهاتف أو الكتابة وعندما تتصل بالشخص الآخر، فأنت تقوم بالتغيرات السلوكية التي تعتقد أنها من الممكن أن تحسن من الحوار.
وفي أثناء قيامك بتطويع أسلوبك قم بمراقبة ما إذا كانت التغيرات قد حققت التأثير الإيجابي على الحوار أم لا، هل هذه الطريقة في الاتصال أو التفاعل تساعد الشخص الآخر على العمل معك بشكل أفضل؟ هل كل منكما أكثر إنتاجية وإذا كان كذلك فقد تأكد نجاح نظريتك، وإذا لم يحدث هذا فبإمكانك أن تجري تعديلات لحظية لتحسين هذه النظرية.
والشخص المرن الحقيقي يعرف أنه عندما يتصل بالآخرين، فإنه لا مفر من حدوث قدر معين من المحاولة والخطأ، ولذلك عليك أن تبذل قصارى جهدك في التفكير بشأن كيفية التطويع للانسجام مع كل شخص والتصرف بناء على ما خططت والقيام بمراقبة أثر سلوكك، ثم غير خطتك وسلوكك عندما تجد ضرورة لذلك.
الخطوة الرابعة: قيم
بالرغم من انتهاء الحوار، فإنه لم تزل هناك خطوة جوهرية لتطويع الأسلوب وهي: التقييم.
فمتى قمت بتطويع أسلوبك خذ بعض الوقت في تقييم ما قمت به، وبمرور الوقت يمكن أن تساعدك هذه التقييمات الموجزة على زيادة مهارات تطويع الاسلوب وتحسين علاقاتك.
أولا: انظر إلى نتائج الحوار.
ـ مع النظر إلى مضمون المناقشة هل كان الشخص أكثر ارتياحاً من المعتاد؟
ـ هل كان الحوار مثمراً أكثر من المعتاد؟
وبعد ذلك، لاحظ ما جرى بشكل جيد.
ـ ما الذي فعلته بالضبط واستجاب له الشخص الآخر بشكل إيجابي؟
ـ ما السلوك الذي غيرته وكان له أكبر الأثر؟
ـ هل تريد فعل هذا الشيء الذي أديته بشكل جيد كثيراً مع هذا الشخص؟
ـ هل هذا شيء ترغب أن يشاركك فيه الآخرون ممن لهم نفس الأسلوب؟
ـ وفي النهاية حدد ما هي الأشياء التي جاءت خلافاً لتوقعاتك في محاولتك لتطويع أسلوبك.
ـ حدد بالضبط ما الذي حاولت فعله دون أن يكون له تأثير في تعزيز الحوار.
ـ هل كان مرجع المشكلة إلى:
عدم التحديد السليم لأسلوب الشخص؟
سوء التخطيط؟
عدم التنفيذ الفعال؟
وخطة التقييم تعمل على إثراء فهمك للأساليب الأربعة، وعندما يتعلم الناس هذا النموذج للمرة الأولى غالباً ما تنشأ لديهم فكرة مبسطة عن كل أسلوب من الأساليب الأربعة، والفهم القائم على الواقع لطريقة عرض هذه الأساليب لنفسها في الحياة اليومية إنما يأتي من ممارسة عملية تطويع الأساليب ومعرفة معلومات عنها من كل تجربة، وكلما تأملت في الأساليب التي تصرف بها الشخص الآخر عندما اجتمعت به فستحصل على ثراء في الفهم لم تكن لتحصل عليه بأية طريقة أخرى.