الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
دور العدالة في المجتمع
المؤلف: مجتبى اللّاري
المصدر: المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة: ص99 ـ 101
16/9/2022
1692
تدلنا ملاحظة التواريخ والتحقيق في قيام الثورات على نقطة مهمة جديرة بالملاحظة والتأمل ، وهي أن كلمة (العدل) المقدسة كانت ولا زالت محور الثورات والنهضات في مختلف ادوار العالم وبين جميع الأمم والشعوب فكم أثارت رؤى هذه الكلمة المقدسة في أرواح أولئك الذين ملأوا الحياة من ضغط الإجحاف والتجاوز على الحقوق والإعراض عن احاسيسهم، فثاروا على أجهزة الشياطين ثورة عارمة عامة، وسعوا في سبيل الحصول على هذه الجوهرة الكريمة والثمينة والإطاحة بدور أولئك الوحوش الظالمين، مساعي لا تعرف الكلل والملل، ولم يبخلوا في سبيل ذلك حتى بأرواحهم.
ومع الأسف إن أكثر تلك النهضات والمكافحات الممتدة لم تصل إلى نتائجها المطلوبة والظفر المطلق ولم يبلغ اصحابها إلى آمالهم ولم ترتفع بذلك آلامهم.
وبالالتفات إلى نقطة مهمة يتضح لنا سر عدم انتصارهم، وهي أن المجتمع الذي ينحرف مزاجه عن مداره الطبيعي ويعتاد على السقوط والانحطاط، سوف لن يقبل العدالة نظاماً حاكماً، ولن يتصف بنظام العدل أبداً، إن بسط العدالة لا يتيسر إلا في ارضية مساعدة من حيث الشرائط، وما لم تتحقق تلك الشرائط لا يمكن أن تتجلى صورة العدالة متحققة في آفاق الحياة.
إن المجتمع يحتاج - في أولى حاجاته الأساسية - إلى قانون مبني على أسس العدل، مراعى فيه جميع حقوق الطبقات والأفراد بصورة كاملة مطابقة للمصالح العامة. تواكبها تربية أساسية على الأخلاق الحميدة تمهد الأرضية لتطبيق ذلك القانون وتنفيذه فيهم.
إن العدل قانون طبيعي نشاهده في جميع عالم التكوين، فقد قدر الله تعالى الخطوط العريضة لسير العالم كله على اساس العدل بحيث لا يمكنه أن يتخلف عن هذا القانون الطبيعي العام. إن التوازن والتعاون العجيب بين اعضائنا الذي نحس به حاكماً في اجسامنا لهو أجلى مظاهر العدل الدقيق المدهش الملاحظ في جميع المخلوقات في هذا العالم العظيم، ومن ملاحظة أنفسنا نقف بالتالي على نظام جميع العالم.
إن التعادل المدعى في نظام الخلقة الكونية توازن قهري لا إرادي أما الشر فبما أنه مستقل في الفكر والإرادة يجب عليه أن يؤسس أسس العدل في مجتمعه بإرادته واختياره، وأن القوة العاقلة في الإنسان كما أنها تحتاج في بعض الموارد إلى الهداية التشريعية كذلك قد تستغني عنها وذلك حيث تستطيع أن تدرك كثيراً من الحقائق بنفسها وتقضي وتحكم بها أو لها أو عليها، وأن العقل يقدر الأعمال الحسنة ويشجب الأعمال غير المحمودة.
إن للعدالة في حياة البشر موقعاً حساساً إذ هي من تلك الأوصاف التي تكون منبعاً لسائر الفضائل والصفات الحسنة، فهي - بكلمة - حالة تبعث الانسان على الأعمال الصالحة الحميدة، ان العدالة من أكبر العوامل التي تربط بين المجتمعات البشرية وتوجد بينها التآلف والعلاقات الودية الحسنة، بل توجب اتحاد المجتمعات على سبل الصلاح.
يقول الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون: (إذا وجدت العدالة في نفس الإنسان سطعت منها أشعة نيرة على سائر قواه النفسية، فإن جميع الصفات الحميدة والفضائل الإنسانية إنما تنبع من عين العدالة، وهي التي تهب الشخص قدرة على أعماله الخاصة به على أحسن الوجوه. وهذا هو منتهى سعادة الإنسان وغاية قربه من الخالق المتعال).
ولو حسبنا العدالة أول أسس الحياة الاجتماعية المنظمة لم نجازف في القول، فبها يفتتح الأنسان فصلاً جديداً في حياته وبها يجد المجتمع في جسمه روحاً جديداً، وهي التي تنور محيط حياة الانسان وتهب لها جلالاً وجمالاً، إن المجتمع الذي تحظى حياته بنضارة العدالة يجد بها لنفسه مقومات الحياة، وينتصر بها على المشكلات.