x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
رعاية الضابطة
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: حدود الحرية في التربية
الجزء والصفحة: ص147ـ 152
2023-02-10
1211
هناك رأي يحكم بالنفي على الحريات المطلقة أو التحديد المطلق في التربية ويوصي بالحريات المشروطة أي أنه يقول في الحقيقة بوجود الضابطة، ومن أي مكان تظهر هذه الضابطة يجب أن تكون واضحة للمربي وصريحة أيضاً لكي يعلم كيف ومتى يجب تطبيقها ومن الضروري أيضاً وعي الضابطة وفهمها من قبل الطفل أو أي فرد يريد العيش في المجتمع لكي يوجه مسيرته على اساسها وفي حالة التخلف يعتبر نفسه مقصراً ومسؤولاً عن ذلك، من الطبيعي أن يراعى موضوع التدرج في التوعية في جميع الموارد والأبعاد بصورة تتناسب مع نمو واستيعاب الطفل، وكذلك توضيح حدود توقعاتنا منه في كل مرحلة من مراحل عمره.
ضرورة تعيين الضابطة
من الضروري تعيين الضابطة والقانون لحالات وحركات الطفل وسلوكه وطريقة استعمال الحريات وحدودها، ولهذه الضرورة جوانب فردية واجتماعية:
1ـ في الجانب الفردي: الانضباط ضروري لأن الجو النفسي للطفل ميال إلى الحرية المطلقة، لهذه الرغبة جوانب فطرية وذاتية. طلب الحرية أمر نابع من الذات ويسعى الطفل لتحقيق جميع رغباته، وان تحقق ذلك ليس بصلاحه دائماً وتقتضي سلامة عيشه وروحه أن يتخذ ضابطة له لأن هذه القواعد والمقررات لها حكم الملاذ الآمن والعامل لحفظ أمنه واطمئنانه الذي يساعد في خلاص الطفل من المخاطر ويحافظ عليه من الصدمات، لهذا يجب أن تكون جميع حالات وحركات الطفل قائمة على قاعدة وضابطة ولكن لا يحق له الخروج على تلك الضابطة أو يسيء استغلالها أو يتخلف عنها.
الحرية غير المجازة للطفل هي الحرية التي لم تعين ضمن حدود القاعدة والضابطة ونحن لا نؤيدها لأجل تنمية الطفل ومصلحته وهذا ما وافق عليه أكثر الأفراد وفي مجتمعات مختلفة.
2ـ في الجانب الاجتماعي: وجود وتعيين الضوابط من الناحية الاجتماعية له ضرورة لحياة المجتمع، وان الذي يساعد على وصول المجتمع الى حياة سليمة هم الناس أنفسهم من خلال احترامهم للضابطة والقاعدة. حرية كل فرد يجب أن تكون داخل إطار واضح للقاعدة والنظام لأن خلاف ذلك سيؤدي الى الفوضى والاضطراب والنزاع والظلم.
لو عمل كل حسب ذوقه فإن الحياة الهادئة ستكون مهددة ويبقى المستضعفون تحت سلطة المستكبرين وتنعدم المشاركة البناءة والهادفة لسمو المجتمع وتزول جميع الفضائل.
وجود الضابطة للأفراد أو المجتمع يمكن أن يكون عامل صلح وصلاح وخلاّقية وسبب لإيجاد التنوع والرفاه والتطور والتجديد، وجود الضابطة لا يحول دون الحرية وإنما يعطيها معنى وروحاً وطعماً ويجعل الحياة قائمة على العدل والحق.
أهداف تعيين الضابطة
هدفنا من وضع الضابطة هو للحيلولة دون التفكير الفردي والشخصي والاهتمام بالرغبة الذاتية فقط، وإنما يجب عليهم الاقتناع بأن للآخرين حق في الحياة وهذا يستلزم صرف النظر عن بعض الرغبات. الأساس في الانضباط هو أن على الطفل أن يأخذ بعض الضوابط بنظر الاعتبار أثناء لعبه وركضه وقفزه لكي يتجنب الأضرار لنفسه وللآخرين.
يجب أن لا يكون سلوك الطفل كالأدغال الضارة التي تنبت في كل مكان وفي كل صورة وتسبب الاضرار للنباتات الباقية. العين والأذن واليد والرجل وباقي الجوارح لا تكون تحت سيطرة الأهواء الشخصية بحيث تؤدي إلى تضييع حق الآخرين، وخلاصة كل ذلك يجب أن تكون هناك معايير حاكمة في حياتهم الأخلاقية والاجتماعية.
شرح الضوابط
يعد ذلك من الضروريات في مجال تربية الطفل وهنا يجب توعيته بصورة تدريجية حول القانون والقاعدة وحسب دركه وفهمه.
يجب أن يكون هذا الشرح ليّناً وملائماً وذكياً وهادئاً بحيث تجعل الطفل يشعر بالمسؤولية اتجاه القانون والعمل به لضرورته وليس بسبب الخوف.
يحتاج الطفل أحياناً إلى التفهيم وخصوصاً في مواقع التناقض والتضاد لكي يشعر بحلاوة القانون والانضباط يجب عليه أن يتحمل عبثاً في الوقت الحاضر والمستقبل.
يتعرض الطفل أحياناً إلى ظلم من هو أقوى منه وهنا يجب على الوالدين حمايته وإشعاره بانه لولا رعاية الضوابط لكان قد تعرض إلى الأذى.
في هذا الشرح يؤخذ بنظر الاعتبار درك وفهم الطفل وكذلك ميزان رشده وحجمه وعلينا أن نعلم بأن لكل عمرٍ مقتضيات خاصة، ومن الخطأ أن لا نعتني بموضوع استطاعة الطفل وقدرته على الفهم وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286]، لأن خلاف ذلك يحول دون نمو الطفل وكماله.
إجراء الضابطة
يعتبر اجراء الضابطة أكثر أهمية من شرحها، وأن وجود الضابطة هو المبدأ، وموضوع إجرائها مسألة أخرى يجب أن لا يكون الإجراء ثقيلاً على الطفل وفي نفس الوقت لا يهمل ذلك الكثير من القواعد والقوانين استلزمت مساعٍ كثيرة ومراقبة شديدة حتى اجتازت مرحلة التصويب ولكن للأسف لم تنفذ لأسباب بعيدة عن الجانب الإجرائي، فما هي الفائدة من أننا نمتلك أحسن الأصول والقواعد ولكننا عاجزين عن تطبيقها او ضعفاء في ذلك. يجب أن تكون العلاقة مع الطفل صميمية وأن لا نجعل الطفل يفر من مربيه. يمكن تطويره عن طريق الأخلاق المملوءة بالأنس والصفاء مع رعاية أصل التدرج بالحركة. من الأمور الضرورية هو الالتفات إلى أن الطفل لا يبقى طفل إلى الأبد وإنما سيرد الى مجتمع الكبار قريباً ويكون مضطراً لمراعاة القواعد والضوابط، فإن لم يدرب على ذلك لا يمكن الاطمئنان إلى مستقبله وقد يصبح صعب السيطرة، مع أن المعصوم (عليه السلام) يقول: (من لم يؤدبه الأبوان أدبه الزمان).
الضوابط المقررة يجب تطبيقها في محيط البيت والمدرسة وتنظيم لائحة العقوبات بالنسبة للمتخلفين وإعلامهم بها. لا يجب الموافقة على عدم طاعة الطفل للقانون وعادة يمنع ذلك بالتذكير والتنبيه وإن لم تنفع الأساليب اللينة نلجأ إلى أسلوب أكثر قسوة.
موارد المنع
تختلف موارد المنع حسب عمر الطفل وكما ذكرنا أن تطبيق الضوابط يجب أن يتلائم مع وسع ودرجة درك وفهم وعمر الطفل. ومن الممكن أن يكون أهم مورد للطفل هو الشيء المتعلق بسلامته وأمنه. مثلاً الطفل الذي لا يفهم معنى السكين أو الأشياء الحادة لا يمكن أن يكون حراً في لمسها وكذلك الأدوات الكهربائية والوسائل الأخرى التي يمكن أن تكون خطراً عليه في بعض الموارد وعلى الآخرين وكذلك يجب أن ننتبه إلى أن لا يصبح فرداً حاسداً وحاقداً ومتجاوزاً على حقوق الآخرين وغارقاً في المعصية والانحرافات النفسية. من الممكن أن نجعل تلك الأمور في قائمة الممنوعات بصورة تدريجية وعن طريق تعميم الضوابط الكلية لحياة الطفل ونضعه في إطار النظم والضابطة.
الرقابة اللازمة
ومن الضروريات ايضاً عدم تجاوز الحدود الطبيعية بحيث تؤثر على الحريات المشروعة للطفل وهذا ما سيؤدي إلى ترك آثاراً سلبية على إدارته لنفسه وإخلاصه وجرأته وفي الدفاع عن النفس، ويصبح معتقداً بوجوب كسب الإذن من الوالدين في جميع الموارد.
يجب أن يكون أسلوب العمل بالشكل الذي يشعر الطفل معه بحريته في عالمه الاجتماعي، واعتقاده بأنه لا ينقص بشيء عن الآخرين في هذا المجال لكي لا يصبح مستسلماً وذليلاً للآخرين وفي نفس الوقت لا يصبح متجاوزاً في حريته وسالباً لحرية الآخرين
يجب أن نراقب أنفسنا بأن أسلوب التحديد هذا لا يخرجنا من مسير العدالة، بحيث يشعر الطفل مثلاً بأن اعتباراته في طي النسيان، وأن لا تصدر خيانة لحقوقه، وأن نسامح ونغض النظر في المواقع التي تستوجب ذلك.