x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
ضرورة الإحاطة بجميع جوانب الشباب
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: تربية الشباب بين المعرفة والتوجيه
الجزء والصفحة: ص39ــ48
2023-02-13
1327
اننا نسلك طريقاً مهماً «نسعى فيه الى تربية الشباب وتنمية استعداداتهم.
كما ان الشباب ايضاً يسلكون اصعب مراحل حياتهم في هذه الفترة الزمنية .
ان اغلب الاباء والمربين ليس لديهم الاطلاع الكافي عن الجوانب التي تحيط بحياة الشباب. وما يزيد من حساسية الموضوع هو ان الاباء والمربين لا يمكنهم ان يوصلوا ابنائهم الى الطريق الصحيح ما لم يتخذوا المواقف المناسبة تجاه ابنائهم.
ويعتقد علماء النفس ان هناك الكثير من الامور التي لم يكن لها اي حسبان في ذهن الآباء والمربين، اذ انها تنشأ فجأة عند الشباب، لذا كثيراً ما نلاحظ ان المربين والمرشدين يتصرفون معها حسب رأيهم الشخصي.
من الناحية العلمية يستلزم على المربين ان يكونوا لأنفسهم الاطلاع الكافي بالبعد الجسمي والنفسي للشباب، كالدوافع والانتماءات ليتمكن لهم من بعد ذلك التخطيط للبرنامج الصحيح الذي يناسب الشباب.
ويتعين على المربي ان يدرك هل ان الشاب يعيش وضعا عاديا ام ظروف استثنائية ومدى تسلط الشاب على نفسه اضافة الى الانفعالات التي تعتري حياة الشاب والمراهق. والنواقص والاحتياجات والمواقف. وكيفية اتخاذ الموقف الصحيح تجاه المراهق والشباب وكيفية توجيه افكاره وقدراته.
ان المشكلة الكبيرة التي تواجه الاباء والمربين هي ان الشباب ليسوا في المرحلة التي تؤهلهم لتقييم ذواتهم. فهم لا يدركون السبب في وجودهم وهدفهم في الحياة. وفي أي المجالات بإمكانهم ان يحصلوا على الموفقية والسعادة. واي المسؤوليات بإمكانهم ان يؤدونها.
وهم بحاجة الى ان يدركوا ما هي احتياجاتهم؟ وان مطاليبهم الى اي درجة معقولة؟ وهل مطاليبهم قيمة وفي أي طريق يمكن ان تحقق؟ واية فلسفة عليهم ان يختارونها لحياتهم؟ وفي أي فرع ومجال يتعين عليهم ان يوظفوا طاقاتهم كي يصلوا الى السعادة؟
ان الاعذار التي يقدمها المراهق او الشاب بخصوص جهله بالأمور، هي أعذار مقبولة، لأنه قد دخل الى الحياة حديثاً والاخرون هم المعنيون بتوفير المعلومات اللازمة للشاب لكي يفهم الامور كما هي. ان اغلب الشباب الذين نعتبرهم منحرفين ما كانوا لينحرفوا إلا أنهم لم يصادفوا في حياتهم من يعينهم على فهم الامور واتخاذ المواقف الصحيحة تجاهها.
كما انهم لم يصادفوا من ينبههم الى خطورة الحوادث التي يواجهونها، فداهمهم القلق والاضطراب وسلكوا الطرق المنحرفة كما تفاقمت عقدهم النفسية بمرور الزمان ولم يعد بإمكانهم ان يتخلصوا منها.
ضرورة رسم الطريق الصحيح للشباب:
ان من الضروري ان يصل الشباب الى الطرق والمسالك التي تناسبهم والتي تؤدي هم الى اهدافهم المشروعة. كما من الضروري جداً ان يدخلوا الحياة الاجتماعية بيقظة وانتباه وحذر، وان تبرمج امورهم على نحو يضمن لهم حياة شريفة، كي يوفروا لأنفسهم احتياجاتهم الضرورية في الحياة بما فيها الجانب المادي.
لان ابنائهم مرتبطين بنا الى حد مرحلة البلوغ، وهم ينصاعون الى اوامرنا في هذه المرحلة، ان ارتباطهم بالآباء يبعدهم عن الكثير من الخطورات المختلفة. ولكنهم ما ان يدخلوا مرحلة الشباب، نراهم لا يعيرون أهمية للنصائح والتوجيهات التي تسدى اليهم. اذ يسعون الى تشكيل حياة مستقلة عن الوالدين. واكثر ما يمكن ان نقدمه لهم هو ان نكون مستشارين جيدين لهم لا آمرين او ناهين.
وكم سيكون رائعاً حينما تقترن قوة اجسامهم بالعلم والاخلاق والفضائل. اذ سيمتزج جمال الجسم بجمال الروح. نافلة القول ان على الاباء والمربين ان يأخذوا بعين الاعتبار الابعاد الجسمية والنفسية والمعنوية للشباب وان يوضحوا للشباب الكثير عن الحقائق ويجيبوا على تساؤلاتهم، اذ بدون ذلك لن يمكن لهم ان يرسموا للشباب الطريق الذي يوصلهم الى الخير والسعادة.
• كيفية بناء شخصية الشباب:
ان بناء شخصية الشاب تستلزم انماء جميع الجوانب الروحية والمعنوية للشاب وتطوير استدلالاته العقلية. وان لا يفوتنا في ذلك ايجاد انسجام تام بين الصفات الاخلاقية والاساليب الفكرية بما يلائم ويناسب الاستعداد الذهني للشاب، كما يجب ايجاد توازن تام وانسجام كامل بين سلوك الشاب والقيم المبتغاة.
كما ان سنن الحياة هي السنن التي ستبقى تحكم حياة الشاب سواء في مرحلة الشباب او في المراحل الاخرى من العمر، ولذا يستوجب ان ننبه الشباب وضمن البرامج التربوية على هذا الامر المهم لكي يستعدوا لمواجهة الحياة بالشكل المطلوب.
• الابعاد التي يجب الاهتمام بها في بناء شخصية الشاب:
في تربية المراهق والشاب يجب الاخذ بعين الاعتبار الجوانب التالية:
- الاهتمام بالجوانب الجسمية وتحديد الغرائز.
- الاهتمام بالبعد النفسي للمراهق أو الشاب واعانتهم على درك حقائق الحياة وتكوين رؤية متكاملة وصحيحة للكون. وايجاد تطابق بين السلوك وهذه الرؤية ، كالإيثار والتضحية من اجل العقيدة.
- الاهتمام بالبعد العاطفي كالحساسية والاضطرابات والقلق والصداقة والخصومة وما شاكل من الحالات التي تعتري حياة المراهق والشاب.
- البعد الاجتماعي وكيفية التعامل الصحيح مع الاخرين، والروابط والعلاقات الاجتماعية والمسائل الاخلاقية، وكيفية انتخاب الصديق.
- الجوانب المرتبطة بالحياة السياسية للشاب كالانضمام الى الاحزاب والجماعات السياسية، وضروري ان يتم تنوير ذهن الشاب بمعنى الحرية وحدودها.
- الجوانب المرتبطة بتمايلات الشاب وانتماءاته ورغباته باعتبارها جواب لها أثر فاعل في مجالات اخرى.
- والاهم من كل الجوانب التي تم ذكرها، سابقا يجب الاعتناء بالجانب الديني والمذهبي لماله من دور بالغ الاهمية في بناء شخصية الشاب ومنحه الطمأنينة والاستقرار كما يساهم الجانب الديني في تسلط الشاب على اهوائه وغرائزه وتوظيف طاقاته وقابلياته لما فيه الخير لنفسه ولمجتمعه .
• الاطلاع على الحالات المختلفة:
يشبه الانسان البحر المملوء بالكنوز الثمينة. وكم كثيرون هم الذين قضوا حياتهم دون ان يكتشفوا المجوهرات الثمينة المختبئة في انفسهم عن استثمارها. وكم كثير اولئك الذين اكتشفوا هذه المجوهرات لكنهم لا يدرون ماذا يفعلوا بها وفي اي مجال يستثمرونها، كما ان هناك اناس تصبح هذه المجوهرات في ايديهم وعراقيل تحول دون وصولهم الى الهدف بعد ان تحجب أعينهم وعقولهم وتمنعهم من رؤية الحقائق كما هي:
ان على المربين الاعزاء ومن اجل بناء شخصية الشاب ان يكتشفوا جميع الجوانب والابعاد كما يتعين عليهم ان يطلعوا الشباب على استعداداتهم وقابلياتهم العظيمة وأهميتهم في المجتمع .
ولابد ان يحيط المربين علماً واطلاعاً على جميع الظروف والحالات التي تكتنف حياة الشاب كقدراته وضعفه وان يرسموا للشاب الطريق السليم المؤدي الى الصلاح والنجاح.
كما يلزم على المربي ان يكون له اطلاع بالمستوى العلمي للشاب ومقدار ذكائه والانحرافات التي يقع الشاب في فخاخها. ومن ثم ان يدرس جميع هذه الحالات ليتمكن من شق طريق يوصل الشاب الى الهداية والصلاح. ان دراسة كهذه بإمكانها ان تتوصل الى أسباب الانحرافات والجرائم التي قد تصدر من الشاب. والى طريقة معالجتها والقضاء عليها.
• الاحتياج الى مصدر للتوعية:
لا شك ان لأغلب الفضال والرذائل حضوراً فطرياً في الذات الانسانية ولكن اكثر الناس يخطأون في اختيار من يقتدون به ويجعلونه نموذجاً لهم، اذ ان معظم الاختيارات هي غير صحيحة مما تولد عندهم الضلالة والانحراف. اذ ان التربية الخاطئة وانتخاب نماذج ليست اهلاً للاقتداء بها اضافة الى الفساد الموجود في المحيط، تشكل جميعها انحراف الشاب وتحجب ضميره ووجدانه بمرور الايام وتعيقه دون الوصول الى حقائق الامور.
ويمكننا القول ان اكثر التصرفات والميول التي نلاحظها عند الشاب هي اكتسابية، اكتسبها الشاب من محيط العائلة او المدرسة او المجتمع بشكل عام.
ان الاطفال يميزون ما هو خير عن ما هو شر او سيء عن طريق الاباء مباشرة ودون ان يكون لهم اي دور في ذلك، كما انهم ينعمون الى السابعة من العمر بأكثر مقدار من عطف الوالدين ومحبتهم، وفي السنوات السابعة الاخرى اي من السابعة الى الرابعة عشر من العمر يتضاءل دور الوالدين في تأثيرهم على الاطفال والناشئة، اذ يتضاعف دور المدرسة والبيت في تعريف الطفل والناشئ، بمجمل الامور، اما في السبعة اعوام الثالثة من العمر فان بروز التغيرات الجسمية كالطول وتغير الصوت يوهم الابناء انهم لم يعدوا بحاجة لمن يرشدهم ويوجههم، أو انهم يستغنون عن نصائح الوالدين والمربين.
ان المراهق والشاب بأمس الحاجة للاستفادة الصحيحة من حياته وان يحصل على المعلومات الضرورية في الحياة. ولذا هو بمسيس الحاجة لمصدر موثوق يجيب على كثير من تساؤلاته ويوفر له المعلومات اللازمة، فالشاب ينوي ان يسلك الطريق الصحيح وأن لا يضيع في المتاهات وان ينتهج الطريق الذي يوصله الى السعادة. فان منح الاباء والمسنين تجاربهم للشباب واذا يرغبوا الشباب على اكتساب العلم والمعرفة وبرمجة اوقاتهم كي لا تضيع هدراً، وتشويقهم على ذخر التجارب، حينها سيمكننا القول ان جيلاً كهذ سيكون جيلا سعيدا وخلاقا.
• ضرورة وجود القدوة:
لا يمكن ن يكتفي الشباب بالتعلم الفطري والعمل بنصائح المربين، اذ ان حياتهم لا تنحصر على التنظير فقط ولا بد من اقتران التجارب والنصائح والتوجيهات بقدوة يقتدي بها الشاب ويسعى ان يطابق سلوكه مع سلوكها للقدوة دوراً بارزاً ومهماً وقد أكد الاسلام على ضرورته ولابد من السعي لتعيين قدوة للشباب تتوفر فيه الصفات الحسنة لان الاخطاء التي تبرز من الاسوة تنعكس على سلوك الشاب وتصرفاته سواء بشكل مباشر او غير مباشر. ولذا كان الرسول صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام معصومين من اي خطأ او زلل على اعتبارهم اسوة للعالمين.
لذا يجب ان نختار افضل الاشخاص واصلحهم ليكونوا قدوة للشباب كي تثمر التربية على افضل نحو ممكن.
ولابد من الاشارة ان اختيار قدوة لائقة توفر للشباب ان يقتدي كل منهم بهذه القدوة، حسب طاقته واستعداده ان كل من يؤثر على سلوك الشاب وتصرفاته هو في الحقيقة اسوة اختارها الشاب لنفسه، سواء في الحرم الدراسي او في الحياة الاجتماعية، اذ يحاول الشاب ان يقلد اعمالهم. ومن هنا يتبين الصعوبة الشاقة التي يواجهها الاباء والمربين في اختيار القدوة المناسبة للشباب.
• مرحلة ازدهار الاستعدادات والطاقات الخلابة:
ان مرحلة الشباب تمثل مرحلة تفجر الاستعدادات والطاقات الخلابة، ويتبين اهميتها حينما نعلم ان الشاب في هذه المرحلة ممتليء بالمشاعر الجياشة لاستقبال الفضائل، والتحلي بالأخلاق الرفيعة، كما انه ذو استعداد جسماني ونفساني، ويتحلى بالذكاء وحس الاطلاع، اضافة الى صفاء الضمير، ونلاحظ ان هذه الخصوصيات تساهم ايما مساهمة في هداية الشاب الى الطريق المستقيم وبناء شخصيته بأفضل نحو.
فالشاب تواق للإبداع والمغامرة. ويريد ان يلاقي دوماً استحسان الاخرين على تصرفاته وان يكون محبباً عندهم، كما يسعى لاكتشاف حقائق الامور والاشياء وان يفجر طاقاته باتجاه يضمن له الطمأنينة والاستقرار النفسي. لذا يتعين على المربي ان يعتني بهذا الاستعداد الذاتي: وتزويد الشاب بالمعارف الاسلامية، اذ ان التعليم في هذه المرحلة لن يمحى من ذاكرة الشاب، عن الامام الكاظم عليه السلام انه قال: «من تعلم في شبابه كان بمنزلة الرسم في الحجر». وهذا ما يثير الأمل في نفوس المربين. كما اكدت الاحاديث الشريفة على ضرورة تعليم الشباب القرآن الكريم، يقول الامام جعفر الصادق عليه السلام: «من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه)).
• التعليمات الضرورية:
لقد تبين مما ذكر سالفاً المعارف والعلوم اللازمة والضرورية للشاب، فلكي يتأهل الشاب ليكون فرداً لائقاً وصالحاً في المجتمع، لابد من تعليمات وارشادات اخرى نذكر منها:
الدروس الاخلاقية والسياسية والاقتصادية بالإضافة الى دروس ثقافية وعسكرية وايديولوجية.
وثمة علوم ومعارف اخرى لا تقل اهمية عن المعارف التي ذكرناها، لابد من اطلاع الشاب عليها، ولكن يجب ان يتم التركيز على العلوم والمعارف التي تمثل عصب الحياة الاجتماعية.
كما يجب ان يقترن كل فرع من فروع العلم مع التقوى والعبادة، وان يطلع الشاب على وجهات النظر المخالفة وعلى عقائد وافكار الاخرين اذ سيرسخ له هذا الامر اعتقاداته وافكاره ويوسع مدى ثقافته.
ومن أجل أن تأخذ عواطف الشاب مسيرها الصحيح لابد من بذل جهود كثيفة توصل الشاب الى مستوى علمي عال، لان العقل هو بمثابة المحرك الاساسي لجميع تصرفات وسلوك الشاب، اما العواطف فإنها تتحرك ضمن الفضاء الذي يشكله العقل.
يسبب اهمال الشباب اضراراً فادحة، اذ ان الفراغ العاطفي عند الشاب سيدفعه للجوء والاقتداء بمن هم ليسوا اهلاً لذلك. وسيستفاد من هذه الفرصة الكثير من المنحرفين اذ سيستغلون هذا الخلأ العاطفي عند الشاب ويوظفونه لكل ما هو سيء ومحرف. مما يسبب ذلك انحراف الشاب، كما ان بعض المستغلين يوظفون هذه الخلأ لمصالحهم السياسية وتارة لأفكارهم الثقافية والعقائدية المنحرفة.
لذا يجب ان يبرمج المربين برنامجاً يشمل الابعاد العقائدية والثقافية والاخلاقية، وذلك لتوفير حصانة كاملة للشاب تمكنه من مواجهة الانحراف والمنحرفين.
ان اهمال الشاب بسبب ضياع استعداداته وقابلياته وقدراته هدراً. كما سيقضي الشاب حينها اوقاته في الرغبات التافهة وتلبية الغرائز، وسينصرف عن اطاعة الدين.
ويعتقد علماء الاجتماع ان وضع برنامج اخلاقي وعقائدي وثقافي للشاب، وايجاد القدوة المناسبة له، تعمل كلها على عدم بروز صراعات نفسية عند الشاب بالإضافة الى انه سيزود بالمعلومات التي تؤهله لامتلاك رؤية واضحة عن الانسان والكون. اذ ان الانحرافات تنشأ حينما يروّج في المجتمع لشعار الحرية التي لاحد لها أو لنطلق عليها تسمية اللاابالية ويتفاقم الانحراف حينما يقتدي الشاب ويقلد العناصر المنحرفة في المجتمع.