ذكر أحوال موسى صبر للنبي صلى الله عليه واله
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 6 ص393-394.
2024-12-26
851
ذكر أحوال موسى صبر للنبي صلى الله عليه واله
قال تعالى : {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: 21 - 25].
قال الشيخ الطوسي : يقول اللّه تعالى منبها لهؤلاء الكفار على النظر في ما نزل بالماضين جزاء على كفرهم فيتعظوا بذلك وينتهوا عن مثل حالهم ، فقال {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} والسير والمسير واحد ، وهو الجواز في المواضع ، وقوله {فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ} أي يتكفروا في عواقب الكفار من قوم عاد وقوم لوط ، فيرون بلادهم هالكة وآثارهم دارسة ومنازلهم خالية بما حل بهم من عذاب اللّه ونكاله جزاء على جحودهم نعم اللّه واتخاذهم معه إلها غيره ، وكان الأمم الماضية أشد قوة من هؤلاء . والقوة هي القدرة ، ومنه قوله {الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [هود: 66] وقد يعبر بالقوة وهو شدة الفتل ثم نقل إلى معنى القدرة ، كما نقل اسْتَكْبَرَ * عن كبر الجثة إلى كبر الشأن ، والأثر حدث يظهر به أمر ، ومنه الآثار التي هي الأحاديث عمن تقدم بما تقدم بها من أحوالهم وطرائقهم في أمر الدنيا والدين . وقوله فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ومعناه فأهلكهم اللّه جزاء على معاصيهم {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ} [غافر: 21] في دفع العذاب عنهم ومنعهم من نزوله بهم.
ثم بين تعالى أنه إنما فعل بهم ذلك لأنهم جاءتهم {رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ} يعني بالمعجزات الظاهرات والدلالات الواضحات فكذبوهم وجحدوا رسالتهم فاستحقوا العذاب فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بذنوبهم أي أهلكهم اللّه جزاء على معاصيهم {إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ} الْعِقابِ أي قادر شديد عقابه.
ثم ذكر قصة موسى عليه السّلام فقال {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا} أي بعثناه بحججنا وأدلتنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ أي حجة ظاهرة نحو قلب العصى حية وفلق البحر وغير ذلك {إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ } يعني موسى.
ثم قال تعالى {فَلَمَّا جاءَهُمْ} يعني موسى عليه السّلام {بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا} يعني فرعون وهامان وقارون {اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا} بموسى ومن معه {وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ }أي استبقوهم ، قال قتادة : كان هذا الأمر بقتل الأبناء والاستحياء للنساء أمرا من فرعون بعد الأمر الأول . وقيل استحياء نسائهم للمهنة . وقيل : معناه استحيوا نساءهم وقتلوا الأبناء ليصدوهم بذلك عن أتباعه ويقطعوا عنه من يعلونه ، وإنما ذكر قصة موسى ليصبر محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على قومه كما صبر موسى قبله . ثم أخبر تعالى أن ما فعله من قتل الرجال واستحياء النساء لم ينفعه وإن كيده ، وكيد الكافرين لا يكون إلا في ضلال عن الحق « 1 ».
___________
( 1 ) التبيان : ج 9 ، ص 67 وص 68.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة