من خطبة لأمير المؤمنين "ع" وهي في بيان صفات المتقين وصفات الفساق والتنبيه إلى مكان العترة الطيبة والظن الخاطئ لبعض الناس
المؤلف:
الشريف الرضي
المصدر:
نهج البلاغة
الجزء والصفحة:
ص149-151
2025-02-01
935
عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ وَتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدَى فِي قَلْبِهِ وَأَعَدَّ الْقِرَى لِيَوْمِهِ النَّازِلِ بِهِ فَقَرَّبَ عَلَى نَفْسِهِ الْبَعِيدَ وَهَوَّنَ الشَّدِيدَ نَظَرَ فَأَبْصَرَ وَذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ وَارْتَوَى مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ سُهِّلَتْ لَهُ مَوَارِدُهُ فَشَرِبَ نَهَلًا وَسَلَكَ سَبِيلًا جَدَداً قَدْ خَلَعَ سَرَابِيلَ الشَّهَوَاتِ وَتَخَلَّى مِنَ الْهُمُومِ إِلَّا هَمّاً وَاحِداً انْفَرَدَ بِهِ فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَى وَمُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوَى وَصَارَ مِنْ مَفَاتِيحِ أَبْوَابِ الْهُدَى وَمَغَالِيقِ أَبْوَابِ الرَّدَى قَدْ أَبْصَرَ طَرِيقَهُ وَسَلَكَ سَبِيلَهُ وَعَرَفَ مَنَارَهُ وَقَطَعَ غِمَارَهُ وَاسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرَى بِأَوْثَقِهَا وَمِنَ الْحِبَالِ بِأَمْتَنِهَا فَهُوَمِنَ الْيَقِينِ عَلَى مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ قَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فِي أَرْفَعِ الْأُمُورِ مِنْ إِصْدَارِ كُلِّ وَارِدٍ عَلَيْهِ وَتَصْيِيرِ كُلِّ فَرْعٍ إِلَى أَصْلِهِ مِصْبَاحُ ظُلُمَاتٍ كَشَّافُ عَشَوَاتٍ مِفْتَاحُ مُبْهَمَاتٍ دَفَّاعُ مُعْضِلَاتٍ دَلِيلُ فَلَوَاتٍ يَقُولُ فَيُفْهِمُ وَيَسْكُتُ فَيَسْلَمُ قَدْ أَخْلَصَ لِلَّهِ فَاسْتَخْلَصَهُ فَهُوَمِنْ مَعَادِنِ دِينِهِ وَأَوْتَادِ أَرْضِهِ قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْعَدْلَ فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِهِ نَفْيُ الْهَوَى عَنْ نَفْسِهِ يَصِفُ الْحَقَّ وَيَعْمَلُ بِهِ لَا يَدَعُ لِلْخَيْرِ غَايَةً إِلَّا أَمَّهَا وَلَا مَظِنَّةً إِلَّا قَصَدَهَا قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ فَهُوَقَائِدُهُ وَإِمَامُهُ يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ وَيَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ .
صفات الفساق
وَآخَرُ قَدْ تَسَمَّى عَالِماً وَلَيْسَ بِهِ فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وَأَضَالِيلَ مِنْ ضُلَّالٍ وَنَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ وَقَوْلِ زُورٍ قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلَى آرَائِهِ وَعَطَفَ الْحَقَّ عَلَى أَهْوَائِهِ يُؤْمِنُ النَّاسَ مِنَ الْعَظَائِمِ وَيُهَوِّنُ كَبِيرَ الْجَرَائِمِ يَقُولُ أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ وَفِيهَا وَقَعَ وَيَقُولُ أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ وَبَيْنَهَا اضْطَجَعَ فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ وَالْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ لَا يَعْرِفُ بَابَ الْهُدَى فَيَتَّبِعَهُ وَلَا بَابَ الْعَمَى فَيَصُدَّ عَنْهُ وَذَلِكَ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ .
عترة النبي
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ وَأَنَّى تُؤْفَكُونَ وَالْأَعْلَامُ قَائِمَةٌ وَالْآيَاتُ وَاضِحَةٌ وَالْمَنَارُ مَنْصُوبَةٌ فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ وَكَيْفَ تَعْمَهُونَ وَبَيْنَكُمْ عِتْرَةُ نَبِيِّكُمْ وَهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ وَأَعْلَامُ الدِّينِ وَأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ فَأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ الْقُرْآنِ وَرِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ الْعِطَاشِ أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوهَا عَنْ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ صلى الله عليه وآله إِنَّهُ يَمُوتُ مَنْ مَاتَ مِنَّا وَلَيْسَ بِمَيِّتٍ وَيَبْلَى مَنْ بَلِيَ مِنَّا وَلَيْسَ بِبَالٍ فَلَا تَقُولُوا بِمَا لَا تَعْرِفُونَ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْحَقِّ فِيمَا تُنْكِرُونَ وَاعْذِرُوا مَنْ لَا حُجَّةَ لَكُمْ عَلَيْهِ وَهُوَأَنَا أَ لَمْ أَعْمَلْ فِيكُمْ بِالثَّقَلِ الْأَكْبَرِ وَأَتْرُكْ فِيكُمُ الثَّقَلَ الْأَصْغَرَ قَدْ رَكَزْتُ فِيكُمْ رَايَةَ الْإِيمَانِ وَوَقَفْتُكُمْ عَلَى حُدُودِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَأَلْبَسْتُكُمُ الْعَافِيَةَ مِنْ عَدْلِي وَفَرَشْتُكُمُ الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي وَأَرَيْتُكُمْ كَرَائِمَ الْأَخْلَاقِ مِنْ نَفْسِي فَلَا تَسْتَعْمِلُوا الرَّأْيَ فِيمَا لَا يُدْرِكُ قَعْرَهُ الْبَصَرُ وَلَا تَتَغَلْغَلُ إِلَيْهِ الْفِكَرُ .
ظن خاطئ
و منها : حَتَّى يَظُنَّ الظَّانُّ أَنَّ الدُّنْيَا مَعْقُولَةٌ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا وَتُورِدُهُمْ صَفْوَهَا وَلَا يُرْفَعُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَوْطُهَا وَلَا سَيْفُهَا وَكَذَبَ الظَّانُّ لِذَلِكَ بَلْ هِيَ مَجَّةٌ مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً ثُمَّ يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً .
الاكثر قراءة في التراث العلوي الشريف
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة