الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
تكوين الأخلاق على أساس القيم
المؤلف: الشيخ محمد تقي فلسفي
المصدر: الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة: ج2 ص45ــ47
2023-07-28
1259
ثمة علاقة مباشرة بين تكوين أخلاق البالغين حديثاً والشبان وصفاتهم الشخصية وبين أسلوب تفكيرهم وتقييمهم للأشياء ، إذ تتكون اخلاقهم وطبائعهم بما يتناسب وتلك القيم. فالشبان يسعون إلى إيجاد نوع من التوافق بين أخلاقهم وصفاتهم والأشياء التي تكون حسب رأيهم ذات قيمة ، وطبيعي أن تؤثر الأشياء في تكوين أخلاق الشاب ونمو شخصيته ، كل حسب قيمتها لديه.
فالشاب الذي يعتبر العلم والدين هما الأكثر قيمة في هذه الحياة ، يسعى إلى بناء أفكاره وأخلاقه على أساسهما ، ويحاول أن يكتسب الصفات التي تتلائم وتحصيل العلم والإلمام بأمور الدين .
أما الشاب الذي يعتبر أن للثروة والمال أو التجمل والتزين أو الرياضة قيمة ولا أسمى في هذه الحياة ، فتراه يسعى لأجلها ، ويحاول أن يكتسب من الصفات ما يتناسب وأهدافه .
لقد عبر الباري سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن قيم الحياة بكلمة «زينة» ، وجعلها وسيلة اختبار وامتحان لعباده، ليعرف ايهم احسن عملا .
قال عز اسمه : {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: 7].
إن مصدر نجاح أو فشل الناس بشكل عام والشباب بشكل خاص وتقدمهم أو تخلفهم، وسعادتهم أو تعاستهم، هو زينة الحياة وقيمها وطبيعتها وكميتها.
فمن يسعى عبر الطرق المشروعة وبالمقدار الصحيح إلى الاستفادة من زينة الحياة وقيمها ، فإنه يبني لنفسه شخصية تليق به ، ويعيش حياته بهناء وسعادة ، ويكون من الأخيار الصالحين .
ومن يحاول التهرب من أداء الواجب والقيام بالمسؤوليات المشروعة نتيجة ضعفه أو تقاعسه ، ولا يبالي لقيم الحياة التي تعتبر أساس سعادة الإنسان ، فإنه يبني لنفسه شخصية مهزوزة فاشلة ، ويعيش حياته بشقاء وتعاسة حتى يرحل عن هذه الدنيا.
أما ذلك الإنسان الذي يدفعه حب الحرص والشهوة والغرور والأنانية إلى الإتيان بالمحرمات والرذائل لتحقيق أهدافه ، فإنه يفسد شخصيته ، ويلوث نفسه بصفات ذميمة ، ويصبح منبوذاً في مجتمعه ، ويقضي حياته في الرذيلة والشقاء ، ويكون من الفاسدين البائسين ، وهذا كله يدخل في إطار اختبار الله سبحانه وتعالى لعباده .
إذن، فمرحلة البلوغ والشباب هي مرحلة الاهتمام الشديد بقيمة الأشياء وزينة الحياة المادية والمعنوية بالنسبة للبالغين حديثاً والشباب ، ولهذا فإن أخلاقهم وشخصيتهم تنمو وتتوسع على أساس هذه القيم . وينبغي على الشباب أن يعلموا أن الصفات التي يكتسبونها خلال هذه المرحلة سواء كانت حميدة أم ذميمة ، لها أثرها البالغ في سعادتهم أو شقائهم .
«يستيقظ مفهوم القيم لدى الأطفال باكراً ولكن دون تحديد الجوانب ، ويبدأ هذا المفهوم الذي يكون على شكل رغبة أو امنية لدى الطفل بالتوسع تدريجياً في حدود سن الخامسة عشرة ، ويكون الشاب حساساً جداً تجاه القيمة التي يوليها للأشياء والأعمال والأشخاص حسب مصالحه الشخصية وأفكاره ، فالتحية التي يلقيها على شخص ما تخرج عن كونها مجرد عادة، حيث يعطيها قيمة معينة ، وفي العالم الذي يوجده الشباب لأنفسهم ، يبدأون بإرساء قواعد عالم القيم إلى جانب دنيا العلم والمعرفة ، فيحددون القيم حسبما يرتأونها ، فتصبح ذات تأثير كبير في تنظيم سلوكهم وتحديد معتقداتهم»(1) .
«ونتيجة لاستجابة الفرد لنداء القيم يتم تحديد موقعه من الشخصية ، فهذه القيم تولد في نفسه جهازاً منتظماً ، وبهذا نستطيع أن ندرك المفهوم الأخلاقي للفرد الذي تشكل شخصيته الاجتماعية مظهره الخارجي»(2).
__________________________
(1 و 2) ماذا أعرف ؟ ، البلوغ، ص 111 و 120 .