1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الاندلسي :

بيعة سليمان المستعين

المؤلف:  أحمد بن محمد المقري التلمساني

المصدر:  نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب

الجزء والصفحة:  مج1، ص: 428-430

29-5-2022

2044

بيعة سليمان المستعين

ولحق سليمان ابن أخيهما الحكم بجنود البربر،وقد اجتمعوا بظاهر قرطبة وتوامروا، فبايعوه ولق؟بوه المستعين بالله،ونهضوا به إلى ثغر طليطلة، فاستجاش بابن أذفونش، ثم نهض في جموع البرابرة والنصرانية إلى قرطبة، وبرز إليه المهدي في كافة أهل البلد وخاصة الدولة، فكانت الدائرة عليهم، واستلحم منهم ما يزيد على عشرين ألفا،وهلك من خيار الناس وأئمة المساجد وسدنتها ومؤذنيها عالم، ودخل المستعين قرطبة ختام المائة الرابعة. ولحق المهدي بطليطلة. واستجاش (1) بابن أذفونش ثانية، فنهض معه إلى قرطبة، وهزم المستعين والبرابرة بعقبة البقر (2) من ظاهر قرطبة، ودخل قرطبة - أعني المهدي - وملكها، وخرج المستعين مع البربر،وتفرقوا في البسائط ينهبون ولا يبقون على أحد، ثم ارتحلوا إلى الجزيرة الخضراء، فخرج المهدي ومعه ابن أذفونش لاتباعهم، فكروا عليهم، فانهزم المهدي وابن أذفونش ومن معه من المسلمين والنصارى، وابتعهم المستعين إلى قرطبة، فأخرج المهدي هشاما المؤيد للناس، وبايع له، وقام بأمر حجابتهن ظنا منه أن ذلك ينفعه، وهيهات، وحاصرهم وحاشية المؤيد بالمهدي وأن الفتنة إنما جاءت من قبله، وتولى كبر ذلك واضح العامري، فقالوا المهدي، واجتمع الكافة على المؤيد، وقام واضح بحجابته، واستمر الحصار، ولم يغن عن أهل قرطبة ما فعلوه شيئا، إلى أن هلكت القرى والبسائط بقرطبة، وعدمت المرافق، وجهدهم الحصار، وبعث المستعين إلى أهل ابن أذفونش يستقدمهم (3) لمظاهرته، فبعث إليهم هشام وحاجبه واضح يكفونهم عن ذلك، بأن ينزلوا لهم عن ثغور قشتالة التي كان المنصور

(428)

افتتحها (4) ، فسكن عن مظاهرتهم عزم أذفونش، ولم يزل الأمر حتى دخل المستعين قرطبة ومن معه من البربر عنوة سنة ثلاث وأربعمائة، وقتل هشام سرا، ولحق بيوتات قرطبة معرة في نسائهم وأبنائهم.

وظن المستعين (5) أن قد استحكم أمره، وتوثبت (6) البرابرة والعبيد على الأعمال، فولوا المدن العظيمة، وتقلدوا البلاد (7) الواسعة، مثل باديس بن حبوس في غرناطة، والبرزالي في قرمونة، واليفرني في رندة، وخزرون (8) في شريش، وافترق شمل الجماعة بالأندلس، وصار الملك طوائف في آخرين من أهل الدولة، مثل ابن عباد بإشبيلية، وابن الأفطس ببطليوس،وابن ذي النون بطليطلة، وابن أبي عامر ببلنسية، وابن هود بسرقسطة، ومجاهد العامري بدانية والجزائر... (9) وكان مائلا لبني حمود يهجو سليمان المستعين:

لا رحم الله سليمانكم ... فإنه ضد سليمان

ذاك به غلت شياطينها ... وحل هذا كل شيطان

فباسمه ساحت على أرضنا ... لهلك سكان وأوطان وكان من أعظم الأسباب في فساد دولة المستعين أنه قال هذه الأبيات مستريحا بها إلى خواصه، وهي قوله:

حلفت بمن صلى وصام وكبرا ... لأغمدها فيمن طغى وتجبرا (10)

وأبصر دين الله تحيا رسومه ... فبدل ما قد لاح منها (11) وغيرا

 (429)

فواعجبا من عبشمي مملك ... برغم العوالي والمعالي تبربرا

فلو أن أمري بالخيار نبذتهم ... وحاكمتهم للسيف حكما محررا

فإما حياة تستلذ بفقدهم ... وإما حمام لا نرى فيه ما زرى وقد سلك هذا الملك المرتضى المرواني فقال:

قد بلغ البربر فينا بنا ... ما أفسد الأحوال والنظما

كالسهم للطائر لولا الذي ... فيه من الريش لما أصمى

قوموا بنا في شأنهم قومة ... تزيل عنا العار والرغما

إما بها نملك، أو لا نرى ... ما يرجع الطرف به أعمى وكان علي بن حمود الحسني وأخوه قاسم من عقب إدريس ملك فاس وبانيها قد أجازوا مع البربر من العدوة إلى الأندلس، فدعوا لأنفسهم، واعصوصب عليهم البربر، فملكوا قرطبة سنة سبع وأربعمائة، وقتلوا المستعين، ومحوا ملك بني أمية،واتصل ذلك في خلف منهم سبع سنين، ثم رجع الملك إلى بني أمية.

وكان المستعين المذكور أديبا بليغا، ومن شعره يعارض هرون الرشيد في قوله (12) :

ملك الثلاث الآنسات عناني ... الأبيات - قوله:

عجبا يهاب الليث حد سناني ... وأهاب سحر (13) فواتر الأجفان

وأقارع الأهوال لا متهيبا ... منها سوى الإعراض والهجران

وتملكت نفسي ثلاث كالدمى ... زهر الوجوه نواعم الأبدان

 (430)

ككواكب الظلماء لحن لناظري ... من فوق أغصان على كثبان

حاكمت فيهن السلو إلى الرضى (14) ... فقضى بسلطان على سلطاني

هذي الهلال، وتلك بنت المشتري ... حسنا، وهذي أخت غصن البان

فأبحن من قلبي الحمى وتركنني ... في عز ملكي كالأسير العاني

لا تعذلوا ملكا تذلل في الهوى ... ذل الهوى عز وملك ثاني

ما ضر أني عبدهن صبابة ... وبنو الزمان وهن من عبداني

إن لم أطع فيهن سلطان الهوى ... كلفا بهن فلست من مروان

 

__________

(1) تاريخ ابن خلدون 4: 151.

(2) عقبة البقر (El - Vacar) على عشرين كيلومترا شمالي قرطبة.

(3) ق: يستعدهم؛ ج: يستمدهم.

(4) ابن خلدون: اقتحمها.

(5) لا يزال النقل عن ابن خلدون مستمرا.

(6) ق: وترتبت.

(7) بعض النسخ: الأعمال.

(8) ق ج ط ك: وهرزون.

(9) بياض في ط، وفي ك: قال ابن خلدون، وفي ق: وقال الشاعر.

(10) ق: وتكبرا.

(11) ك: كان منه.

(12) الذخيرة 1: 33 والبيان المغرب 3: 118 والحلة 2: 8 - 9 والجذوة: 20 - 21.

(13) ك: لحظ.

(14) ك: الهوى؛ دوزي: الصبا.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي