تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
قصة المولد البشري (خلق آدم)
المؤلف: الدكتور محمود البستاني
المصدر: قصص القران الكريم دلاليا وجماليا
الجزء والصفحة: ج1 ، ص 19 - 32 .
19-11-2020
2331
قبل أن نتحدّث عن المولد البشري ـ المتمثل في قصة خلق آدم (عليه السلام) ـ يجدر بنا أن نشير إلى أنّ قصص آدم في القرآن متعدّدة أو متكرّرة ، ومثلها قصص اُخرى كقصص موسى (عليه السلام) وإبراهيم (عليه السلام) وسليمان (عليه السلام) وقصص المجتمعات البائدة ، أي قصص قوم نوح وهود وصالح . . . إلى آخره . ولابدّ من الإشارة إلى أنّ تكرار القصص في القرآن الكريم لا يعني صياغتها بنفس المادة وعناصرها بقدر ما يعني تفاوت صياغتها بحسب متطلّبات السياق الذي ترد فيه القصة . وقد ترد الإشارة لهذه القصة أو تلك عابراً في نسق واحد من العرض ، إلاّ أنّ الغالب ، هو تفاوت الصياغة كما قلنا . . .
فقصة آدم ـ كما سنرى ـ ترد في سياق علم الله تعالى حيث جاءت القصة بعد القسم الأوّل من السورة سورة البقرة فيما انتهت العبارة :
﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ﴾
من هنا جاءت القصة لتتحدّث عن علم اللّه تعالى بالنسبة إلى إبداع كوني جديد هو : لتجربة البشرية متمثّلة في إبداع آدم (عليه السلام) حيث ركّزت القصة حديثها على العلم الذي ينفرد به اللّه تعالى والعلم الذي أودعه لدى آدم (عليه السلام) وعدمه عند الملائكة الذين تساءلوا عن علّة خلق اللّه تعالى عمّن يفسد في الأرض . . . إلى آخره .
بعد ذلك تحدثت عن تجربة الشيطان وعدم سجوده . . . إلى آخره . ولكن لو اتّجهنا إلى قصة المولد البشري في سورة «طه» لوجدنا أنّ السياق يتمثل في عملية النسيان أو عدم الذكر للمهمة العبادية لدى الإنسان ، حيث أشارت السورة إلى نزول القرآن وإحداث الذكر أو التقوى في ممارسة المهمّة المتقدّمة ، ولكن السورة تابعت بعد قصة آدم بقولها : ﴿أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى﴾ أي : جاء النسيان أو عدم الذكر ، هو الموقف الفكري المطروح في هذا القسم من سورة «طه» ، ولذلك جاءت القصة لتركّز على هذا الجانب ، فقالت أوّلا :
﴿وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً . . .﴾ إذن جاء النسيان هنا مادة فكرية يستهدفها النص ، . . . ولذلك أعقب هذا عرض قصة آدم من خلال التأكيد على تذكيره حيث قالت مثلا :
﴿هذا عَدُوٌّ لَكَ ولِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى﴾
﴿إنَّ لَكَ أَ لاّ تَجُوعَ فِيها ولا تَعْرى وأَ نَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها ولا تَضْحى . . .﴾
وهذا النمط من التأكيد لم يرد في سورة اُخرى وحينئذ عندما يوسوس لهما الشيطان وينسيان التذكير ، تكون القصة قد وردت في سياق النسيان وعدم الذكر .
وهكذا بالنسبة إلى سائر قصص آدم (عليه السلام) والقصص الاُخرى ، كما لا نجد ضرورة رصدها في هذه الدراسات ، لأنّ هدفنا هو إبراز القصة وحدها بما تحمله من هدف خاص يجسّد عبرة لاُولي الألباب . . .
أما ورود هذه القصة أو تلك في سياقات متنوّعة ، فقد تناولناه في دراسة شاملة لتفسير القرآن الكريم ، وهي الدراسة التي تحمل عنواناً هو «التفسير البنائي للقرآن الكريم» حيث عالجنا فيه سور القرآن الكريم من خلال العمارة أو البناء الهندسي للسورة من حيث صلة موضوعاتها وعناصرها بعضها مع الآخر ، ومن جملة ذلك العنصر القصصي الذي يرد في سياق ما تتناوله السورة من الموضوعات أو حتى ورودها حيناً مستقلّةً كما هو الملاحظ في سورة «نوح (عليه السلام) » مثلا حيث تمحّضت للعنصر القصصي ، فكان موضوع القصة هو الهدف الفكري للسورة . . .
المهم بعد هذا التلميح إلى قصص القرآن المتكرّرة هو قصة المولد البشري أي خلق آدم (عليه السلام) ، لا مناص من الإشارة إلى أنّنا لا نعرض لجميع القصص المتكررة ،بل نكتفي بواحدة منها حيناً ، ونكرر الحديث عن قصص اُخرى حيناً آخر بحسب ما تسمح لنا به الدراسة .
ونبدأ الآن ونتحدث عن قصة المولد البشري فنقول :
تعتمد هذه القصة من حيث الشكل الخارجي لها عنصر الحوار في عرضها لقضية المولد البشري ، والحوار كما هو المألوف في الأدب القصصي قد يشكّل جزءاً من اللغة القصصية التي تعتمد كلاّ من السرد والحوار ، أو تستقل بأحدهما في صياغة القصة .
وأهمية الحوار تتمثّل في مساهمته بجملة من ظواهر القصص الفنّية ، منها :
الكشف عن الأحداث وتطويرها ، والكشف عن أعماق الأبطال فيما لا يتاح لنا أن نحيط بخفاياها لولا هذا العنصر الحيوي في القصة .
المهم أنّ مستويات الحوار وأشكاله ستتحدّد عند متابعتنا للقصص القرآني لاحقاً ، ويعنينا الآن أن نقف عند أوّل نماذجه ، وهو قصة آدم ، أي قصة المولد البشري فيما بدأت بهذا النحو من الحوار بين اللّه والملائكة :
﴿وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ﴾
﴿إِنِّي جاعِلٌ فِي الاْرْضِ خَلِيفَةً﴾
﴿قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ﴾
﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ﴾
﴿قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾
لقد كشف هذا الحوار عن التصوّر الملائكي للتجربة الأرضية الجديدة ، مثلما كشف عن حجم المعرفة التي أوكلتها السماءُ إليهم .
الملائكة يشكّلون نموذجاً خاصاً من مخلوقات اللّه ، كما أنّ طبيعة تركيبتهم قائمة على الامتثال لأوامر اللّه ، نظراً لكونهم لا يتجاذبهم طرفان من الدوافع التي تطبع الكائن الآدمي العقل والشهوة ، بل يتحركون من خلال دافع واحد هو : العقل أو الخير أو الموضوعية .وهذا يعني أنّ القارئ ـ وهو مقتنع بالسمة الملائكية المذكورة ـ يظل في تساؤل ودهشة حيال موقفهم من وجود خليفة في الأرض .
بيد أنّ الأهمّ من ذلك ، أنّ عنصر الحوار هو الذي تكفّل بالكشف عن أسرار الفكر الملائكي في هذا الصدد .
كان من الممكن مثلا ، أن تفصح القصّة عن موقف الملائكة المذكور من خلال عنصر السرد ، كأن تقول القصة :
خُيّل للملائكة بأنّ وجود الآدميين في الأرض يستتبع فساداً وسفكاً للدم ، بخلاف العنصر الملائكي الذي يتمحّض للحمد والتقديس .
إلاّ أنّ القصة اتجهت إلى الحوار بدلا من السرد مستهدفةً من ذلك في احتمالنا الفنّي حقيقتين :
إحداهما : أن نتعرّف على دقائق أفكار الملائكة من خلال ألسنتهم مباشرة ما دمنا ندرك جميعاً أنّ الاستماع المباشر أشدّ حيويةً وإمتاعاً من مجرّد النقل والإخبار .
ثانياً : أن نتعرّف على المفارقات التي يَشيء بها سلوكُ الشخصية المتحاورة ، فيما ينبغي أن تُعهَدَ إليها مباشرة دون تدخّل من مبدع النص إلاّ بعد انتهاء الحوار .وهو أمرٌ قد حقّقته القصةُ فعلا ، حينما عقّبت على موقف الملائكة بهذه الإجابة :
﴿إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾
* * *
الحوار إذاً تكفّل بمهمّة فنّية هي : الكشف عن أفكار الملائكة بكلّ دقائقها حيال خليفة الأرض .
طبيعيّاً ، قد يتساءل القارئ عن سبب هذا الموقف الملائكي حيال خليفة الأرض ، مع معرفته بتركيبتهم التي لايتجاذبها طرفان من الصراع بين الخير والشر ، أو العقل والشهوة .
القصة ساكتةٌ ـ فنّياً ـ عن هذا الجانب . إلاّ أنّ النصوص المفسّرة تكفّلت بشيء من توضيح الجانب المذكور ، فيما أوضح بعضها أنّ تساؤل الملائكة كان على نحو الاستخبار وليس على وجه الاعتراض . بيد أنّ نصوصاً تفسيرية اُخرى قررت بأنّ الملائكة أدركوا خطأ موقفهم ، وتابوا إلى اللّه .
وأيّاً كان ، فإنّ وجه التساؤل هو ـ حسب بعض النصوص المفسّرة ـ وجود تجربة أرضيّة لعنصر الجانّ ، حيث أفسدوا في الأرض ، فبعث اللّه الملائكة وأجلوهم عنها ، وجُعلوا مكانهم . ولذلك تساءلوا عن السرّ في إعادة تجربة أرضيّة جديدة .
والأهمّ من ذلك هو : أنّ سكوت النص عن تحديد السبب ، يظل من الوجهة الفنّية مرتبطاً بهدف القصة التي تشدّد على إبراز علم اللّه ، وإلى أنّ الملائكة الذين اختيروا وفق تركيبة خاصة ، . . . حتّى هؤلاء لا يمكنهم أن يقفوا على الأسرار وما تنطوي عليه من الحِكَم والمصالح .ومن هنا جاء تعقيبُ القصة على تساؤلهم المذكور ، بأنّ اللّه «يعلم ما لا يعلمون» تأكيداً لهذه الحقيقة الفنّية التي أشرنا إليها .
مضافاً لذلك ، فإنّ سرّاً فنّياً آخر يكمن وراء الحقيقة المذكورة ، وهي : إكساب الشخصية الآدمية قدراً ضخماً من التقدير والتفضيل ، تكفّل القسمُ الثاني من القصة بتحديده .
* * *
القسم الثاني من القصة يبدأ على هذا النحو :
﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الاْسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ﴾
﴿فَقالَ : أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾
﴿قالُوا : سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾
﴿قالَ : يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ﴾
﴿فَلَمّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ﴾
﴿قال : أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ والاَرْضِ﴾
﴿وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾
إنّ هذا الحوار الجديد بين اللّه والملائكة يكشف عن أسرار فنّية جديدة تتصل بسمات الملائكة والآدميّين .
القارئ يستكشف بأنّ هدف القصة في هذه الشريحة الجزئية منها ، هو إبراز علم اللّه الذي لا يرقى إليه المخلوقون أيّاً كانوا من جانب ، وإكساب الشخصية الآدميّة قيمةً قد تفوّق الملائكة من جانب آخر .
فها هم الملائكة الذين تساءلوا عن سرّ التجربة الأرضيّة الجديدة قد واجهوا تجربة جديدة لم تخطر ببالهم ، ألا وهي : أنّ آدم الذي تساءلوا عنه ، قد أفاض اللّه عليه علماً لم يكن الملائكة على إحاطة به . وهنا أقرّوا بعدم علمهم وأدركوا بأنّ تساؤلهم ـ أو بالأحرى ، أدرك القارئ ـ بأنّ التساؤل المذكور ناجمٌ من القصور المَعرفي عند الكائنات جميعاً ، وإلى أنّ اللّه جعل من الخلافة الأرضيّة تجربةً خاصةً أكسَبَها للآدميين بنحو فضّلهم من خلاله على كثير ممّن خلق تفضيلا . . . .
هذا الاستخلاص للدلالة المذكورة لم تحدّده القصة مباشرة ، بل تركتنا ـ نحن القرّاء ـ نستكشفه من خلال لغة الفنّ الذي يكتسب خطورة بقدر ما يجعل القارئ مساهماً في عمليات الاستكشاف الذهني ، . . . وهي حقيقة يعرفها كلّ مَن اُوتي خبرة في تذوّق النص القصصي .
ومن هنا يمكننا أن ندرك دلالة ما أوضحه الإمام علىّ (عليه السلام) حينما قرّر حقيقة التركيبة الدافعية لكلٍّ من الآدميين والملائكة على النحو الذي استشهدنا به سابقاً وتعقّبه على ذلك :
«فَمَن غَلَبَ عقلُه شهوتَه كان خيراً من الملائكة» .
وسنرى ـ فضلا عمّا تقدم ـ أنّ الأمر بسجود الملائكة لآدم ، يظل حاملا شيئاً من الحقيقة المذكورة ، وهو ما يتكفّل القسمُ الثالث من القصة بعرضه .
* * *
يبدأ القسمُ الثالث من القصة ، على هذا النحو :
﴿وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ : اسْجُدُوا لاِدَمَ﴾
﴿فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى واسْتَكْبَرَ وكانَ مِنَ الْكافِرِينَ﴾
لقد تدرّجت القصةُ ـ فنّياً ـ في صياغتها لهذه الحقيقة ، ونعني بها أهمية الكائن الآدمي . ففي القسم الأوّل من القصة ﴿إِنِّي جاعِلٌ فِي الاَْرْضِ خَلِيفَةً﴾ حدّدت بنحو مُجمل أهمية هذا الكائن ، بحيث سحبت عليه سمة الخليفة .
وفي القسم الثاني ، أوضحت بعض الأسرار المتصلة بهذا الكائن ، فجعلته موضع تقدير خاص ، هو إيداعه علماً لم يتوفّر حتى عند الملائكة .
وفي القسم الثالث ، جاءت المطالبة بسجود الملائكة له إشعاراً بأهميته المذكورة ، بعد أن مهّدت لذلك بعضاً من أسباب الأمر بالسجود له .
وبهذا النحو من البناء العماري للأقسام الثلاثة من القصة ، أفرزت أهميّة الخليفة في الأرض من حيث الموازنة بينه وبين الملائكة .وأمّا من حيث العلاقة بين الكائنين : الآدميّين والملائكة ، فقد تدرّجت القصة ـ فنّياً ـ في صياغة الموقف الملائكي من الخليفة في الأرض ، فأوّلا مهّدت القصة بموقف متحفظ لدى الملائكة ، هو التساؤل والدهشة من جعل مثل هذا الخليفة ، ثم انتقلت من موقف متحفظ لدى الملائكة إلى رسم موقف متمرّد صراحةً .
في هذا القسم من القصة ، أو في هذا الموقف المتمرّد على السجود ، تُدخل القصة شخصيةٌ جديدة هي إبليس .
وقد أحاطت القصةُ هذه الشخصية بغموض فنّي من حيث صلته بعنصر الملائكة .
وسبب هذا الغموض يعود إلى أسرار فنّية تخصّ صياغة الشكل القصصي ، فالقصة كما قلنا سابقاً ليست في صدد عرض الحقائق المتصلة بتركيبة الملائكة وافتراقهم عن الآدميين ، أو نقاط الإلتقاء بين العنصرين بقدر ما هي في صدد إبراز أهميّة الكائن الآدمي عبر ممارسته لوظيفة العبادة أو الخلافة . ولذلك أهملت كلّ ما يتصل بالفارقية بين العنصرين ، وشدّدت على إبراز كلّ ما يتصل بأهمية العنصر الآدمي .
أمّا نصوص التفسير ، فهي التي تتكفّل بإبراز سائر الحقائق المتصلة بهذا الجانب أو ذاك ، مادام هدفها توضيح ما اُبهم ، بخلاف القصة التي يظل هدفها عرض الحقائق وفق هندسة خاصة تتصل بعملية التلقّي وطرائق الاستجابة المؤثرة .
والمهم أنّ نصوص التفسير ، قد تفاوتت في تحديد شخصية إبليس الذي أبهمها النص ، ولم يتعرّض لتحديد هويّتها مفصلا . فَثَمَةَ نصوص تذهب إلى أ نّه من عنصر الجنّ . وفي الحالين ، فإنّ منطق القصة الفنّي يعزّز كلاّ من التفسيرين .
أمّا الذهاب إلى أ نّه من عنصر الملائكة فإنّ إبراز موقفهم من آدم وفق التدرّج الذي ذكرناه ، يظل من الوضوح بمكان كبير .
وأمّا الذهاب إلى أ نّه من الجنّ فإنّ تميّزهم عن الآدميّين وتماثلهم مع الملائكة من حيث كونهم عنصراً غير مرئي ، يظل بدوره متوافقاً مع عملية التدرّج الفنّي التي أشرنا إليها .
والمهم ، أنّ إبليس وهو يدخل شخصيةً جديدة في القصة ، سيُنهي دور الملائكة ، أو لِنقُل : إنّ دور الملائكة بصفتهم أبطالا ثانويين في القصّة قد انتهى مع عملية التساؤل وإعلامهم بحقيقة الأمر . وجاء الآن دور إبليس الذي لم يقف بعد عند التمرّد ، بل كما سنرى في القسم الرابع من القصة ، أنّ لدخول هذه الشخصية آثاراً ستعكس فاعليّتها على أحداث القصة لاحقاً على النحو الذي سيحدده القسمُ الرابع منها .
* * *
يبدأ القسم الرابع من قصة الميلاد البشري ، بالنحو الآتي :
﴿وَقُلْنا : يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾
﴿وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما﴾
﴿وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ﴾
﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمّا كانا فِيهِ﴾
﴿وَقُلْنَا : اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ﴾
﴿وَلَكُمْ فِي الاْرْضِ مُسْتَقَرٌّ ومَتاعٌ إِلى حِين﴾
﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمات فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ﴾
﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً﴾
﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾
بهذا القسم تنتهي قصة الميلاد البشري .
ويُلاحظ أنّ هذا القسم من القصة ، قد دخلته شخصية جديدة هي : حوّاء . كما أنّ أحداثاً جديدة قد انتظمته ، متمثلة في سكنى الجنّة ، والأكل منها ، والنهي عن الشجرة ، وإزلال الشيطان لآدم وحوّاء ، وإخراجهما من الجنّة ، وتوبة آدم (عليه السلام) . ثم هبوطهما إلى الأرض .
إنّ هذه الأحداث السريعة المتلاحقة ، تمّت صياغتها وفق عمارية ممتعة ، وانتخاب من بين وقائع متنوعة ، مفصلة ، تكفّلت بها نُصوص قصصية اُخرى .
ويعنينا أن نشير إلى الأسرار الفنّية التي تقف وراء انتقاء وقائع خاصة دون سواها من هذه القصة .
إنّ القصة لم تتحدث عن تفصيلات تتصل بطريقة إبليس في إزلال آدم ، ولا بطريقة الخروج من الجنّة وما واكبها من تفصيلات ذُكرت في قصص اُخرى .
لقد اعتمدت القصة في بداية هذا القسم عنصر المفاجئة فيما يتصل ببطل جديد هو حوّاء أو زوجة آدم فيما لم يسبق ذلك أيّ تمهيد للبطل المذكور . ورسمت لنا بيئةً أوليّة للبطلين ، هي : الجنّة ، ثم شدّدت على ملمح خاص من البيئة المذكورة ، هي : شجرة مبهمة ، أُمِرَ البَطلان بعدم تناول شيء منها ، ثم طوت الأحداث وأبرزت دخول الشيطان إلى بيئة القصة ، حيث أزلّ البطلين ، فأُخرجا من الجنّة .
ثم رسمت القصة قضية التوبة وقبولها ، بعد ذلك اتجه رسمُ القصة إلى هبوط الكائن الجديد إلى الأرض ، ثم تجربة الأرض بعامّة من حيث كونها مستقرّاً إلى حين ، ومن حيث ترتيب آثار العقاب والثواب على التجربة المذكورة .
والسؤال هو : لماذا لم نلحظ ـ فضلا عن البيئة التي تحرّك آدم من خلالها ـ التفصيلات المتصلة بموقف إبليس منذ بداية القصة مثلا ، حيث لوحظ أنّ كلّ ذلك قد اختزُل ، وأنّ المواقف والوقائع قد انتُخبت ، خاطفة ، سريعة ، لمّاحة ، كالبرق لا تحمل أدنى تفصيل .
ونُجيب :
إنّ القصة مادامت تستهدف قضية العلم والخلافة في الأرض ، ثم ما يقف حيالهما من طرفي الصراع ، . . . حينئذ فإنّ رسم المواقف والوقائع والشخصيات ، يظل خاضعاً لعملية انتخاب خاص ، يتناسب والأهداف المذكورة .
إنّ وجود خليفة في الأرض مُزوّد بطاقة علمية تنير له معالم الخلافة ، هو عصب القصة . كما أنّ وجود طرف آخر يقف حجراً أمام الطريق ، هو المسوّغ لدلالة التجربة الجديدة : ميلاد البشرية . فالتجربة تتطلب طرفين من الصراع من الممكن تجاوزها مادام العلم الذي أودعته السماء في الشخصية الآدمية كفيل بإنارة الطريق لها ، وتنكبّ الدروب التي تنشر الحجارة فيها هنا وهناك ، هذا هو الهدف الذي ينتظم القصة . . .
والمهم من الزاوية الفنّية أنّ القصة رسمت موازنة بين تجربة الخلافة في الأرض ، وبين تجربتها قبل الهبوط إلى الأرض ، بين تجربة آدم (عليه السلام) وهو في الجنة يتعرض لصراع وبين تجربة الآدميين وهم في الأرض يتعرضون لصراع . . .
هذه الموازنة ينبغي أن نقف عندها ونتأمّلها بدقة ، ما دمنا نعرف أنّ القصص القرآني حينما يتجه إلى شكل فنّي خاص ، إنّما يستهدف من ذلك إلقاء إنارة ضخمة على دلالات القصة قبل كلّ شيء ، وإفادتنا ـ نحن القرّاء ـ من ذلك ، في محاولتنا لتعديل السلوك عبر مهمة خلافتنا في الأرض .
وفي ضوء هذا يمكننا الآن أن نتابع تفصيلا طريقة رسم الوقائع والمواقف والشخصيات حتى نتبيّن أسرار الفنّ وراء ذلك .
ولعلّ الوقوف على رسم الأبطال يتكفل بتوضيح سائر العناصر القصصية الاُخرى، فلنقف إذن عندها .
لقد انشطر شخوص القصة إلى ملامح محددة مثل : آدم ، حوّاء ، إبليس . وإلى ملامح مبهمة مثل : الملائكة .
وانشطروا إلى نمطين أيضاً ، شخصيات رئيسة مثل : آدم ، وثانوية مثل : إبليس ، حواء ، الملائكة .
كما أنّ الأبطال قد انشطروا إلى نمطين : إنس وملائكة ، أو إنس وملائكة ، مضافاً إلى جنسهم المماثل : الجنّ .
وأخيراً رُسِمَ الأبطال جميعاً بملامح النموّ حسب اللغة القصصية ، أي رسموا ذوي مواقف غير ثابتة ، بحيث بدأوا في القصة بملامح معينة وانتهوا بملامح اُخرى .
والآن ما هي المسوّغات الفنّية لمثل هذا الرسم للأبطال المذكورين ؟
من حيث تحديد هوية الأبطال أو إبهامهم ، نجد أنّ تحديد شخصية مثل آدم يظل متناسباً مع خطورة المولد البشري ، فيما يتطلّب المعرفة برجوعنا إلى أصل محدّد .
وحوّاء محكومة بنفس الطابع .
أما التحديد لشخصية إبليس ، فيتناسب بدوره مع خطورة الشخصية المذكورة ، وتمثيلها طرف الصراع الآخر من تجربة الأرض .
وهذا كلّه بخلاف شخوص الملائكة الذين رُسموا ذوي ملامح مبهمة ، عامّة ، غير محدّدة . فالمهمّة التي اُنيطت بهم ، مهمّة جماعية ، ومواقفهم جماعية ، فيما كانت منصبّة على تساؤلهم عن سرّ الخليفة في الأرض ، وإقرارهم بعدم المعرفة ، والسجود لآدم (عليه السلام) دون أن يكون البعض منهم متميزاً عن الآخر .
ومن هنا جاء رسمُهم أبطالا مُبهمين أمراً يتناسب والطابع المذكور .
أمّا فيما يتصل بتقسيم الأبطال إلى رئيسين وثانويين ، فيمكننا أن نذهب إلى أنّ آدم بصفته شخصية رئيسة ، يظل أمراً من الوضوح بمكان كبير . فمادامت هذه الشخصية مجسّدة للآدميين في تجربتهم الخلافية في الأرض ، حينئذ ينبغي أن تُرسم شخصية رئيسة تتحرّك في الأقسام الأربعة من القصة .
ففي القسم الأوّل من القصة تحرّك آدم من خلال جعله خليفة .
وفي القسم الثاني تحرّك آدم من خلال تعلّمه الأسماء كلها .
وفي القسم الثالث أُمرت الملائكة وإبليس بالسجود له .
وفي القسم الرابع تمّ سكناه في الجنّة ، وهبوطه إلى الأرض .
وهذا بخلاف الأبطال الآخرين : الملائكة ، إبليس ، حوّاء فيما رُسموا ثانويين يمارسون وظائفهم في نطاق محدّد ، ثم يُخلون من مسرح الأحداث بعد أن يكونوا قد ألقوا إنارة على الموقف .
فالملائكة مثلا قد انتهى دورهم في نطاق التساؤل عن سرّ الخلافة والسجود ، حيث ألقوا إنارة على الموقف متمثلة في عدم علمهم بأسرار الخلافة ، وتحسيسنا بأهميّتها في تجربة الأرض .
وأمّا حوّاء فتجسّد شخصيتها عنصر التزاوج الذي لا مناص منه في استمرارية النسل البشري ، ولذلك لم تدخل بيئة القصة إلاّ في القسم الأخير منها بما واكبه من السكنى والهبوط من الجنّة .
وأمّا شخصية إبليس فقد دخلت القصة في نطاق التمرّد والتضليل اللذين يمثّلان مرحلة تاليةً على جعل آدم خليفةً ، والأمر بالسجود له .
وأخيراً فإنّ الرسم للشخوص بطابع النموّ والانقلاب في المواقف ، يمكننا أن نلحظه متناسباً مع قضية المولد البشري الذي يتطلّب صراعاً مع طرفي التجاذب في السلوك . فإبليس رُسِمَ شخصية نامية بدأت مطيعة وانتهت متمرّدة . وآدم وحواء اللذان بدءآ بالسكنى في الجنّة بشكل اعتيادي ، إذا بهما يتعرضان للإزلال ، ممّا استتبع هبوطهما إلى الأرض . والملائكة بدأوا في القصة متسائلين ، وانتهوا عارفين بحقيقة الأمر . . . كلّ هذه المستويات من الانقلاب داخل الأبطال ، تظل متناسبة مع تجربة جديدة لا عهد للأبطال بها ، حيث دفعهم ذلك إلى التسرّع في الاستجابة حيال هذا المثير أو ذاك ، بغضّ النظر عن مستوى المفارقة التي تفاوت الأبطال في درجتها .وإذا استثنينا شخصية إبليس التي جسّدت قمة المفارقة ، فإنّ الشخصيات الاُخرى ، لم تتجاوز دائرة ترك ما هو مندوب إليه من السلوك ، بخاصة شخصية آدم (عليه السلام) .
أمّا الملائكة فقد تفاوتت النصوص المفسّرة ـ كما سبق القول ـ في تحديد مفارقتها ، فيما ذهب بعضها إلى أنّ تساؤلها كان على نحو الاستعلام ، وبعضها ذهب إلى أنّهم تابوا إلى اللّه .والمهم ، أنّ نموّ هذه الشخصيات وعدم رسمها مسطّحة ، فرضته التجربة الجديدة كما سبق توضيح ذلك ، ممّا يفسّر لنا جانباً من الأسرار الفنّية وراء الرسم المذكور .
إذن أمكننا ، أن نحدّد المسوّغات الفنّية لانشطار أبطال القصة إلى محدّدين ومبهمين ، وإلى رئيسين وثانويين ، وإلى إنس وملائكة ، وإلى نامين ومسطحين ، حيث أنّ الانشطار المذكور يستبطن مهمّتين :
إحداهما دلالية .
والثانية جمالية ، بالنحو الذي لحظناه .