x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مسؤولية الام في تربية الابناء
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: تربية أولاد الشهيد
الجزء والصفحة: ص27 ــ 32
2023-04-06
2233
كلما كان الطفل صغيرا كلما كان تعلقه بوالديه أكثر ويصل أمر التعلق هذا إلى أن أي تغيير نفسي لدى الوالدين يوجب تغييرا نفسياً لديه. مع هذا التعلق بالوالدين نجد أن تعلق الطفل بالأم أكثر ارتباطاً وتشكل الأم بالنسبة له نقطة الإتكال في جميع المسائل والأمور.
وعندما يفقد الطفل والده ويبتعد عنه لا يتحول أمله إلى اليأس بل يلجأ إلى أمه. وأظهرت الدراسات أنه حال فقد الطفل لأبيه وانقطاع علاقة العطف والأبوة فالطفل لا يلجأ إلى علاقة جدية ثابتة مع الأم فقط بل يسعى لإيجاد علاقة جديدة مع والدته ولكن نوعها يختلف عن السابق.
لا شك أن الطفل في السنوات القريبة من التمييز والأكبر، تكون علاقته بالأب وثيقة وفي حال موت أو استشهاد الأب سيقع الطفل فريسة للقلق ولن يتقبل واقع الموت بسهولة، ولكن بعد عدة أيام يبدأ في وضع آماله وثقته في أمه ويبدأ بتحضير نفسه بشكل جديد للإتكال والالتجاء إليها في جميع أموره.
ـ أهمية دورك:
مسؤوليتك كأم مسؤولية صعبة جداً، والآن أصبحت بدرجة أعلى من الصعوبة، لأنك أصبحت في وضع من جهة مصدراً للحياة ومن جهة أخرى مصدراً للحرمان، فبيد تعطين طفلك شيئاً وباليد الأخرى تمنعين عنه الأمور الضارة.
بعد موت وفراق الأب يصبح دور الأم ثنائي الأبعاد، فهي مصدر الجذب والعطف الإيجابي والصميمي وهي مصدر الضبط والنظام. في السابق كان الأب هو مظهر الضبط والنظام وراعي التصرفات في المنزل وكان يقف أمام رغبات وطلبات أولاده المتحللة وكان ينتبه ويعاقب عند اللزوم وكانت الأم موضع جذب وتقرب للأطفال. تركيب هذين الدورين كان سبباً في تعديل سلوك الطفل وبنائه.
والآن فإن الدورين القيا على عاتق الأم وعليها القيام بهما معاً، الأمر الذي يعتبر بحد ذاته صعباً..
بعد شهادة الأب فإن الأم هي المحور لوجود ومنشأ الحياة للطفل وعليه فإن الطفل يصبح تحت رعاية وسلطة الأم، وفي ظل وجودها يجب أن يحصل على الاستقرار والأمان.
من هنا نعلم كم هو مهم دورك بعنوان زوجة (شهيد).
ـ مسؤوليتك:
أصبح من الضروري أن تراقبي أولادك أكثر من ذي قبل وأن تعلميهم الطريق السليم والتصرف الحياتي الصحيح وبمساعدتك لهم تستطيعين إيصالهم لبر الأمان، هذا الأمر لم يكن من ضمن مسؤولياتك سابقاً ولكنه اليوم مسؤولية ووظيفة لك.
مسؤوليتك بعث الرشد فيهم، وتحليتهم بالأخلاق والتصرف السوي، وبعث روح مجالدة الشدائد مع تعليمهم أن طريقة الحياة تكون بالبطولة والافتخار.
وفي النهاية تربين نسلاً يحمل المفاهيم والقيم التي تؤهله بأن يكون وارثاً لقب الشهيد ومشروعاً له.
حفظ وحماية الطفل من قبل الأم أمر ضروري ومهم، وعلى الأم خاصة في السنوات الأولى بعد الاستشهاد، خاصة وأن الطفل لم يجد الملجأ والمال الذي يتكئ عليه، أن لا تتركهم وأن لا تتشدد في تربيتهم رغم فقد الأب. وعلى الأم أن لا تحول حياة أطفالها إلى الاضطراب والتشويش بل أن تجعلها لائقة للصلاح والحياة الكريمة.
والأثر الأخلاقي لها سيطبع طفلها لمواجهة الأحداث وضبط حياته بشكل يستطيع معه الاستمرار بقوة في الحياة.
ـ مسألة تأمين مستلزمات الحياة:
قد يكون دورك بعد استشهاد زوجك أن تؤمني مستلزمات الحياة للعائلة. الأمر الذي كان سابقاً على المستوى النظري كمالياً بالنسبة لك والآن أصبح دوراً أساسياً في حياتك وإنجاز هذه الوظيفة مع الوظائف الأخرى أضحى أمراً جديداً.
نحن نعلم أن نساء في حياة أزواجهن كن يعملن خارج المنزل في مؤسسة أو إدارة وكن منتجات مادياً، والآن أصبح هذا العمل إلزامياً لسد نقص المعيل وقد لا يكون الأمر قابلاً للتحمل.
إلى الآن كنت تعملين، وعملك كان رديفاً لعمل زوجك ونظرتك له ليست بالأولوية، والآن أصبح الأمر وظيفة إلزامية.
قد يكون معيلو عائلتك أفراداً عددين، وفي مجتمع اليوم إذا ما علم الناس أن مربية الشهداء لها حاجات فإنهم سيسعون بأجسادهم وأرواحهم أن يؤمنوا لها حاجاتها وأولادها. ولكن من الأفضل أن لا تقبلي معونة أحد وأن تسعي بقدم مطمئنة لرفع احتياجات عائلتك وأطفالك.
والمدخول القليل قد لا يلبي جميع حوائجك ولكنه أقرب إلى عزة النفس والكرامة.
والأمر المهم أنه في حال وجود أطفال لديك قبل السن المدرسي أن تقبلي بساعات عمل قليلة ليتسنى لك قضاء ساعات أكبر إلى جانب أطفالك، وفي أوقات غيابك عن المنزل أن تسلمي أطفالك لأشخاص متفهمين ومهتمين والا فالأفضل أن تأخذي طفلك معك إلى مكان عملك سواء في المدرسة أو المزرعة ... الأمر الذي يولد لدى الطفل الروحية العالية ويحفظه.
ـ ضرورة السيطرة على النفس:
انت وأولادك في وضع يلزمك بضرورة السيطرة على نفسك وعليك أن تواجهي الابتلاءات والصعوبات والمشكلات بأعصاب باردة وبهدوء وأن تحفظي نفسك وأن تضبطي روحيتك وروحية أولادك.
لا تقولي أبدا أن السيطرة على النفس ومواجهة الصعاب أمر صعب. أنت أم مجاهدة ومقاومة. ولا شك أنك تعلمت من طباع وأخلاق زوجك ومن مقاومته الدروس.
كنت أنيسه وعاشرتيه. ترك لك هذا الإرث المعنوي. وعليك إكمال الطريق وإن كنت لا تملكين المقومات فعليك بالتدريب والتمرين، وبعد أن تخوضي غمار هذا البحر لا بد أن تتقدمي وتحصلي على ملكة السيطرة على النفس.
قلقك واضطرابك يسمم فكر طفلك ويدمر جرأته وابتكاره ولا يجعله يفكر بالشكل السليم والمطمئن وبالتالي لا يتخذ القرارات المناسبة لحياته الأمر الذي يوجد المخاطر لحياته، وتصرفك اللين والتفكر وإظهار رأيك المخلص والقاطع في الوقت نفسه يعطي لطفلك الدروس ويجنبه الإشكالات المحتملة ويقتلع الفوضى من تصرفاته ويزيل حزنه واضطرابه ويصبح في النهاية سبباً لمتابعة حياته بطمأنينة البال.
ـ الوضع العاطفي:
في هذا المورد نقول إنه يزداد اقتراب وتعلق الطفل بعد استشهاد أبيه بوالدته. هذا الإقتراب يكون مفيدا من جهته لأنه يجعل الطفل تحت رعاية والدته التي بتربيتها له توصله للأهداف السليمة من حيث الآداب والعادات والتقاليد ومن حيث العطف والحنان الأمومي. ولكنه قد يكون ضارا من جهات أخرى لأنه بتقربه من والدته قد يصبح إتكالياً متملقاً.
في كل الأحوال. التصرفات ذات الطابع العاطفي والمحبة من الأم ضرورية للطفل ولكن في الوقت نفسه يجب أن تكون هذه المحبة توأماً للضبط وعلى أساسها يعامل نشاط الطفل. يجب أن يحس الطفل بعشق أمه له إلى جانب تغذيته والسهر عليه عند المرض، وعند علاقاته مع الآخرين، وعند لعبه وانشغاله فيتحصل له العطف المطلوب.
إلى جانب الوضع العاطفي يجب على الأم غرس بذور العقيدة والأخلاق في
نفسه وان تسعى إلى ان يتطابق تفكيره مع هذه المبادىء، وبذلك تكون قد عملت على تصويب رشده العقلي وسلامته النفسية على هذه الأسس المتينة.
ـ حفظ جو العائلة دافئاً:
تعلمين أن الطفل الصغير لا يعي عمق المأساة التي أحرقت القلوب وأدمعت العيون. فالآهات والدموع والشكوى والنحيب تشكل أرضية لاضطراب الطفل وقلقه وشيئاً فشيئاً يوعيه هذا الواقع على الأحداث والمجريات ويعلم أهميتها التي كانت غائبة عنه فيصبح مهموماً مغموماً.
فالأم في حال إحساسها بالتأثر عليها أن تخفي تأثرها وتسيطر على نفسها وأن تحفظ محيط العائلة دافئاً، وبسردها للقصص والحكايات ووضع الطفل في مجرى الأحداث والأمور التي يرغبها تعرّفه بالمسائل وتصنع له شخصيته وطبعه.
دفء وحرارة جو العائلة ومحبة ورأفه الأم هي أسباب هدوئه وثباته في موقعه وتمهد له أن يسير إلى الأمام بخطى مطمئنة. واللعب مع الطفل وسيلة للخروج من إحساسات الخصومة والحقد والبغضاء الناشئة عن نقص العاطفة وعدم الإهتمام. وللأم في هذا المجال الدور المميز.
ـ عدم الإنفصال عن الأولاد:
من المسائل المهمة لتربية الأولاد رعايتهم بشكل جماعي مع المحافظة عليهم. ولا يجب الإنفصال عن الأولاد بهكذا وضعية (فقد الأب) خاصة في الأسابيع الأولى لشهادة الأب.
الاضطرابات الأولية تنشأ عادة من الفراق وهذا الألم والاضطراب يسكن عادة عن طريق وجود الأم، وإن لم يحصل هذا الأمر فإنه من المسلم به أن لا يهدأ الطفل وسيؤثر هذا الأمر على كماله النفسي بشكل سلبي ويترك بصماته عليه.
فالطفل اليتيم ليس له إلا علاقته بوالدته وانفصاله عن والديه وخصوصاً الأم هو بعنوان الموت له، فسوء الحظ وتحمله أمر صعب على روح الطفل الرقيقة، وحتى في موارد الإنفصال عنه فيجب أن يكون الإنفصال بالحد الأدنى.
ـ الطمأنينة والآمال:
طمأنينتك وآمالك تكون بإكمالك الطريق ومن المتسالم عليه أنك تقعين تحت رعاية الله مباشرة ومن يرعاه الله فنعم الرعاية. لا تصغري نفسك ودورك ولا تتبرمي من الإحساس بالوحدة.
أنت بطلة، ومورد لطف الله كذلك، وبطولة زوجك ليست بالقليلة والصغيرة. فكم من العظماء والصالحين تمنوا الوصول إلى هذه المرتبة ولم يوفقوا لذلك.
أنك من جهة تحوزين على الافتخار بأنك زوجة لشهيد. ومن جهة أخرى تحوزين على الافتخار والعزة لكفالتك ورعايتك تربية أولاد الشهيد.
فعلاقتك وأولادك مباشرة مع الله، وحفظ الأمانة الإلهية بعهدتك، نأمل لك التقدم بعناية الله ولطفه وأن لا تخافي من الحوادث.