x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء

الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية

الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية

علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت

الفيزياء الحديثة

النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية

الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي

فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد

الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر

علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء

المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة

الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات

الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

طرائق تدريس الفيزياء

الفيزياء العامة

مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى

مخفي الفيزياء

أسرار قوس قزح

المؤلف:  والتر لوين ووارن جولدستين

المصدر:  في حب الفيزياء

الجزء والصفحة:  ص93–100

2024-01-07

551

كثير جدا من العجائب الصغيرة التي تزخر بها حياتنا اليومية – وهي أمور أحيانًا تكون مذهلة جدا – تمر دون أن نلاحظها غالبًا، وذلك مرده إلى أننا لم نتعلم جيدا كيفية رؤيتها. أذكر أنني، ذات صباح منذ أربعة أو خمسة أعوام، بينما كنت أحتسي قهوتي الإسبريسو الصباحية جالسًا على مقعدي المفضل طراز ريتفيلت ذي اللونين الأحمر والأزرق، لفت انتباهي فجأةً شكل جميل، ألفته نقاط ضوئية مستديرة، سلطت على الجدار من بين الظلال المتراقصة التي تعكسها أوراق شجرة خارج النافذة. أبهجني مرأى هذه الأضواء المتراقصة، حتى إن عيناي قد برقتا. لا أدري كيف لاحظت زوجتي سوزان، ولكنها بما تتمتع به من دهاء سألتني عما هناك.

أجبتها بسؤال، وأنا أشير إلى دوائر الضوء: «أتعلمين ما هذا؟ أتدركين لماذا يحدث ذلك؟» ثم شرحتُ لها الأمر: قد تظنين أن الضوء لا بد وأنه سيسلط وميضا على الجدار لا دوائر، أليس كذلك؟ لكن كل فرجة من الفرجات الصغيرة التي بين أوراق الأشجار تقوم مقام الغرفة المظلمة بالكاميرا ذات الثقب، وهي الكاميرا التي تعيد إنتاج صورة لمصدر الضوء الذي هو الشمس في حالتنا هذه مهما كانت الأشكال التي تتخذها الفرجات التي ينفذ الضوء منها، فطالما أنها فتحات صغيرة نجد شكل مصدر الضوء نفسه يتجسد على الجدار. لذلك، عند حدوث الكسوف الشمسي الجزئي، لا أجد ضوء الشمس النافذ عبر نافذتي يشكل دوائر كما هو معتاد وإنما أجد تلك الدوائر منقوصة بعض الشيء؛ لأن شكل الشمس قد اقتطع منه جزء. أدرك أرسطو ذلك منذ أكثر من ألفي عام. ولشدّ ما أسعدتني رؤية نقاط الضوء تلك في غرفة نومي، فهي تُظهر خواص الضوء المذهلة.

الحقيقة أن التأثيرات الرائعة لفيزياء الضوء موجودة أينما نظرنا، وأحيانًا نجدها في أكثر المشاهد الحياتية اعتيادية، وأحيانًا في أجمل المخلوقات الطبيعية. فلنتأمل أقواس قزح على سبيل المثال، إنها من الظواهر المدهشة العجيبة. من العلماء العظام – مثل ابن الهيثم العالم والرياضي المسلم المعروف بأبي البصريات الذي عاش في القرن الحادي عشر، وكذلك الفيلسوف والرياضي والفيزيائي الفرنسي رينيه ديكارت، بل والسير إسحاق نيوتن نفسه – من رآها ظاهرة آسرة وحاول تفسيرها. ورغم هذا أجد كثيرًا من معلمي الفيزياء يتجاهلونها في صفوفهم الدراسية، لا أكاد أصدق ذلك، بل إنه يرقى في نظري إلى درجة الإجرام.

لا أقصد بالطبع أن فيزياء قوس قزح أمر بسيط، ولكن ماذا لو كان معقدًا؟ كيف لنا أن نرفض تناول أمر يثير خيالنا أيما إثارة؟ كيف لنا ألا نرغب في سبر أغوار ذلك اللغز المتواري وراء ما في تلك المخلوقات البديعة من جمال داخلي؟ لطالما أحببتُ أن أحاضر عن أقواس قزح، وكنتُ دائمًا أقول لطلابي «في نهاية هذه المحاضرة لن تعود حياة أي منكم كما كانت أبدًا». وذات الأمر ينطبق عليك أيها القارئ. يداوم بعض من طلابي السابقين، وغيرهم ممن يشاهدون محاضراتي عبر الشبكة العنكبوتية، على إرسال صور لأقواس قزح وغيرها من الظواهر الجوية على مدى عشرات السنين عبر البريد العادي أو البريد الإلكتروني، مما جعلني أشعر كما لو أن لدي شبكة من مستكشفي أقواس قزح منتشرة عبر أرجاء العالم. بعض تلك الصور التقطت مذهلة – وخاصة تلك التي من شلالات نياجرا، والتي يظهر بها قدر كبير من رذاذ الماء الذي يجعل انحناءات القوس خلابة المنظر.

لا شك أنك شاهدت المئات أو العشرات على الأقل من أقواس قزح على مدى حياتك. وإن كنتَ قضيتَ بعض الوقت في فلوريدا أو هاواي أو في أي من المناطق الاستوائية، حيث يكثر هطول الأمطار الغزيرة والشمس ساطعة، فلا شك أنك قد شاهدت المزيد منها. وإذا كنت تروي حديقتك بخرطوم مياه أو عن طريق الرشاشات والشمس ساطعة، فالأرجح أنك ستشكل أقواس قزح.

الغالب الأعم منا قد «نظر» إلى الكثير من أقواس قزح، لكن القليلين منا «رأوا» تلك الأقواس كانت تلك الأقواس تسمى في الميثولوجيا القديمة بأقواس الآلهة، وكانت تعتبر جسورًا أو طرقًا بين بيوت الفانين والآلهة ومن أشهر الأساطير الغربية أقواس قزح، تلك التي في الكتاب العبري والتي تقول بأنها تمثل وعد الرب بألا يرسل طوفانًا إلى الأرض فيدمر كل ما عليها مرة أخرى، كما جاء فيه: «وضعت قوسي في السحاب». مما يضفي على أقواس قزح سحرًا، أنها واسعة الامتداد وتنتشر بجلال وبشكل سريع الزوال عبر السماء بكاملها. لكن كما هو الحال عادة في الفيزياء، تقبع أصولها في أعداد كبيرة جدا من أشياء دقيقة بشكل استثنائي، ألا وهي كرات مائية صغيرة جدا، أحيانًا يبلغ قطر الواحدة منها أقل من ملليمتر واحد (1/25 من البوصة الواحدة)، تسبح في السماء.

ورغم جهود العلماء على مدى ألف عام على الأقل في محاولة تفسير أصول أقواس قزح، كان إسحاق نيوتن هو الذي قدم أول تفسير مقنع للظاهرة؛ وكان هذا في كتابه «البصريات» الذي أصدره عام 1704. أدرك نيوتن حقائق متعددة في وقت واحد وكلها أمور جوهرية في حدوث ظاهرة أقواس قزح. فقد برهن أولا على أن الضوء الأبيض العادي مؤلف من جميع الألوان كنتُ سأقول (مؤلف من جميع ألوان قوس قزح لكننا بهذا سنستبق الأمور). ثم استطاع عن طريق كسر (حني) شعاع الضوء مستخدمًا منشورًا زجاجيًّا أن يحلله إلى الألوان المؤلّفة له. ثم استخدم منشورًا آخر ليمر به الضوء المنكسر فيجمع الألوان مرة أخرى لتعود وتؤلف شعاع الضوء الأبيض مرة أخرى، مثبتا أن المنشور ليس هو ما يُشكل الألوان من تلقاء نفسه بشكل أو بآخر. كما أدرك أن الكثير من المواد الأخرى تستطيع كسر الضوء، ومن بينها الماء. ومن أدرك أن قطرات الماء التي تكسر الضوء وتعكسه هي المسؤولة عن إنتاج أقواس قزح.

وهكذا أصاب نيوتن في استنتاجه أن قوس قزح الذي يشق السماء ما هو إلا نتاج تضافر ناجح بين الشمس وأعداد لا حصر لها من قطرات المطر، وعيناك اللتان لا بد لهما أن تريا قطرات المطر تلك من الزوايا الصحيحة ولكي نفهم كيف تنتج قطرة المطر لا بد لنا أن نركز انتباهنا على ما يحدث عندما يدخل شعاع الضوء في القطرة. لكن تذكر أن كل ما سأقول عن قطرة المطر الضئيلة تلك ينطبق حقيقة على القطرات التي لا حصر لعددها، والتي تؤلف قوس قزح.

لكي ترى قوس قزح لا بد أن تتوفر لديك ثلاثة شروط؛ أولا لا بد أن تكون الشمس وراءك. ثانيًا: لا بد أن تكون هناك قطرات مطر في السماء أمامك على مسافة قد تصل إلى كيلومترات وقد تقتصر على بضع مئات الأمتار. ثالثا: لا بد أن يتمكن ضوء الشمس من الوصول إلى قطرات المطر دونما أي عائق، كالسحب مثلا.

عندما يدخل شعاع الضوء قطرة المطر وينكسر، تتفرق الألوان المكونة له. يكون الضوء الأحمر هو الأقل انكسارا، أو انحناء، في حين يكون الضوء القرمزي هو الأكثر انكسارا. جميع هذه الأشعة الملونة تواصل التحرك تجاه مؤخرة قطرة المطر. بعضها يواصل مسيره ويخترق القطرة بينما يرتد بعضها الآخر أو ينعكس بزاوية ما تجاه مقدمة قطرة المطر. بل إن بعض الأشعة الضوئية تنعكس أكثر من مرة، لكن هذا ستتضح أهميته لاحقا. أما الآن فإن الضوء الذي نهتم به هو ذلك الذي ينعكس مرة واحدة فقط. وعندما يخرج الضوء من مقدمة قطرة المطر ينكسر مرة أخرى مما يزيد من تشتت الأشعة الملونة.

بعد أن ينكسر ضوء الشمس وينعكس، ثم ينكسر مرة أخرى وهو يتخذ طريقه إلى خارج قطرة المطر، يصير اتجاهه معكوسا. من أهم الأسباب وراء رؤيتنا لأقواس قزح أن الضوء الأحمر يخرج من قطرة المطر بزوايا دائمًا ما تكون أصغر بـ 42 درجة من الاتجاه الأصلي لشعاع الضوء الداخل إلى القطرة. يسري ذلك على جميع قطرات المطر، وذلك مرده إلى أن الشمس من الناحية العملية تبعد عنا مسافة سحيقة بشكل لا حدود له. وتلك الزاوية التي يتخذها الضوء الأحمر في خروجه تتراوح ما بين صفر و42 درجة، غير أنها لا تتجاوز 42 درجة أبدًا. لكن هذا الحد الزاوي الأقصى يتباين من لون إلى آخر. فللون القرمزي تُحدد الزاوية القصوى بـ 40 درجة. وهذا التباين في الحدود القصوى للزوايا في كل لون من الألوان هو الذي تعزى إليه خطوط الألوان في قوس قزح.

توجد طريقة سهلة لملاحظة قوس قزح متى تهيأت الظروف لذلك. كما يظهر في الشكل التالي، لو تتبعتُ الخط الممتد من الشمس عبر رأسي إلى نهاية ظلي على الأرض، فإن هذا الخط تحديدا يوازي اتجاه شعاع الضوء المتجه من الشمس إلى قطرات المطر. وكلما ازداد علو الشمس في السماء ازداد انحدار ذلك الخط وازداد قصر ظلي. كما أن العكس مهم. فذلك الخط القادم من الشمس عبر رأسي إلى ظلي الذي على الأرض سنسميه الخط التخيلي. هذا الخط مهم جدا إذ إنه ينبئك بالموضع الذي عليك أن تنظر إليه في السماء كي ترى قوس قزح.

جميع قطرات المطر التي تقع بزاوية 42 درجة من «الخط التخيلي» ستكون حمراء. وتلك التي تسقط بزاوية 40 درجة ستكون زرقاء. أما الأخرى التي تسقط بزاوية أقل من 40 درجة فستكون بيضاء (كضوء الشمس). لكننا لن نرى أي ضوء من القطرات التي تسقط بزوايا أقل من 42 درجة (انظر النص).

 

إذا ابتعدت بنظرك. عن ذلك الخط المتخيل بدرجة 42 درجة – سواء أكان ذلك تجاه اليمين أم تجاه اليسار، لا فرق في ذلك – فسترى هنا الحزام الأحمر في قوس قزح. وعند الدرجة 40 بعيدا عن الخط المتخيل ستجد الحزام القرمزي في قوس قزح. لكن الحقيقة أنه تصعب رؤية اللون القرمزي في قوس قزح، لذا فستراه أزرق. ولهذا من الآن فصاعدا سوف نسميه اللون الأزرق أليست تلك هي ذات الزوايا التي ذكرتها سابقا عندما تكلمتُ عن الحد الأقصى للزوايا التي يتخذها الضوء وهو يخرج من قطرة المطر؟ نعم هي، ليس في الأمر صدفة انظر إلى الشكل مرة أخرى.

ماذا عن الشريط الأزرق في قوس قزح؟ تذكر رقمه السحري الذي يبلغ 40 درجة، أي يقل عن الشريط الأحمر بمقدار درجتين. وهكذا فإننا قد نجد الضوء الأزرق ينكسر ثم ينعكس ثم ينكسر مرة أخرى خارجًا من عدد من قطرات المطر بزاوية لا يتعدى حدها الأقصى 40 درجة. ولذلك نرى نحن الضوء الأزرق منحرفًا عن الخط التخيلي بزاوية مقدارها 40 درجة. وبما أن الشريط ذا الـ 40 درجة أقرب إلى الخط المتخيل من نظيره ذي الـ 42 درجة، فإن الشريط الأزرق لا بد أن يكون تحت الشريط الأحمر في قوس قزح. أما بقية الألوان المكونة للقوس – البرتقالي والأصفر والأخضر – فهي تقع بين الشريطين الأحمر والأزرق.

لعلك الآن تتساءل: عند الزاوية القصوى للضوء الأزرق هل نرى الضوء الأزرق فقط؟ على كل حال فالضوء الأحمر أيضًا ينبعث عند زاوية الـ 40 درجة؛ لأنها أقل من 42 درجة. لو سألت ذلك السؤال فلتعلم أنه سؤال ذكي جدا. والإجابة هي أنه عند الزاوية القصوى لأي لون من الألوان، يهيمن ذلك اللون على أي لون آخر. لكن اللون الأحمر وحده لا ينازعه أي لون آخر في زاويته؛ لأنه الأعلى حدا. لكن لماذا تتخذ تلك الظاهرة شكل قوس وليس خطا مستقيما؟ ارجع مرة أخرى إلى ذلك الخط المتخيل الذي يمتد من عينيك إلى ظل رأسك، وإلى الرقم السحري 42 درجة. إنك عندما تقيس 42 درجة – في جميع الاتجاهات – بعيدا عن الخط المتخيل، تجد نفسك تتبع قوسًا مؤلفًا من الألوان. لكنك تعلم أنه ليست أقواس قزح كلها أقواسًا كاملة وإنما قد يقتصر بعضها على شذرات صغيرة في السماء. يحدث ذلك عندما لا توجد قطرات مطر كافية في جميع اتجاهات السماء، أو عندما تقع أجزاء معينة من قوس قزح خلف سحب عائقة.

كما أن هنالك ملمحا مهما آخر من ملامح هذا التضافر بين الشمس وقطرات المطر وعينيك، وهذا الملمح ما إن تراه فستدرك الكثير عن السبب في كون أقواس قزح – الطبيعي منها والصناعي – على ما هي عليه. فمثلا لماذا نجد بعضها هائل الحجم بينما البعض الآخر نجده بالكاد يظهر في الأفق؟ وما أسباب تكوّن أقواس قزح تلك التي تراها عند ركوب الأمواج أو في النافورات أو شلالات المياه أو حتى عندما تروي حديقة منزلك بخرطوم المياه؟

لنرجع مرة أخرى إلى ذلك الخط التخيلي الذي يمتد من عينيك إلى ظل رأسك. ذلك الخط يبدأ من الشمس وراءك، ويمتد إلى الأرض. لكنك تستطيع أن تتخيل ذلك الخط يمتد إلى الحد الذي تريد بل قد تجعله يتجاوز ظل رأسك. هذا الخط التخيلي ذو فائدة عظيمة بالفعل، وذلك لأنك تستطيع أن تتخيله يخترق مركز دائرة ما (والذي يسمى النقطة المعاكسة للشمس) تقع في محيط قوس قزح. تمثل تلك الدائرة الموقع الذي سوف يتكون فيه قوس قزح إذا لم يعترض سطح الأرض طريقه. وموقع قوس قزح، ارتفاعا وانخفاضًا في الأفق، يعتمد على علو الشمس وانخفاضها في السماء. عندما ترتفع الشمس جدًّا في السماء لا نجد قوس قزح يرتفع عن الأفق إلا طفيفا، أما في وقت متأخر من فترة العصر قبل الغروب مباشرة، أو عقب الشروق مباشرة عندما يستطيل ظلك فحينها يصير قوس قزح هائل الحجم، يعلو حتى يكاد يغطي منتصف الأفق. لماذا منتصف الأفق؟ لأن الحد الأقصى للزاوية التي تعلو فوق الأفق هو 42 درجة أي زاوية مقاربة لـ 45 درجة والتي هي نصف الـ 90 درجة التي تقع فوق رؤوسنا.

إذن كيف لك أن تفتش عن قوس قزح في السماء؟ أولا عليك أن تثق في غرائزك التي تتنبأ بوقت تكون قوس قزح. فالغالب الأعم منا يمتلك قدرة حدسية على ذلك وهذه الأوقات هي وقت سطوع الشمس قبل حدوث العواصف المطرية مباشرة، أو وقت سطوعها عقب العاصفة مباشرة أو عندما يهطل مطر خفيف مع استطاعة ضوء الشمس الوصول إلى قطرات المطر.

عندما تستشعر عاصفة مثل تلك قادمة فإليك ما يجب أن تفعل. أولا، أدر ظهرك إلى الشمس. ثم ابحث عن ظل رأسك وانظر بزاوية 42 درجة في أي اتجاه مبتعدا عن الخط التخيلي. إذا توافر القدر الكافي من ضوء الشمس ولو توافر ما يكفي من قطرات المطر، فلسوف ينجح هذا التضافر ولسوف ترى القوس الملون.

هب أنك لم تتمكن من رؤية الشمس على الإطلاق، فلعلها كانت متوارية خلف غيوم أو مبان لكن كان من الجلي أنها ساطعة طالما لم تتوسط الغيوم بين الشمس وقطرات المطر، فسيظل بإمكانك رؤية قوس قزح. فإنني أستطيع رؤية أقواس قزح في نهاية فترة العصر من غرفة معيشة منزلي وأنا أواجه الشرق مع أنني لا أرى الشمس التي تكون في الغرب. والحقيقة أنك لا تحتاج في غالب الأحيان إلى الخط التخيلي وإلى حيل الـ 42 درجة كي تحدد مكان قوس قزح، إلا أنه في موقف واحد قد يؤدي الإنتباه إلى هذين الأمرين معًا إلى حدوث فارق كبير. يروق لي أن أسير على شاطئ جزيرة بلام في ساحل ماساتشوستس في أواخر فترة العصر تكون الشمس جهة الغرب ويكون المحيط جهة الشرق. لو ارتفعت الأمواج بشكل كاف وأنتجت الكثير من قطرات الماء الصغيرة، فستعمل هذه النقاط المائية الصغيرة عمل قطرات المطر، ويتسنى لك حينها أن ترى قطعتين صغيرتين من قطع قوس قزح واحدة منهما عند 42 درجة جهة اليسار من الخط المتخيل والأخرى عند 42 درجة إلى يمينه. قوسا قزح هذان لا يستمران إلا لجزء من الثانية، ولذلك فمعرفة الموضع الذي تبحث فيه عنهما مسبقا ستساعدك كثيرًا. ومع توالي موجات المياه ستنجح في رؤية أقواس قزح لو تحليت بقدر من الصبر.

إليك هذا الأمر الآخر الذي تستطيع أن تجربه في المرة القادمة التي تحاول فيها إيجاد قوس قزح أذكر نقاشنا حول الحد الأقصى للزاوية التي لا يستطيع شعاع ضوئي ما أن يتجاوزه عند انكساره خارجًا من قطرة المطر؟ لكن رغم أنك سترى الألوان الأزرق أو الأحمر أو الأخضر خارجة من بعض قطرات المطر، فإن القطرات نفسها ليست انتقائية إلى هذا الحد؛ فهي تكسر وتعكس ثم تكسر الكثير من الاشعة الضوئية بزوايا تقل عن 40 درجة أيضًا. ذلك الضوء هو مزيج من جميع الألوان المختلفة ذات الكثافات المتساوية تقريبًا، وهو ما يجعلنا نراه ضوءًا أبيض. ولذلك نجد السماء بيضاء لامعة تحت الشريط الأزرق. وفي الوقت ذاته ليس هناك من الضوء الذي ينكسر وينعكس ثم ينكسر مرة أخرى ما يستطيع أن يخرج من قطرة المطر متخذا زاوية تزيد عن الـ 42 درجة ومن ثم نجد السماء خارج قوس قزح أكثر ظلمة منها داخله. يكون هذا التأثير في أوضح صوره إذا قارنت سطوع السماء على كلّ من جانبي قوس قزح. لكنك لن تلحظه إذا لم تبحث عنه على وجه التحديد.