1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الآباء والأمهات :

الطفل وبكاء الام

المؤلف:  د. علي القائمي

المصدر:  تربية أولاد الشهيد

الجزء والصفحة:  ص91 ــ 96

2023-04-21

1648

- أختي! أتبكين؟ لماذا؟ لأجل زوجك؟

- ألم يكن أمانة الله؟ ألا يستعيد الله أمانته؟

- ألم تكوني تحبينه؟ ألم تريدي أن يكون في وضع أفضل؟

- إنه الآن في الجنة، على مائدة الرحمة والعناية الإلهية. إنه نال فيض لقاء الله، إنه الآن بجانب شهداء الإسلام، بمحضر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جانب امير المؤمنين (عليه السلام)، وبمحضر الحسين (عليه السلام) وأصحابه الكربلائيين.

أختي، يجب أن تسري لأن زوجك جعلك ذات شأن عند الله، مع تخليه لكل ما يراه الآخرون عزيزاً عليهم، اختار طريق السعادة ودخل الجنة الأبدية: اطمئني إلى أن تحملك ومحبتك لن تكون دون أجر، وأنك شريكة له في شأنه الذي أوجده.

ولكن لا تنسي، أنك مسؤولة تجاه أطفالك الصغار وذكرى زوجك العزيز. أخاف أن دموعك وتأوهاتك وبكاءك وحزن قلبك قد تكسر قلبه وتعذب روحه، هل لا تزالين تريدين البكاء في محضره؟.

ـ عظمة المصيبة:

الفاجعة عظيمة والمصيبة كبيرة، وهذا ما نعلمه. ولكن ليكن بذهنك أنه كلما كانت الاهداف أكبر كلما كانت المصائب أكبر. زوجك استشهد في سبيل الإسلام، لحفظ القرآن ولرفعة الرسول (صلى الله عليه وآله)، قدم نفسه وهذا ليس بالهدف الصغير، ونحن نذكر أنه في صدر الإسلام ولأجل هذا الهدف الكبير قدم كبار الصحابة أرواحهم فداءً ومضوا.

لماذا استشهد شهداء بدر وأحد؟ ولأي هدف قدم حمزة سيد الشهداء نفسه شهيداً؟ لماذا علي (عليه السلام) انفلقت هامته في محراب الصلاة؟ يا للوعة! ألم يستشهد الحسين بن علي (عليه السلام) وأصحابه القليلون، في كربلاء الدامية؟

نعم الفاجعة عظيمة، ولكن الرجال العظماء هم الذين يقدمون أرواحهم وأجسادهم لحفظ القرآن والإسلام. إن الذي فقدتيه عزيز لدرجة أن الله اشترى روحه.

وتعلمين أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم وزوجك من هذا النوع.

الشهادة فوز عظيم، وزوجك على درجة من العظمة والشرف نال لأجلها الفوز والسعادة. ولا شك بأنك لمرافقتك للشهيد، من تحمل مصائبه، تربية نسله وبقيته ستكونين شريكته بالسعادة.

ـ البكاء ليس دواءً؟

إننا هنا نريد أن نستشهد بكلمة الإمام السجاد (عليه السلام) للسيدة زينب (عليها السلام) يوم احضار الأسرى إلى الكوفة فيما قاله من خطبته: عمتي العزيزة، إلزمي الصمت، فالدموع والآهات والنواح لن يداوي الألم ولن يمحو آثار الجناية.

ما نريد قوله أن بكاءك ودموعك لن تمحو آثار جرائم الخائنين للإسلام، والذي فقدتيه إثر خيانة الخائنين بالإسلام والثورة لن يعود أبداً. إنك الآن وأطفالك، أنت وإكمال الطريق بالضرورة حتى يستمر نسل الشهيد بالتربية الحسنة.

لا شك أن البكاء والحزن على فقيد يرتبط إلى حد ما بالتصور عن هذا الفقيد. تتذكرين تصرفاته وتندفعين للبكاء، إنه طبيعة كل إنسان، ولكن على الإنسان المتعهد والمسؤول والذي قبل إضافة لمسؤوليته لنفسه تعهد الآخرين أن يتعاطى مع هذه القضية بصورة أخرى.

ـ آثار البكاء الضارة:

إنك في حالة الغم والغصة الدائمة لا تؤذين طفلك فقط بل تؤذين نفسك كذلك. تأوهاتك الدائمة تخلق التوتر عند الطفل ويصل به الأمر إلى الخوف. ولكن لا يعلم عن ماذا ولماذا؟ يتولد لديه القلق والاضطراب، ويحلان محل الهدوء والسكينة اللازمين له.

تحمُّل بكاء الأم من قبل الطفل أمر صعب وغير مستساغ، ويحس نفسه أنه ترك وحيدا، فلا يعود يميز مع من يتكلم ومع من يرتبط، إنه يجد أن أمه دون قلب وعقل وهو يحتاج للقلب والعقل. يجب أن يكون مع شخص يرافقه يكلمه يضحك له، يلاعبه ويداعبه، في حين أن أمه ليست بهذه الحالة.

من جهة أخرى فبكاء الأم وقلقها يكونان السبب لاعتبار الطفل أمه كشخص دون إرادة وحرية الأمر الذي يؤدي إلى خلل يوصم تربيته ببصماته.

المهم هو أن الطفل في هذه المعمعة لا يستطيع التوافق بالحياة ونتيجة الأمر أن يصبح فرداً ضعيف الشخصية أو دون شخصية.

ـ الصدمة الروحية

نقطة أخرى على هذا الصعيد يجب الإلتفات إليها وهي أن بكاء الأم سيحرك عواطف الطفل بشكل لا يستطيع معه تنظيم تفكيره ولا تعود لديه القدرة على اتخاذ القرارات كل ذلك بسبب دموع وآهات الأم المفجوعة. وكما قلنا سابقاً فالدموع والتأوهات والنواح لن يعوض من الأمر شيئاً إنما سيزيد فقط من انكسار القلوب.

دموعك وآهاتك ونواحك سيكون سبباً لضرر أطفالك وسيواجهون المحيط الاجتماعي بعوامل غير مساعدة ستسلب شجاعتهم وقوتهم وروحيتهم وتقلل من مقاومتهم ودفاعاتهم.

إذا ما توافقنا على أن التجارب المؤلمة في مرحلة الطفولة ستؤدي إلى الكثير من الآثار السلبية وغير المرغوبة في مرحلة المراهقة والشباب وحتى للكبار فمن الواجب مراقبة مسألة البكاء وتغير الأسلوب وفي الحد الأدنى ألّا يتم أمام الأطفال.

ـ مسؤوليتك:

أنت الآن أم، زوجة شهيد تتعهدين تربية نسله. المسؤولية ملقاة على عاتقك. عليك من جهة حمل رسالة الشهادة ومن جهة أخرى أن تتعهدي الغرسات النضرة بقية الشهيد وتوصليها إلى المأمن.

فموقف عزة النفس، وشرافة الطبع هي مواقف نموذجية تجعل من تصميمك أن تسلكي طريق سعادة أطفالك وإيصالهم لبر الأمان.

فالاضطرابات، والنزاعات، والمرارات والعواطف الداخلية إذا ما تخطت حدودها تصبح المانع من تقدمك. وتؤدي إلى خروج أمر التربية لأطفالك ووظيفتك اتجاههم من يدك وبالتالي يخرج أطفالك من الحالة السوية إلى الإنحراف. يجب أن تكوني ثابتة كالجبل لا تتأثرين بالرياح وعواصف الأحداث ولا تدعي اليأس يتسلل إليك وأكملي المسير بشجاعة.

ـ طريقة حل العقدة:

إننا لا نقول أن لا تبكي أبدا ولا تذرفي الدموع. لأننا نعلم أن ذلك من طبيعة كل إنسان. ابعدي الحزن عن نفسك ومن حياتك بالبكاء. وأحياناً تعطيك حالة البكاء نوعاً من الراحة والهدوء وهذا بنفسه دليل على جواز البكاء.

ولكن نوصيك أن يكون بكاؤك إلى الحد الممكن بعيدا عن نظر طفلك، حتى لا يتلوع قلبه وتنجرح أحاسيسه، وكم من الأحزان والأتراح التي اندملت قد عادت من جديد لدى رؤية حالة البكاء وأدت إلى حالات من المشاكل والآلام. فالأفراد المصابون بالمصائب تكون حياتهم بحالة لا توازن ويأس وألم وبالبكاء تصبح المشكلات والآلام أكبر.

ـ ضرورة الهدوء والسكينة:

أنتِ أيتها الأم الكريمة بحاجة لأكثر من أي أم للهدوء والسكينة. ذلك لأن وظيفتك ومسؤوليتك أجسم من مسؤوليات ووظائف الآخرين. فإيصال الأطفال، الذين فقدوا منذ طفولتهم وليهم، إلى الغاية المطلوبة أمر ليس بالسهل. فطفلك لا يريد أن يكون كالأطفال الآخرين، كما قلنا من الضروري أن يتربى تربية أفضل.

عليه أن يكون شجاعاً، مقداماً، يتحمل المصاعب، يتفكر في مشكلاته، يستطيع تنظيم حياته، وأخذ القرارات اللازمة بالسرعة المطلوبة، وعدم هدوئك، واستقرارك وصبرك يكون سبباً لضعف وعجز طفلك وبالتالي لا يستطيع الوصول إلى أهدافه.

وفي الأساس تحتاج الأمهات لكي يتوفقن في تربية أطفالهن إلى القلب القوي، والإيمان العميق، وقوة الشكيمة في متابعة الطريق، وأن يحفظن أنفسهن عند المخاطر ويواجهن الأحداث بشجاعة وقوة. وأن لا يشتكين أبدا من الحظ السيئ ولكن يسيطرن على مصيرهن بطريقة عملهن، ولا يجزعن أمام أطفالهن، ويسعين للتحلي دائماً بالهدوء والأمان ليستطعن إكمال طريقهن والوصول إلى أهدافهن.

ـ طرق الهدوء والتهدئة:

أما كيف يتأمن الهدوء، فهناك طرق عدة في هذا المجال، وبالنسبة لك يا صاحبة عزاء الشهيد فلا طريق أفضل وأسمى من طريق الإيمان والتوكل على الله في أعمالك.

تستطيعين في هذا الطريق أن تسكني نفسك بأن زوجك قدم نفسه في سبيل هدف سامٍ فضيلته أهم من وجودي ووجودك.

تستطيعين التفكير كذلك، أن فاطمة بنت الرسول وزوجها وأبناءها وذرياتهم قدموا أنفسهم هدية له، وأنت أيضاً قدمت عزيزاً عليك هدية لله.

من جهة أخرى إذا أحسست بالانزعاج الناتج عن إحساسك بالوحدة وبعدم وجود الملاذ فإنك تستطيعين أيضاً إيجاد الهدوء والطمأنينة في وجودك حينما تفكرين بأن زوجك قد فارق الدنيا وتركك ولكن الله خالق الكون لم يتركك ولم ينساك؟ فإن توفي زوجك وترك الدنيا فربك لا يزال موجوداً. يراك، يعرف أحوالك، وهو معك، مصيرك وجميع أوضاعك بيده، تستطيعين طلب الحماية منه والتعلق به.

ـ في قبال احتجاجات الطفل:

في بعض الأحيان قد تطرأ مسألة أن يحتج أطفالك بفقد ابيهم ويبكون، أحياناً تحدث هذه المسألة لدى تصور الطفل بان أباه حي ويبكي لأجل بعده وفراقه له. وعلى الأمهات التنبه لمثل هذه الحالة.

عادة ما تلجأ الأمهات لإبراز أحاسيسهن وآلامهن وحزنهن بالبكاء والأنين في الوقت الذي يكون فيه هذا الأمر مصدر قلق للطفل ولا يداوي من جراحاته شيئاً وقد يوصله للتعليم السيئ ويصبح الطفل بعد هذا متحججاً بالبكاء لكل مسألة تعترضه.

فسيطري على نفسك وابعثي الإطمئنان في الطفل واشعريه بأنك مكان أبيه وتستطيعين تأمين سعادته ورغباته كما لو كان أبوه موجوداً.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي