x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
عدم إضرار النفس
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: حدود الحرية في التربية
الجزء والصفحة: ص135ـ 140
25-4-2022
2256
الميل إلى الحرية هو ميل طبيعي وعامل لهداية الفرد إلى الهدف (سواء كان الهدف إلى التطور والرقي أو الانحطاط)، إن جعلنا الهدف باتجاه التطوير يجب أن نقيده بقواعد عقلية لأن الإطلاق آفة عظيمة وبلاء خطر.
الطفل يجب أن يكون حراً يركض ويقفز ويلعب، وأن يفعل كل ما يسره، ولكن حريته لا يجب أن تؤدي فيه إلى السقوط، ولا تسبب له المخاطر في سلامته ونموه المادي والمعنوي وهذا القول يؤيده جميع العقلاء.
يعتقد الكثير من الآباء والمربين أن ترك الطفل حراً يسبب له المخاطر وأما أن يعرض نفسه والآخرين إلى الخطر، أو يتهور بشكل مفرط، لكن الحال ليس كذلك دائماً نعم من الممكن أن يقع الطفل ويتعرض إلى الآلام وحتى قد يجرح في مكان ما لكن يجب الالتفات إلى أن ذلك جزء من حياة الطفل ولا يجب القلق بصدده كثيراً.
لزوم التحديد
مع أننا نقول بحرية الطفل وخصوصاً في أول سبعة من عمره، لكننا نؤكد كذلك على تحديده، لأن الحريات المطلقة تؤدي به أحيانا إلى السقوط والأضرار والإيذاء، وكل ذلك ينتج بعض الأمور منها:
1ـ رغباته وميوله: الطفل والصبي والفتى لهم رغبات خاصة وإن عدم الالتفات إليها وتركها قد يكون سبباً في بروز العديد من الأضرار منها:
- ان البحث عن اللذة وهي أمر ذاتي وباطني، تُهيء الأرضية لتعرضه لبعض الأضرار.
- صفة الإعجاب وحب النفس والأنانية تنمو في إطار التحرر والإطلاق وهذه تؤدي بالنتيجة إلى العديد من الانحرافات.
- عوامل معرفة الذات والعجب وإظهار النفس من العوامل التي تسبب له الآلام في بعض الموارد.
- عامل حب الاطلاع الموجود فيه وخصوصاً في السنين الأولى يدفعه إلى التخريب والتدخل في بعض الأشياء التي لها عواقب وخيمة.
- بالنظر لحاجته الطبيعية للتحرك والسعي فمن الممكن أن يؤدي عدم السيطرة عليها إلى الصدمات وهذا قد يجعله لاحقاً عبدا لشهواته: (عبد الشهوة أذل من عبد الرق)(١).
تعتبر الأمور السابقة سبب مهم لمراقبته في طريق النمو لكي لا يتعرض إلى الزلل والصدمة ولكي لا يسبب له اعجابه وغروره وأنانيته المشاكل، فهو بالإضافة إلى ذلك يتصف بحب الذات، وتقوى عنده في بعض مراحل عمره ميول جارفة، ورغبة في الأكل، لهذا فان تركه أو التضييق الشديد عليه يسبب له المخاطر.
2ـ ظروف جهله: الطفل جاهل بكل ما يتعلق بهذا العالم: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[النحل: 78]، إلا علومه الفطرية التي تطغي عليها الصبغة الإلهية: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}[الروم: 3]، والوعي الغريزي والطبيعي. فهو لا يعلم بأن الذئب حيوان مفترس والأفعى حيوان لاسع ولا يعرف شيئاً عن بعض الحاجات الموجودة كالسكين والزجاج المتكسر، ويجهل بأن الماء مع جماله ولطافته قد يؤدي أحياناً إلى الخنق والتغلغل إلى أسفل الجدران ويخربها.
أما آداب وقواعد الحياة فهو يجهل بعضها وكذلك حدود الحقوق يغفل عنها، ولا يعلم بأن الآخرين يتعذبون بسبب ما يحصل منه نتيجة الغرور، وأن لهم حريات كحريته، ان جميع تلك المجاهيل تؤثر عليه وتؤدي به إلى مشاكل يصعب جبرانها لكنه لا يعلم بمخاطر ذلك، فهو لا يعلم بمخاطر اللعب بماء الحوض، وكذلك يغفل عن خطر ثقوب مواقع الكهرباء فنراه يحاول إدخال اصبعه فيها، روح البلاهة والجهل التي تطغى عليه موجبة لبروز شيطنته ووقاحته وهذا مضر له.
وعلى هذا الأساس يجب الالتفات إلى الجوانب المتعلقة بسلامته المادية المعنوية والحيلولة دون تعرضه للصدمة في مواقع الخطر أو على الأقل تغيير مسيره عن ذلك ويجب منعه من إضرار نفسه لأنه أمانة الله تعالى في يد الأبوين.
ومنعه من تخريب الأثاث والأدوات لأنها كلفت مبالغ وأثمان وفي نفس الوقت منع الضرر عن يده أثناء محاولاته للتكسير والتخريب.
3ـ قلة تجربته: بالنظر لصغر السن فإن الطفل لا يمكنه أن يكون صاحب تجربة كافية وهذه مسالة نسبية، صحيح أن الفتى قد بلغ عمره وصار جسمه كبير ولكن هذا لا يعني ان ذلك يكفي لامتلاك حياة سعيدة بعيدة عن الأخطاء، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الجهل وعدم الوعي، كل ذلك يؤدي إلى حدوث أضرار له وللآخرين ولو أضيف إلى ما سبق الحرية المطلقة التي لا تخضع إلى ضابطة فإن الأمر سيصبح أكثر خطراً وأشد، وأنه سيساق إلى طريق عاقبته مظلمة ومرة.
يحاول أحيانا تطبيق ما يدور في خياله وأحلامه من أقوال ورؤى ومقروءات ومسموعات وينقلها إلى أرض الواقع وهذا ما يؤدي به إلى إضرار نفسه والآخرين لعدم النضج وقلة المهارة. ولهذا فإنه من الضروري جداً ولأجل سعادته أن يكون في إطار ضابطة وسيطرة.
فوائد الرقابة
هنا نذكر هذه الضرورات مع إضافة بعض النقاط المتعلقة بالحياة الفردية ونخرجها بالصورة التالية:
- طلب الحرية من قبل الطفل لإرضاء طيشه في موارد كثيرة لا يقع في مصلحته.
- جهله الذي يؤدي إلى زوال حيثية ومكانة الفرد والعائلة.
- وجود عوامل خارجية مؤثرة كالاقتداء بأفراد منحرفين.
- الرغبة في إظهار النفس الذي قد يصل به إلى اللاأبالية والإهمال.
- عدم معرفة مقدمات وضوابط التطور الموجودة في الأفكار المقدسة.
- وجود دافع إفراطي إلى الركض والطفر واللعب والأكل والاستراحة والنوم.
- إخراج ألفاظ بذيئة مخالفة لأدب الفرد والمجتمع.
- الاتصاف بحالة الهجوم والنزاع المؤثرة عليه وعلى الآخرين.
- الاستسلام إلى الذنب والرياء والخداع والإهمال للمقررات الاجتماعية.
- سلوك مرفوض يجعل منهم أفراداً لا يمكن تحملهم وخصوصاً في سنين بلوغ الغرائز.
- إرادة الفرد في الذهاب لأي مكان والاطلاع على أية نقطة والتكلم والارتباط مع أي فرد.
نوع وحدود السيطرة
ما يجب أن نعلمه في هذا الفصل هو أن الحرية المفضلة الينا هي التي تصان فيها سلامة جسم وروح الطفل والآخرين وكذلك شرف وصلاح الفرد والعائلة ويحدث من خلالها الانسجام الفكري بينه وبين المحيط وتتضح الأهداف التربوية في ظلها.
يعين القانون حدود السيطرة، وهنا يتجلى دور تجربة واطلاعات الوالدين والمربين.
فمثلاً في الإسلام، تكون الحريات بين حدّين هما الواجب والحرام الشرعي، وهما حدود خير ومصلحة الطفل يجب تطبيق السيطرة بصورة بعيدة عن الشعور بالجبر والفرض بالنسبة للطفل، وأن لا يشعر كذلك بأنها ثقيلة عليه، وأن تكون بالشكل الذي لا تخلف بعدها عصيان الطفل، أو انحرافه، وأحياناً لا تضطره إلى ترك العائلة والحياة.
الأساس فيها يقوم على النصح وحب الخير والهداية والتوعية، وتشجيعه على قبول نظم وقواعد وشروط الحياة وكذلك الاعتياد على الضوابط الأخلاقية بصورة تدريجية لا تؤدي الى فقدانه طمأنينته وأمنه.
نتيجة البحث
الحرية يجب أن تكون، ولكن ليست بالصورة التي تؤدي الى ضرره، وضياع التعادل والتوازن اللازم لحياته بل يجب أن تكون سبباً للتحقق النسبي لآماله ورشده وتطور شخصيته، الحرية المطلقة يمكن أن تجعل الإنسان خاوي العقيدة ومتحلل، وتعرض مصالحه إلى الخطر. وأما التحديد المطلق فهو الآخر يصل بالإنسان إلى مستنقع الحيوانية وأحياناً يجبره على المقاومة الخطرة والانتقام. وفي النتيجة تُعطل استعداداته وتُعرض بنيته الأخلاقية والعاطفية إلى الضرر والصدمة.
يجب أن يكون حراً، ولكن ليس بالمعنى الذي يصدر منه عمل مخالف للشرع أو خارج عن الضابطة وأن لا يقع أسير أهواء الآخرين ونفسه، أو يستسلم الى الغباء والخمول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ غرر الحكم: رقم9836: علي (عليه السلام).