دور القادة والامراء في التأثير على الناس
المؤلف:
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر:
نفحات القران
الجزء والصفحة:
ج1, ص 311-312
24-11-2015
3084
لقد جاء في حديث للإمام أمير المؤمنين عليه السلام : «الناس بأمرائهم أشبه منهم بآبائهم» «1».
إنّ هذا الشبه يمكن أن يكون من حيث إنّ فريقاً من الناس يتبعون الامراء ويقتدون بهم جهلًا وغفلة ويجعلون قلوبهم ودينهم رهناً لإشارات هؤلاء الامراء وايعازاتهم ، ولهذا اشتهر الحديث «الناس على دين ملوكهم».
إنّ هؤلاء الامراء في رأي بعض الناس أبطال وقدوات نموذجية واسوات حسنة وأرفع شأناً من أن يُنتقدوا ، وقد يقلّد البعض أنفسهم مناصب مقدسة فيغرروا ببعض الجهلة والعوام ، ويجعلوا حجاباً أمام أفكارهم وعقولهم.
ومن المتعارف أنّ هناك فريقاً يعتبر «القدرة» دليلًا على «الحقانية» ، ويعتبر المنتصر هو المحق فرداً كان أو جماعة ، وهذا الاسلوب من التفكير جعلهم فريسة للكثير من الأخطاء والانحرافات في حساباتهم الاجتماعية.
إنّ الملوك والقادة الجبارين أينما دخلوا أفسدوا ، وذلك لاستغلال الضعف والعجر الفكري لدى بعض الناس ، كما جاء ذلك في القرآن على لسان ملكة سبأ : {قَالَتْ انَّ الْمُلُوْكَ اذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ اهْلِهَا اذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}. (النمل/ 34)
وبالرغم من أنّ هذا الحديث تفوهت به ملكة ظالمة ، إلّاأنّ ذكره في القرآن من دون أي نقدٍ من جهة ، وصدوره من شخصية ظالمة وخبيرة بما عليه الظّلَمَة من أمثالها من جهة اخرى دليل على واقعية هذا الحديث الشبيه بالاعتراف.
ولهذا أرادت ملكةُ سبأ أن تختبر سليمان هل هو ملك أو نبي حقاً؟ فأرسلت إليه هدايا كي تعرف ردّ فعله تجاهها ، وذلك لأنّها تعرف أنّ أفكار الملوك وقلوبهم رهن الهدايا والذهب والفضة والشأن والمقام ، بينما الأنبياء لا يهمهم شيءٌ سوى صلاح الامم.
_______________________
(1). بحار الأنوار ، ج 75 ، ص 46 كتاب الروضة كلمات علي عليه السلام ، ح 57.
الاكثر قراءة في قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة