x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الطفولة :

حاجة الطفل إلى التظاهر

المؤلف:  د. علي القائمي

المصدر:  الأسرة ومتطلبات الطفل

الجزء والصفحة:  ص305 ــ 318

29-1-2023

978

احدى الاحتياجات الاساسية لشخصية الانسان الاهتمام بجمالياته المادية والمعنوية، والانبهار بنفسه؛ إذ يحب ان يبين ذلك للآخرين ويكسب اهتمام الآخرين وتشجيعهم له من خلال هذا الاسلوب. ومهما كان الوضع الذي يعيشه الافراد فانهم يرغبون في استعراض الجوانب الايجابية لحياتهم امام الآخرين ويذكرونهم بانهم افراد مهمون للغاية.

انهم عندما يسمعون الآخرين نجاحاتهم العملية، وحصيلة افكارهم، والجوانب الايجابية التي حققوها خلال حياتهم يريدون ان يثبتوا أولاً انهم افراد مهتون وقديرون، ولهم موطئ قدم في ميدان الحياة. وثانياً في حالة تمكنهم يسعون الى توجيه جانب الانقياد والتسليم لدى الآخرين تجاه انفسهم ويسيطرون على جسم أو ذهن الاخرين.

ان مسألة التباهي موجودة بصور مختلفة لدى جميع الافراد إلا انها أشد لدى الاطفال وفيما بعد اليافعين والشباب. ان شدة درجة التباهي لدى هؤلاء تبلغ حداً حتى انهم يظهرون في هذا الأمر حركات صبيانية، في حين ان الكبار يحاولون ان يبرزوا هذه الحالة من انفسهم بصور أخرى غير ظاهرة للعيان.

تجلي ذلك لدى الطفل:

هذه الحالة موجودة أيضاً لدى الاطفال، وقلنا انها بصورة أشد. ولعل جميع الآباء والأمهات قد لاحظوا هذه المسألة لدى الاطفال؛ إذ انهم يحاولون بنحو ما ان يبينوا أنفسهم، ويلفتوا انظارهم وتشجيعهم تجاههم. ويتجلى ذلك لدى الاطفال بهذه الصورة :

* مطالبة الأبوين بان يصغوا الى كلماته الحديثة واشعاره الجديدة وأيضاً الى صوته وترنيماته.

* المنافسة مع الاطفال ليثبتوا انهم افضل من الآخرين، ومن حقهم ان يحظوا بمحبة اكثر.

* التظاهر بأنهم يمتلكون من الخصائص والصفات التي لا يملكها الآخرون ومقتصره عليهم فقط.

* الضحكات العالية والطويلة، وتقليد حركات الآخرين، والاستهزاء ، وإثارة الضوضاء في حضور الآخرين.

* عرضه حالات الخلق والابداع التي قام بها وارائة الابتكار والاعمال التي يرون انها مهمة وقيمة.

* اظهار انفسهم على انهم هادؤون ومؤدبون في حضور الآخرين، خاصة اذا كان الامر يدور حول مسألة ابداء وجهة نظر حولهم أو الحكم عليهم وتقييمهم.

* الدخول في النقاش وعرض افكارهم ومعتقداتهم، حتى ولو كانت قليلة الاهمية أو لاطائل فيها.

حاجة الطفل لهذه الحالة:

من الناحية العلمية، الطفل بحاجة لكي يُظهر نفسه ويبين شخصيته وافكاره، وكذلك ابداعاته واختراعاته للآخرين. لكي يدرك في ظل هذه المسألة، بأنه في أي حالة وبأي وضع في ميدان الحياة هذه.

وعلى الآباء والأمهات ان يتقبلوا تظاهر الطفل الى الحدود التي يعتقد بانها معقولة ويسمحوا له بأن يُري نفسه بكل ابعاده وكيانه امامهم . ويفرغ مشاعره وأحاسيسه وينفس عنها لكي يسهل اصلاحه عند وقوعه في الخطأ والانحراف ويتمكن أيضاً التخفيف عن نفسه.

ان الطفل يحاول عن طريق التظاهر ان يظهر نفسه بأنه الافضل ويسمع الآخرين بوضعه وحالته الافضل لكي يحصل على المزيد من المحبة وهذا مطلب طبيعي؛ إذ تتبلور على اثره شخصية الطفل، ويتمتع بثبات الشخصية.

ان ثناء الابوين والآخرين يبعده عن التزلزل والترديد بشأن شخصيته، ويثبت له بانه فرد مهم وذو قيمة ويمكن الاعتماد عليه.

جذوره واسبابه :

لقد بينوا وجهات نظر متعددة حول علل ودوافع وجذور التظاهر لا يتيسر لنا دراسة جميع جوانبها في هذا البحث. وما يمكن ذكره باختصار هنا يشمل الموارد التالية :

١- كسب اهتمام الآخرين والنفوذ فيهم، لكي يتمكن في ظل ذلك ان يجلب احترامهم تجاهه، ويحظى بحرمةٍ اكثر.

٢- الفات الانظار اليه ليعرف من قبل الآخرين ويقيموا أعماله ليعلم الى اي مدى يحبونه ويحظى بموافقتهم.

٣- التغلب على حالات التحقير، وعدم الموفقية والخروج من الوضع السلبي الذي هو فيه وحالات المدح والثناء على النفس في هذا المجال.

٤-التحكم بالنفس ومصيرها والفوز بالاستقلال وايفاء دوره والتخلص من قدرة الابوين (الرغبة الشديدة بالاستقلال).

٥- حب الذات والتكبر يعدهما علماء النفس التربويين بأنهما من خصائص النمو وينظرون الى التبعية والتعلق من هذه الزاوية أيضاً.

٦- كسب الشهرة والاعتبار بين الاحبة والاصدقاء وبالنتيجة القبول في الجماعة.

٧- تعويض حالات الحسرة والألم، بحيث انه من خلال تغيير ملابسه مثلاً والكشف عن وضعه الجديد يريد ان يذهب حسرات الآخرين على نفسه.

٨- اثبات نفسه وقيمته وماهيته والتظاهر انه بامكانه ان يكون له بين الجماعة وجود معين.

ان التصور السائد سابقاً ينص على ان التظاهر امر فطري مائة بالمئة، واليوم يرى بعض علماء النفس بأنه امر اكتسابي، ومجموعة اخرى من العلماء تقول بأنه ناجم عن اختلاط الفطرة والاكتساب. وبأي شكل كان تصورنا لابد ان نقول بأن هذه الحالة موجودة في الاطفال، وانه يسعى ليظهر بريقه ولمعانه.

الجهود المبذولة لغرض التظاهر :

لو كان لكم اطفال في البيت ستدركون جيدا الى اي حد يسعون الى التظاهر واثبات وجودهم والتعبير عن انفسهم. انهم يسعون أولاً الى التعبير عن وجودهم وشخصيتهم بما هم عليه، ويكسبون اهتمام ابويهم تجاههم، وفي حالة فشلهم في الحصول على ذلك يلجأون الى الاستفادة من الاساليب الغير سليمة ويعبرون عن انفسهم.

ولعلكم تلاحظون ان الاطفال في الحياة العائلية يتظاهرون ببعض الأمور ويستخدمون في هذا الصدد بعض الحيل الطفولية، ليتمكنوا ان يلفتوا انظار الآخرين تجاههم. وفي بعض الاحيان يستخدموا الطرق المزعجة للقيام بالتظاهر، ويخلقون لآبائهم الكدر والازعاج. انهم يستثمرون أحياناً كل قدراتهم وطاقاتهم الفكرية، ويبذلون الجهود المضنية، حتى يتصببون عرقاً لكي يعبروا عن انفسهم بهذا الاسلوب ويشبعون غرورهم. كما ان منازعاتهم واضطراباتهم في محيط البيت كلها تعبر والى حد بعيد عن هذا الامر. وبالنتيجة فان حاصل هذا التظاهر يتمثل بالتحكم وتثبيت مكانته ووضعيته.

أهميته للأطفال :

بالرغم من كل المخاطر التي نراها من الناحية الاخلاقية للتظاهر، وبالرغم من كل التحليلات السلبية التي قيلت بهذا الشأن من حيث العلاقات الاجتماعية، فانه مهم لاستمرار حياة الطفل. وتأتي أهميته لأنه يهيئ الارضية المناسبة لكي يثق الطفل بنفسه، ويمكنه من التغلب على مشاعر الحقارة، ويلعب دورا مهما في بلورة شخصيته.

ويرى علماء النفس بان هذا الدافع يعتبر من الدوافع القوية ويلعب دورا مهماً واساسياً في حياة الطفل، خاصة وانه يهيئ الارضية اللازمة أمام قيامهم بالمزيد من الحركة وبذل الجهد. ان الطفل ولغرض تطوره وامتلاكه السعادة والحيوية بحاجة الى ان يحظى بقبول الآخرين له، وان لم يكن بوسعه التعبير عن نفسه بشكل جذاب ومتألق فكيف بوسعه ان يحظى بقبول الآخرين له.

وعندما يكبر الطفل تدريجياً فانه ينفض يديه من والديه ويحاول الاعتماد على نفسه. ويتجه نحو الجماعة ويرغب ان ينظم حياته الاجتماعية في هذا الوادي. وفي هذه الحالة بالذات يجب ان يحصل على المقبولية الاجتماعية لنفسه ولتحقيق هذا الأمر يجب أولاً ان يعبر عن نفسه ويتباهى أمامهم بنجاحه.

فوائد التظاهر للأطفال:

ان التعبير عن النفس وعن الشخصية، وكذلك ارائة الابتكارات والاعمال، والشعر والترنيم والاعمال اليدوية والصناعات، بشكل متزن وهادي يحمل فوائد عديدة اشرنا الى بعضها ضمن العناوين السابقة. وبوسعنا ان نضيف هنا موارد أخرى:

١- التظاهر هو سبب ارائة الاعمال والسلوك والكلام واعطاء الفرصة للأبوين لإصلاح العيوب والنواقص.

٢- عامل للتعبير عن التفوق والافضلية، وتفريغ العقد النفسية والتخفيف عن النفس والتخلص من الآلام النفسية.

٣- سبب لالفات الانظار وبالنتيجة الشعور بالنجاح والمقبولية بين افراد المجتمع.

٤- وسيلة للعثور على روحية العمل وبذل الجهد: إذ يمنح استعداداً أوسع للتعليم والمسير نحو التكامل.

٥- سبب لكسب الثقة بالنفس، والتعبير عن الذوق والابتكار، وأحياناً للأخذ والارشاد.

٦- وتظهر الجرأة أحياناً في ظله، وتزول حالات الخجل والحياء، ويدل على النمو، وتنمو الافكار.

٧- إلفات انظار الآخرين وكسب محبتهم، وهي من ضروريات النمو بحد ذاتها ووسيلة للشعور بالأمن والاستقرار.

أضرار عدم امكانية التظاهر :

اظهرت الأبحاث العلمية ان الاطفال الذين لا يملكون امكانية التظاهر أو انهم غير موفقون في ذلك يتعرضون الى بعض المخاطر والصعوبات. منها ان هذا الأمر يصبح سبباً للشعور بالملل وانهم مضطرون الى خنق هذه الرغبة في انفسهم ولا ينسبون ببنت شفة. وثانياً ان هؤلاء الاطفال لا يحظون بنمو طبيعي واعتيادي، لا من حيث البعد الجسمي والصحي ولا من حيث البعد العاطفي والنفسي.

وهؤلاء الاطفال ينزوون تدريجياً، ولا يحبون الحضور بين الجماعة. ولو وجدوا انفسهم بين الناس لا تظهر عليهم المحبة والتفاؤل، ولا يحظى الآخرين بمحبتهم الطاهرة والخالصة. وهم أيضاً لا يسعهم اخذ نصيبهم الكافي من الحياة.

ان الطفل الذي لا يجد امكانية التظاهر في الحياة يبقى في جهلة المركب، لأنه لا يُعبّر عن عمله لكي يصحح، ويملك تصوراً عن نفسه يخفيه في اعماقه. وهؤلاء الافراد يصبحون فيما بعد عديمي الجرأة. وليسوا بالوضع والحالة التي تمكنهم من التعبير عن انفسهم في المجتمع أو يدافعون عن حقوقهم. انهم يبيعون بضاعتهم بثمن بخس ولو جرى على احدهم ظلم أو حيف فأما يلجأ الى الانقياد والاستسلام أو يقف أمامه بصورة هشة غير متزنة وكلاهما خسارة كبرى.

عدم منع حصوله :

ان الدافع الذي يدفعنا الى الاعتقاد بوجوب عدم منع الاطفال عن التظاهر والتعبير عن جدارتهم وكفائتهم؛ هي هذه المخاطر والاضرار. طبعاً سنقول فيما بعد ان عدم المنع هذا لا يعني ان يأخذ هذا الامر صورة منحرفة أو يؤدي الى الافراط.

وينطوي رأي العلماء في مسائل علم نفس الاطفال على ان منع الاطفال عن التظاهر وتحقيرهم وتوبيخهم في تلك الاثناء، وعدم الاهتمام بالطفل عندما يريد التعبير عن نفسه يؤدي الى جرح عواطف الطفل وتفاقم شعوره بفقدان الامن اكثر فأكثر. وعندما يشعر الطفل بانهم لا يرون له ولعلمه أي قدر أو أهمية تذكر أو لا يريدون ولا يدعونه ان يضع نفسه وما ابتكره في معرض التعبير والافصاح سوف لن يكون له وضعاً طبيعياً ولن يحظى بالنمو الكافي.

كما اظهرت الابحاث ان الاطفال الذين يفشلون في اشباع الرغبة الى كسب الاهتمام في انفسهم سينجرون الى طرق ملتوية وغير طبيعية وحتى من الممكن ان يبتلوا بأعراض نفسية واختلالات سلوكية.

ان حالات الضرب المبرح ومنازعات الاطفال، والتبول في فراشه ليلاً ونهاراً، واللجوء الى اعمال التخريب وكسر الاشياء، وبذاءة اللسان، واللجاجة اغلبها من الممكن ان تفسر في هذا المجال، وهؤلاء الافراد الذين لم يجربوا سماع الانتقاد سيخشون فيما بعد من الفشل والانتقاد، ويعيشون في ازمة واضطراب نفسيين خاصين.

صورته المنحرفة :

تظاهر الطفل أمرٌ حسن بشرط آن يكون في المسار السليم، وفي طريق التعبير العادي عن وضع العمل ومكانته وشخصيته الطبيعية وعن اعماله وجهوده وابتكاراته. ولكن للأسف يخرج هذا الأمر أحياناً عن صورته الطبيعية والاعتيادية ويتخذ صورة منحرفة.

ويعد الرياء احدى مظاهر هذه الصورة المنحرفة ، وامر غير مطلوب، ويصبح السبب في تطبع الطفل بالمكر والخداع، ويمارس هذه الحالة منذ مرحلة الطفولة في حياته اليومية، ومن البديهي في هذه الحالة ان يواجه مستقبلاً خطراً في ميدان الحياة الاجتماعية لا تحمد عقباه.

المظهر الآخر المنحرف له الازدواجية والنفاق والظهور بوجهين؛ إذ تكون عاقبة ذلك وجود افراد متعددي الشخصية ذات ابعاد فاسدة وملوثة ويتركز سعي هؤلاء الأفراد حول اطلاق العنان لرغباتهم وميولهم والتفكير لإرضاء انفسهم فقط .

والمظهر الثالث لهذه الصورة المنحرفة يتمثل بالتفاخر، والتكبر، والتباهي. وبدلاً من قيامه بتوجيه طاقاته وقدراته في طريق البناء واصلاح نفسه تراه يسعى لاستهلاكها في هذه المجالات التي لا تعود عليه بأي نفع ولا تتسم بأي بعد ايجابي له، حتى انها تفسح المجال امام التقولات الفردية والجماعية عليه. ان تجريح الناس بالكلام، وايذاء الافراد الضعفاء، والتكبر والتعالي تنشأ من هذا الامر.

واخيراً يولّد التظاهر أحياناً صورة أشد انحرافاً، ويحمل الطفل على الاستعراض الجنسي وينقل وضعه الاخلاقي من سيء الى اسوأ. وهؤلاء الافراد الذين يقعون في معرض الانحرافات الجنسية المتعددة سيعيشون حياة ملوثة في الحاضر والمستقبل، وسيعانون من وضع مؤسف للغاية.

حدود قبول التظاهر :

ومن هذا المنطلق اصبح من الضروري ان نجعل للتظاهر حداً ومقداراً ونوافق عليه في حدود معينة. أما ما هي هذه الحدود، فالجواب صعب بعض الشيء، وسنشير باختصار الى جوانبه وابعاده :

* احدى حدوده هي ان لا يؤول الامر الى الرياء، وهو الامر الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخاف منه على امته إذ قال صلى الله عليه وآله: « اخوف ما اخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية» .

* وحدّه الآخر هو ان لا يؤول الامر الى التفاخر والتباهي ولا يبتليه بالغرور؛ إذ ان ذلك يعتبر في راي الاسلام امرا حسنا ايضا.

* وحدّه الثالث ان لا يؤدي الى السكوت واخفاء اموره واعماله وابتكاراته، إذ في هذه الحالة تبقى شخصية الطفل الفكرية والابداعية مخفية عنا ونُسلَبَ بالتالي القدرة على الاصلاح.

* وحدّه الرابع انه خلال ارائة اعماله وجهوده وشخصيته يجب ان لا ينتهي به الامر الى ان يصيح دائناً للآخرين أو ان لا يعير أهمية لأعمال الآخرين ويتسبب بإهانتهم.

* والحدّ الخامس ان لا يستحوذ التظاهر على حياة الطفل بأسرها، وان لا يصل به الأمر الى ان يتعامل مع كل الأمور بهذه الحالة. وطبعاً هؤلاء الاطفال يعانون من نواقص واهمال في جانب المحبة والحنان من قبل الابوين؛ إذ يجب تداركهم ومساعدتهم.

ضرورة تعديل ذلك :

ومن هذا المنطلق من الضروري تعديل التظاهر. وكيفية تعديله تتمثل بأن يقوم الطفل بالتعبير عن نفسه ولكن يبتعد عن مخالفة الحقيقة. وانزاله من ذروة مدح النفس والتفاخر. وان يستعرض محاسنه ولكن لا يتهكم بها على الآخرين. ولا يستخدمه كوسيلة لإهانة الآخرين.

ولو تعرض للنقد اثناء تظاهره، عليه ان يتقبل ذلك، وان لا يحاول تغطية عيوبه ويخفي اخطائه عن انظار الابوين. ويكشف عن وجهه الحقيقي في الامور. وان تدخل حالات التشجيع والثناء السرور والسعادة طيه ولكن لا يتحولون الى مطلوبين امامه. ولا يتوقع من الأفراد الثناء عليه وتمجيده.

ان الافراط في التظاهر يؤدي الى بروز حالة التكبر لديه. ويصبح الانسان في ظله فرداً كذوباً، ومرائياً، ومنافقاً، ومحتالا، ويعمى بصره وبصيرته عن اي رؤية واقعية. ان الاستمرار في مواصلة ذلك يؤدي به الى التكبر والغفلة عن ذكر الله تعالى، ويخلق فيه حالات تنم عن الرياء وحتى انه يحمل الطفل أحياناً على ان يجعل الأبوين وافكارهما تحت سيطرته ويتمرد عن اداء واجباته.

تنمية التظاهر:

ان التظاهر امر لابد من تنميته وتربيته لدى الطفل، لكي يتخذ مساراً معينا ويصار الى تعديله، ومن الضروري في هذه التربية ان نعرفه بحقيقة نفسه وننقذه من مشاعر الغربة والضياع والضعة والوحدة. والاساس في ذلك ان يقوم بأداء عمل معين يحظى بموافقة والديه اولاً، ومن ثم ينال رضا الله تعالى ولكن يجب ان نلقنه بأن نجاح الطفل لا يرتب له طلباً معيناً. وعليه ان يرى نفسه واعماله لكي يتم الوقوف على حقيقة جدارته أولاً، وثانياً لو كان هناك خطأ معين في عمله يصار الى اصلاحه.

وعلى اي حال فان اساس التظاهر يستند الى ان يستقر في مسار اكثر تكاملاً وان يباشر المسير لغرض المزيد من التطور والتكامل .

وعندما يتظاهر الطفل يجب ان نفهمه بانه بدلاً عن ولعه بالتظاهر والتفاخر بنفسه عليه ان يسعى بصبر واناة لكي يهيئ اسباب شهامته وعلوّ همته. وان يكون متعطشاً للنشاط ويوفق الى عمل أفضل وجهد اكثر اهمية.

وعلى الأبوين ان يمنحا الطفل الفرصة للاهتمام بالتظاهر، واحدى نماذج هذه الفرصة ان نصغي الى كلماته. ولو قرأ شعراً يجب ان نعيره أسماعنا، ونبدي رغبتنا لرؤية أعماله، وان لا ندعه يتوسل بالخفة والوضاعة لكي يُعبر عن شخصيته ويلفت انظارنا اليه.