لقد مارس ملوك فرنسا نفوذهم المطلق إلى أقصى الحدود منذ عهد شارل الثامن عشر (1483 - 1498). اذ ان السلطة المطلقة التي تمتع بها ملك فرنسا أعترف له بها قانونياً وكأنها هبة من الله فكان الملك يجمع بيده جميع. السلطات بلا حدود فهو مصدر كل عدل ومصدر كل تشريع ومصدر السلطة الادارية ومصدر الحرب والسلام وقائد الجيش. لقد أعلن لويس الخامس عشر «في شخصي وحده تستقر السلطة العليا والي وحدي تعود السلطة التشريعية دون ارتباط ولا مشاركة وعني يصدر النظام العام كله وحقوق الامة ومصالحها هي بالضرورة متحدة مع حقوقي ومصالحي ولا تستريح إلا بين يدي (1). كما أعلن سنة 1770 في البرلمان نحن لا نتلقى تاجنا إلا من الله فالينا وحدنا يعود حق اصدار القوانين التي بموجبها نقود رعايانا ونحكمهم دون ارتباط ولا مشاركة. على هذه القاعدة اوقفت اجتماعات مجلس طبقات الأمة سنة 1614 عهد لويس الثالث عشر. ولم يبق في الدولة سوى المجالس الاقليمية والاستشارية ووكلاء الملك المحليين الذين تابعوا اعمالهم تحت مراقبة اعين الملكية. وقد صرح لوبريه في عهد لويس الثالث عشر قائلاً: ومن ذلك يمكن ان نستنتج ان ملوكنا لا يتلقون «صولجانهم إلا من الله وحده فليسوا مجبرين ان يقدموا اي خضوع لأية سلطة على الأرض ويتمتعون بسائر الحقوق الممنوحة للسيادة التامة المطلقة. فهم سادة في مملكتهم بالتمام والكمال.

لا شك ان العبارة التي أطلقها لويس الرابع عشر «الدولة! اني انا الدولة!» لتدل دلالة واضحة على مدى قوة الملكية وعلى مدى حرص لويس الرابع عشر في المحافظة على السيطرة التامة التي كان يتمتع بها، اذ انه لم يكن من اللائق للرعايا ان يراقبوا سلطة استمدت أصلها من الله نفسه. ان من اعطى الملوك للناس اراد ان يحترموا كأنهم ضباطه) (2).

وعلى الرغم من ان الملكية الفرنسية قد ظهرت بهذه القوة إلا انها من جانب آخر قد فقدت هيبتها والكثير من عناصرها في اواخر القرن الثامن عشر وذلك نتيجة لمساوئ الملوك التي تمثلت في كثرة الحروب التي استنزفت الأموال والارواح. فضلاً عن سوء الادارة وكثرة الاضطهاد الديني والسياسي وفداحة الضرائب والمبالغة في الاسراف.

ومع ذلك كان على ملوك فرنسا ان يحترموا المواثيق ويراعوا الاعراف والتقاليد والقوانين الاساسية في المملكة وان يحترموا القسم الذي ادوه للكنيسة بمحاربة الهرطقة في بلادهم.

........................................

1- البيرسوبول: تاريخ الثورة الفرنسية (ترجمة جورج كوسى منشورات عويدات بيروت (1970 ص 67.

2- METHIVIER H: LE siècle de louis XIV. (Que sals-je?) No 426.. Presses Universitaires de France Paris 1968. P. 28.

مواضيع ذات صلة

أوج النظام المطلق (الحق الالهي للملوك بين النظرية والتطبيق)

النتائج الاجتماعية للحروب الدينية.

النتائج السياسية السلام وستفاليا.

حروب الثلاثين عاماً الدينية (1618-1648).

سلام وستفاليا.

الاصلاح الكاثوليكي المعاكس (لجنة الثبت).

محاكم التفتيش.

الاصلاح الكاثوليكي المعاكس (مجمع ترانت).

فرنسا والاصلاح الكاثوليكي المعاكس.

كاترين دي مدتشي عهد الاضطراب والفتن الطائفية.

هنري الرابع (1589 - 1610) وسياسة التسامح الديني.

فرنسوا الأول (1515 - 1547).