الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
السعادة في ظل العمل والمثابرة
المؤلف: الشيخ محمد تقي فلسفي
المصدر: الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة: ج2 ص136ــ139
2023-07-01
1009
إن مما لا شك فيه أن سعادة كل إنسان مرهونة بعمله ومثابرته ، فالشاب الذي يسعى بجد إلى تحليل ذاته ونفسيته ويجتهد في تطهيرها من الرذائل الأخلاقية ، فإنه سيحصل على شخصية مناسبة وسيضمن لنفسه سبل السعادة .
على عكس ذلك الشاب الذي لا يهمه سوء خلقه وعاداته ، ويبقى محتفظاً في ذاته وأعماقه بمساوئ الأخلاق ، فإنه يكون قد أسهم في دمار شخصيته وحقق سبل حرمانها وشقائها ، وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم مقروناً بالقسم :
قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9، 10].
لا يفوتنا أن نذكر أن العادات الحسنة والأخلاق الحميدة هي الأخرى قابلة للتحول والتغيير، ومن هنا يجب على أولئك الشباب الذين كبروا منذ صغرهم على الفضائل والأخلاق الحميدة في ظل أبويهم ومربيهم الأكفاء أن لا يغتروا ولا يتصوروا أن أخلاقهم الفاضلة يمكنها أن تستمر طالما هم أحياء ومهما كانت الظروف ، أو أنهم سيبقون سعداء آبد الدهر، لأن سوء المعاشرة وكذلك فساد البيئة والمحيط بإمكانهما محو النتائج الطيبة التي استحصل عليها الإنسان خلال طفولته، وتحويل صفاتهم وعاداتهم الحميدة إلى صفات وعادات ذميمة ، وهذا ما من شأنه أن يحطم الشخصية المعنوية التي اكتسبها ويزيل دعائم التآلف الإجتماعي التي بناها، فيعرضه للفشل والحرمان .
فما أكثر الشباب الذين خسروا طيبتهم وطهارتهم نتيجة ترددهم على مراكز الفساد لأصدقاء السوء ، لقد فرط هؤلاء بأخلاقهم الفاضلة وصفاتهم الحميدة ، وحطموا شخصيتهم وكيانهم بالانجرار وراء الخمرة والميسر والمخدرات، وغرقوا في مستنقعات الفساد والرذيلة وقد وصل الانحطاط بالبعض منهم إلى وضع حد لحياتهم المخزية من خلال الإقدام على الانتحار.
لقد أوصى أئمة الهدى (عليهم السلام) أتباعهم بالحذر من سوء الصحبة والمعاشرة لصون أنفسهم من مخاطر الانزلاق في الرذائل والآثام .
في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لكميل بن زياد : يا كميل جانب المنافقين ولا تصاحب الخائنين ، إياك وتطرق ابواب الظالمين والاختلاط بهم ، إياك أن تطيعهم أو تشهد مجالسهم بما سخط الله عليك(1).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً : إياك وصحبة من ألهاك وأغراك فإنه يخذلك ويوبقك(2) .
عن الإمام الرضا (عليه السلام): لا تجالس شارب الخمر ولا تسلم عليه(3).
وعن الإمام الجواد (عليه السلام): إياك ومصاحبة الشرير فإنه كالسيف يحسن منظره ويقبح أثره(4).
كانت مسألة تغير الأخلاق والصفات عند الإنسان وعدم تغيرها وكذلك قابلية الأخلاق الإنسانية للتغير والتطوير من المسائل النفسية والتربوية المهمة التي قامت عليها الكثير من النظريات وما زالت تطرح على بساط البحث والدراسة والتحليل.
البعض يعتقد أن القاعدة الأساس لأخلاق الإنسان هي غرائزه الطبيعية التي انتقلت إليه بالوراثة اللاإرادية من جيل لجيل. ونظراً إلى أن الغرائز القوية ممتزجة بفطرة الإنسان وتمتد جذورها إلى أعماقه ، فإن أخلاقه وطبائعه في مختلف سني حياته تكون مرهونة بوضع غرائزه الطبيعية ، لذا فمن المستحيل تغييرها تغييراً أساسياً.
«لقد حلل المحافظون حالة الغرائز الطبيعية لدى الإنسان تحليلاً علمياً ليبرهنوا على مبدأ عدم إمكانية تغيير طبائع الإنسان. فهم يعتقدون أنه بالرغم من تغير الظروف والمقتضيات تبقى طبائع الإنسان في مختلف مراحل عمره كما كانت عليه من قبل ، ولا يطرأ عليها أي تغيير جذري».
«إن عامل الوراثة له من الأهمية ما يفوق أهمية المحيط ودوره في تكوين طبائع الإنسان ، وهذا العامل خارج عن سلطة وإرادة الإنسان. ومن هنا فإن السعي إلى تغيير الطبائع والسنن والآداب والعادات والتقاليد الإجتماعية تغييراً كاملاً أشبه ما يكون بالصيد في الماء العكر، لأنها باقية على ما كانت عليه من قبل»(5).
ويعتقد البعض أن النشاطات الذاتية والميول الغريزية ليس لها دور مهم في تكوين طبائع الإنسان ، فصفات الفرد الأخلاقية تتشكل في محيطه التربوي ويقول أصحاب هذه العقيدة إن للإنسان استعداداً مطلقاً لا حدود له لتقبل أي شكل من أشكال التربية، فهو قادر على طرد كل عادة ذميمة من نفسه واستبدالها بعادة حسنة وصفة حميدة.
«لقد راح البعض من المصلحين إلى حيث راح «جان لوك» في استصغار النشاطات الذاتية والتقليل من أهميتها والتأكيد على أهمية الاستعداد لدى الإنسان لاكتساب خير العادات والصفات، بمعنى أن الإنسان قابل للتربية والإصلاح وليس هناك ما يحدّه بحدود».
«فروح الإنسان في الأزل ليست سوى صفحة بيضاء يمكن أن تستوعب ما تمليه عليها المشيئة الذاتية .
لذا ينبغي أن يقوم منهج التربية والتعليم على أساس بناء مجتمع مثالي والترويج للمبدأ القائل بأن الإنسان قادر على بلوغ الكمال»(6).
____________________________
(1) مستدرك الوسائل 2 ، ص 67.
(2) غرر الحكم ، ص 152.
(3) مستدرك الوسائل 2، ص67.
(4) بحار الأنوار17، ص214.
(5) الأخلاق والشخصية، ص 106.
(6) نفس المصدر، ص 105.