الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الوظائف العامة والثقة المتبادلة
المؤلف: مجتبى اللّاري
المصدر: المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة: ص133 ـ 135
25-8-2022
1557
إن الثقة المتبادلة أساس لوجود مجتمع سالم ومتين، وإنما يعد المجتمع سعيداً فيما إذا استقرت علاقاته على أسس الطمأنينة والاعتماد، أما إذا خرج الناس عن حدود وظائفهم وأخذوا يخونون حقوق الآخرين فإنهم سوف يبدأون بذلك السلوك في قوس النزول في حياة مجتمعهم.
هناك أحكام مختلفة تحكم البشر في جميع شؤون الحياة، ولكل إنسان نصيب منها، قد كلفه العقل والفطرة والدين بأداء نصيبه منها، كي تتجلى أنوار الثقة والطمأنينة في سماء حياتهم. وليس بإمكان أحد أن يحذف هذه التكاليف عن قاموس حياة الإنسان، أو أن يغض النظر عما عليه من ديون لله أو للمجتمع، او ان ينظر إليها بسذاجة وبساطة من دون اهتمام بها، أنه لا مفر للإنسان - بحكم فطرته - عن التعايش والمناسبات الاجتماعية، وعلى أثر هذه الروابط بين الأفراد تنشأ حقوق لا بد لكل أحد فيها من اتباع سلسلة من المقررات والقوانين، صيانة للمجتمع عن المصادمات والاضطرابات، ولكي يتمهد بذلك طريق حل مشاكل الحياة في ظلال التعاون والاستمداد بمعاضدة الجميع. وأن العمل بالوظائف والتكاليف الاجتماعية وإن كان أمراً عسيراً يستلزم التضحية وتحمل المشاكل والمشاق والإنسان وإن كان بطبعه يحب أن يصل إلى السعادة والراحة والرفاهية والهناء بدون تحمل المشاق، لكنه يجب عليه أن يلتفت إلى أن السعادة لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل العمل بالوظائف الإنسانية مهما كانت، حتى أنهم قالوا: (إن السعادة مكافئة للعمل بالوظائف)، ومن الممكن أن يكون للشخص نصيب من مسؤولية الآخرين وذلك حيث يكون لتخلفه عن وظائفه أثر سيئ في أفكار وعقائد الآخرين، وهو بالطبع يؤثر في سلوكهم وأعمالهم ايضاً.
أن سعادة المجتمع أثمن من سعادة الفرد بل هي أساس لسعادة الأفراد ومبدأ لها، وأن التعدي على حقوق المجتمع يضاد روح العدالة الإجتماعية ويوجد خللا في النظام العام. إن من وظائف كل فرد أن يحترم حياة وحرية وشرف أبناء نوعه، إن الذين يألفون رعاية التكاليف والوظائف فيؤدون ما عليهم من دين لله أو للمجتمع بروح جادة، يضيفون بذلك على مستوى سعادة الآخرين ورفاههم في الحياة ويساعدونهم على تقدمهم وتوفيقهم في الأمور بالإضافة إلى أنهم يحصلون بذلك على ثقة الناس بهم وانتصارهم بذلك في مسابقة الحياة.
ويقول في ذلك الدكتور صموئيل اسمايلز: (أن الوظائف ديون على عاتق الإنسان، فمن أراد أن يكون على حذر من عار فقدان الاعتبار والانكسار الخلقي في الأنظار وجب عليه أن يؤدي دينه هذا، ولا يتيسر أداؤه إلا بالسعي والجد والعمل الممتد في أمور الحياة. إن العمل بالوظائف والتكاليف عمدة ما يشغل حياة الإنسان من يوم وروده إلى هذه الحياة إلى يوم خروجه عنها، فكلما كان لأحد من القوة والقدرة كان عليه من العمل بالوظيفة بمقدارها، إذ أن مثل الإنسان في هذه الحياة كمثل عامل موظف بالسعي في إفادة نفسه والآخرين من أبناء نوعه، وأن الإحساس بهذه المسؤولية يبنى على إحساس حب العدالة، من دون أن يكون هذا الإحساس تصوراً عقائدياً مفروضاً فحسب بل هو قاعدة أساسية لحياة الإنسان، يظهر آثارهما في مظاهر إرادته من سلوكه وأعماله. إن الإحساس بالمسؤولية من أكبر مواهب الأمم في العالم، وإنما يؤمل تقدم أمة يتصف أفرادها بهذه الروح السامية والشريفة، أما إذا فقد هذا الإحساس من بين أفراد أمة ما واستبدلت به صفة العجب والكبر والغرور والنفعية فإنها ستكون أحق أمة بالرثاء عليها، إذ ستحكم عليها نواميس الطبيعة بالاضمحلال والانقراض عن صفحة الحياة، إن سريعاً أو بطيئاً).