x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : العقائد في القرآن : أصول : المعاد :

برهان على المعاد وإحياء الموتى

المؤلف:  الشيخ عبدالله الجوادي الطبري الاملي

المصدر:  تسنيم في تفسير القران

الجزء والصفحة:  ج5 ص226 - 236

2023-07-24

750

يقول تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 73]

يستشف من هذه الجمل أنَّ اتخاذ هذا الأسلوب في مجال فصل الخصومة وتشخيص القاتل (مع وجود طرق أخرى عديدة) كان لإقامة برهان ـ عن هذا الطريق ـ على المعاد وقدرة الله سبحانه وتعالى على إحياء الموتى يوم القيامة. فإذا شاهد الإنسان المتعقل أن الحياة تعود إلى الميت بإرادة من الله (عز وجل) بواسطة ضربه بميت آخر فلن ينتابه العجب إطلاقاً من دعوى الأنبياء فيما يخص المعاد وإحياء الموتى بأمر من الله (عز وجل)؛ كما أن الإنسان العاقل عندما يشاهد كيفية إفشاء الله لبعض الأسرار في هذه الدنيا وكيف أنه سبحانه وتعالى فضح ما أصر بنو إسرائيل على كتمانه فهو لن يندهش أبدأ عندما يعرف القرآن الكريم يوم القيامة على أنه ظهور جميع الأسرار: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9]، {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 42] ولن ينكر ذلك. هذا علاوة على إرشاده إلى التوحيد الربوبي وقدرة الله عز وجل.

ويفهم مما مر أن المقصود من «الآية» في عبارة: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} [غافر: 13] هو علامات التوحيد والمعاد وأن متعلق الآية في عبارة: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 73] هو الآيات الحاكية عن كون الله قادراً ومحيياً. بالطبع فإنه بثبوت الآية والمعجزة يثبت الوحي والنبوة والرسالة على أفضل وجه؛ كما أن احتمال تقييد وعقال المآرب والغرائز والنأي عن أي خطيئة وجرم قابل للاندراج تحت الجامع الانتزاعي للعقل والتعقل.

ملاحظة: لقد تم في قصة ذبح البقرة المعهودة نفي جميع الاحتمالات التي يمكن أن تؤثر في جعل الحادثة غير إعجازية؛ فمثلاً إن ضرب جسد القتيل لم يحصل أثناء حياة البقرة كي لا يتوهم انتقال الحياة من البقرة الحية إلى القتيل الميت، كما أن عملية الضرب لم تنفذ بيد موسى الكليم (عليه السلام) كي لا يطرح احتمال كون الإحياء سحراً، كما أن تعيين زمان الضرب قد ترك لبني إسرائيل وليس لموسى (عليه السلام) كي لا يتبادر إلى الذهن توهم تدخل زمان خاص فيه. وكذلك فإن تحديد سائر خصوصیات المذبوح والمقتول قد انيطت بهم كي لا يفكر أحد بكونها سحراً. كل هذه الخصوصيات هي أمارة على الإقتدار الإلهي المطلق وإعجاز كليم الله (عليه السلام)، وبما أن هذه القصة لم تذكر في أي سورة من القرآن الكريم، بما فيها المكية والمدنية، وإن تحريف التوراة من جهة، وعدم كون التاريخ القديم لبني إسرائيل في المتناول من جهة ثانية، وفقا ان المعلومات العامة في مكة والمدينة من جهة ثالثة، وكون خاتم النبيين (صلى الله عليه واله وسلم) أميا من جهة رابعة فهذه كلها أمور أسهمت في عدم إمكانية الاطلاع على الزوايا المعقدة للقصة بشكل عادي، ومن هذا المنطلق فقد طرحت في القرآن الكريم بشكل مبسوط كي يتجلى الإعجاز العلمي لرسول اللہ (صلى الله عليه واله وسلم) والقرآن المجيد.

تنويه: إن توهم نزول البقرة المذكورة من الجنة بحيث إن ميتها يحيي الميت هو أشبه بتخيل وحشيتها وكلاهما نابع من عدم كونها مثيرة للأرض ولا ساقية للمحاصيل؛ والتوهمان موهونان، لاسيما التوهم الأول حيث عبر عنه بعض المفسرين بأنه: «هابط إلى تخوم الأرض» [1].

إنّ ظاهر الآية مدار البحث هو أنه بعد ذبح البقرة وضرب المقتول ببعض بدنها فإن القتيل عاد إلى الحياة وبهذا الأسلوب يذكر الباري تعالى بإحياء الموتى. وليس هناك من محذور عقلي لعودة الحياة إلى الميت في الدنيا وإن قانون المحاورة يقضي بحجية ظاهر اللفظ فيما إذا لم يتوفر دليل عقلي أو نقلي معتبر على خلافه، ومجرد الاستبعاد لا يصرف اللفظ عن معناه الظاهري؛ لاسيما وأن الإعجاز قائم على خرق العادة، وأن الأمر غير العادي يصبح مقبولاً بقيام الحجة وإن بدى مستبعداً. البعض - من خلال استبعاده رجوع الميت إلى الحياة ـ والبعض الآخر ـ بزعمه استحالة ذلك ـ قد فسر الآية محط البحث وفقاً لأهوائه بما لا يرتكز على تحقيق علمي، وهو تفسير قابل للنقد والتزييف تماماً.

وخلاصة الأمر فإن التوهم الأول يذهب إلى أن الآية مورد البحث ليس أنها لم تتحدث بالتفصيل عن كيفية رجوع الحياة إلى الميت فحسب بل حتى أنها لا تدل عليه إجمالاً، وبناء عليه فإن مفاد القصة التي يحكيها القرآن هو عين ما جاء في التوراة وهو أنه من أجل رفع النزاع والحيلولة دون أي تخاصم فإنه يصار إلى ذبح بقرة ثم يأتي جماعة ليقوموا ـ ضمن مراسم خاصة ـ بغسل أيديهم عليها ليبرأوا من تهمة القتل، وهذا الحكم الفقهي هو الذي سيمنع من سفك الدماء في المستقبل؛ ولهذا فإن معنى: {كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} [البقرة: 73] يعادل معنى الآية: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } [المائدة: 32]، وهو نظير الآية: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]، وهو غير ناظر إلى عودة الحياة إلى الأموات على الإطلاق [2]. إذن فهذه الآيات لا هي ناطقة بالإعجاز ولا هي تتحدث عن مبحث كلامي (وهو إحياء الموتى في القيامة).

وفساد هذا التوهم يكمن في أن ظاهر الإحياء هو ذاك الإحياء الحقيقي والمقصود منه هو الحياة المتعارفة والمحسوسة وأن حمله على الحياة المعنوية، نظير: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] أو على حفظ الحياة المحسوسة والحيلولة دون هدرها بالنزاع، كما في: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179] يحتاج إلى القرينة. إنه ما من شك في أن ظاهر الآية: {كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} [البقرة: 73] يحكي عن أمرين: الأول إنه قد حصل الإحياء في الخارج وإن الله قد أحيا ميتاً فعلاً، والثاني هو أن إحياء المعاد والآخرة قابل للتحقق حاله حال أحياء المبدأ والدنيا، وأن الله (عز وجل) قادر على إحياء الأموات يوم القيامة؛ كما أنه فعل ذلك في الدنيا، ولا يوجد فرق على الإطلاق بين إحياء نفس واحدة وإحياء بضع أنفس: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان: 28]، وبناء على ذلك فإنه لا ريب في ظهور الآية في الإحياء الحقيقي وزهوق التوهم المذكور.

كما أن خلاصة التصور الثاني أيضاً هو أن البرهان العقلي، حاله حال الدليل النقلي المعتبر، هو حجة. فكما أنه بإمكان الدليل النقلي أن يشكل القرينة المعينة أو الصارفة فإن البرهان العقلي يتمتع بهذه السمات أيضاً. فمن الأسس العقلية المتقنة أن الرجوع النزولي للفعل إلى القوة محال، كما أن هبوط الكامل إلى الناقص وكذلك القسر الدائم مستحيل (في الوقت الحاضر سيتم البحث في السير النزولي، أما امتناع القسر الدائم فسيصار إلى طرحه فيما بعد). بطبيعة الحال من الممكن أن ينسب الرجوع أو الهبوط المذكور بالعرض إلى الموجود بالفعل أو الكامل، لكنه لن ينسب إليه بالذات على الإطلاق؛ وعليه فلما كانت عودة الإنسان الميت إلى الحياة مستلزمة للرجوع من الفعل إلى القوة فهي محالة؛ وذلك لأن الإنسان ينال بالموت التجرد المثالي أو العقلي، وأن المجرد المثالي أو العقلي يتمتع بالفعلية بالقياس إلى الموجود المادي المحسوس، وأن عودة الحياة له مجدداً وتعلق الروح بالبدن مرة أخرى هو نفسه الرجوع من الفعل إلى القوة؛ كذلك فإن مسخ الإنسان على هيئة حيوان (بصورة قرد مثلاً) يستلزم هبوط الكامل إلى حد الناقص وسيواجه نفس المحذور السابق؛ إذ أن الإنسان كامل والحيوان ناقص وأن تعلق روح الإنسان ببدن الحيوان هو رجوع من الكمال إلى النقص؛ ومن هذا المنطلق فإنه طبقاً لهذا الشاهد العقلي لابد من صرف الآيات ـ التي تدل على عودة الحياة إلى الموتى في الدنيا وكذلك الآيات التي تتحدث عن مسخ بعض الناس إلى صورة القردة ـ عن ظاهرها وحملها على معنى لا يتنافى مع الدليل العقلي.

وعدم صحة هذا التصور يكمن في أنه على الرغم من أن أصل المبنى حق؛ وهو أن البرهان العقلي، الدليل النقلي المعتبر، يعد حجة شرعية وبإمكانه أن يمثل القرينة المعينة أو الصارفة، كما وأن مبنى امتناع الرجوع من الفعل إلى القوة بالذات واستحالة هبوط الكامل إلى الناقص بالذات حق أيضاً، وأن الحكمة المتعالية قد أخذت على عاتقها تعليل وتبيين هذا النمط من المباني المتقنة، لكن خفاء بعض المقدمات المطوية في حادثة عودة الميت إلى الحياة، واستتار بعض المبادئ المنطوية في قصة المسخ كان السبب وراء المغالطة المستورة وتلقي «ما يشبه البرهان» على أنه البرهان، وهذا التلقي عن مغلطة ومن غير وجه كان هو الداعي للعدول من الحجة إلى غير الحجة، وذلك لأن الإنسان الميت إذا عاد إلى الحياة فإنه لن يفقد أياً من كمالاته العلمية أو العملية السابقة بل إنه يتعلق مجدداً بالطبيعة في مرحلته النازلة مع امتلاكه لمرتبة التجرد المثالي أو العقلي تلك، کي ينال بعض الكمالات التي لم يحصل عليها أو لم ينتفع بها فيما مضى من حياته؛ أي إن الحياة الجديدة هي لأجل صعود القوة إلى الفعل وليست مستلزمة لنزول الفعل إلى القوة، وبين هذين الأمرين فرق شاسع. نعم لو تعلقت روح الإنسان النائل للتجرد بالجنين مرة أخرى وصارت مصداقاً للآية: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78] لكان مشمولاً بالرجوع من الفعل إلى القوة.

وكذلك الحال بالنسبة إلى الإنسان الممسوخ فهو لن يعود من الكمال إلى النقص إطلاقاً، بل إن ما أودع في باطنه سيظهر، ولابد هنا من التمييز بين المسخ الملكي المحال، حيث تتعلق روح الإنسان ببدن حيوان وتعاني الهبوط (التناسخ)، وبين المسخ الملكوتي الممكن، حيث ينكشف باطن الإنسان؛ وهو الإنسان الذي يسير في باطنه نحو التقرد فيصير قرداً مع حفظ إنسانيته المتعارفة ثم ينكشف كونه قرداً.

المراد من الحيوان في المسخ الملكي المحال هو ذلك الكائن المستقر في مرتبة ما قبل الإنسان، أما المقصود من الحيوان في المسخ الملكوتي غير المحال فهو ذلك الواقع بعد مرحلة الإنسان المتعارف؛ لأن الإنسان النوع المتوسط والجنس السافل وليس هو النوع الأخير، وإن أنواعاً شتى تقع تحته حيث إن الإنسان العادي يتحرك بهذا الاتجاه حركة جوهرية بحسن أو سوء اختياره عن طريق الإيمان والعمل الصالح أو الكفر والعمل الطالح فيصبح كذلك حقيقة؛ أي: إنسان هو في الحقيقة قرد، وإن الحكمة المتعالية هي التي تتولى تفصيل هذا الأمر؛ بناء على ذلك فلا عودة الميت إلى الحياة في الدنيا تشتمل على محذور رجوع الفعل إلى القوة ولا مسخ بعض الناس على هيئة حيوانات كالقردة تستبطن محذور رجوع الكمال إلى النقص.

ما تم بيانه لحد الآن كان متعلقاً بامتناع السير النزولي واستحالة الرجوع من الفعل إلى القوة ومن الكمال إلى النقص وقد تمت الإجابة عليه. أما مفاد الشبهة القائلة بامتناع القسر الدائم فهو أنه لو خلق الله الحكيم نوعاً من الأنواع له استعداد خاص ولم يتحول هذا الاستعداد في أي فرد من أفراد هذا النوع من القوة إلى الفعل على الإطلاق، ما كان هذا الخلق لينم عن حكمة؛ ذلك أن خلقاً كهذا إما أن يعود لنقصان في علم الباري أو لعجز في قدرته أو لضعف في جوده وسخائه. توضيح التلازم بين المقدم والتالي يقع على عاتق الحكمة المتعالية وإن بطلان التوالي المذكورة بين؛ وبناء عليه إذا خلق نوع باستعداد خاص فهو حتماً سيصل إلى مستوى الفعلية؛ وعلى هذا الأساس إذا كانت عودة بعض الأموات إلى الحياة من أجل تفجر استعداداتهم الدفينة التي لم تصل إلى مستوى الفعلية فهؤلاء إذا ماتوا ولم يبلغوا الكمال النهائي فإن جميع استعداداتهم المستورة تكون قد قبرت معهم ولن تتفتح بعدئذ وهذا هو القسر الدائم المستحيل؛ كما أنه لو مسخ الإنسان وصار حيواناً فسوف تبقى جميع استعداداته الإنسانية في بودقة القوة ولن يزدهر أي واحد منها وهذا أيضاً هو القسر الدائمي الممتنع؛ إذن فتأسيساً على المبنى المتقن لاستحالة القسر الدائم فإنه ما من مجال للتبعيض في عودة الحياة إلى الموتى وما من سبيل لمسخ الإنسان.

والدليل على بطلان هذا التصور هو الخطأ الحاصل في تطبيق الأصل الجامع لامتناع القسر الدائم على التبعيض في إحياء بعض الأموات وعدم إحياء البعض الآخر وكذلك على المسخ الملكوتي: أما معنى القسر الدائم فهو ـ كما مر في تقرير أصل المبحث ـ أن الله الحكيم يخلق ماهية نوعية معينة من أجل نيل الكمال ويجهز هذا النوع باستعداد خاص، ولكن من دون أن يبلغ هذا النوع المقصد أبداً ومن دون أن تصل قوته إلى الفعلية، أما إذا كان لهذا النوع أفراد كثيرون وقد وصل عدد كبير منهم إلى مستوى الفعلية لكن عدداً محدوداً منهم لم يصل إلى المقصد بسبب التزاحم، والتنازع على البقاء، واحتكاك المتحركات وأمثال ذلك من العوامل الخاصة بحيز الطبيعة، فإن حرماناً كهذا هو قسر مؤقت ومحدود ومقطعي، وليس قسراً دائماً متعلقاً بأصل النوع الكلي والطبيعة الجامعة، وإن مثل هذا القسر المقطعي ليس أنه غير محال فحسب بل هو من لوازم منطقة الحركة العامة والشاملة والدائمية للمادة؛ وذلك لأنه في المنطقة التي تكون

فيها جميع الموجودات في حالة حركة ولا يطرح فيها الشعور التفصيلي والعدالة والعصمة فلن يكون هنالك بد من تصادم وحرمان البعض ونمو وتضخم البعض الآخر؛ هذا على الرغم من أن هذه الأصناف من الحرمان النسبي تكون سبباً لتكامل جماعة؛ وبناء عليه فإن تطبيق القسر الدائم المستحيل الذي يختص بأصل الطبيعة والنوع الجامع على بعض الأفراد هو من سنخ مغالطة الكلي والفرد، والنوع والمصداق.

لكن المسخ لن يكون مصداقاً للقسر أبدأ، لا الدائم ولا المقطعي، ولا النوعي ولا الفردي؛ لأن المراد من المسخ في مثل هذه الموارد المستظهرة من ظاهر القرآن الكريم هو ذاك المسخ الملكوتي وليس المسخ الملكي (التناسخ)؛ أي إنه إذا سعى الإنسان الذي يتمتع باستعدادات متنوعة بميله وتشخيصه من أجل ازدهار واحد من تلك الاستعدادات وجعل قواه الأخرى في خدمة هذا الاستعداد الخاص فإنه، على أساس الحركة الجوهرية، سيصل المستعد له الخاص بهذا الاستعداد إلى الفعلية؛ في المرحلة الأولى في حد الحال ومن ثم في حدود الملكة وبعدها ضمن حد الفصل الوجودي المقوم الذي له السهم الأوفر في تأسيس الهوية الجديدة للإنسان، وإن ما أودع فيه سابقاً فسوف يمارس نشاطه في سياق هذا النوع الجديد والصورة الجوهرية الجديدة، وليس أي من هؤلاء مقسوراً، بخلاف المسخ الملكي الذي يستلزم ـ مضافاً إلى رجوع الفعل إلى القوة ـ القسر المؤقت والحبس المقطعي بالطبع إن بين رجوع الفعل إلى القوة وبين القسر الدائم اختلافاً يكمن في ان الرجوع المذكور محال مطلقاً، بيد أن استحالة القسر الدائم هي  بخصوص أصل النوع؛ بحيث إن الوقوع في منطقة التزاحم وحيز التنازع سيكون مصححاً للقسر المرحلي، لكن لن يشكل مجوزاً للرجوع المقطعي.

 


[1] روح المعاني، ج 1، ص 461.

[2] تفسير المنار، ج 1، ص 351.