x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

تمييز الأسرار التجارية من المعرفة التقنية

المؤلف:  سندس قاسم محمد عباس العقيلي

المصدر:  التنظيم القانوني للأسرار التجارية

الجزء والصفحة:  ص32-45

19-4-2021

3221

هناك أوجه عديدة تلتبس بها الأسرار التجارية من المعرفة التقنية وهناك أوجه اختلاف بينهما , ولكن قبل التطرق إلى أوجه الشبه والاختلاف بينهما ينبغي بيان تعريف المعرفة   التقنية , وهذا ما سنبحثه تباعاً وعلى الوجه الآتي :-

الفرع الأول

تعريف المعرفة التقنية

لقد تعددت التسميات التي اطلقت على المعرفة التقنية منها التقنية الخاصة أو السرية التقنية أو معرفة كيفية العمل التقني أو المعرفة الفنية (1) , وسوف نعتمد مصطلح المعرفة التقنية للاستعمال الشائع لها , وقد عرفت المعرفة التقنية تعريفات متعددة , ومن خلال استقرائها نجد ان هناك اتجاهين في تعريفها أحدهما ضيق والآخر واسع , وسوف نتناولهما على الوجه    الآتي :- 

أولاً :- الاتجاه الضيق

ذهب هذا الاتجاه إلى التضييق من نطاق المعرفة التقنية , فنجد ان هناك من عرّفها بأنها    ( اسلوب فني أو طريقة عمل أو خبرة خاصة كانت محصلة لتجارب عديدة كأسلوب للدعاية أو طريقة الانتاج والتوزيع ولا يمكن أن تكون محلاً لبراءة اختراع لأنها غير قابلة للاستغلال الصناعي ) (2) .

ويلاحظ على هذا التعريف انه جعل المعرفة التقنية مقتصرة على الخبرات والمهارات المتحصلة من التجارب , وكذلك ذكر بانها لا تصلح كمحل لبراءة الاختراع لأنها غير قابلة للاستغلال الصناعي , في حين ان المعرفة التقنية يمكن الاستفادة منها في مجالات صناعية متعددة (3)عُرفت أيضاً بانها (مجموعة المعارف التطبيقية التي تسمح بتحقيق افضل النتائج الصناعية . وغالباً ما تأخذ هذه المعارف طابعاً ايجابياً , مثل المعارف المتعلقة بمزج المواد ونسبها , أو متعلقة بكيفية تطبيق وسيلة صناعية , أو المعارف التي تسمح باختيار انسب المواد الأولية أو بتحديد افضل شروط التصنيع . وقد تأخذ هذه المعرفة طابعاً سلبياً , اذ تتمثل حينئذ في ادراك الاخطاء الواجب تفاديها في سبيل تحقيق افضل النتائج الصناعية ) (4) .  ويلاحظ على هذا التعريف انه قد قصر المعرفة التقنية على المعارف التجريبية التي تستعمل في المجالات الصناعية فقط في حين ان المعارف التقنية كما اسلفا سابقاً لا تقتصر على تلك المعلومات المتحصلة من التجارب وهي أيضاً لا يقتصر استعمالها في المجال الصناعي فحسب بل قد تستعمل في مختلف المجالات الأخرى (5) .

وكذلك عُرّفت بأنها ( اي معلومات صناعية أو تقنية والتي تساعد في تصنيع وتجهيز السلع  او المواد ) (6) .

ثانياً :- الاتجاه الواسع

هناك من ذهب إلى أن المعرفة التقنية لا تقتصر على البراعة والمهارات الشخصية وانما هي نظام عملي محدد للغاية بتقنية معينة في اغلب الاحيان (7) يتسع ليشمل كل المعارف القابلة للاستعمال في شتى قطاعات النشاط الاقتصادي , فاذا كان مدلول المعرفة التقنية هو في الاصل نتاج تطور فنون الانتاج الصناعي , فإن الاتجاه الحديث يذهب إلى مده إلى كافة القطاعات الاقتصادية (8) .

فقد عُرّفت بأنها (مجموعة من المعارف التكنولوجية النظرية والعملية والصناعية والادارية والتجارية , الجديدة والقابلة للانتقال والتي تحتفظ بها المشروعات بشكل سري وغير مشمول بحماية براءة الاختراع ) (9) .

وهناك من عَرّفها بأنها (الاستئثار بمعرفة جديدة لأسلوب أداء علمي معين في جميع الميادين , والاحتفاظ بهذه المعرفة بعيداً عن الآخرين ودون تسربها لهم والوقوف على أسرارها بطرق غير مشروعة ) (10) .

ونحن نميل لترجيح الاتجاه الأخير لكونه يوسع في نطاق المعرفة التقنية لتشمل جميع الميادين الاقتصادية وعدم حصرها في نطاق محدد وهو بلا شك يخدم متطلبات التطور الاقتصادي والقانوني .

واذا أردنا تعريف المعرفة التقنية نقول بأنها (عبارة عن الرصيد المتراكم من المعلومات السرية الناتجة عن المؤهلات العلمية والعملية للشخص الذي يحوزها والتي تستعمل في مختلف النشاطات ) .     

الفرع الثاني

أوجه الشبه والاختلاف بين الأسرار التجارية والمعرفة التقنية

تتشابه الأسرار التجارية والمعرفة التقنية من نواحي عدة وتختلف معها بأخرى , وهذا ما سنبحثه وعلى الوجه الآتي :-

أولاً :- أوجه الشبه بين الأسرار التجارية والمعرفة التقنية

تتشابه الأسرار التجارية والمعرفة التقنية من عدة وجوه سنبحثها تباعاً :-

1- من حيث عناصر كل منهما

من العناصر التي تتكون منهما الأسرار التجارية كما سبق الاشارة اليها السرية والقيمة التجارية واتخاذ حائزها الاحتياطات للمحافظة عليها , وهي ذات العناصر التي تتكون منها المعرفة التقنية , فالسرية ليست أداة حماية فعالة لكليهما فحسب بل هي أداة رئيسية لاحتكارهما والاستئثار باستغلالهما(11) وتعطي من ثَمَّ في كليهما قيمة تجارية لما توفره للحائز من ميزة تنافسية نتيجة لما بذله من الجهد والوقت والنفقات وما اتخذه من الاجراءات من اجل المحافظة عليهما (12) .

2- من حيث الأصالة والجدة

تتمتع المعارف التقنية والمعلومات التي تعد أسراراً تجارية بعنصر الجدة والاصالة , فيجب ان تكون غير معروفة بشكل عام ونتيجة لذلك فإنها  تعطي لحائزهما ميزة على منافسيه

الذين يجهلونها (13) , على ان الجدة المطلوبة للأسرار التجارية والمعرفة التقنية لا تقاس بمعيار موضوعي كما تتطلبه غيرها من الأوضاع (14) وانما تقاس بمعيار ذاتي , فطالما كانت المعارف والمعلومات التي يستخدمها مشروع معين غير متاحة للمشروعات الاخرى العاملة في الفرع الانتاجي نفسه أو لمعظمها على الاقل , وطالما ان هذه المشروعات لا يمكنها التوصل اليها الا ببذل جهد يتطلب المال والوقت , فإن ذلك كافٍ لتحقيق جدة هذه المعارف والمعلومات ,     فيجب ان تكون على درجة من الأصالة تجاوز ما هو موجود ومعروف في أوساط المتعاملين في النشاط التجاري ذاته , لكي تحقق مزايا مالية تعود على صاحبها بالنفع (15) , ولا يشترط بعد ذلك ان تكون على درجة عالية من الفن الصناعي أو التجاري أو تمثل خطوة ابداعية في     ذاتها (16) .

3- من حيث الاستعمال

 يشترط لوجود المعرفة التقنية والأسرار التجارية أن يحصل استعمال لهما على الاقل داخل المشروع الذي يحوزها فلا توجد حماية على الافكار التي لا يمكن وضعها في حيز  التنفيذ , إذ لا يكفي أن تكون الفكرة نظرية بل يجب ان تؤتي ثمارها العملية (17) , لذلك يجب ان يكون هناك استعمال حقيقي أو واقعي يعطي للمالك ميزة يتفوق بها على منافسيه , لكن لا يشترط ان يكون هذا الاستعمال على نطاق واسع أو ان يكون الاستعمال بأقصى الدرجات , فلا يشترط ان تكون المعلومات والمعارف المستخدمة في النشاط التجاري على درجة من التكامل , لذلك يتم حماية الأسرار والمعارف حتى لو كانت قيد البحث والتطوير , لذلك يمكن ان       تكون النتائج الايجابية أو السلبية المتحصلة من بعض التجارب محلاً للأسرار التجارية والمعرفة التقنية (18).

4- من حيث عدم الخضوع للتسجيل

تتميز الأسرار التجارية والمعرفة التقنية على حدٍ سواء بعدم خضوعها لأي نظام تسجيل بغية ابقائها سراً (19) , فلا توجد اجراءات أو نظام اداري لتسجيلها أو النشر عنها لدى اي جهة (20) , لان ذلك من شأنه ان يؤدي إلى تدمير السرية التي تعد من اهم العناصر التي تتكون منها كل من المعرفة التقنية والأسرار التجارية , إذ أنه يتطلب الكشف العلني عن المعلومات والمعارف المراد تسجيلها (21) .

وبذلك فإن الكثير من اصحاب المعلومات السرية يفضلون الاحتفاظ بسرية معلوماتهم والتعامل عليها من خلال كونها أسراراً تجارية ومعارف تقنية دون التقدم بطلب تسجيلها للحصول على براءة اختراع عنها , وبهذه الطريقة يمكن لأصحابها الاحتفاظ بها دون الكشف عن سريتها لما توفره من فوائد مالية تعود عليهم من جراء بقائها سرية (22).

ولكن يثار التساؤل عن مسألة مهمة في هذا الصدد , وهي انه هل يشترط في عدم خضوع الأسرار التجارية والمعرفة التقنية للتسجيل عدم توفر شروط الحصول على براءة الاختراع عنهما أم أن عدم الخضوع للتسجيل يتسع ليشمل تلك التي تتوفر فيها هذه الشروط ولكن يفضل اصحابها بقائها سراً دون تسجيلها لدى اي جهة ؟  اختلف الرأي بصدد الاجابة عن هذا التساؤل إلى اتجاهين سنبينهما كما يأتي :-

أ – الاتجاه الأول

ذهب أنصار هذا الاتجاه إلى القول بأن الأسرار التجارية والمعارف التقنية التي لا تتوفر فيها شروط الحصول على البراءة هي فقط المستثناة من خضوعها لنظام التسجيل للحصول على براءة اختراع عنها لعدم توفر الشروط المطلوبة للتسجيل وبالمقابل فان المعلومات والمعارف التي تتوفر فيها تلك الشروط تكون خاضعة لنظام التسجيل والا تفقد اي حماية لها  (23).

ب – الاتجاه الثاني

في حين ذهب أنصار هذا الاتجاه إلى القول بإمكان استثناء الأسرار التجارية والمعارف التقنية من نظام التسجيل على الرغم من توفر شروط الحصول على براءة اختراع عنهما   لرغبة أصحابها في بقائها سراً انطلاقاً من ان الحق المعترف به لأصحابها لا يسري في   مواجهة  الكافة , فإن تمكن الغير من الوصول اليها بمجهوده الذاتي والمستقل فله استغلالها , وهذا يشجع اصحابها على طلب تبرئتها فيما بعد أو على الاقل الاقدام على استغلالها وعدم ابقائها لأنفسهم (24) , فعدم خضوع الأسرار التجارية والمعارف التقنية للتسجيل لا يفقد اصحابها الحق في الانتفاع بها ولا يؤثر على كونهم اصحاب حقوق , ولكن هذه الحقوق قد فقدت          أحد الانظمة اللازمة للحماية ألا وهي الحماية التي تحققها نظام براءة الاختراع , حيث إن حقه يحمى بموجب أساليب اخرى (25) .

5 - عدم القابلية للنفاذ

تشترك الأسرار التجارية والمعرفة التقنية بعدم القابلية للنفاذ أو الزوال بطبيعتهما ,     ويترتب على ذلك أنهما لا يفقدان كل قيمة لهما عند ظهور معارف ومعلومات جديدة أكثر تطوراً (26) , أو كانتا محلاً للتداول من شخص لأخر , فمتى ما توصل شخص اليهما أو اكتسبهما كان صاحب حق عليها ولا يمكن نزعهما منه مهما استغلهما لنفسه أو كانتا محلاً للاستغلال من قبل المرخص لهم فانهما لا ينفذا ابداً (27) .

6- من حيث مدة الحماية

قد يلجأ مالكو الأسرار التجارية أو المعرفة التقنية إلى الاحتفاظ بهما طي الكتمان لضمان استمرار الحماية لفترة أطول تتجاوز فترة الحماية التي يمنحها نظام براءة الاختراع (28), فما دامت المعارف والمعلومات باقية طي الكتمان فان الحماية تكون غير مشروطة بمدة معينة , إذ ان مناط استمرار الحماية هي بقاؤها سرية (29).

7 - من حيث  نطاق الحماية

يتسع نطاق ومجالات الحماية التي يوفرها كل من نظام الأسرار التجارية والمعرفة التقنية إلى معلومات سرية غير جائز حمايتها من خلال أنظمة أخرى , فيتسع ليشمل حماية معلومات غير جائز تقديم براءة اختراع عنها مثل الاكتشافات والنظريات العلمية والطرق الرياضية والبرامج والمخططات وكذلك طرق التشخيص والعلاج والجراحة اللازمة لمعالجة الانسان والحيوان والنباتات (30) , كما يشمل حماية المعلومات والمعارف والابتكارات السرية الاخرى كتلك التي ما تزال قيد البحث والتطوير والمعلومات الإيجابية المتضمنة التوصل إلى النتيجة المرجوة وكذلك المعلومات السلبية (31) .

ثانياً :- أوجه الاختلاف بين الأسرار التجارية والمعرفة التقنية

هناك من يرى بأنه على الرغم من وجود تشابه بين الأسرار التجارية والمعرفة التقنية    إلا أن هذا التشابه يتعين أخذه بعين الحذر, فثمة اختلاف بين الاصطلاحين من حيث المضمون والدور الوظيفي لكل منهما وهذا ما سنبحثه بالتفصيل وكما يأتي :-

1- من حيث المضمون

لقد اعتمد البعض على فكرة المضمون للتمييز بين الأسرار التجارية والمعرفة التقنية , من حيث دائرة المعلومات والمعارف التي تحتويها كل منهما , لذلك انقسم الرأي في هذه المسألة إلى ثلاثة اتجاهات سنتناولها تباعاً وكما يأتي :-

أ - الاتجاه الأول

يرى أصحاب هذا الاتجاه بأن المعرفة التقنية هي من حيث المضمون والمحتوى أوسع   من الأسرار التجارية , فإنها تشمل وفقاً لهذا الاتجاه كل التقنيات التي تصلح أن تكون محلاً للأسرار التجارية وتمتد أيضاً لتشمل تلك المعلومات التي لا تصلح لذلك , أما الأسرار التجارية  فهي تنحصر فقط في طريقة أو وسيلة أو مركب ما وبعض المعلومات الثانوية (32) وهم يستندون في رأيهم هذا على ان احد عناصر التمييز بين الأسرار التجارية والمعرفة التقنية هي فكرة السرية فحيث إن الأولى يجب ان تشتمل على معلومات سرية فإن الثانية يمكن ان تتسع لتشمل بعضاً من المعارف التي لا تتسم بالسرية ,  وهناك بعض المعلومات التقنية والتي لاتعد سراً لأنها معروفة وشائعة بين رجال الفن الصناعي يمكن حمايتها عن طريق فكرة المعرفة  التقنية (33) .

لكن هذا الاتجاه لم يسلم من النقد فقد اخذ عليه بانه يعتمد على مدونة المسؤولية الأولى الامريكية الصادرة سنة 1939 في تعريفه للأسرار التجارية , مما يقضي حتماً إلى عد المعرفة التقنية أكثر اتساعاً من حيث المضمون من الأسرار التجارية , فهذه المدونة قد ضيقت من نطاق الأسرار التجارية ,  لذلك فإن هذا الاتجاه لم  يعد صالحاً للتمييز بين الأسرار التجارية والمعرفة التقنية في الوقت الحاضر بعد التوسع في مفهوم الأسرار التجارية ليشمل كثيراً من المعارف والمعلومات الحديثة التي لم تكن موجودة وقت صدور تلك المدونة (34) .

ب- الاتجاه الثاني

ذهب هذا الاتجاه إلى ان مضمون الأسرار التجارية أوسع من مضمون المعرفة التقنية ,  حيث إن الأخيرة جزء من الأسرار التجارية وأنها تتساوى مع الأسرار التجارية من حيث المضمون إذا فصلنا عنها أمرين أساسيين , الأول المعلومات التجارية مثل المعارف الادارية والتنظيمية  والثانية التقنيات الصناعية التي لا يمكن شمولهما ببراءة الاختراع . وبعبارة أوضح أن المعرفة التقنية تتساوى مع الأسرار التجارية اذا ما استبعدنا عنها كل من المعلومات التجارية والتقنيات الصناعية التي لا يمكن شمولها ببراءة الاختراع (35) .

ولكن ما يرد على هذا الرأي بأن الواقع العملي يشير بان المعلومات التجارية والصناعية تصلح أن تكون محلاً للمعرفة التقنية ويكون لصاحبها الترخيص باستخدامها للغير على الرغم من عدم توفر شروط براءة الاختراع فيها .

ج - الاتجاه الثالث

ذهب هذا الاتجاه إلى المساواة بين الأسرار التجارية والمعرفة التقنية , فالأخيرة       تتضمن كما يرى أصحاب هذا الاتجاه على المعلومات التقنية  والمعلومات التجارية والصناعية والتنظيمية والادارية وغيرها من المعلومات التي تساعد على تسيير المشروع التجاري  (36).

ونحن نؤيد الاتجاه الاخير لكونه مطابقاً لواقع الحال , فالمعرفة التقنية ماهي إلا سر تجاري فهي تشتمل على نفس العناصر التي تشتمل عليها الأسرار التجارية , وكذلك يشترط لحمايتها نفس شروط الحماية المقررة للأسرار التجارية وتخضع لنفس النظام القانوني الذي ينظم الأسرار التجارية .

ونجد أن المشرع الامريكي قد ذهب إلى المماثلة بين الأسرار التجارية والمعرفة التقنية وذلك من خلال الرجوع إلى نص المادة الرابعة من الفصل الأول من القانون الموحد لأسرار التجارة السالفة الذكر على ان الأسرار التجارية  ( اي معلومات بما تشتمله من تركيبات ونماذج وتقنيات ..... ) .

كذلك الحال بالنسبة للمشرع المصري فإنه قد أشار في المادة (55) من قانون حماية الملكية الفكرية السالفة الذكر بان الحماية القانونية تمتد إلى جميع المعلومات السرية التي تخص الاشخاص الطبيعية والاعتبارية دون تمييز اذا توافرت بها العناصر (37) .

كذلك لم تميّز اتفاقية تربس بين أنواع المعلومات السرية عندما تناولتها بالتنظيم ونجد ذلك واضحاً من خلال نص المادة (39) السالفة الذكر(38) من هذه الاتفاقية . 

ونستخلص من موقف المشرع العراقي بأنه قد ساوى بين المعرفة التقنية والأسرار التجارية ونجد ذلك واضحاً من خلال الرجوع إلى نص المادة الأولى السالفة الذكر من قانون براءات الاختراع لسنة 2004  والتي تشير ( ان للأشخاص الطبيعية والمعنوية صلاحية حبس المعلومات ...... طالما كانت أ - سرية ...... ب - لها قيمة تجارية ...... ج - خاضعة لمراحل  رصينة ...... ) .

فإذا كان لشخص طبيعي أو معنوي معلومات تتصف بشروط معينة بأن تكون سرية ولها قيمة تجارية وقد اتخذ الاجراءات اللازمة للمحافظة عليها يكون له الحق في حبسها عن الاخرين وعدم الإفصاح عنها وله الحق في حمايتها من الاعتداء عليها دون تمييز بين الأسرار التجارية والمعرفة التقنية

2- من حيث الدور الوظيفي

      اختلف الرأي بشأن الدور الوظيفي للمعرفة التقنية من حيث التداول والانتقال بالمقارنة مع  الأسرار التجارية التي يمكن التنازل عنها أو الترخيص باستعمالها مع المحافظة على سريتها , وسوف نبحث كل رأي تباعاً وكما يأتي :-

أ‌ :- الاتجاه الأول

هناك من يرى بأن الأسرار التجارية قابلة للانتقال والتداول على خلاف المعرفة التقنية التي تفقد قابليتها للانتقال والتداول عند الاستئثار بها بواسطة السرية (39) .

وما يرد على هذا الرأي بان الاحتفاظ بسرية المعرفة التقنية لا يفقدها قابليتها على التداول والانتقال لالتزام المطلع بالمحافظة على سريتها سواء تم العقد أو لم يتم (40) .

ب:- الاتجاه الثاني

يرى انصار هذا الاتجاه ان الأسرار التجارية بشكل عام قابلة للانتقال والتداول بخلاف المعرفة التقنية فهي غير قابلة للانتقال والتداول إلا إذا كان باستطاعة المطلع الحصول عليها دون الحاجة إلى نقل صاحبها , وبالتالي فأن المهارات والخبرات لا يمكن انتقالها وتداولها (41) , فالأمر يقتضي التفرقة بين المعارف التي يكتسبها المشروع عن طريق المهارات والخبرات العملية الطويلة والمختزنة في عقول أصحابها وبين المعارف التي تتمثل بالمهارات والخبرات الذاتية اللصيقة بصاحبها   (42) , ووجه هذه التفرقة امكان انتقال وتداول الأولى من مشروع  إلى

آخر وفي مناطق متعددة بغض النظر عن اسلوب انتقالها  (43)دون الثانية (44) .

      ونحن نميل لترجيح الاتجاه الثاني لتناسبه مع الواقع العملي ونرى بأن الأسرار التجارية تختلف من المعرفة التقنية بأن الأولى يمكن ان تنتقل وتتداول عن طريق الترخيص باستغلالها أو التنازل عنها بعوض أو بدونه بخلاف المعرفة التقنية فان من صورها ما يُعد مهارات وخبرات شخصية لا يمكن نقلها وتداولها .

ونحن نرى بعدم وجود اختلاف بين مصطلحي الأسرار التجارية والمعرفة التقنية من حيث مضمون كل منهما على اعتبار ان كليهما تتضمن معلومات تجارية وصناعية وادارية وتنظيمية وتسويقية وتقنية وغيرها من المعلومات التي يحتفظ بها مالكها بصورة سرية لما لها من قيمة تجارية يتميز بها عن منافسيه , إلا أن هناك اختلافاً بينهما من حيث الدور الوظيفي لكل منهما في الحياة الاقتصادية حيث إن الأسرار التجارية يمكن ان تنتقل من شخص لآخر بخلاف بعض صور المعرفة التقنية المتمثلة بالمهارات والخبرات الشخصية فلا يمكن ان تكون محلاً للانتقال والتداول .

______________

1- انظر :  د. نعيم مغبغب , قانون الصناعة ( الترخيص للمؤسسات الصناعية ) , 1996,  ص 27 .

 

2- انظر : د. علي سيد قاسم , مبادئ القانون التجاري في دولة الأمارات العربية المتحدة , دار النهضة     العربية , القاهرة , 2010 , ص 205 .

3- انظر : ياسر سامي قرني , دور عقود الامتياز التجاري في نقل المعرفة الفنية ( دراسة مقارنة ) , اطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق - جامعة القاهرة , 2005 , ص 158.

4- انظر : د. هاني محمد دويدار , القانون التجاري ( التنظيم التجاري , الملكية التجارية والصناعية , الشركات التجارية ) , منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , ص221 .

5- انظر: د. وفاء مزيد فلحوط , المشاكل القانونية في عقود نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية , منشورات الحلبي الحقوقية , الطبعة الاولى , بيروت , 2008 , ص 388 .

6- انظر :

L.B. Cuzonand  P.H.Richardes , the long man Dictionary of law , England , 2007,           p 335 .

7-  انظر : د. مرتضى جمعة عاشور , عقد الاستثمار التكنولوجي ( دراسة مقارنة ) , منشورات الحلبي    الحقوقية , الطبعة الاولى , بيروت , 2010 , ص 218 .

8- انظر : د. سيُبيل سمير جهلول , المعرفة العملية savoir -  faire / Know - How  ( دراسة في المفهوم والعقود وطرق الحماية ) , منشورات الحلبي الحقوقية , الطبعة الاولى , بيروت , 2009 , ص 44 .

9- انظر : د. حسام محمد عيسى , نقل التكنولوجيا , دراسة في الاليات القانونية للتبعية الدولية , الطبعة   الاولى , القاهرة , 1987 , ص 130 , نقلاً عن سلام منعم مشعل , المصدر السابق , ص 12 .

10-  انظر : د . نداء كاظم المولى , الآثار القانونية لعقود نقل التكنولوجيا , دار وائل للنشر والتوزيع , الطبعة الاولى , عمان , 2003 , ص 41 وما بعدها 

11- انظر : د. سيُبيل سمير جهلول , المصدر السابق , ص 173

12- انظر : د. محمود الكيلاني , الموسوعة التجارية والمصرفية – المجلد الاول – عقود التجارة الدولية في مجال نقل التكنولوجيا , دار الثقافة للنشر والتوزيع , الطبعة الاولى , عمان , 2008 , ص95 .                                                                                           

 

13- انظر: د. وفاء مزيد فلحوط , المصدر السابق , ص393 .

14- حيث يتعين للحصول على براءة الاختراع ان يكون الاختراع الذي يمنح عنه البراءة جديداً وان يؤدي إلى احداث طفرة في الفن الانتاجي والصناعي . انظر خالد يحيى الصباحين , شرط الجدة (السرية) في براءة الاختراع - دراسة مقارنة بين التشريعين المصري والاردني والاتفاقيات الدولية - , دار الثقافة للنشر    والتوزيع , الطبعة الاولى , عمان , 2009 , ص 90 وما بعدها .

15- انظر: د. سميحه القليوبي , الملكية الصناعية  , دار النهضة العربية , الطبعة الثامنة , القاهرة , 2009 , ص 416 .

16- انظر : سلام منعم مشعل , الحماية القانونية للمعرفة الفنية ( دراسة مقارنة ) , اطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق - جامعة النهرين , بغداد , 2003   , ص 20 .

17- انظر : د. جلال وفاء محمدين , حماية الأسرار التجارية والمعرفة التقنية , متاح على الموقع الالكتروني :-                                                      http://www.Arabicn.net          , ص2 .

18- انظر : د. عبد الله عبد الكريم عبد الله , الحماية القانونية لحقوق الملكية الفكرية على شبكة الانترنت ( دراسة في الاطر القانونية للحماية مع شرح النظام القانوني للملكية الفكرية في التشريعات المصرية والاردنية والاوربية والامريكية ومعاهدتي الانترنت ) , دار الجامعة الجديدة , الاسكندرية , 2009 , ص225 .

19- انظر : د. امير حاتم الخولي , سلسلة انت والملكية الفكرية , الكتاب الاول (اساسيات الملكية الفكرية :- الكتاب الاساسي للجميع) , منشورات مكتب البراءات والعلامات التجارية للولايات المتحدة , 2006 ,         ص 27 .

20- انظر : د. سميحه القليوبي , المصدر السابق , ص 416 وما بعدها .

21- انظر : المعلومات غير المفصح عنها , بحث مقدم من قبل المركز المصري للملكية الفكرية وتكنولوجيا المعلومات . متاح على الموقع الالكتروني :-

http://www.ecipit.org.eg/Arabic/Undisclosed_Information_A.aspx

22-  انظر :

Nancy Kubasek , M.Neil Browne ,Deniel J.Herrn, Andrea Gampetro Meyer , Linda Barkac , Lucien Dhooge ,Carrie Williamson , op cit , p 335 .            

23- انظر : د. عبد الله عبد الكريم عبد الله , المصدر السابق ,  ص220 .

24- انظر : د. وفاء مزيد فلحوط , المصدر السابق , ص397 .     

25- انظر : سلام منعم مشعل , المصدر السابق , ص31 .

26- انظر : د. مرتضى جمعة عاشور , المصدر السابق , ص 258 .

27- انظر : د. نصير جبار لفتة الجبوري , الضمانات الغير العقدية لاستثمار المعرفة , مجلة القانون المقارن , العدد 51  , 2008 , ص 2 .

28- انظر

Nancy Kubasek , M.Neil Browne ,Deniel J.Herrn, Andrea Gampetro Meyer , Linda Barkac , Lucien Dhooge ,Carrie Williamson , op cit , p 335 .                                           

29- انظر : منى السيد عادل عمار , الحماية المقررة للمعلومات غير المفصح عنها في عقود نقل التكنولوجيا في النظام السعودي , مجلة المحامين العرب , العدد الثاني , 2009 , ص 4 .

30-  تنص المادة (2) من قانون حماية الملكية الفكرية المصري في الباب الأول منه والخاص بـراءة الاختراع ونماذج المنفعـة على انه ( لا تمنح براءة اختراع لما يلى :- ......2 - الاكتشافات والنظريات العلمية والطرق الرياضية والبرامج والمخططات 3 - طرق تشخيص وعلاج وجراحة الإنسان أو الحيوان ..... ) .

وكذلك تنص اتفاقية تربس في الفقرة (3) من المادة (27) من القسم الخامس الخاص ببراءات الاختراع على انه ( يجوز ايضاً للبلدان الاعضاء ان تستثني من قابلية الحصول على براءات الاختراع ما يأتي : أ – طرق التشخيص والعلاج اللازمة لمعالجة البشر او الحيوانات) .

ونصها وارد باللغة الانكليزية كما يأتي :-

(Members may also exclude from patentability a - diagnostic , therapeutic and  surgical methods for the treatment  of humans or animals ) =  

                                                                                                                                                                                                                                    

وتنص المادة الثانية من الفصل الاول من قانون رقم (81) لسنة 2004 العراقي على انه ( لا تمنح البراءة في الحالات التالية :-

2- التركيبات الطبية والصيدلانية .

3- الطرق أو الوسائل المستعملة في الأمور المالية أو الصيرفية  أو الحسابية .

4- خرائط البناء والرسوم المجسمة المتعلقة بذلك ) .                                                                                                                                                                                                       

31-  انظر : كمال ابو العيد , سر المهنة , مجلة القانون والاقتصاد , العدد (43) , السنة (48) , 1987 ,        ص 701 .                                                                                                                                                                                                              

32-  انظر : د. امال زيدان عبد اللاه ، الحماية القانونية للأسرار التجارية في عقود نقل التكنولوجيا (دراسة تحليلية في القانون المصري والامريكي ), دار النهضة العربية , الطبعة الأولى , القاهرة , 2009  , ص47 .

33-  انظر : صوت الحجاز , حماية الاسرار التجارية والمعرفة التقنية , ص 16 .

متاح على الموقع الالكتروني :-

http://www.startimes.com/f.aspx?t=6892157, ص5 .

34- انظر : د. عبد الله عبد الكريم عبد الله , المصدر السابق ,  ص 121 وما بعدها .

35-  انظر:  د. جلال وفاء محمدين  , المصدر السابق , ص 6.

36- انظر :

Byung-Il Kim ,The protection of trade secrets in Korea , International Review of  Intellectual Property and Competition Law , Volume (4 ) , Number ( 30 ) , 1999 ,   p406 .            

37- انظر :  ص 20 وما بعدها من الرسالة .

38-  انظر :  ص 10 من الرسالة .

39-  انظر : د. نصير جبار لفتة الجبوري , الضمانات الغير العقدية لاستثمار المعرفة , مجلة القانون المقارن , العدد 51  , 2008, ص2.

40-  انظر : فهد جياد صوليح , عقد نقل التكنولوجيا ومدى تحديد اطرافه لإجراءات التحكيم فيه , رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق - جامعة القاهرة , 2007 , ص77 .

41-  انظر : د. محمد محسن ابراهيم النجار , عقد الامتياز التجاري -Franchise   - دراسة في نقل المعارف الفنية , دار الجامعة الجديدة , الاسكندرية , 2007 , ص 5 .

42-  انظر : سلام منعم مشعل , المصدر السابق . ص 26 .

43-  تنتقل المعرفة التقنية بأحد الأسلوبين أولهما الاسلوب المباشر او ما يسمى بالتدفق المباشر وذلك بأن تنتقل المعرفة التقنية عن طريق الاستثمارات الاجنبية المباشرة او المشروعات المشتركة بما يرافقها من تقديم المساعدة الفنية , وهو أسلوب تعاقدي , أما الأسلوب الثاني لنقل المعرفة التقنية فهو الاسلوب غير المباشر او ما يسمى بالتدفق غير المباشر ويتمثل بالمراقبة والزيارات التي يقوم بها الباحثون او الاخصائيون للمنشآت الصناعية المطورة تقنياً . انظر د. محمود الكيلاني , المصدر السابق , ص 105  وما بعدها .

44-  انظر: د. محمد محسن ابراهيم النجار , المصدر السابق , ص 5  .

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+