1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

التاريخ : التاريخ الاسلامي : السيرة النبوية : سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام :

بعض المتخلفين عن غزوة بدر

المؤلف:  السيد جعفر مرتضى العاملي.

المصدر:  الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله

الجزء والصفحة:  ج 6، ص 21- 35

17-6-2021

3323

الغارات على الفضائل :

 ثمة رواية تقول :

إن أبا أمامة بن ثعلبة كان قد أجمع الخروج إلى بدر ، وكانت أمه مريضة ، فأمره النبي «صلى الله عليه وآله» بالمقام على أمه ، وضرب له بأجره وسهمه ، فرجع «صلى الله عليه وآله» من بدر ، وقد توفيت ، فصلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» على قبرها (١).

فنلاحظ أنه لا فرق بين هذه الرواية ، وبين ما روي بالنسبة لعثمان. فأي الروايتين قد حرفت وغيرت لصالح الرواية الأخرى ، وأبدلت الشخصيات فيها لصالح الآخرين؟!

وإننا بعد أن قدمنا ما في رواية عثمان من الإشكال ؛ وبعد أن كان ثمة جهاز يهتم بوضع الفضائل لشيخ بني أمية ، حتى ليكتب معاوية إلى الآفاق في ذلك ، فإننا نرجح أن رواية أبي أمامة هي التي أغار محترفو التحريف والتزوير عليها ، ليعوضوا عثمان عما فاته من شرف حضور حرب بدر ، وليذهبوا بالسمعة السيئة التي أثارها موقفه من رقية ، التي ماتت من جراء ما صنعه بها. ثم قارف ليلة وفاتها ، ولم يرع لها ، ولا لمن رباها ولا لولي نعمتها حرمة ، ولا إلا ولا ذمة.

ولكن يبقى إشكال إعطاء النبي «صلى الله عليه وآله» سهما من الغنائم لغير علي «عليه السلام» كما في حديث المناشدة السابق.

إلا أن يقال : إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أعطاه من الخمس الذي كان رده «صلى الله عليه وآله» عليهم ، كما قدمنا.

أو أنه «عليه السلام» قد ناشد الحاضرين ومنهم عثمان بذلك ، فكلامه صحيح بالنسبة إليهم ، أما غيرهم ، كجعفر رحمه الله ، فليس في كلامه «عليه السلام» ما يثبت ذلك أو ينفيه عنه ، كما تقدم.

قتل أسيرين :

وقد أسر من المشركين سبعون رجلا كما تقدم ، وقيل : واحد وسبعون رجلا (2) وتحرك «صلى الله عليه وآله» نحو المدينة ، فلما بلغ الصفراء أمر أمير المؤمنين عليا «عليه السلام» بأن يضرب عنق أسيرين هما : عقبة بن أبي معيط ، ذو السوابق السيئة المعروفة مع المسلمين والنبي «صلى الله عليه وآله» في مكة ، والنضر بن الحارث (3) ، الذي يعذب المسلمين في مكة.

وقيل : بل قتل «صلى الله عليه وآله» ثلاثة أسرى : هم عقبة ، والنضر ، والمطعم بن عدي (4).

فقال عقبة : يا محمد ، ناشدتك بالله والرحم.

فقال له «صلى الله عليه وآله» : وهل أنت إلا علج من أهل صفورية؟

وفي نص آخر : أنه «صلى الله عليه وآله» قال له : وأنت من قريش؟ ما أنت إلا علج ـ أو يهودي ـ من أهل صفورية ، لأنت في الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعى له ، حن قدح ليس منها ، قدمه يا علي ، فاضرب عنقه. فقدمه علي ؛ فضرب عنقه (5).

وفي رواية : أن عقبة قال أيضا : يا محمد ، من للصبية؟

قال : النار (6).

وعند السهيلي : أن الذي قال : حن قدح ليس منها ، هو عمر بن الخطاب (7).

وقد كان لعقبة هذا موقف سيئ تجاه رسول الله «صلى الله عليه وآله» قبل الهجرة ؛ فأوعده رسول الله «صلى الله عليه وآله» إن هو وجده خارجا من جبال مكة ، أن يضرب عنقه صبرا (8). وهكذا كان.

ويلاحظ هنا :

ألف : نسب عقبة :

إن سر قول النبي «صلى الله عليه وآله» له : إنه علج من أهل صفورية ، هو أنهم يقولون : إن أمية جد أبيه كان في صفورية ، فوقع على أمة يهودية لها زوج ، فولدت أبا عمرو ـ وهو ذكوان ـ على فراش اليهودي ، لكن أمية استلحقه بنفسه بحكم الجاهلية.

وقيل : كان ذكوان عبدا لأمية ، فتبناه ؛ فلما مات أمية خلف ذكوان على زوجته.

وعند السهيلي : يقال : كان أمية قد ساعى أمة ، أو بغت له أمة ؛ فحملت بأبي عمرو ؛ فاستلحقه بحكم الجاهلية (9).

وقد قال الفضل بن العباس ، مجيبا الوليد بن عقبة بن أبي معيط على أبيات له :

أتطلب ثارا لست منه ولا له *** وأين ابن ذكوان الصفوري من عمرو؟

كما اتصلت بنت الحمار بأمها *** وتنسى أباها إذ تسامى أولي الفخر (10)

وسأل معاوية دغفلا النسابة ـ وكان كبير السن ـ عن أمية جده ، فقال : نعم ، رأيته أخفش أزرق دميما ، يقوده عبده ذكوان.

فقال : ويحك ، كف ؛ فقد جاء غير ما ذكرت ، ذاك ابنه. فقال : أنتم تقولون ذلك (11).

ولكن ما جاء في تفسير القمي ، من قوله «صلى الله عليه وآله» له : لأنت في الميلاد أكبر من أبيك ، يدل على أن عقبة كان من نطفة رجل آخر ، وذلك الرجل من أهل صفورية ؛ وأنه كان ينسب إلى أبي معيط زورا وكذبا.

وقد قال الإمام الحسن «عليه السلام» للوليد بن عقبة ، مثل كلمة الرسول «صلى الله عليه وآله» لأبيه عقبة ؛ فراجع (12).

ويقول الزمخشري : «إن أبا معيط نفسه كان علجا من أهل صفورية ، ومن الأردن ، قدم به أبو عمرو بن أمية بن عبد شمس ؛ فادعاه» (13).

وحين أراد علي «عليه السلام» جلد الوليد في الخمر في عهد عثمان ، فسبه الوليد ، فقال له عقيل بن أبي طالب : «يا فاسق ، ما تعلم من أنت؟ ألست علجا من أهل صفورية؟ قرية بين عكا واللجون أعمال الأردن ، كان أبوك يهوديا منها» (14).

ب: النار للصبية :

ونجد أنه «صلى الله عليه وآله» قد حكم بالنار للصبية ، الذين منهم الوليد الفاسق ، الذي كان واليا لعثمان على الكوفة ؛ فشرب الخمر ، وزادهم في الصلاة وهو سكران!! وهو من الصحابة!!. فليتأمل إذا في دعوى البعض عدالة كل صحابي ، وقد تكلمنا عن هذا الموضوع بصورة موجزة في بعض بحوثنا (15).

ويعتبر قول النبي «صلى الله عليه وآله» هذا عن الصبية بمثابة إخبار عن الغيب الذي أطلعه الله عليه ، حيث عرفه تعالى أنه ليس في أولئك الصبية أحد يستحق الكرامة والنعمة. ولكن قد شاءت السياسة والعصبية تحكيم هؤلاء الصبية في أموال الناس وأعراضهم ودمائهم ، وجعلهم الحكام ، والمخططين للسياسة في الخلافة المغتصبة من أصحابها الشرعيين. ثم احتلوا مكانا عظيما في عقائد الناس ؛ حيث فرضوا على الناس لزوم الاعتقاد بعدالة هؤلاء ؛ مهما اجترحوا من السيئات وكانوا من الآثمين!!.

ج : الطعن في نسب عقبة! :

تقدم أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد قال لعقبة بن أبي معيط : إنما أنت علج من أهل صفورية ، أو نحو ذلك ـ مع أنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن سبابا ولا فاحشا ، ولا متفحشا ـ ، ولعل السبب في ذلك هو من أجل أن يعلم الناس بعدم صوابية ما يدّعيه ، وعدم صحة تقريب الهيئة الحاكمة لأبنائه ، وقد ولتهم جلائل الأعمال ، على أساس هذه القربى المدعاة ، وليجعلوا من ثم مال الله دولا ، وعباده خولا ، وليكونوا مصدرا للفتن والمؤامرات ، كما كان الحال بالنسبة للوليد الفاسق ، وغيره من الولاة والمقربين للهيئة الحاكمة باسم الدين والإسلام. على أن حكمها لم يكن إلا حكم القبيلة والعشيرة ، وحكم الجاهلية بالتعبير الأدق والأوفى.

د : إنكار قتل النضر بن الحارث في بدر :

ويذكر ابن سلام : أن ابن جعدبة الذي كان ينكر قتل أبي عزة الجمحي صبرا : «كان ينكر قتل النضر بن الحارث في يوم بدر صبرا ، فقال : أصابته جراحة ؛ فارتث منها ، وكان شديد المداوة ، فقال : لا أطعم طعاما ، ولا أشرب شرابا ما دمت في أيديهم ، فمات.

فأخبرت أبي سلاما بقول ابن جعدبة في أبي عزة ، فقال : قد قيل : إن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يقتل أحدا صبرا إلا عقبة بن أبي معيط يوم بدر» (16) ، ولكن هذا يخالف ما هو ثابت عن المؤرخين ، ولا نرى داعيا للوضع والاختلاق فيه.

ولذا فلا نرى للعدول عن النصوص التاريخية الثابتة مبررا ولا مجالا.

وأما بالنسبة لأبيات قتيلة أخت النضر بن الحارث التي قالتها بهذه المناسبة ، والتي فيها قولها مخاطبة للنبي «صلى الله عليه وآله» :

ما كان ضرك لو مننت وربما *** من الفتى وهو المغيظ المحنق

وأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» رق لها لما أنشدته إياها ودمعت عيناه ، وقال لأبي بكر : لو كنت سمعت شعرها ما قتلته.

أما هذا فقد قال الزبير بن بكار : سمعت بعض أهل العلم يغمز في أبيات قتيلة بنت الحارث ، ويقول : إنها مصنوعة (17).

أضف إلى ذلك : أن ما نقل عن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يعقل أن يصدر منه ، فإن هذه الأبيات لم تكن لتغير من تصميمه ، وهو يمتثل أمر الله ، ولا يعمل إلا حسب ما يقتضيه التكليف الواجب.

ولعل المقصود هو تلطيف الجو بالنسبة للمنتسبين إلى عقبة ، وإعادة شيء من الاعتبار إليهم عن هذا الطريق.

مصير الباقين من الأسرى :

قالوا : ولما رأى الأنصار ما جرى للنضر ولعقبة ، خافوا أن يقتل «صلى الله عليه وآله» جميع الأسارى ، فقالوا : يا رسول الله ، قتلنا سبعين ، وهم قومك وأسرتك أتجذ أصلهم؟ هبهم لنا يا رسول الله ، وخذ منهم الفداء وأطلقهم.

وكان أبو بكر يرجح أخذ الفداء أيضا ، وقال : أهلك ، وقومك ، استأن بهم ، واستبقهم ، وخذ فدية تكون لنا قوة على الكفار.

أو قال : هؤلاء بنو العم ، والعشيرة ، والإخوان.

فكره النبي «صلى الله عليه وآله» أخذ الفداء حتى رأى ذلك سعد بن معاذ في وجهه ، فقال : يا رسول الله ، هذه أول حرب لقينا فيها المشركين ، والإثخان في القتل أحب إلينا من استبقاء الرجال.

وقال عمر : يا رسول الله ، كذبوك ، وأخرجوك ؛ فقدمهم واضرب أعناقهم ، ومكن عليا من عقيل فيضرب عنقه ، ومكني من فلان أضرب عنقه ، ومكن حمزة من العباس فيضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر.

ونزل في هذه المناسبة قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(18).

ولما رأى النبي «صلى الله عليه وآله» إصرارهم على أخذ الفداء أخبرهم : أن أخذ الفداء سوف تكون عاقبته هو أن يقتل من المسلمين بعدد الأسرى ، فقبلوا ذلك وتحقق ما أوعدهم به «صلى الله عليه وآله» في واقعة أحد ، كما سنرى (19).

وتقرر الأمر على الفداء ، وجعل فداء كل أسير من ألف إلى أربعة آلاف ، وصارت قريش تبعث بالفداء أولا بأول. وأعطى «صلى الله عليه وآله» كل رجل من أصحابه الأسير الذي أسر ، فكان هو يفاديه بنفسه (20).

وفي بعض النصوص : أن سهيل بن عمرو جاء بفداء أسرى بدر ، فطلب منه «صلى الله عليه وآله» أن يخبره بما تريد قريش في غزوه (21).

هذا بعض ما نطمئن إلى صحته من النصوص التاريخية هنا.

لو نزل العذاب ما نجا إلا ابن الخطاب :

ولكننا نجد روايات أخرى تقرر عكس ما ذكر آنفا ، وتقول : إنه «صلى الله عليه وآله» مال إلى رأي أبي بكر ، بل وانزعج من مشورة عمر ، فنزل القرآن بمخالفته وموافقة عمر ، فلما كان من الغد ، غدا عمر على رسول الله ، فإذا هو وأبو بكر يبكيان ؛ فسأل عن سبب ذلك ، فقال الرسول «صلى الله عليه وآله» : إن كاد ليمسنا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم ، لو نزل عذاب ما أفلت منه إلا ابن الخطاب.

وعن ابن عباس ، عن ابن عمر ؛ أنه «صلى الله عليه وآله» قال : أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء ، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة ، وأنزل الله : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ..)(22).

ونحن لا نصدق ما ذكر آنفا ، ولدينا من الأدلة ما يكفي لإثبات بطلانها. ولعل هذه الروايات هي التي جرأت بعض الجهلة الأفاكين ممن ينتحل الإسلام ، ليكتب ويقول : قد أخطأ الرسول في موقفه من أسرى بدر ، ونزل الوحي مصححا خطأه.

قال تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ)(23).

ومستندنا في تكذيب ذلك كله ما يلي :

أولا : لماذا ما نجا من العذاب إلا عمر؟

وما ذنب سعد بن معاذ ليعذب؟

أليس هو من الموافقين لعمر ، كما نص عليه غير واحد ، بل كان هو المبتدئ بهذا الرأي على حد تعبير المعتزلي؟ (24)

وما ذنب ابن رواحة؟ أليس هو من الموافقين لعمر أيضا؟ (25).

ولا يعقل أن يكون قوله تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا)(26).

وقوله : (لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(27) خطابا للنبي «صلى الله عليه وآله» ؛ إذ لم يكن «صلى الله عليه وآله» طالبا لعرض الدنيا ، ولا مستحقا لذلك العذاب العظيم ؛ لأن معنى ذلك هو أن الله تعالى قد أمره بأمر ، وبينه له ، ثم خالفه ، والعياذ بالله ، فإن الالتزام بهذا هو من أعظم العظائم ، وجريمة من أكبر الجرائم (28).

ومما يدل على أن الله تعالى قد أبلغ نبيه أن اللازم هو قتل الأسرى : «أن حل الفداء كان قد علم من واقعة عبد الله بن جحش ، التي قتل فيها ابن الحضرمي ؛ فإنه أسر فيها عثمان بن المغيرة ، والحكم بن كيسان ، ولم ينكره الله تعالى. وذلك قبل بدر بأزيد من عام» (29).

ومعنى ذلك أنه قد كانت ثمة أوامر خاصة بالنسبة لأسرى بدر بينها النبي «صلى الله عليه وآله» لأصحابه ، ولكنهم قد أصروا على مخالفتها ، فاستحقوا العذاب العظيم ، ثم عفا الله عنهم ، رحمة بهم ، وتألفا لهم.

ويدل على ذلك أيضا : أنه قد جاء في بعض النصوص : «أن جبرائيل نزل على النبي «صلى الله عليه وآله» يوم بدر ، فقال : إن الله قد كره ما صنع قومك ، من أخذ الفداء من الأسارى.

وقد أمرك أن تخيرهم : بين أن يقدموهم ويضربوا أعناقهم ، وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم.

فذكر ذلك «صلى الله عليه وآله» لأصحابه ، فقالوا : يا رسول الله ، عشائرنا وإخواننا (30). بل نأخذ فداءهم ، فنتقوى به على عدونا ، ويستشهد منا عدتهم» (31).

فما تقدم يدل على أن تخييرهم هذا إنما كان بعد تأكيدهم على رغبتهم في أخذ الفداء ، وظهور إصرارهم عليه ، فأباح لهم ذلك.

وبعد ما تقدم نقول : لقد نص البعض على أن النبي «صلى الله عليه وآله» مال إلى القتل (32).

وذكر الواقدي أن الأسرى قالوا : لو بعثنا لأبي بكر ، فإنه أوصل قريش لأرحامنا ، ولا نعلم أحدا آثر عند محمد منه ؛ فبعثوا إليه فجاءهم فكلموه ، فوعدهم أن لا يألوهم خيرا ، ثم ذهب إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فجعل يفثؤه ويلينه ، وعاوده بالأمر ثلاث مرات ، كل ذلك والنبي «صلى الله عليه وآله» لا يجيب (33).

وبعد ما قدمناه فهل يصح قولهم : إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد جلس يبكي على نفسه مع أبي بكر ، وأنه لو نزل العذاب لم ينج منه سوى عمر بن الخطاب؟!.

ثانيا : لو سلمنا أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يميل إلى رأي أبي بكر من أول الأمر ، وأنه جلس يبكي مع صاحبه ـ كما ذكروه في مصادرهم ـ فلماذا يقول لعمر : لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة. إذ كيف لا يكون هو مع من استحق العذاب ، وهو الذي وافقهم ، وهوي ما هويته نفوسهم؟!

وثالثا : إن الالتزام بما ذكروه معناه تكذيب قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(34).

كما أنه لا يبقى معنى ـ والحالة هذه ـ لأمر الله تعالى للناس بإطاعة الرسول «صلى الله عليه وآله» ، حيث قال : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(35) حتى إذا امتثلوا الأمر الإلهي وأطاعوه يؤنبهم ، ثم يتهددهم. لقد كان يجب أن يتوجه التأنيب والتهديد للرسول «صلى الله عليه وآله» ، والمدح والثناء لهم ، لأنهم عملوا بوظيفتهم.

ورابعا : إن مجرد الإشارة على الرسول بالفداء لا تستوجب عقابا ، إذ غاية ما هناك : أنهم قد اختاروا غير الأصلح. وإذا ، فلا بد أن يكون ثمة أمر آخر قد استحقوا العقاب لمخالفته ، وهو أنهم حين أصروا على أخذ الفداء قد أصروا على مخالفة الرسول ، والتعلق بعرض الحياة الدنيا في مقابل إرادة الله للآخرة ـ كما قال تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)(36) ـ بعد بيان النبي «صلى الله عليه وآله» لهم بصورة صريحة ، إذ لا عقاب قبل البيان ، ثم المخالفة.

ولكن الله تكرم وتفضل عليهم ، وغفر لهم هذه المخالفة ، وأباح لهم أخذ الفداء تأليفا لهم ، على ما فيه من عواقب وخيمة. وقد بلغ من حبهم لعرض الدنيا أنهم قبلوا بهذه العواقب أيضا.

بل يمكن أن يكون إصرار بعض المهاجرين على أخذ الفداء يرجع إلى أنهم قد صعب عليهم قتل صناديد قريش ، حيث كانت تربطهم بهم صداقات ومصالح ووشائج رحم ، وقد استهوى موقفهم هذا جماعة من البسطاء والسذج من سائر المسلمين الحاضرين.

فهذا التعاطف مع المشركين من قبل البعض ، ثم حب الحصول على المال ، قد جعلهم يستحقون العذاب العظيم ، الذي إنما يترتب على سوء النيات ، وعلى الإصرار على مخالفة الرسول ، والنفاق في المواقف والأقوال والحركات ، لا سيما مع وجود رأي يطالب بقتل بني هاشم الذين أخرجهم المشركون كرها ونهى الرسول «صلى الله عليه وآله» عن قتلهم.

مع ملاحظة : أنه لم يشترك من قوم صاحب ذلك الرأي أحد في حرب بدر.

وأما الخطأ في الرأي مجردا عما ذكرناه فلا يوجب عقابا.

وثمة كلام آخر في تفسير آخر (37) قد أضربنا عن ذكره لعدم استقامته.

وخامسا : إنه قد جاء : أنه لما كان يوم بدر تعجل الناس من المسلمين ؛ فأصابوا من الغنائم ، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم ، كان النبي ـ يعني من السابقين ـ إذا غنم هو وأصحابه جمعوا غنائمهم ، فتنزل نار من السماء على كلها. فأنزل الله عز وجل : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً) وقد قوى الطحاوي هذه الرواية في شأن نزول الآية فراجع .

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٧ ، وراجع : الإصابة ج ٤ ص ٩ عن أبي أحمد الحاكم ، والإستيعاب بهامش الإصابة ج ٤ ص ٤ ، وأسد الغابة ج ٥ ص ١٣٩.

(2) العلل ومعرفة الحديث ج ١ ص ٤.

(3) وقد نص على أن عليا هو الذي ضرب عنق النضر بن الحارث في سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٩٨ عن الزهري وغيره ، وراجع : الأغاني ط ساسي ج ١ ص ١٠.

(4) العلل ومعرفة الحديث ج ١ ص ٣.

(5) راجع : الروض الأنف ج ٣ ص ٦٥ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٨٧ و١٨٦ ، والبحار ج ١٩ ص ٢٦٠ و٣٤٧ ، ومصنف عبد الرزاق ج ٥ ص ٢٠٥ ، وتفسير القمي ج ١ ص ٢٦٩ ، والواقدي ، وذكر ابن هشام في سيرته ج ٢ ص ٢٩٨ ، قتل علي «عليه السلام» له ، بلفظ : قيل.

(6) مصنف عبد الرزاق ج ٥ ص ٢٠٥ و٣٥٢ و٣٥٦ ، وربيع الأبرار ج ١ ص ١٨٧ ، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٣١ ، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٩٨ والأغاني ط ساسي ج ١ ص ١٠ و١١.

(7) الروض الأنف ج ٣ ص ٦٥.

(8) راجع : الغدير ج ٨ ص ٢٧٣ و٢٧٤ عن ابن مردويه ، وأبي نعيم في الدلائل بإسناد صححه السيوطي.

(9) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٨٧ ، وراجع : الروض الأنف ج ٣ ص ٦٥.

(10) الغدير ج ٩ ص ١٥٥ عن الطبري ج ٥ ص ١٥١.

(11) الروض الأنف ج ٣ ص ٦٥ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٨٧.

(12) شرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ٢٩٣ عن الزبير بن بكار في كتاب المفاخرات ، وراجع : مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ١١٩.

(13) ربيع الأبرار ج ١ ص ١٧٨.

(14) تذكرة الخواص ص ٢٠٦.

(15) راجع كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام الجزء الثاني.

(16) طبقات الشعراء لابن سلام ص ٦٤ و٦٥.

(17) زهر الآداب ج ١ ص ٦٦.

(18) الآيتين ٦٧ و٦٨ من سورة الأنفال.

(19) راجع هذه النصوص في المصادر التالية ، وإن كان كثير منها يذكر أنه «صلى الله عليه وآله» قد مال إلى قول أبي بكر ، وبعضها يذكر أنه لم يرد إلا قتلهم فراجع : الطبري ج ١ ص ١٦٩ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٠ ، وصحيح مسلم ج ٥ ص ١٥٧ ، والبحار ج ١٩ ، وأسباب النزول للواحدي ص ١٣٧ ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٤٢ ، وكنز العمال ج ٥ ص ٢٦٥ عن أحمد ومسلم ، والترمذي ، وأبي داود ، وابن أبي شبية ، وأبي عوانة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، والبيهقي. والدر المنثور ج ٣ ص ٢٠١ ـ ٢٠٣ ، ومشكل الآثار ج ٤ ص ٢٩١ و٢٩٢ ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ١٠٧ و١٠٨ ، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٣٦.

(20) المصنف ج ٥ ص ٢١١.

(21) المصدر السابق.

(22) راجع : المصادر المتقدمة جميعا ، وفواتح الرحموت بهامش المستصفى للغزالي ج ٢ ص ٢٦٧ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٩٣ ، والمستصفى للغزالي ج ٢ ص ٣٦٥ ، وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ١٦٩.

(23) قضايا في التاريخ الإسلامي لمحمود إسماعيل ص ٢٠.

(24) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ١٧٥ و١٧٦ ، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٢٦ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٢ ، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٨١ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٨١ ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ١١٠ و١٠٦.

(25) البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٩٧ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ١٧٠ ، والروض الأنف ج ٣ ص ٨٣ ، وأسباب النزول للواحدي ص ١٣٧ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٩٣ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٢ ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٤٣ عن الحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والترمذي ، وأحمد.

(26) الآية ٦٧ من سورة الأنفال.

(27) الآية ٦٨ من سورة الأنفال.

(28) راجع : دلائل الصدق ج ٣ قسم ١ ص ٥٩.

(29) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٢.

(30) هذه الكلمة تشير إلى أن الذين قالوا ذلك هم من المهاجرين.

(31) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٩٣ عن فتح الباري ، عن الترمذي ، والنسائي ، وابن حبان ، والحاكم بإسناد صحيح ، ومصنف عبد الرزاق ج ٥ ص ٢١٠ ، والبداية والنهاية لابن كثير ج ٣ ص ٢٩٨ ، وطبقات ابن سعد ج ٢ ص ١٤ قسم ١.

(32) راجع على سبيل المثال : الكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٣٦.

(33) مغازي الواقدي ج ١ ص ١٠٧ و١٠٨.

(34) الآيتين ٣ و٤ من سورة النجم.

(35) الآية ٥٩ من سورة النساء.

(36) الآية ٦٧ من سورة الأنفال.

(37) دلائل الصدق ج ٣ قسم ١ ص ٥٥ و٦٠.