الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الأم وتربية الطفل
المؤلف: محمد تقي فلسفي
المصدر: الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب
الجزء والصفحة: ص 214 ــ 215
2024-02-14
973
إن الأم أو المربية، وبهدف تربية الطفل، تقوم دائماً بمنع الطفل من إلحاق الأذى ببقية الأطفال، وتقف بوجه تصرفاته التخريبية. وبالتدريج فإن هذه النصائح المستمرة تترك أثراً في نفسية الطفل، وبعد مدة يكف عن إنزال الأذى برفاقه الأطفال، ولكن غريزة التخريب والهجوم تبقى في باطنه بصورة فعالة وتطالب بإرضائها.
ويكبر الطفل، يخرج من الغرفة إلى ساحة البيت والحديقة، فيوجه غريزة تخريبه إلى المزروعات والحيوانات، فيكسر أغصان الأشجار، ويفتت الأزهار ويوجه الماء إلى حفر النمل، ويفرح للإختلال الذي يحدثه في حياتها، ويدمر أعشاش العصافير، ويضرب جراء الكلاب والقطط الصغيرة، وبهذه الأعمال فإنه يشبع لديه غريزة التخريب والهجوم.
ويواجه الأطفال في أعمالهم هذه تحذيرات الكبار ولومهم، من تعنيف الوالدين إلى المربية والفلاح والخادم وبقية الأفراد، فهم يلومونهم، ويمنعونهم من تكرار هذه الأعمال القبيحة والمنافية للتربية والأخلاق.
إن التحذيرات العنيفة والتوبيخ المكرر للكبار أمور تؤثر في الصغار، وبالتدريج يبدأون بوعي قبح أعمالهم، وبعد مدة يفهمون أنهم لا يستطيعون، بهذه الأعمال التخريبية، إشباع ميولهم وطلباتهم النفسية، لذا يجبرون على تركها، ولكن غريزة التخريب والهجوم تبقى في بواطنهم يقظة، متحركة نحو الهجوم والتخريب.
الشاب وغريزة الهجوم.
يكبر الطفل، ويصل إلى مرحلة البلوغ والشباب، ويدخل إلى المجتمع وتتفتح لديه غريزة التخريب والهجوم أكثر مما مضى، ويكون أكثر استعدادا للاشتباكات والشجار، والإرباك والتدمير، والأعمال الهجومية الاخرى، ولكنه قدر الإمكان، لا يندفع نحو الأعمال التخريبية، لأنه يشعر بأنه فرد مسؤول في المجتمع، وأنه إذا قام بعمليات تخريب وهجوم فإنه سيواجه المحاكم القضائية والقوانين الجزائية، ولهذا فإنه يضطر إلى الإبتعاد عن تنفيذ مطالب غريزته.
خلال السنوات الطويلة، وإثر ضغوط التربية العائلية والرقابة الإجتماعية والقوانين، فإن غريزة التخريب والهجوم بدأت تقمع، وتبعد عن الظهور العلني، وهذا لا يعني ان الغريزة تزول وتندثر، وإنما تغير مكانها إلى الضمير الباطني، في انتظار الفرصة المناسبة، فإذا اتيحت الظروف المناسبة والموافقة فإنها تقوم بنشاطها وفعالياتها وتحريكاتها التخريبية مرة أخرى.
إن من يعشق الرئاسة، ويريد إشباع تعطشه للسلطة والتحكم بالآخرين، فإنه يقوم بنشاطات توصله لهذا الهدف، إن لم يصطدم بحواجز مانعة تمنعه من إشباع غريزته وإذا ما اعترضه عارض فإنه يتضايق، ويغضب ويقوم بالصراع، ولا يدع سبيلا إلا سلكه للوصول إلى الجلوس على كرسي الرئاسة.