x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
تربية الابناء من الناحية العملية
المؤلف: الأستاذ مظاهري
المصدر: تربية الطفل في الاسلام
الجزء والصفحة: ص241 ــ 252
2023-04-05
1293
طريقة تربية الطفل والفتى والشاب صعب جداً ولو قلنا انه ادق من الشعر واحر من النار واقطع من السيف لما كنا مخطئين فالجواب عن كيفية تربية الاولاد واسلوبها مشكل:
التربية قسمان: تربية بالقول وتربية بالعمل. اما التربية بالقول فأول شيء تحتاجه هو سعة الصدر والسيطرة على الاعصاب، يجب ان يمتلك الانسان سعة صدر في ممارسة اموره المعيشية خصوصاً في البيت.
التربية مهمة الى درجة انه نقرأ في القرآن الكريم عندما خوطب النبي موسى (عليها السلام) ان: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه: 43]، اي اذهبوا الى فرعون الطاغي فاجعلوه انساناً، آدمياً فهنا لم يقل موسى الهي اعطني جيشاً مجهزاً، أو أعطني الامكانيات لم يقل ذلك وانما قال: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25]، لأكون بمستوى المطلوب: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} [طه: 25، 26]، وهذه الجملة الثانية فيها نحو تلطف معناها انه الهي اذا شرحت صدري فإن الامور ستتيسر(1). {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي} [طه: 27]، اي إلهي إذا شرحت صدري فسأستطيع ان اتكلم بشكل واضح فلا يحصل عندي رهبة من العدو، ولا يكون عندي اي ثقل في اللسان، ولا أنسى ما اريد قوله ثانية، أستطيع ان اتكلم بشكل جيد، اشرح لي صدري حيث أنه لو شرحت لي صدري فسأكون مسيطراً على اعصابي ومتمكناً من ايضاح كلامي بشكل مفهم. الإنسان إذا لم يمتلك شرح الصدر لا يستطيع ان يظهر كلامه وستكون الحياة صعبة عليه.
آمل منكم ان تطلبوا من الله في دعائكم دوماً سعة الصدر وشرحه.
نعم لقد طلب النبي موسى ذلك من الله وأنتم دوماً اقرأوا هذه الآية وخصوصاً الشباب: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 25 - 28].
ففي تربية الأولاد هذا هو الشرط الاول انه إذا كانت التربية بالقول فيجب امتلاك شرح الصدر والسيطرة على الاعصاب.
الشرط الثاني: يجب ان تكون التربية بالحنان والتلطف. القوة والفرعنة لا تحقق شيئاً لأحد. لا تستطيع تحقيق حتى نفوذ الكلمة ايضاً. وحسب تعبيرنا نحن الطلبة الذي أخذناه من الفلسفة: (القصر لا يدوم) القوة لا تحقق شيئاً ولا تنتج الاستمرار. وهذا الذي قيل للنبي موسى (عليه السلام): {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43، 44]، اذهبا الى فرعون الطاغي فاجعلوه انساناً لكن خاطبوه بلين وتلطف اذ لربما تذكر لو خاطبتموه بذلك اما لو لم تخاطبوه باللين فانه لن يتغير. لذا في المرتبة الاولى من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر- الذي هو تكليف الجميع - انه يجب ان يكون باللسان الطيب وخصوصاً التربية وبالأخص تربية الشباب.
الشرط الثالث: يجب الانتباه الى لزوم الاكتراث والاعتناء لكن لا ينبغي التشبث والتشديد حيث ان التشديد ان لم يكن اسوأ من عدم الاكتراث فهو على الاقل لن يكون أفضل. والواقع ان الآباء والامهات اصحاب التدين الناشف والمتعصب قد يرمون اولادهم في امور لا تحمد عقباها بالتشديد عليهم كما ان احصاءات هذا الأمر تكشف عن ذلك وهذا جرس الخطر للآباء والامهات.
الاحصاءات تكشف في كل السنوات ان الفتيات اللواتي يصل امرهن الى الحاكم قسمان: قسم منهم آباؤهم وامهاتهم غير مكترثين اينما ذهبت الفتاة لا يقولون شيئاً مع اي شخص اتصلت لا يسألون وكلما كتبت او قرأت لا يعترضون هذا قسم من الفتيات اللواتي وصلتنا مشاكلهن الى الحاكم.
وهناك قسم آخر من الفتيات وصلت مشاكلهن الى الحاكم بعد الاحصاءات والبحث تبين انهن ممن يكون اباؤهن وامهاتهن متشددين وقد تجاوزا الحد في الكلام معهن والتضييق عليهن والسيطرة عليهن (الانسان حريص على ما منع) وهذه المبالغة اوجبت ان تحصل الفتاة على ما تريد، وان تتكلم في الخارج مع غير المحارم مما تسبب بان تعتقلها الشرطة وتذهب للمحكمة.
الكليني (قدس سره) ينقل رواية في كتاب الكافي وهي مناسبة لبحثنا اليوم يقول الامام الصادق (عليه السلام): ان رجلاً كان له جار وكان يهودياً(2)، فدعاه الى الاسلام وزينّه له فأجابه. فأتاه سميراً فقرع عليه الباب، فقال من هذا؟ قال: انا فلان، قال: وما حاجتك؟ قال: توضأ والبس ثوبك ومر بنا الى الصلاة، فتوضأ ولبس ثوبيه وخرج معه، قال: فصلينا ما شاء الله، ثم صليا الفجر، ثم مكثا حتى اصبحا، فقام الذي كان نصرانيا يريد منزله، فقال الرجل: اين تذهب النهار قصير، والذي بينك وبين الظهر قليل، قال: فجلس معه الى ان صلى الظهر، ثم قال: وما بين الظهر والعصر قليل، فاحتبسه حتى صلى العصر، قال: ثم قام واراد ان ينصرف الى منزله فقال له: ان هذا آخر النهار واقل من اوله، فاحتبسه حتى صلى المغرب، ثم اراد ان ينصرف الى منزله، فقال له: انما بقيت صلاة واحدة، قال: فمكث حتى صلى العشاء الآخرة ثم تفرقا، فلما كان سميراً غدا عليه فضرب عليه الباب، فقال: من هذا؟ قال: انا فلان، قال. وما حاجتك؟ قال: توضأ والبس ثوبيك واخرج فصل قال: اطلب لهذا الدين من هو أفرغ مني، وانا انسان مسكين وعلي عيال، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ادخله في شيء اخرجه منه، او قال: ادخله من مثل هذه وأخرجه من مثل هذا.
آمل الا تتشددوا مع فتياتكم حيث يتورطوا في أمور لا تحمد عقباها ولا تتشددوا مع ابنائكم إذا كان في ابنائكم نواقص واشكالات فهذا امر واقع لا يمكن رفعه دفعة، عندما يقوم الابن بعمل سيء فاعترض عليه اعتراضا واحدا يعني افتح له طريق اصلاح السيئات التي يرتكبها اليوم أصلح له الخطأ الاول لكن دع الثاني والثالث والرابع للغد حيث تسعى لاصلاح خطأ آخر وبهذا ترفع نواقصه تدريجياً. وإذا أساء كثيراً فلا تعاتبه وتعيره بذلك فان ذلك سيجرأه. فمثلاً إذا علمت انه كذب فلا تعيره بذلك.
لكن في نفس اليوم ونفس الليلة اقرأ له احدى الروايات والآيات المتعلقة بالكذب، لأن كثرة العتاب امر يبعث على الضيق، لا يمكن جعل المرأة متدينة بواسطة كثرة الانتقاد والاعتراضات المتواصلة فلا يمكن جعل الصبي مصلياً بذلك. وخلاصة الكلام انه كما لا ينبغي ان نكون غير مكترثين كذلك لا ينبغي ان نكون متشددين، طالما اتصلوا بي تلفونياً مثلا تتصل امرأة وتقول ان زوجي متشدد الى درجة انه لا يسمح لي بالتكلم مع اخيه او انه متشدد الى درجة انه لا يسمح بالجلوس الى طاولة الطعام فيما لو جلس اخوه او عمه أو خاله او شخص من الأقرباء غير المحارم وكثيراً ما تأتيني اتصالات مثل هذه ورسائل كذلك على هذا النحو. وهذه كلها اجراس خطر.
ترون ان امثال هذا التشدد تؤدي شيئاً فشيئاً الى اللامبالاة يعني إذا ألزمت زوجتك مثلا بلبس البرقع (المنديل الذي يستر الوجه) فأنها تلبسها في حضورك وانت تفرح بذلك وأنها حتى لا تبدي عينيها لكن عندما تكون وحدها عند بائع الخضار فأنها تخرج يدها لانتقاء الخضار او عندما تذهب البزار فأنها تشتري الالبسة التي لا ينبغي ان تشتريها وتبذل الابتسامات ايضاً.
واما التربية بالعمل فان تأثيرها اشد من التربية بالقول. معنى التربية بالعمل أنك ايها السيد تصير انساناً وعندها فان ابنك يصير انساناً. ان تكون انت مصقولاً فيصير ابنك كذلك. التربية بالعمل تعني أنكِ انتِ ايتها السيدة تتقي الله وحينها تصير ابنتكِ تقية. ان تكوني انتِ عفيفة فتصير ابنتك كذلك. هذه هي التربية بالعمل.
هذه هي فلسفة الأمر: مبدأ المحاكات قوي في البشر خصوصاً في الشباب والفتيات والاطفال ومعنى المحاكاة هو متابعة الآخرين من دون دليل، من دون التفات. هذا يسمونه مبدأ المحاكاة.
يعني تارة يقبل الانسان شيئاً من آخر لكن بالدليل والبرهان كما يقول القرآن انه هكذا يجب ان يكون المسلم: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 18]، يعني بشر هؤلاء الذين يتبعون الاحسن ويتركون السيء وإذا اخذوا شيئا فإنما يأخذونه مع الدليل، ولا مجال للشائعات في حياتهم ليسوا ممن يقبل كل ما يقال، كل شيء يفعله اي كان انما يقبلوه مع الدليل مع الالتفات. وهذا يسمى اقتباس وفي مقابله التقليد. والتقليد غلط ومعناه قبول شيء ما في شخص ما من دون دليل او برهان مثل الشائعات الموجودة هذه الأيام عندنا جميعاً يقولون مثلا فلان قام بالعمل الفلاني وتذهبون أنتم الى بيوتكم تقولون ان فلاناً عمل العمل الفلاني فهذا معنى الشائعة، القبول من دون دليل والقول من دون دليل واثمها ايضاً كبير.
يقول النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله): (كفى بالمرء من الكذب ان يحدث بكل ما سمع)(3)، احدى الاشياء التي اعدها الاعداء لثورتنا هي هذه الشائعات التي يحبكوها وينشروها ومكبراتهم هي افواهنا نحن الثوريون يعني نحن جميعاً من ناشري الشائعات نحن مكبرات صوت للعدد، اذ ننقل كل شيء نسمعه طبعاً لا تكذبون بالمعنى الدقيق اذ تقولون قالوا وسمعنا وامثال ذلك لكن هذا الذي تقولون يجعلكم تسمون مقلدين ولأجله يعتبركم القرآن اناساً سيئين.
يقول القرآن الشريف حول عباد الاصنام: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23]، يقول ما أعجب هؤلاء الجهلة إذ نقول لهم تعالوا لنترك الأصنام فيقولون إن آباءنا وأجدادنا عبدوا الأصنام ونحن نفعل ذلك. هذا يسمى تقليداً وهذا التقليد غلط في كل المجالات ما عدا محل الضرورة مثلا أنتم لا تستطيعون الاجتهاد في الفقه فيجب عليكم أن تقلدوا أو تريدون قبلاً شراء بيت ولا تستطيعون أن تكونوا بنّائين إذ لا يستطيع المرء أن يكون مثلا تاجراً وبناءً في نفس الوقت فتضطرون للتقليد فتأتون بمعمار لكي يقيم لكم البيت.
ففي كل موضع اضطررتم لهذه الأمثلة التي ذكرتها، تقلدون المرجع مثلاً لأنكم لا تستطيعون الاجتهاد، ومن هنا لا تستطيعون التقليد في اصول الدين، بان تقولوا لان مرجعي المقلد يقول بالقرآن والنبرة مثلا نحن أيضاً نقول بذلك، لان ابي قال ان الله موجود فأنا ايضاً اقول بذلك وانه واحد لا اثنان هذا لا يصح اذ يجب ان يكون ذلك بالاجتهاد وهذا يسمى تقليد!
واسوأ من هذه المحاكاة وهي ان يقتنع الإنسان بشيء من شخص من دون دليل أو برهان، من دون التفات. وهذا كثير الانتشار في الناس، وكثير ايضاً بينكم أنتم حضّار المجالس وكثير ايضاً بين العلماء، لا نستطيع ان نقول انه غير موجود بل هو موجود وفي الشباب أكثر وبين الاطفال أكثر.
المثنوي عنده مثال حول المحاكاة اذكره لكم: نزل الصوفي وربط حماره خارج. وكان الآخرين يبكون من الجوع فأخذوا حماره وباعوه واشتروا طعاماً بثمنه وأقاموا وليمة واحتفلوا بعدها وأخذ أحدهم يغني: بعت الحمار وأكلت الطعام وذهب الحمار وكان الآخرون يكررون من بعده وذهب الحمار وذهب الحمار فاخذوا يصفقون وصاحبنا يصفق معهم ويغني من دون ان يعرف ما القصة وكان كلما اقترب من الخادم يريد ان يخبره يجده متحمساً أكثر من غيره في الغناء فينصرف عن قصده. الى ان انتهت الحفلة فخرج يريد حماره فلم يجده سأل عنه فأجابوه ان الوليمة كانت بثمن هذا الحمار. فسأل الخادم لماذا لم تخبرني فأجابه: لقد كنت متحمساً كثيراً ولم أقدر على اخبارك. فقال شيئاً ذكره المثنوي في شعره:
لقد جعلني تقليدهم هباءً ألا مئة لعنة على هذا التقليد
اي انه كان يردد معهم ذهب الحمار ذهب الحمار من دون ان يحاول معرفة القصة.
وهذا ما يدعى قانون المحاكاة فانه كثير بين الحيوانات وبين الناس ايضاً ولو انه سيئاً. وهو كثير بين الأطفال والشباب ايضاً. لكن برغم سوءه فان لديه ميزة انه إذا عاشر الانسان شخصاً جيداً فان قانون المحاكاة سيجعل منه شخصا صالحا رفيق الخير، ورفيق السوء وهنا يؤثر قانون المحاكاة.
لو كان الاب والام بدرجة جيدة من الالتزام لترك ذلك تأثيراً جيداً في اطفالهم من ناحية قانون المحاكاة. فلو كانا متدينين ملتزمين بالصلاة فان اطفالهم يصبحون كذلك من الملتزمين بالصلاة. لو كانت الأم ملتزمة بالحجاب فستلتزم ابنتها به وفق قانون المحاكاة فقانون المحاكاة يجري في البيت. فلو كان الاب والام سيئين ايضاً فهذا سيؤثر بالأطفال بشكل لا شعوري يعني يصير ذلك تربية عملية الطفلة تصبح فاقدة للعفة بسبب فقدان امها لها، لم تقل لها امها تخلي عن العفة ولم تقل لها دعي الحجاب، والاب لم يقل لهم لا تصلوا لكن عندما يرى الطفل ان اباه ينام حتى الثامنة صباحاً دون القيام لصلاة الصبح فسيتأثر بذلك طبقاً لقانون المحاكاة وكذلك لو ترك صلاة الظهر والعصر لا الصبح فقط والمغرب والعشاء ايضا فان ذلك مؤثر بحسب العادة ويكون مؤذناً بالخطر.
لو رأت ابنتك في البيت ثياباً غير لائقة ورأت أمها تلبسها امام غير المحارم او أنك تلبسين امام المحارم، تلبسين امام ابنك او صهرك ثياباً غير لائقة ورأت أنك تبدلين ثيابك بشكل لا مبالي امام اولادك فكل هذه الأمور التي تراها ابنتك تقودها الى الشقاء فالتربية العملية او قانون المحاكاة يترك آثاراً.
اما لو رأت البنت ان امها ملتفتة ومواظبة لهذه الأمور عندما تدخل في الشارع والزقاق تتحجب بشكل جيد وعندما تدخل الى المحلات لا تشتري البضائع الغير اللائقة وأنها تتكلم مع الباعة بمقدار الضرورة وبحرية أيضاً فإن هذا يؤثر في البنت. وان امها حتى لو ارادت اعطاء البائع الثمن فأنها تعطيه اياه بطرف عباءتها فأما هذا ايضاً له الأثر فيها. فليس من الضروري عندها ان تقولي للبنت دعي العباءة على رأسك بل ان هذه البنت لو رأى غير المحرم رأسها فستبكي وتصرخ وتعترض انه لماذا يدخل شخص الى البيت دون اخباري بذلك.
لقد رأيت الكثير من الفتيات في التاسعة والثامنة او السابعة من العمر يبكين ويصرخن لمجرد رؤية شخص من غير المحارم شعرهن. من اين اتى هذا؟ ألأن أباها قد قال لها ذلك. ربما لم يكن الاب قد تكلم حول هذا. ما اعرفه هو ان عفة امها قد قيدتها. إذا اردت ان يكون ولدك متديناً فكن انت متديناً عندما يرى الصانع الذي يعمل عندك او ابنك ان امرأة دخلت الى دكانك وكنت انت بائع اقمشة مثلا فتبسط لها الاقمشة وتشرع بامتداحها، الامتداح مذموم جدا فهذا سيؤثر سلبا في تلميذك وفي ابنك، يذكر الغزالي في إحياء العلوم: ان عبد الرحمن بن عوف أحد اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان تاجر قماش وحرير فجاء مشتر وطلب منه مقدار من الحرير فوضعهم أمامه وقال: (اللهم ألبسني من حريرة الجنة) ومن ثم انتبه ان هذا يعد مدحاً لقماشه ليرغب المشتري، فأعرض عن بيعه فأصر المشتري؟ لماذا؟ فأجاب لأني مدحت بضاعتي وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان ذلك مذموم.
لا نطلب منكم ذلك، لكن لا تمدحوا كثيراً فان رقيب وعتيد يكتبان ذلك. والا لا قدر الله ان يكذب فيقول لا يوجد من هذا النوع في السوق ولا في طهران ولقد احضرته بعدة مصائب ومن ثم يكذب في ثمنه بينما ولده والعامل يشاهدان ذلك. وأخيراً فانه يبيع القماش. لكن أتعرف اي بلاء اوردت على ولدك وعاملك وعلى نفسك. هل ان التومان او العشرة او الألف تبلغ بالإنسان إلى شيء، ان الله الذي يبارك ويسدد.
والا قد تكون قد حصلت ألف او ثلاثة آلاف بالغش. ثم يتصلوا بك ان ابنك قد وقع ويحتاج إلى عملية جراحية بقيمة سبعون ألف تومان. لكن من اين حصل ذلك؟ من الكذب لأنك خدعت مسكيناً ولم تكن وفياً فان للخدع مراتب وكما يقول صاحبنا. انه قد يكذب على الجميع حتى على الله حتى على نفسه قد يكذب احياناً على نفسه فكيف على الصديق
كان استاذنا الكبير القائد العظيم ينصحنا وسأوردها لأنها خير شاهد على كلامنا. اقول ذلك للتجار والمعلمين خاصة المعلمات والمربين إذا كانوا حاضرين لأنهم عادة لا يحضرون إلى هكذا مجالس وهذه هي التعاسة.
يقول استاذنا الكبير انه قد اثبت لي بالتجربة في كل قرية او مدينة ذهبت اليها دققت وحللت فيها ووجدت انه إذا كان اهلها متدينين فبسبب وجود عالم متدين ونشيط بينهم لا يزال موجوداً او توفي ولقد جربت العكس ايضاً لقد وجدت ان سبب فساد الناس فساد عالم كان عندهم ولا يزال موجوداً.
انتبهوا فان الناس سيتبعوكم بلا شك.
من المشهور انه كان هناك عالماً من دون عمل عالم سيء. فجاء اليه شخص متدين وقال له: اريدك ان تقول لي بصراحة هل هناك قيامة ام لا؟!. فاذا لم يكن هناك شيء من هذا القبيل فأخبرنا لكي نرتاح نحن ولا نشقى بالعمل وإذا كان هناك قيامة وحساب فلماذا لا تعمل انت!! هذا يدلنا على ان العالم المتدين التقي صاحب الأخلاق الفاضلة يصلح الناس من دون ان يشعر. والعالم الفاسد الغير متدين يفسدهم من دون ان يشعر بذلك ايضاً.
إذا كان المعلم غير لائق فانه سيفسد ولدك خاصة إذا كانت المعلمة سافرة او كان لسان المعلم بذيء في مدة عام واحد قد يفسد ستين تلميذاً. وبعكس هؤلاء فالمعلم المتدين الذي يصلي صلاة الظهر في اول الوقت وإذا تأخرت صلاته يتضايق هذا يؤثر على اولادكم، حسناً عسى الله عز وجل ان يعفو عن ذلك.
كان عدي بن حاتم محباً كثيراً لعلي (عليه السلام)، وقد قدم ابناءه مع علي (عليه السلام) في حرب صفين جاء ذات يوم الى معاوية، فأراد أن يشمت به معاوية فسأله: اين ابناءك؟ فقال قدمتهم في سبيل علي (عليه السلام) قال معاوية: لم ينصفك علي ولم يكن وفياً. لقد ذهب ابناءك الثلاثة، والحسن والحسين ما زالا موجودين. فأجاب عدي: بل انا الذي لم أكن وفياً لأن علي (عليه السلام) قد ذهب وانا بقيت.
اتعرف من اين وجد هذا. من أحد افعال النبي (صلى الله عليه وآله) حيث أسلم حينئذ عدياً. أرسلته أخته من الشام لأن أخته الأخرى كانت قد أسرها المسلمون في المدينة. فأتي إلى مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فأحترمه النبي لأنه كان ابن حاتم الطائي وافترش له عباءته وأجلسه عليها. ثم دعاه الى بيته بعد صلاة الظهر وكان عدياً ما زال كافراً في الطريق اوقفت عجوزاً الرسول (صلى الله عليه وآله) وأطالت الحديث كثيراً مما اتعب عدياً لكن كان النبي يستمع اليها بهدوء فأخذ يفكر عدي لو كان الرسول كاذبا لما فعل ذلك لو كان يطلب السلطة والجاه لما وقف مع هذه العجوز وارفق بها بهذا الشكل.
وفي البيت وجد الاثاث بسيط جداً فأجلس عدياً على جلد خروف وجلس (صلى الله عليه وآله) على الأرض. واختصر الطعام على الخبز والحليب وبهذا العمل هيأه النبي (صلى الله عليه وآله) بشكل عملي للإسلام.
ثم قال له بما إنك نصراني ولا يجوز لك ان تأخذ العشر والربع من اموال الناس فلماذا تأخذها؟! فاضطرب عدي لأن لم يكن أحد غيره يعلم بذلك. وتلا الشهادتين. (اشهد ان لا اله الا الله وأشهد ان محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله)(4).
خلاصة الكلام انه إذا كنتم تربون بالكلام فسيطروا على اعصابكم ولا تقسوا بالكلام، لكن ليكن الأساس التربية العملية في البيت، لا تجلس لتغتب فاذا رأتك ابنتك تجلس مع امها لتستغيب فأنها ستفعل مثلكم وعندما ترى والديها يسيئون الظن بالروحانيين فستصبح قاتلة لهم. ان الشيطان يبدأ من القليل من سوء الظن اولاً وعندما يحصل ذلك عند اولادك. فانهم سيعتبرونه فاسقاً وقد يكفرونه وعندها يصدرون حكم قتله.
لقد تحدثت ذات مرة إلى النساء. إذا كنت تنوين الغيب فضعي ولدك (في فصل الشتاء القارس) ضعيه في الثلج. واجلسي استغيبي وعندما تنتهين من الغيبة اجلسيه فلئن يشل جسميا أفضل له من ان يشل روحيا. وبتعبير آخر فان أبنكم يتأثر بالغيبة ولو كان رضيعاً في السرير.
وسيشله روحياً. فكيف اذن بالفتاة التي تذهب مع امها إلى مجالس الغيبة حيث لا يتكلم النساء الا بالغيبة والكذب والهزل. فماذا سينتج من هذه الفتاة؟؟.
يأتي الشاب إلى مجالس المسنين فلا يجد غير الكلام عن الدنيا والماديات والغيبة والشائعة فماذا نتوقع من هذا الشاب هل تتوقع منه ان يذهب إلى المسجد؟!
يدخل الى البيت يجد والده يستغيب وما أعظمها من غيبة!! ويرى ان والده يسيء الظن وأخذ يتكلم على الثورة لأن وضع كسبه قد تغير قليلاً. هل تتوقع من هذا الشاب ان يكون ثورياً؟!.
ايها السيد، لقد قاموا بثورة في روسية ولم يصلوا إلى نتيجة لقد مضى قرناً على ثورتهم ولم يحصلوا شيئاً غير الرجوع إلى الوراء. لقد قال قائد الثورة العظيم في اليوم الاول من الثورة (ان كل من يأكل البطيخ عليه ان يتحمل سلبياتها (مثل فارسي)، الموت لأمريكا)؟!
ثم يبدأ بالاعتراض والنق. وأقول لكم ان ثورتنا ستثمر عندما يتغير هذا الجيل على الشباب ان ينتبهوا ان هذا الجيل يجب ان يكون متدينا يجب ان يبنى والا فلن تصل هذه الثورة الى نتيجة وهذا يحتاج إلى تربية الآباء والامهات وتربية المعلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ما استفاده المؤلف الجليل من هذه الآية خلاف الظاهر اذ الظاهر ان موسى (عليه السلام) طلب من الله ان يشرح له صدره وييسر له امره في عرض واحد اي يسر امري في ما سوي بشرح الصدر وليس الظاهر منها ان التيسير مترتب على شرح الصدر. وكذلك الكلام في الفقرة الثانية اي واحلل عقدة من لساني.
2ـ الرواية في الوسائل، ج11، ص427، باب14، ح3، لكن فيها انه كان نصرانياً بدل يهودياً. وهذا نقلها المؤلف بالمضمون. ونقلناها نحن بالنص.
3ـ كنز العمال، الخبر9، 8201.
4ـ سيرة ابن هشام، ج2، وقائع السنة العاشرة للهجرة.