1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

النبي الأعظم محمد بن عبد الله

أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)

آبائه

زوجاته واولاده

الولادة والنشأة

حاله قبل البعثة

حاله بعد البعثة

حاله بعد الهجرة

شهادة النبي وآخر الأيام

التراث النبوي الشريف

معجزاته

قضايا عامة

الإمام علي بن أبي طالب

الولادة والنشأة

مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)

حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله

حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)

حياته في عهد الخلفاء الثلاثة

بيعته و ماجرى في حكمه

أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته

شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة

التراث العلوي الشريف

قضايا عامة

السيدة فاطمة الزهراء

الولادة والنشأة

مناقبها

شهادتها والأيام الأخيرة

التراث الفاطمي الشريف

قضايا عامة

الإمام الحسن بن علي المجتبى

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)

التراث الحسني الشريف

صلح الامام الحسن (عليه السّلام)

أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته

شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة

قضايا عامة

الإمام الحسين بن علي الشهيد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)

الأحداث ما قبل عاشوراء

استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء

الأحداث ما بعد عاشوراء

التراث الحسينيّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن الحسين السجّاد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)

شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)

التراث السجّاديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن علي الباقر

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)

شهادة الامام الباقر (عليه السلام)

التراث الباقريّ الشريف

قضايا عامة

الإمام جعفر بن محمد الصادق

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)

شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)

التراث الصادقيّ الشريف

قضايا عامة

الإمام موسى بن جعفر الكاظم

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)

شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)

التراث الكاظميّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن موسى الرّضا

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)

موقفه السياسي وولاية العهد

شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة

التراث الرضوي الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن علي الجواد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)

شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)

التراث الجواديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن محمد الهادي

الولادة والنشأة

مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)

شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)

التراث الهاديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام الحسن بن علي العسكري

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)

شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)

التراث العسكري الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن الحسن المهدي

الولادة والنشأة

خصائصه ومناقبه

الغيبة الصغرى

السفراء الاربعة

الغيبة الكبرى

علامات الظهور

تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى

مشاهدة الإمام المهدي (ع)

الدولة المهدوية

قضايا عامة

سيرة الرسول وآله : السيدة فاطمة الزهراء : مناقبها :

حديث اللوح الذي أهداه الله تعالى إلى فاطمة عليها السلام

المؤلف:  الشيخ علي الكوراني

المصدر:  الحق المبين في معرفة المعصومين

الجزء والصفحة:  ص362-376

2024-07-20

669

ينبغي للعلماء الأفاضل الذين واجبهم السفر في أيام عاشوراء ، أن يتذكروا أن تبليغ الإسلام ونشره من أهم الواجبات ، وأن يستفيدوا من هذا الظرف الزماني أيام عاشوراء الذي هو أهم ظرف في العالم . فالزمن الذي وقع في هذا الظرف وصفه الإمام بكلمة قطعية : لا يوم كيومك يا أبا عبد الله .

ينبغي أن نستفيد الكثير من أسماء السور في القرآن ، فأسماؤها تعطي أضواء على عمود الموضوع في السورة ، ومنها سورة باسم ( التغابن ) لقوله تعالى فيها : يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْم الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وكما نلاحظ فإن أسماء القيامة في القرآن متعددة ، وقد استعمل في هذا الآية اسمين منها ، وهذه نقطة مهمة لا أدري هل تعرض المفسرون لها وما هو الارتباط بين الإسمين : الجمع والتغابن ، ولماذا قال : يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ، فأشار إلى جمع لغير يوم الجمع ، وما الفرق بين قوله تعالى : يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ، وقوله : ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة ، ( سورة الجاثية : 26 ) ثم لماذا استعمل هنا الإشارة بالبعيد فقال : ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ؟ !

مهما يكن ، فقد سميت السورة بالتغابن وهو من التفاعل ، فما السر في هذا التفاعل التغابني ؟ وأي معان عظيمة ولطائف يقصدها الله تعالى من التغابن بين البشر في يوم القيامة ؟

لابد لفهم القرآن من طلب المدد من كلمات الوحي من كلام النبي وأهل بيته الأطهار صلى الله عليه وآله بقدرة فكرية وقوة فقهية ، لنفهم به كلام الله تعالى .

وهنا حديث عن النبي صلى الله عليه وآله كما في عدة الداعي لابن فهد الحلي قدس سره ص 103 : ( إنه يفتح للعبد يوم القيامة على كل يوم من أيام عمره أربع وعشرون خزانة عدد ساعات الليل والنهار . فخزانة يجدها مملوءة نوراً وسروراً ، فيناله عند مشاهدتها من الفرح والسرور ما لو وزع على أهل النار لأدهشهم عن الإحساس بألم النار ، وهي الساعة التي أطاع فيها ربه .

ثم يفتح له خزانة أخرى فيراها مظلمة منتنة مفزعة ، فيناله منها عند مشاهدتها من الفزع والجزع ما لو قسم على أهل الجنة لنغص عليهم نعيمها ، وهي الساعة التي عصى فيها ربه !

ثم يفتح له خزانة أخرى فيراها خالية ليس فيها ما يسره ولا يسوؤه ، وهي الساعة التي نام فيها ، أو اشتغل فيها بشئ من مباحات الدنيا ، فيناله من الغبن والأسف على فواتها حيث كان متمكناً من أن يملأها حسنات ، ما لا يوصف . ومن هذا قوله تعالى : ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ) . انتهى .

فكل ساعة من عمر أحدنا خزانة ، لابد أن يفتحها يومئذ ليرى بماذا ملأها : إقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً . ( سورة الإسراء : 14 )

ونلاحظ أن تفسير التغابن عند الخزانة الثالثة عندما يرى تلك الخزانة الفارغة الخالية ، فالغبن هو أن يكون ما حصل عليه أقل مما ذهب منه ، أن يكون المثمن أقل من الثمن إلى حد الغبن ! وبهذا الغبن اهتزت قاعدة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، وجعلت أصالة اللزوم في العقود في الشريعة من أجل تدارك ما فات بالغبن ! إن الفقيه الذي يفقه خيار الغبن ، يجب أن يفهم سورة التغابن ، ويدرك هذا الحديث النبوي ، وينظر في ساعات عمره التي تمضي ، خاصة في الظرف الممتاز من ساعات العمر ، كيف يجب أن يستفيد منها ؟ !

إن ساعاتكم في عاشوراء الحسين عليه السلام فيها تغابن لا يقاس بأي تغابن آخر ! والعمدة في الموضوع أن العالم الديني عليه أن يعمل بما استطاع لاجتناب الوقوع في تلك الحسرة التي تفوق الوصف : وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ . ( سورة مريم : 39 )

أما كيف نجبر ذلك الغبن وننجو من يوم التغابن ، فإن النبي صلى الله عليه وآله بين لنا الطريق على لسان الإمام العسكري عليه السلام إذ قال : ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا فهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا ، كان معنا في الرفيق الأعلى .

يقول صلى الله عليه وآله : بعلومنا ، لا بأي علم !

ويقول : وعلمه شريعتنا ، لا أي شريعة ! فذلك الذي هو موضوع الكلام ، وذلك الذي يكون معهم في الرفيق الأعلى . أما معلم العلوم الأخرى فللكلام عنه موضع آخر .

إن عاشوراء بالنسبة إلى كل عالم وخطيب ، مَنْجَمٌ للحصول على تلك الجواهر فما هو واجبه وتكليفه ؟

من أول ما ينبغي أن يعرفه العالم أن كل ما له قدر وقيمة ، موجود بعد القرآن في كلام النبي والأئمة صلوات الله عليهم ، أما كلام زيد وعمر فلا قيمة له لكي يستحق أن يطرحه على الناس ويجعله محوراً !

إن ما يجب أن يكون مستندكم ومنبع كلامكم مع الناس ، أنتم الذين قضيتم عمراً في الدرس والبحث ، هو القرآن والسنة فقط ! ماذا قال الله تعالى ؟ وماذا أوضح النبي وأهل بيته المعصومون صلى الله عليه وآله ؟

كونوا علماء بعلم هؤلاء صلوات الله عليهم ، فإن كنتم كذلك وهديتم في عاشوراء شخصاً واحداً وأرشدتموه وعلمتموه من علمهم وفقههم الأصيل ، التي هي شريعة الله سبحانه ، عندئذ يكون الأجر والجزاء : كان معنا في الرفيق الأعلى ! !

كان معنا . . لا يتصور مقام أعلى من هذا المقام ! فاعرفوا مقامكم ، واعرفوا مع من تتعاملون ، وإلى من تتركون أولادكم ونساءكم عندما تذهبون إلى منطقة فيها جهال بالعقيدة والشريعة ، فترشدون ولو يتيماً واحداً من أيتام آل محمد إلى معرفة مقامهم وعلومهم وشريعتهم .

مقامكم معهم ، ومقام المعية للنبي وآله الطاهرين لا يتصور أعلى منه ! ولم يكتف الحديث بإضافة المعية ، فأضاف إليها إضافة الظرفية ! أما إضافة المعية فهي الرجوع إليهم عند الله تعالى : يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إرْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي . ( سورة الفجر : 27 - 30 ) . وأما الإضافة الظرفية فهي : كان معنا في الرفيق الأعلى ، ولنترك بحثه إلى وقت آخر .

المهم الآن أن نفهم عاشوراء ما هي ؟ ويوم من هي ؟ هنا يتحير أهل العقول !

يوجد حديث يعرف قيمته أهل الخبرة بالحديث وأهل الفهم للأحاديث ، ويفهمون أنه إكسير لا مثيل له ، رواه الكليني أعلى الله مقامه في الكافي ، والصدوق أعلى الله مقامه في كمال الدين ، وبقية المشايخ من كبار المحدثين والفقهاء ، وهو معروف باسم ( حديث اللوح ) هذا الحديث جاء به جبرئيل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، مكتوباً على لوح زبرجد ، تحفةً لفاطمة الزهراء عليها السلام ، تهنئةً لها بولادة الإمام الحسين عليه السلام ، وفيه أسماء الأئمة من أولادها ، مع ذكر أهم خصوصياتهم صلوات الله عليهم . ومن نصه : ( عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي ، إني أنا الله إله إلا أنا ، قاصم الجبارين ، ومديل المظلومين ، وديان الدين . إني أنا الله لا إله إلا أنا ، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين . فإيايَ فاعبد ، وعليَّ فتوكل . إني لم أبعث نبياً فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصياً ، وإني فضلتك على الأنبياء ، وفضلت وصيك على الأوصياء ، وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين ، فجعلت حسناً معدن علمي ، بعد انقضاء مدة أبيه ، وجعلت حسيناً خازن وحيي ، وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة ، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة ، جعلت كلمتي التامة معه ، وحجتي البالغة عنده ، بعترته أثيب وأعاقب ) . انتهى .[1]

في هذا الحديث ثمانية مقامات للإمام الحسين عليه السلام عدا أن الحديث في أصله تهنئةٌ وبشرى من رب العالمين عز وجل للنبي صلى الله عليه وآله ، ولوصيه علي وللصديقة الزهراء أم الأئمة ، بمناسبة ولادة الإمام الحسين عليهم السلام .

أولها : وجعلت حسيناً خازن وحيي ، فما هو الوحي الذي جعل الله الحسين خازناً له ؟ ومن أين يبدأ وحي الله ، وأين ينتهي ؟ يبدأ من قوله تعالى : وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . وينتهي عند قوله تعالى : فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى . وقوله تعالى : وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى . ! !

هذا الوحي كله مخزون في قلب الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ! !

وجعلت حسيناً خازن وحيي ، ومتى نحن عرفناه صلوات الله عليه ، حتى نفهم عاشوراءه ما هي ؟ ونعرف ماذا حدث في ذلك اليوم ؟ ودم أي شخص أريق ؟ إن كلمات الله تعالى لا أستطيع أنا ولا غيري أن يفهم عمقها ، إنما ندرك منها شعاعاً ! ومن يستطيع أن يفهم معنى : خازن الوحي ، وشخصية خازن الوحي ، إلا الذي يعرف الوحي ما هو ؟ ! فذلك الذي يعرف حقيقة الوحي ، ويعرف الفرق بين الوحي والعقل والفكر !

إن الكلمات التي كلم الله بها موسى عليه السلام وقال عنها عز وجل : وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً . ( سورة النساء : 164 ) ، ذكرها بصيغة المفعول المطلق وأجملها إجمالاً ، لأنها شعبةٌ من الموضوع ، وكلماتٌ من الكلمات . أما تمام هذه الكلمات فهي مخزونة في قلب الحسين بن علي عليه السلام ! القلب الذي وقع فيه ذلك السهم في يوم عاشوراء والقلب الذي أريق منه ذلك الدم يوم عاشوراء !

إقرأ كامل الزيارات لتفهم ماذا يقول الأئمة عن مقام الإمام الحسين عليهم السلام !

إن حول قبره عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً ، مهبطٌ للملائكة من السماء ومعراجٌ لهم ! والأهم هذه الجملة قوله عليه السلام : فليس من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله تعالى أن يزور الحسين ، ففوج يهبط وفوج يصعد ![2]

هذا هو الإمام الحسين عليه السلام ، الذي غير ماهية يوم عاشوراء فصار : لا يوم كيومك يا أبا عبد الله . الذي يأتي لزيارته كل ليلة جمعة ، كل الأنبياء عليهم السلام بلا استثناء ، من آدم النبي الخاتم ، وكل الأوصياء عليهم السلام بلا استثناء ! !

من خصوصيات الإمام الحسين عليه السلام أن الفاتحة التي تقرأ لروح الأموات المدفونين بجواره في كربلاء ، لو قسمت لوصل إلى الواحد منهم ما لا يحصيه القلم ! ذلك هو سيد الشهداء ، وذلك هو دمه الشريف ، وأي دم ؟ !

هذا الدم الطاهر لا تجعلوه تجارة ، ولا تستعملوه من أجل منصب فلان وفلان ! إنه رأس مال حق ، يجب أن يستفاد منه للحق . والحق ثلاث كلمات فقط ، الملك الحق : فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ . ( سورة طه : 114 ) ، والثانية الدين الحق : هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ . ( سورة التوبة : 33 ) ، والثالثة : السلام على الحق الجديد . صلوات الله عليه .

والنتيجة : أن عاشوراء يجب حصر إنفاقها في التعريف بالله تعالى ودينه ، وحجته إمام العصر صلوات الله عليه ، لأنه صاحبها عندما أريق دمه قال : بسم الله وبالله وفي سبيل الله . . بسم الله وبالله وفي سبيل الله . . فاستفيدوا من هذا الدم في سبيل الله ، لكي تروا خير الدنيا والآخرة ، ولا يكون أحدنا ممن : خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ . ( سورة الحج : 11 )

 

[1] حديث اللوح ، حديث عظيم ، وهو من معجزات نبينا صلى الله عليه وآله ، وهو كتاب من الله تعالى نزل به جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله ، في لوح أخضر كالزمرد مكتوب بنور أبيض . . وفيه بيان نعم الله تعالى على نبيه وتوجيهه إلى شكرها ، خاصة نعمته عليه في جعل الحكم والإمامة في ذريته . وله شبيه فيما أوحاه الله إلى نبيه موسى ونبيه عيسى صلى الله عليه وآله .

وفيما يلي خلاصة من عهد الله تعالى لموسى وعيسى صلى الله عليه وآله ، والنص الكامل لحديث اللوح الذي عهد به لنبيه محمد صلى الله عليه وآله :

عهد الله تعالى إلى نبيه موسى عليه السلام

في الكافي : 8 / 42 : ( عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن علي بن عيسى رفعه قال : إن موسى ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته :

يا موسى : لا يطول في الدنيا أملك فيقسو لذلك قلبك وقاسي القلب مني بعيد .

يا موسى : كن كمسرتي فيك فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى ، فأمت قلبك بالخشية وكن خلق الثياب جديد القلب ، تخفى على أهل الأرض ، وتعرف في أهل السماء ، حلس البيوت ، مصباح الليل ، واقنت بين يدي قنوت الصابرين ، وصُحْ إليَّ من كثرة الذنوب صياح المذنب الهارب من عدوه ، واستعن بي على ذلك ، فإني نعم العون ونعم المستعان .

يا موسى : إني أنا الله فوق العباد ، والعباد دوني ، وكل لي داخرون ، فاتهم نفسك على نفسك ، ولا تأتمن ولدك على دينك ، إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين .

يا موسى : اغسل واغتسل واقترب من عبادي الصالحين .

يا موسى : كن إمامهم في صلاتهم وإمامهم فيما يتشاجرون ، واحكم بينهم بما أنزلت عليك ، فقد أنزلته حكماً بيناً وبرهاناً نيراً ونوراً ، ينطق بما كان في الأولين ، وبما هو كائن في الآخرين .

أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم ، صاحب الأتان والبرنس ، والزيت والزيتون والمحراب .

ومن بعدِهِ بصاحب الجمل الأحمر ، الطيب الطاهر المطهر ، فمثله في كتابك أنه مؤمن مهيمن على الكتب كلها ، وأنه راكع ساجد راغب راهب ، إخوانه المساكين ، وأنصاره قوم آخرون ، ويكون في زمانه أزل وزلزال ، وقتل وقلة من المال . اسمه أحمد ، محمد الأمين ، من الباقين من ثلة الأولين الماضين ، يؤمن بالكتب كلها ، ويصدق جميع المرسلين ويشهد بالإخلاص لجميع النبيين . أمته مرحومة مباركة ما بقوا في الدين على حقائقه ، لهم ساعات مؤقتات يؤدون فيها الصلوات ، أداء العبد إلى سيده نافلته ، فبه فصدق ، ومنهاجه فاتبع فإنه أخوك .

يا موسى : إنه أمي وهو عبد صدق ، يبارك له فيما وضع يده عليه ، ويبارك عليه كذلك كان في علمي وكذلك خلقته ، وبه أفتح الساعة ، وبأمته أختم مفاتيح الدنيا ، فمر ظلمة بني إسرائيل أن لا يدرسوا اسمه ولا يخذلوه ، وإنهم لفاعلون ، حبه لي حسنة ، فأنا معه وأنا من حزبه وهو من حزبي وحزبهم الغالبون ، فتمت كلماتي لأظهرن دينه على الأديان كلها ، ولأعبدن بكل مكان ، ولأنزلن عليه قرآناً فرقاناً شفاءاً لما في الصدور من نفث الشيطان ، فصلِّ عليه يا ابن عمران ، فإني أصلي عليه وملائكتي . . . إلى آخر ما جاء في هذا العهد وهو طويل ) .

عهد الله تعالى إلى نبيه عيسى عليه السلام

في الكافي : 8 / 131 : ( عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط عنهم عليهم السلام قال : فيما وعظ الله عز وجل به عيسى عليه السلام :

يا عيسى أنا ربك ورب آبائك ، اسمي واحد ، وأنا الأحد المتفرد بخلق كل شئ ، وكل شئ من صنعي ، وكل إلي راجعون .

يا عيسى : أنت المسيح بأمري ، وأنت تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني ، وأنت تحيي الموتى بكلامي ، فكن إليَّ راغباً ، ومني راهباً ، ولن تجد مني ملجأ إلا إليَّ .

يا عيسى : أوصيك وصية المتحنن عليك بالرحمة حتى حقت لك مني الولاية بتحرِّيك مني المسرة ، فبوركت كبيراً ، وبوركت صغيراً حيثما كنت ، إشهد أنك عبدي ابن أمتي ، أنزلني من نفسك كهمِّك ، واجعل ذكري لمعادك ، وتقرب إليَّ بالنوافل ، وتوكل عليَّ أكفِكْ ، ولا توكَّل على غيري فأخذلك .

يا عيسى : إصبر على البلاء ، وارض بالقضاء ، وكن كمسرتي فيك ، فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى . يا عيسى : أحي ذكري بلسانك ، وليكن ودي في قلبك . يا عيسى : تيقظ في ساعات الغفلة ، واحكم لي لطيف الحكمة . يا عيسى : كن راغباً راهباً ، وأمت قلبك بالخشية . يا عيسى : راع الليل لتحري مسرتي ، واظمأ نهارك ليوم حاجتك عندي .

يا عيسى : نافس في الخير جهدك ، تعرف بالخير حيثما توجهت .

يا عيسى : أحكم في عبادي بنصحي ، وقم فيهم بعدلي ، فقد أنزلت عليك شفاءا لما في الصدور من مرض الشيطان . يا عيسى : لا تكن جليساً لكل مفتون .

يا عيسى : حقا أقول : ما آمنت بي خليقة إلا خشعت لي ، ولا خشعت لي إلا رجت ثوابي ، فاشهد أنها آمنة من عقابي ، ما لم تبدل أو تغير سنتي . . .

يا عيسى : إني لم أرض بالدنيا ثواباً لمن كان قبلك ، ولا عقاباً لمن انتقمت منه .

يا عيسى : إنك تفنى وأنا أبقى ، ومني رزقك ، وعندي ميقات أجلك ، وإليَّ إيابك ، وعليَّ حسابك ، فسلني ولا تسأل غيري ، فيحسن منك الدعاء ومني الإجابة .

يا عيسى : ما أكثر البشر وأقل عدد من صبر ، الأشجار كثيرة وطيبها قليل ، فلا يغرنك حسن شجرة حتى تذوق ثمرها .

يا عيسى : لا يغرنك المتمرد عليَّ بالعصيان ، يأكل رزقي ويعبد غيري ، ثم يدعوني عند الكرب فأجيبه ، ثم يرجع إلى ما كان عليه . فعليَّ يتمرد أم بسخطي يتعرض ؟ فبي حلفت لآخذنه أخذةً ليس له منها منجىً ولا دوني ملجىً ، أين يهرب من سمائي وأرضي ؟ !

يا عيسى : قل لظلمة بني إسرائيل لا تدعوني والسحت تحت أحضانكم ، والأصنام في بيوتكم ، فإني آليت أن أجيب من دعاني ، وأن أجعل إجابتي إياهم لعناً عليهم حتى يتفرقوا . . .

يا عيسى : كن رحيما مترحماً ، وكن كما تشاء أن يكون العباد لك ، وأكثر ذكر الموت ومفارقة الأهلين ، ولا تَلْهُ فإن اللهو يفسد صاحبه ، ولا تغفل فإن الغافل مني بعيد ، واذكرني بالصالحات حتى أذكرك . . .

يا عيسى : لا خير في لذاذة لا تدوم ، وعيش من صاحبه يزول .

يا ابن مريم لو رأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك وزهقت نفسك شوقاً إليه ، فليس كدار الآخرة دار تجاور فيها الطيبون ، ويدخل عليهم فيها الملائكة المقربون ، وهم مما يأتي يوم القيامة من أهوالها آمنون ، دار لا يتغير فيها النعيم ولا يزول عن أهلها .

يا ابن مريم : نافس فيها مع المتنافسين فإنها أمنية المتمنين ، حسنة المنظر ، طوبى لك يا بن مريم إن كنت لها من العاملين ، مع آبائك آدم وإبراهيم في جنات ونعيم ، لا تبغي لها بدلاً ولا تحويلاً ، كذلك أفعل بالمتقين .

يا عيسى : أهرب إليَّ مع من يهرب من نار ذات لهب ، ونار ذات أغلال وأنكال ، لا يدخلها روح ، ولا يخرج منها غم أبداً ، قطع كقطع الليل المظلم من ينج منها يفز ، ولن ينجو منها من كان من الهالكين ، هي دار الجبارين والعتاة الظالمين ، وكل فظ غليظ ، وكل مختال فخور . . .

يا عيسى : كنت خلقاً بكلامي ، ولدتك مريم بأمري ، المرسل إليها روحي جبرئيل الأمين من ملائكتي ، حتى قمت على الأرض حياً تمشي ، كل ذلك في سابق علمي . . .

يا عيسى : كيف يكفر العباد بي ونواصيهم في قبضتي ، وتقلبهم في أرضي ، يجهلون نعمتي ، ويتولون عدوي ، وكذلك يهلك الكافرون . . .

يا عيسى : إني إذا غضبت عليك لم ينفعك رضى من رضي عنك ، وإن رضيت عنك لم يضرك غضب المغضبين . يا عيسى اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي ، واذكرني في ملائك أذكرك في ملأ خير من ملأ الآدميين . . .

يا عيسى : كيف أنتم صانعون إذا أخرجت لكم كتاباً ينطق بالحق وأنتم تشهدون ، بسرائر قد كتمتموها ، وأعمال كنتم بها عاملين .

يا عيسى : قل لظلمة بني إسرائيل غسلتم وجوهكم ودنستم قلوبكم ، أبي تغترون ، أم علي تجترئون ، تطيبون بالطيب لأهل الدنيا ، وأجوافكم عندي بمنزله الجيف المنتنة ، كأنكم أقوام ميتون .

يا عيسى قل لهم : قلموا أظفاركم من كسب الحرام ، وأصموا أسماعكم عن ذكر الخنا ، وأقبلوا علي بقلوبكم ، فإني لست أريد صوركم .

يا عيسى : إفرح بالحسنة ، فإنها لي رضىً ، وابكِ على السيئة فإنها شيْن ، وما لا تحب أن يصنع بك فلا تصنعه بغيرك ، وإن لطم خدك الأيمن فأعطه الأيسر ، وتقرب إليَّ بالمودة جهدك ، وأعرض عن الجاهلين .

يا عيسى : ذُلَّ لأهل الحسنة وشاركهم فيها ، وكن عليهم شهيداً ، وقل لظلمة بني إسرائيل : يا أخدان السوء والجلساء عليه ، إن لم تنتهوا أمسخكم قردة وخنازير .

يا عيسى قل لظلمة بني إسرائيل : الحكمة تبكي فرقاً مني ، وأنتم بالضحك تهجرون ، أتتكم براءتي أم لديكم أمان من عذابي ، أم تعرضون لعقوبتي ، فبي حلفت لأتركنكم مثلاً للغابرين .

ثم أوصيك يا ابن مريم البكر البتول بسيد المرسلين وحبيبي ، فهو أحمد صاحب الجمل الأحمر ، والوجه الأقمر ، المشرق بالنور ، الطاهر القلب ، الشديد البأس ، الحيي المتكرم ، فإنه رحمة للعالمين ، وسيد ولد آدم يوم يلقاني ، أكرم السابقين عليَّ ، وأقرب المرسلين مني ، العربي الأمين ، الديان بديني ، الصابر في ذاتي ، المجاهد المشركين بيده عن ديني ، أن تخبر به بني إسرائيل وتأمرهم أن يصدقوا به ، وأن يؤمنوا به ، وأن يتبعون وأن ينصروه . قال عيسى : إلهي من هو حتى أرضيه ؟ فلك الرضا ؟

قال : هو محمد رسول الله إلى الناس كافة ، أقربهم مني منزلة ، وأحضرهم شفاعة ، طوبى له من نبي ، وطوبى لأمته إن هم لقوني على سبيله ، يحمده أهل الأرض ويستغفر له أهل السماء ، أمين ميمون طيب مطيب ، خير الباقين عندي ، يكون في آخر الزمان إذا خرج أرخت السماء عزاليها ، وأخرجت الأرض زهرتها ، حتى يروا البركة وأبارك لهم فيما وضع يده عليه ، كثير الأزواج ، قليل الأولاد ، يسكن بكة موضع أساس إبراهيم .

يا عيسى : دينه الحنيفية وقبلته يمانية ، وهو من حزبي وأنا معه ، فطوبى له ثم طوبى له ، له الكوثر والمقام الأكبر في جنات عدن ، يعيش أكرم من عاش ويقبض شهيداً ، له حوض أكبر من بكة إلى مطلع الشمس من رحيق مختوم ، فيه آنية مثل نجوم السماء وأكواب مثل مدر الأرض ، عذب فيه من كل شراب ، وطعم كل ثمار في الجنة ، من شرب منه شربة لم يظمأ أبداً ، وذلك من قسمي له وتفضيلي إياه على فترة بينك وبينة ، يوافق سره علانيته وقوله فعله ، لا يأمر الناس إلا بما يبدأهم به ، دينه الجهاد في عسر ويسر ، تنقاد له البلاد ، ويخضع له صاحب الروم . على دين إبراهيم ، يسمى عند الطعام ويفشي السلام ، ويصلي والناس نيام ، له كل يوم خمس صلوات متواليات ، ينادي إلى الصلاة كنداء الجيش بالشعار ، ويفتتح بالتكبير ويختتم بالتسليم ، ويصف قدميه في الصلاة كما تصف الملائكة أقدامها ، ويخشع لي قلبه ورأسه ، النور في صدره ، والحق على لسانه ، وهو على الحق حيثما كان ) .

حديث اللوح أو عهد الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله

في الكافي : 1 / 527 : ( عن محمد بن يحيى ومحمد بن عبد الله ، عن عبد الله بن جعفر عن الحسن بن ظريف وعلي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن بكر بن صالح ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاري إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها ؟ فقال له جابر : أي الأوقات أحببته ، فخلا به في بعض الأيام فقال له : يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وما أخبرتك به أمي أنه في ذلك اللوح مكتوب ؟ فقال جابر : أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فهنيتها بولادة الحسين ورأيت في يديها لوحا أخضر ، ظننت أنه من زمرد ورأيت فيه كتاباً أبيض ، شبه لون الشمس ، فقلت لها : بأبي وأمي يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذا اللوح ؟ فقالت : هذا لوح أهداه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الأوصياء من ولدي وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك ، قال جابر فأعطتنيه أمك فاطمة عليها السلام فقرأته واستنسخته ، فقال له أبي : فهل لك يا جابر : أن تعرضه علي ؟ قال : نعم ، فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رق ، فقال : يا جابر انظر في كتابك لأقرأ عليك .

فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي ، فما خالف حرف حرفاً ، فقال جابر : فأشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوباً :

( بسم الله الرحمن الرحيم . هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين . عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي ، إني أنا الله إله إلا أنا قاصم الجبارين ومديل المظلومين وديان الدين . إني أنا الله لا إله إلا أنا ، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي ، عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين . فإياي فاعبد ، وعليَّ فتوكل .

إني لم أبعث نبياً فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصياً ، وإني فضلتك على الأنبياء وفضلت وصيك على الأوصياء ، وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين ، فجعلت حسناً معدن علمي ، بعد انقضاء مدة أبيه . وجعلت حسيناً خازن وحيي ، وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة ، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة ، جعلت كلمتي التامة معه وحجتي البالغة عنده ، بعترته أثيب وأعاقب .

أولهم علي سيد العابدين وزين أوليائي الماضين ، وابنه شبه جده المحمود محمد ، الباقر علمي ، والمعدن لحكمتي .

سيهلك المرتابون في جعفر ، الراد عليه كالراد علي ، حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر ، ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه .

أتيحت بعده موسى فتنة عمياء حندس ، لأن خيط فرضي لا ينقطع ، وحجتي لا تخفى ، وإن أوليائي يسقون بالكأس الأوفى ، من جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي ، ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي .

ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في علي وليي وناصري ، ومن أضع عليه أعباء النبوة ، وأمتحنه بالاضطلاع بها ، يقتله عفريت مستكبر ، يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح ، إلى جنب شر خلقي .

حق القول مني لأسرنه بمحمد ابنه ، وخليفته من بعده ، ووارث علمه ، فهو معدن علمي ، وموضع سري ، وحجتي على خلقي لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه ، وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار .

وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري ، والشاهد في خلقي ، وأميني على وحيي .

أخرج منه الداعي إلى سبيلي ، والخازن لعلمي ، الحسن .

وأكمل ذلك بابنه " م ح م د " رحمة للعالمين ، عليه كمال موسى ، وبهاء عيسى ، وصبر أيوب ، فيذل أوليائي في زمانه ، وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم ، فيقتلون ويحرقون ، ويكونون خائفين ، مرعوبين وجلين ، تصبغ الأرض بدمائهم ، ويفشو الويل والرنا في نسائهم ، أولئك أوليائي حقاً ، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس ، وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والأغلال ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ، وأولئك هم المهتدون .

قال عبد الرحمن بن سالم : قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك ، إلا هذا الحديث لكفاك ، فصنه إلا عن أهله ) . انتهى .

ورواه ابن بابويه في الإمامة والتبصرة ص 104 ، والصدوق في عيون أخبار الرضا : 2 / 49 ، وفي كمال الدين ص 310 ، والنعماني في الغيبة ص 64 ، والطوسي في الغيبة ص 145 ، والطبرسي في الإحتجاج : 1 / 85 ، وابن شهرآشوب في المناقب : 1 / 255 ، وغيرهم رضوان الله عليهم .

[2] في كامل الزيارات ص 225 : ( حدثني القاسم بن محمد بن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد الله بن حماد الأنصاري ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله يقول : قبر الحسين عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً مكسراً ، روضة من رياض الجنة ، منه معراج إلى السماء . فليس من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله تعالى أن يزور الحسين ، ففوج يهبط وفوج يصعد ) ! !

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي