التجارات
المؤلف:
د. السيد مرتضى جمال الدين
المصدر:
فقه المعاملات القرآني
الجزء والصفحة:
ص9-11
2023-06-12
1709
لكل شيء أدب وأصول وقواعد، ولكل مهنة كذلك، وهذه هي الحضارة والتمدن والرقي والبركة في الرزق، فمن لم يعرفها قلت بركته وارتطم بالحرام وأضر بالمجتمع دون ما يدري لهذا وردت عدة آداب من المؤدبين لنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين منها.
1-أن يؤمن ان الرزق من الله تعالى:
فلا داعي لأن يكيد للتجار او يحتكر السلع ويداهن الظلمة ويظلم الناس، بل ينبغي ان يدعو الله، قال تعالى (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُون) الذاريات: 22 قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ فَلْيَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ لْيَنْصَبْ فِي الدُّعَاءِ فَقَالَ ابْنُ سَبَإٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِكُلِّ مَكَانٍ؟ قَالَ بَلَى، قَالَ: فَلِمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ؟ فَقَالَ أَوَ مَا تَقْرَأُ {وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ} فَمِنْ أَيْنَ يُطْلَبُ الرِّزْقُ إِلَّا مِنْ مَوْضِعِهِ وَ مَوْضِعُ الرِّزْقِ وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّمَاءُ[1].
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام ) قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ وَكَّلَ بِالسِّعْرِ مَلَكاً فَلَنْ يَغْلُوَ مِنْ قِلَّةٍ وَ لَا يَرْخُصَ مِنْ كَثْرَةٍ، عنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَكَّلَ بِالسِّعْرِ مَلَكاً يُدَبِّرُهُ بِأَمْرِهِ، ان علماء الاقتصاد يوكلون الغلاء والرخص على العرض والطلب وهو كذلك، ولكن ليس في كل حين بل هناك امرٌ آخرٌ بعيدٌ عن ادراكهم وهو: و قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم ) : عَلَامَةُ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ عَدْلُ سُلْطَانِهِمْ وَ رُخْصُ أَسْعَارِهِمْ، وَ عَلَامَةُ غَضَبِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ- جَوْرُ سُلْطَانِهِمْ وَ غَلَاءُ أَسْعَارِهِمْ.
2-استحباب التجارة: قال تعالى {يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبين} [البقرة: 1] فان الحلال طيب، والحرام خبيث وهو من خطوات الشيطان، قال تعالى {وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}[المزمل:20] وقال رسول الله (صل الله عليه واله وسلم ) : العبادة سبعون جزء افضلها طلب الحلال، وعن الصادق (عليه السلام ) : تسعة أعشار الرزق في التجارة، وقال: من طلب التجارة استغنى عن الناس، وقال الامام الكاظم (عليه السلام ) الى أحدهم: أغدوا الى عزك، يعني السوق.
3-الدعاء في طلب الرزق: وفي الصحيفة السجادية دعاء للإمام زين العابدين ع، فاذا آمن ان الرزق من الله فليطب الفضل منه، قال تعالى {وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّار} [البقرة: 201 ]، عن عبد الأعلى قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام ) عن قول الله: {رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ} قال رضوان الله و الجنة في الآخرة والسعة في المعيشة و حسن الخلق في الدنيا[2].
4-التفقه في الدين: الكافي: عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام ) يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ الْفِقْهَ ثُمَّ الْمَتْجَرَ، الْفِقْهَ ثُمَّ الْمَتْجَرَ، الْفِقْهَ ثُمَّ الْمَتْجَرَ، وَاللَّهِ لَلرِّبَا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى الصَّفَا شُوبُوا أَيْمَانَكُمْ بِالصِّدْقِ، التَّاجِرُ فَاجِرٌ وَ الْفَاجِرُ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ أَخَذَ الْحَقَّ وَأَعْطَى الْحَق[3].
5- طلب الحلال: ان يطلب الحلال فهذا هو الرزق، وأما الحرام فلا يسمى رزقا بل يسمى سحتا والسُّحْتُ: الحرامُ ، وهو كلّ مال حرام لا يحُلّ كسبه ولا أكله، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم ) فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَلَا إِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَا تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَ لَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ شَيْءٍ مِنَ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَسَمَ الْأَرْزَاقَ بَيْنَ خَلْقِهِ حَلَالًا وَ لَمْ يَقْسِمْهَا حَرَاماً فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ صَبَرَ أَتَاهُ اللَّهُ بِرِزْقِهِ مِنْ حِلِّهِ وَ مَنْ هَتَكَ حِجَابَ السِّتْرِ وَ عَجَّلَ فَأَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ قُصَّ بِهِ مِنْ رِزْقِهِ الْحَلَالِ وَ حُوسِبَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَة[4].
6-الالتزام باوقات الصلاة: فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ {رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} قَالَ هُمُ التُّجَّارُ الَّذِينَ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَ لَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا دَخَلَ مَوَاقِيتُ الصَّلَاةِ أَدَّوْا إِلَى اللَّهِ حَقَّهُ فِيهَا.
وهاهنا قصة لطيفة: في الكافي بسنده عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) يَقُولُ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم ) مُؤْمِنٌ فَقِيرٌ شَدِيدُ الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَ كَانَ مُلَازِماً لِرَسُولِ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم ) عِنْدَ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا لَا يَفْقِدُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم ) يَرِقُّ لَهُ وَ يَنْظُرُ إِلَى حَاجَتِهِ وَ غُرْبَتِهِ فَيَقُولُ يَا سَعْدُ لَوْ قَدْ جَاءَنِي شَيْءٌ لَأَغْنَيْتُكَ قَالَ فَأَبْطَأَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَاشْتَدَّ غَمُّ رَسُولِ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم )لِسَعْدٍ فَعَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنْ غَمِّهِ لِسَعْدٍ فَأَهْبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلَ (عليه السلام ) وَ مَعَهُ دِرْهَمَانِ فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلِمَ مَا قَدْ دَخَلَكَ مِنَ الْغَمِّ لِسَعْدٍ أَ فَتُحِبُّ أَنْ تُغْنِيَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ فَهَاكَ هَذَيْنِ الدِّرْهَمَيْنِ فَأَعْطِهِمَا إِيَّاهُ وَ مُرْهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِهِمَا قَالَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم ) ثُمَّ خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ وَ سَعْدٌ قَائِمٌ عَلَى بَابِ حُجُرَاتِ رَسُولِ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم ) يَنْتَظِرُهُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم ) قَالَ يَا سَعْدُ أَ تُحْسِنُ التِّجَارَةَ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ وَ اللَّهِ مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ مَالًا أَتَّجِرُ بِهِ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ (صل الله عليه واله وسلم ) الدِّرْهَمَيْنِ وَ قَالَ لَهُ اتَّجِرْ بِهِمَا وَتَصَرَّفْ لِرِزْقِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمَا سَعْدٌ وَ مَضَى مَعَ النَّبِيِّ (صل الله عليه واله وسلم ) حَتَّى صَلَّى مَعَهُ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صقُمْ فَاطْلُبِ الرِّزْقَ فَقَدْ كُنْتُ بِحَالِكَ مُغْتَمّاً يَا سَعْدُ قَالَ فَأَقْبَلَ سَعْدٌ لَا يَشْتَرِي بِدِرْهَمٍ شَيْئاً إِلَّا بَاعَهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَ لَا يَشْتَرِي شَيْئاً بِدِرْهَمَيْنِ إِلَّا بَاعَهُ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَأَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى سَعْدٍ فَكَثُرَ مَتَاعُهُ وَ مَالُهُ وَ عَظُمَتْ تِجَارَتُهُ فَاتَّخَذَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مَوْضِعاً وَ جَلَسَ فِيهِ فَجَمَعَ تِجَارَتَهُ إِلَيْهِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم ) إِذَا أَقَامَ بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ يَخْرُجُ وَ سَعْدٌ مَشْغُولٌ بِالدُّنْيَا لَمْ يَتَطَهَّرْ وَ لَمْ يَتَهَيَّأْ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ قَبْلَ أَنْ يَتَشَاغَلَ بِالدُّنْيَا فَكَانَ النَّبِيُّ ص يَقُولُ يَا سَعْدُ شَغَلَتْكَ الدُّنْيَا عَنِ الصَّلَاةِ فَكَانَ يَقُولُ مَا أَصْنَعُ أُضَيِّعُ مَالِي هَذَا رَجُلٌ قَدْ بِعْتُهُ فَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَوْفِيَ مِنْهُ وَ هَذَا رَجُلٌ قَدِ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ فَأُرِيدُ أَنْ أُوفِيَهُ قَالَ فَدَخَلَ رَسُولَ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم ) مِنْ أَمْرِ سَعْدٍ غَمٌّ أَشَدُّ مِنْ غَمِّهِ بِفَقْرِهِ فَهَبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلِمَ غَمَّكَ بِسَعْدٍ فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ حَالُهُ الْأُولَى أَوْ حَالُهُ هَذِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صل الله عليه واله وسلم ) يَا جَبْرَئِيلُ بَلْ حَالُهُ الْأُولَى قَدْ أَذْهَبَتْ دُنْيَاهُ بِآخِرَتِهِ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام ) إِنَّ حُبَّ الدُّنْيَا وَ الْأَمْوَالِ فِتْنَةٌ وَ مَشْغَلَةٌ عَنِ الْآخِرَةِ قُلْ لِسَعْدٍ يَرُدُّ عَلَيْكَ الدِّرْهَمَيْنِ اللَّذَيْنِ دَفَعْتَهُمَا إِلَيْهِ فَإِنَّ أَمْرَهُ سَيَصِيرُ إِلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا أَوَّلًا قَالَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ (صل الله عليه واله وسلم ) فَمَرَّ بِسَعْدٍ فَقَالَ لَهُ يَا سَعْدُ أَ مَا تُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ الدِّرْهَمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَعْطَيْتُكَهُمَا فَقَالَ سَعْدٌ بَلَى وَ مِائَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ لَسْتُ أُرِيدُ مِنْكَ يَا سَعْدُ إِلَّا الدِّرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُ سَعْدٌ دِرْهَمَيْنِ قَالَ فَأَدْبَرَتِ الدُّنْيَا عَلَى سَعْدٍ حَتَّى ذَهَبَ مَا كَانَ جَمَعَ وَ عَادَ إِلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا[5].
7-تعظيم نعمة الله تعالى : {وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُون} [النحل : 112]
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى كُدْسِ الْحِنْطَةِ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ فَإِذَا افْتُرِشَ فَكَانَ كَالسَّطْحِ فَقَالَ لَا يُصَلَّى عَلَى شَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقُ اللَّهِ لِخَلْقِهِ وَ نِعْمَتُهُ عَلَيْهِمْ فَعَظِّمُوهُ وَ لَا تَطَئُوهُ وَ لَا تَسْتَهِينُوا بِهِ فَإِنَّ قَوْماً فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي أَرْزَاقِهِمْ فَاتَّخَذُوا مِنَ الْخُبْزِ النَّقِيِّ مِثْلَ الْأَفْهَارِ فَجَعَلُوا يَسْتَنْجُونَ بِهِ فَابْتَلَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالسِّنِينَ وَ الْجُوعِ فَجَعَلُوا يَتَتَبَّعُونَ مَا كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِهِ فَيَأْكُلُونَهُ فَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَدا... }[6].
8-الايفاء بالعقود والعهود:
قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود} [المائدة: 1]، العقود هي العهود، وقال تعالى {وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ} [النحل:91]، وقال تعالى {وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْويلا} [الإسراء: 35] ، دلت الايات على وجوب الوفاء بالعقود والمراد بالوفاء تحقيق الشيء وانجازه بشكل تام لا نقص فيه، والمراد بالعقد هو كل تعاقد بين طرفين سواء كان بين فردٍ وفردٍ آخر، أو بينه وبين ربه فهناك عقود وعهود أيضا كما في الولاية، والعقد يفيد اللزوم كما ذكر ذلك العلماء فالعقد لابد ان يكون بين طرفين كعقد البيع والاجارة والنكاح وغيرها، بينما الايقاع يحتاج الى طرف واحد فقط كالطلاق، والجُعالة.
9-ترك الحلف بالله في البيع:
{وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَ اللَّهُ سَميعٌ عَليم}[البقرة : 224]
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام ) قَالَ: لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ صَادِقِينَ وَ لَا كَاذِبِينَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ[7]
وَ قَالَ النَّبِيُّ ( صل الله عليه واله وسلم ) مَنْ بَاعَ وَ اشْتَرَى فَلْيَحْفَظْ خَمْسَ خِصَالٍ وَ إِلَّا فَلَا يَشْتَرِي وَ لَا يَبِيعُ الرِّبَا وَ الْحَلْفَ وَ كِتْمَانَ الْعَيْبِ وَ الْمَدْحَ إِذَا بَاعَ وَ الذَّمَّ إِذَا اشْتَرَى[8].
10-الامانة: قال تعالى {وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ} [المعارج: 32.]
الخصال: عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(عليه السلام ) يَقُولُ ثَلَاثَةٌ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِيهَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ إِلَى الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ لِلْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ بَرَّيْنِ كَانَا أَوْ فَاجِرَيْنِ}[9].
في كتاب معاني الاخبار بسنده عن يونس بن عبد الرحمن قال: سألت موسى بن جعفر عليه السلام عن قول الله عز و جل } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها } فقال: هذه مخاطبة لنا خاصة امر الله تبارك و تعالى كل امام منا ان يؤدى الامام الذي بعده يوصى اليه، ثم هي جارية في سائر الأمانات، و لقد حدثني ابى عن أبيه ان على بن الحسين عليهما السلام قال لأصحابه: عليكم بأداء الامانة فلو ان قاتل الحسين بن على عليه السلام ائتمنني على السيف الذي قتله به لأديته اليه[10].
في قول الله عز و جل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فخيانة الله والرسول معصيتهما، و اما خيانة الامانة فكل إنسان مأمون على ما افترض الله عز و جل عليه[11].
11-حرمة الغش:
الكافي: أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام ) قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يَبِيعُ الدَّقِيقَ فَقَالَ إِيَّاكَ وَ الْغِشَ فَإِنَّ مَنْ غَشَّ غُشَّ فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غُشَّ فِي أَهْلِهِ[12]. عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام ) قَالَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا.
عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ ع فَإِذَا دَنَانِيرُ مَصْبُوبَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَظَرَ إِلَى دِينَارٍ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَطَعَهُ بِنِصْفَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِي أَلْقِهِ فِي الْبَالُوعَةِ حَتَّى لَا يُبَاعَ شَيْءٌ فِيهِ غِشٌّ[13].
فلا ينبغي تزيين بضاعته بأن يُري جيدها و يكتُمُ رديئها و لقوله تعالى {وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ}[14] فالغلول لغةً يعني الخيانة، وفي تفسير الصافي للفيض الكاشاني جاء ما هذا لفظه ( وما صح لنبي ان يخون في الغنائم فأن النبوة تنافي الخيانة، والغلول أخذ الشيء من المغنم في خفية).
وَ قَالَ النَّبِيُّ (صل الله عليه واله وسلم ) حِينَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ يَبِيعُ التَّمْرَ وَ كَانَ يَخْلُطُ الرَّدِيءَ بِالْجَيِّدِ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنا.
12-حرمة الاحتكار:
الكافي: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام ) قَالَ: الْحُكْرَةُ فِي الْخِصْبِ أَرْبَعُونَ يَوْماً، وَفِي الشِّدَّةِ وَالْبَلَاءِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ يَوْماً فِي الْخِصْبِ فَصَاحِبُهُ مَلْعُونٌ وَ مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْعُسْرَةِ فَصَاحِبُهُ مَلْعُون.
[1] من لا يحضره الفقيه، ج1، ص: 325،ح955 //[1] تفسير العياشي، ج1، ص: 98، ح274
[3] الكافي (ط - الإسلامية)، ج5، ص: 150، بَابُ آدَابِ التِّجَارَةِ //[3] الأصول الستة عشر (ط - دار الشبستري)، المتن، ص: 23
[5] الكافي (ط - الإسلامية)، ج5، ص: 313
[6] دعائم الإسلام، ج1، ص: 179
[7] عن التّهذيب: 8/ 282 ح 25 عن الكافي:/ 434 ح 1 .
[8] وسائل الشيعة 12/ 284. //9 الخصال ج 1 ص 66. //10 تفسير نور الثقلين، ج1، ص: 495، تفسير نور الثقلين، ج2، ص: 144.
[12] الكافي (ط - الإسلامية)، ج5، ص: 160، باب الغش. //[12] الكافي (ط - الإسلامية)، ج5، ص: 160. //[12] ( 2) سورة آل عمران: 161.
الاكثر قراءة في المعاملات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة