x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

اعتماد الرفق مع الآخرين

المؤلف:  هادي المدرسي

المصدر:  كيف تبدأ نجاحك من الحد الأدنى؟

الجزء والصفحة:  ص132ــ140

5-7-2022

1501

دخل بعض اليهود على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال أول الداخلين: السّامُ عليك يا محمد.

فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وعليك.

وقال الثاني والثالث نفس ما قاله الأول: السّامُ عليك يا محمد.

وكان جواب النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسه الذي قاله للأول: وعليك.

وكانت عائشة حاضرة في المجلس وسمعت ما قالوه، فرفعت صوتها قائلة: وعليكم اللعنة والعذاب، يا إخوان القردة والخنازير.

فأسكتها رسول الله حتى إذا خرج اليهود من عنده. قال لها:

يا عائشة! إن الرفق لا يوضع على شيء إلا زانه ولا يرفع عن شيء إلا شانه، وإن الله يحب الرفق في كل شيء. إنهم قالوا: السام عليك، فقلت لهم: وعليكم، فهي واحد؛ بواحدة(1).

كانت تلك طريقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في التعامل مع من يتفوه بكلام قبيح كهذا وهو من الأعداء، فكيف بمن لا يقول مثل ذلك، وليس عدواً؟

إن الرفق مطلوب في العلاقة مع كل الناس، لأن من يستعمل الرفق يحل مشاكله بدون خسائر. بينما الذي يستخدم العنف ربما يحل مشكلته، ولكنه حتماً سوف يتحمل بعض الخسائر.

هناك مثل فارسي يقول: «العقدة التي تستطيع حلها باليد لا يجوز استخدام الأسنان لحلها».

حقاً إن أي عمل تكون قادراً على إنجازه عن طريق اللين فهو الأفضل لك. لا سيما حينما يكون مرتبط بزملائك، أو أولادك، أو أهلك.

تُرى.. لو إنك طلبت من إبنك أن يأتي إليك بكأسي من الماء، واستخدمت معه الاحترام والأدب، فإنه سيأتيك بالماء وهو يشعر بالرضا والارتياح.

ولكنك لو رفعت صوتك عليه، واستخدمت معه كلاماً غير لائق، فهو أيضاً سيأتيك بالماء، ولكنه سيكون مقهوراً وفي قلبه شيء عليك.

صحيح أن الوصول إلى الأهداف يتطلب أحياناً الشدة. لكن ذلك «استثناء» ولا يجوز أن يتحول إلى «قاعدة»، خاصة في التعامل مع الأحبة والأصدقاء.

ولنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير أسوة وقدوة. فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يؤسس أمة، ويقيم دولة، وينشر ديناً، ومع ذلك فإنه كان يستخدم الرفق في كل مواقفه ويتصرف متحكماً في غضبه وسخطه لا محكوماً بهما، حتى ذكر المؤرخون أن أعرابياً جاء إليه وجذب عباءته حتى أثرت في رقبته المباركة، وصرخ في وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: «يا محمد! أعطني من مال الله، فإنه ليس لك ولا لأبيك.

فأراد بعض الأصحاب الفتك به، لكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منعهم من ذلك، وقال للأعرابي: إي والله، إن هذا المال لي ولا لأبي(2).

ثم أعطاه ما يحتاجه منه.. ودفع هذا الرفق النبوي بالأعرابي إلى أن يعتذر من النبي٠ ويتعلم منه درساً في حسن التعامل.

إن الإنسان بطبعه عجولٌ جَزوع، والشيطان يستغل عجله وجزعه هذا، كما يستغل غضبه وحسده، وبقية ما فيه من أضداد الفضائل، ويدفع به إلى استخدام العنف والشدة والكلمات النابية وأحياناً السب والشتم.

وبذلك فإن إبليس يوقع بين بني آدم، ويحاول أن يجعل العنف قاعدة للتعامل فيما بينهم، لكننا مأمورون باللين والرفق، بل بالتذلل لبعضنا بعضاً.

يقول ربنا عز وجل في وصف المؤمنين: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: 54]. فالمؤمن يرضى من أخيه المؤمن حتى بالذل، ولكنه لا يستخدم العنف معه.

إن المرء في أتون العمل ومعترك الحياة، قد يواجه من الزملاء بعض المواقف غير السديدة، أو يسمع منهم بعض الكلمات غير الرشيدة، ولكنه يجب أن يكون فوق الترهات وأن يضع نصب عينيه أن اللين في مواجهة ذلك أكثر نفعاً من الشدة، فإذا فعل ذلك استفاد مرتين:

مرة ، حينما رد السيئة بالحسنة.

ومرة، حينما هانت عليه مواقف الآخرين، مهما كانت غير سديدة.

وفي الحقيقة فإن الكلمات النابية من الأصدقاء والزملاء، والمواقف غير اللائقة يجب أن لا تفسد علينا صداقاتنا، ومواقفنا ، وتخرب علينا نفوسنا.

إذ لا يجوز للرجال أن يتصرفوا مثل الأطفال في المدارس الابتدائية، حيث ينشب بينهم الصراع والسب والضرب لأتفه الأسباب وأوهنها.

يقول الإمام علي (سلام الله عليه) : «لا تحركوا سيوفكم في هوى ألسنتكم»(3).

ويقصد بذلك أن الكلمات لا يجوز أن تكون سبباً لإراقة الدماء واستخدام السلاح.

إن البعض يحرك سيفه في وجه الآخرين، لا لشيء إلا ليثبت ما قاله، أو ليرد على ما قيل فيه.

فكم من أناس قالوا كلاماً ثم لم يتراجعوا عنه، وكأنه قرآن منزل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم تطورت الأمور بسبب ذلك إلى وقوع الصراع والعراك بينهم وبين الناس.

المهم أن نعتمد على الرفق في كل أمورنا، خاصة بين الأب وأولاده، وبين الزوج وزوجته، وبين الصديق وزملائه. لأننا أحياناً نميل إلى استخدام الشدة حينما لا حاجة إلى ذلك، فمثلاً قد يأمر الأب ابنه بعمل ما، ثم يتخلف الابن عن تنفيذ ذلك، فيلجأ الأب إلى عقاب ابنه وهو قد يكون على حق، إلا أن ذلك يسبب انهيار شخصية الابن، وربما يزرع عقدة الحقارة في نفسه.

لقد جيء ذات يوم بطفل إلى وسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليبارك له، فبال الطفل في حضن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فرفع أحد أبويه يده على الطفل ليضربه، فمنعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: إن ثوبي هذا يطهره الماء، ولكن ماذا يطهر نفس هذا الطفل؟

ولابد هنا من التأكيد على أن الرفق يختلف عن الاستسلام، أو السكوت على الخطأ.

فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في مواجهة اليهود الذين قالوا له: «السام عليك»، لم يسكت بل رد عليهم، لكن رده جاء مصحوباً بالرفق، حيث قال لهم : «وعليكم».

ولولا هذا الرفق الذي لازم عمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يستطيع أن يؤسس دولة، ويقيم حضارة، وينشر ديناً، يقول ربنا: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].

من هنا لم يكن المؤرخ المعروف «ويل ديورانت» صاحب كتاب «قصة الحضارة» قد ذهب بعيداً عندما قال: «إن ما أنجزه رسول الإسلام لم ينجزه أحد في التاريخ كله، حيث استطاع في جيل واحد أن ينتصر في قرابة مئة معركة، وأن يؤسس خلال قرن واحد دولة كبرى، ويترك أثراً خالداً، ولا يزال بيرقه يرفرف على نصف الكرة الأرضية».

وفضل كل هذا يعود إلى اعتماد الرفق من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جميع أعماله. وهذا ما يجب أن نفعله نحن أيضاً.

_________________________________

(١) الوسائل، ج١٢، ص٧٨، ح١٥٦٨٩.

(2) مكارم الأخلاق، ص١٧.

(3) نهج البلاغة، الخطبة١٩٠.

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+