1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الطفولة :

التحديد المطلق

المؤلف:  د. علي القائمي

المصدر:  حدود الحرية في التربية

الجزء والصفحة:  ص115ـ 121

6-6-2022

1865

في النقطة المقابلة لأصحاب الحرية المطلقة تستقر مجموعة تدعوا إلى التحديد والتضييق المطلق، وتخالف هذه المجموعة كل أنواع حريات الأطفال ولا يسمحون بأي عمل ما لم يوافق عليه الكبار، لديهم برنامج قاس وشديد جداً إلى الحد الذي تكون فيه جميع حركات الطفل تحت مراقبتهم، فإن أراد الطفل شرب الماء أو اللعب في لعبة خاصة أو الذهاب من غرفة إلى أخرى يجب عليه أخذ الإذن من الأم أو المربي.

يبغي هؤلاء عن طريق إيجاد الموانع في طريق الطفل إلى تحديد رغباته وميوله، وفي الحقيقة إلى وضع رغباته في إطار الابن الصغير وجعله أداة لتنفيذ رأى وإرادة الآخرين، وإن أراد الطفل اتخاذ موقف معين مقابل إرادة الكبير فإنه سيتعرض إلى الضغط الشديد لإنهاء مقاومة الطفل، وقانون عملهم تطغى عليه حالة تسليم وسكون الطفل أمام المربي والانقياد إلى نظامهم وقانونهم.

أدلتهم

هناك بعض الأدلة يذكرونها في تبرير هذا التضييق القاسي المسلط على الأطفال وتعتبر هذه الأدلة لأغلب أصحاب هذه القول مبادئ أساسية في تعليم الآداب إلى الطفل.

وتوضيح ذلك هو أن بعض الآباء والأمهات وخصوصاً أولئك الذين كانت لهم فترة طفولة أو شباب قاسية، والبعض الآخر من الذين يصرخون بالثقافة والالتزام بالضوابط، وآخرون ممن لا يزيد عدد أطفالهم عن الواحد ويريدون ايصاله الى مرحلة الاثمار، يشترك جميع أولئك في فكرة واحده وهي السيطرة الكاملة على الطفل وسحق إرادته ومنعه من المشي في غير طريقهم، ودليلهم أن الطفل ناقص العقل ولا يعلم صلاحه وطريق حياته، وأن تركوه لنفسه سيعرضونه والآخرين إلى الضرر وبذلك سيسببون الاضطرابات إلى المجتمع. يقولون أن الطفل ولعدم تكامل فكره سيجعل من الحرية أداة لإضراره، ويصرون على تنفيذ إرادتهم على طول الخط لاعتقادهم بأن الطفل لا يمكنه أخذ جوانب أي عمل يريد القيام به بنظر الاعتبار ولا يمكنه صرف المظالم عن نفسه وعن الآخرين.

قسم آخر من الآباء والمربين يحببون الأجواء الهادئة الخالية من الضوضاء لهذا يمنعون طفلهم من ممارسة حريته.

مناقشة الرأي

يمكن أن يكون لهذا الأسلوب فوائد كثيرة تضاف إلى تثبيت قيمومة وحكومة الوالدين على الطفل، ولكن يجب الالتفات كذلك إلى النكتة التالية: وهي أن التحديد المطلق مخالف للفطرة وللطبيعة الطفولية، وإنها ستكون حائلاً دون نموّه بتمام معاني هذه الكلمة.

من الممكن أن يكون للانقياد الأعمى فوائد تمنع الطفل عن كثير من الأخطار المحتملة ولكن ذلك سيؤدي إلى خلق جو غير مساعد للتربية والعيش، وفي نفس الوقت تجعل شخصيته راكدة بلا تطور ومستقرة في قالب واحد، وسيكون في المستقبل موجوداً تابعاً وعديم الوعي والتجربة والتفكير وخال من أي تطور فكري، ومن جانب آخر فإن شعوره بالحرمان من الحرية سيعذبه ويقلقه، وأن السيطرة العامة للأبوين. ستحرمه من اتخاذ القرار المناسب لحياته وبناء مستقبله، ومن الطبيعي أنه سيكون مريض الشخصية.

اضرار التحديد المطلق

نعرضها مع الاختصار:

ألف: الأضرار الفردية: هناك الكثير من الأضرار التي ستواجه الأجيال نتيجة هذا الاسلوب وستصبح سبباً لسقوطهم، وهنا نشير إلى بعض هذه الموارد:

1ـ توقف النمو: تؤدي هذه التربية إلى خلق نسل ضعيف، وعليل المزاج وأحياناً مصاب بالأمراض ومحروم من السلامة الكاملة، وهذا ينطبق على النمو الروحي كذلك.

التدخل والمنع المفرط سيجعل منه فرداً جباناً عاجزاً عن تخطيط وبرمجة حياته، وغير قادر على الابتكار في أعماله، واتكالي غير قادر على الاعتماد على نفسه في المستقبل.

2ـ القضاء على الاستعدادات: الحياة في ظل هذا الأسلوب ستكون رتيبة وتقليدية. سيقضي هذا التحديد المطلق على الخلاّقيات، وسيمنع من ظهور استعدادت الأفراد، ويقيد ذهنه وفكره وبالتالي سيحول دون ظهور مهارة الفرد، ويمنع سعيه في الأمور، وسيؤدي الى عدم تفتح قابليته، وتقدمه ورقيه الفكري وكذلك سحق المهارة العقلية. وسيكون مجبراً على العيش في أجواء مغلقة، وفي ظل قدرات الآخرين، وبدون أي محاولة لإثبات وجوده، ويقضي أوقاته بالخمول والضيق.

3ـ القضاء على القدرة الدفاعية: لا يملك الأطفال المحددين أي محاولة للدفاع عن فكرهم وجسمهم، والسبب يعود إلى سلب ذلك من قبل الآباء والمربي، والقيام به نيابة عنهم ولهذا سيواجهون المصاعب في الاوقات الحرجة وأمام الخصوم. ويعجز هذا الطفل حتى عن إبراز رأيه لأن إجازة ذلك قد سلبت منه سابقاً حتى أصبح الآن وحيداً وبلا حيلة وخائفاً وجباناً وعاجزاً أمام التناقضات والمصاعب، مصاب بالشلل الفكري وشبه إلى حد ما الجندي غير المسلح وسيكون مجبراً في النهاية على استعمال التملق والاستسلام، ويكون عديم الشخصية(1)، وبلا إرادة وضعيف النفس وحتى أن جرأة اعتراضه ستنعدم، ويلتزم الصمت دائماً.

4ـ السقوط الأخلاقي: التحديد المطلق يقتل الغرور ومناعة الطبع، ويجعل محلها الخضوع والتواضع الشديد وسيكون هذا التحديد عامل مساعد على الذلة والتملق والتقرب والكذب والغش والخديعة والانقياد والاستسلام المحض، وفي بعض الموارد يصل الأمر إلى الوقاحة والكلمات البذيئة والتذمر والعصيان، إنه فاقد لمناعة الطبع والشجاعة الروحية، وأحياناً يبتلى بفقدان اصل الإنسانية(2)، ويعيش حياة تابعة واستسلامية مليئة بشعور الضياع، ويصاب بأطماع غير قابلة للإشباع، وستكون نهايته محاولة تحطيم القيود والخروج على جميع الحدود.

أغلب السلوكيات المنحرفة والأمزجة المتلونة والظلم ناتج من انفجار العقد الناشئة من المحذورات والممنوعات.

5ـ الانحطاط النفسي: يؤدي هذا الأسلوب إلى الضغينة والحقد والشخصية التابعة والأمراض الروحية.

إن أغلب صور اليأس والكآبة والاعتزال وعدم الاستقرار والخوف والشعور بالجبر والفرار من الذات نابع من المحيط المضطرب وكذلك الحال بالنسبة للسخط الدائم للأفراد(3).

التحديد المطلق يسبب أحياناً الخمول، والكسل، والعزلة، والتهور، والتجاوز، والتعرض، والتخريب، وعدم الرغبة في الحياة، وفقدان السيطرة على النفس، والتذمر، والتحجج، والتمرد، والعصيان، والاصابة بالعقد، وضياع قدرة النمو، ولوم الذات وتعذيبها، ويؤدي إلى الفوضى السلوكية.

٦-الخجل: الوقوف أمام الحرية يؤدي في بعض الموارد إلى الشعور بالاستصغار والخجل، والانزواء، وعدم الاختلاط، وعدم الانضباط، والتشاؤم، والشعور بالخوف، والمهانة، وعدم الرضا عن النفس، وحتى يصل الأمر إلى حدوث لكنه في التلفظ، بالإضافة إلى اختلالات عاطفية أخرى ستكون حتماً في غير مصلحة الطفل، وضد مستقبله وتعرض وضعه النفسي إلى الخطر.

ب ـ الأضرار الاجتماعية

ويمكن ذكر الكثير هنا أيضاً من جملة ذلك:

- فقدان الروحية الاجتماعية والطبع المرح والتفاعل مع المجتمع والذي يعتبر من ضروريات الحياة الجمعية.

- التخلف السياسي بسبب انقطاع المشاركة والتجربة والتطور.

- الامتناع عن قبول المسؤولية وأحياناً يفر منها بسبب إحساسه بالضعف وعدم الأهلية لها.

- عدم القدرة على السؤال حتى بعد زوال المانع لأنه تعود على تلك الحالة وأصبح كالنابض المضغوط.

- السلوك اللاإجتماعي كالتعرض والتجاوز في بعض الموارد الخارجة عن القيود.

- اضطراب العلاقات وعدم القدرة على الانسجام الفكري مع الجمع والمجتمع بالإضافة إلى امتلاكه لبعض السلوكيات المنحرفة.

- اختلالات سلوكية في المجتمع كالضغينة والعداء والظلم والوعد الكاذب وإضرار حقوق وتكاليف المجتمع.

- مستقبل هؤلاء الأفراد الواقفين على رأسي قطب العلاقات المتحللة أو عبودية الاهواء سيكون لهم دور ضعيف ويتصفون بالحساسية والجبن أو على العكس من ذلك سيكونون مستبدون في آرائهم ويوجهون الضربات لمجتمعهم في القريب العاجل.

النتيجة

خنق حرية الأطفال يضر بمصالحهم الحالية والمستقبلية، ويشكك بالعلاقة والشخصية الإنسانية، ويضعف الاعتبار والقيمة الآدمية، ويجعل منه موجوداً طفيلياً ومؤذياً أو مستبداً أناني حيّال وغشاش. وفي المستقبل سيكون فرداً فاقداً للشخصية الانسانية، ومصاب بالسقوط الأخلاقي، متحطم أو محطم يسلك جميع السبل المشروعة وغير المشروعة، وفي النهاية يجب على المجتمع البشري أن يقف ناظراً إلى فرد جبان قذر أو متكبر متهتك متعرض متجاسر مستبد في رايه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ الروحي: مشكلات الشباب الروحية ص63.

2ـ العلامة الطباطبائي: بحوث إسلامية ص149.

3ـ كارن هورناي؛ التناقضات الباطنية ص29. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي