ثورة العلويين الثانية ضد العباسيين
المؤلف:
احمد السباعي
المصدر:
تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع
الجزء والصفحة:
ج1، ص 162- 163
11-10-2020
2543
ثورة العلويين الثانية:
لم تخمد جذوة العلويين بالرغم من نشاط العباسيين فقد أهل عام ١٦٩ بحوادث جديدة استأنف فيها العلويون حركتهم في المدينة في مثل العنف الذي مضى أو أشد بزعامة رئيسهم الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب، وكان الحسين لا يملك ما يلبس الا فروة ليس تحتها الا قميص وقد وفد مرة على المهدي فأعطاه اربعمائة الف دينار ففرقها ببغداد والكوفة (١).
ومن اغرب المفارقات أن يقود الثورتين في مدى ربع قرن زعيمان من أولاد الحسن بن علي بن أبي طالب في مغامرة لا تتفق مع ما عرف به جدهما الحسن من حب المسالمة وأغرب من هذا أن تلازم المغامرة هذا الفرع من أولاد علي فنجدهم على الدوام ثوارا لا تهدأ لهم حركة حتى تقوم على أنقاضها حركة اخرى إلى قبيل أيامنا هذه التي نؤرخ فيها.
واستولى الحسين في المدينة على دار الامارة بعد أن طرد صاحبها وهجم أنصاره على السجون فكسروها وأطلقوا المعتقلين من أصحابهم فيها.. وبعد أن بايعوه أقاموا بالمدينة أحد عشر يوما (٢) وقد ذكروا ان من أهم العناصر في دعوته تحرير العبيد بحجة أن رقهم لم يثبت شرعا وكان مناديه ينادي بعد نجاح الثورة أيما عبد أتانا فهو حر (٣).
وقعة الشهداء:
ثم قصدوا مكة فلقيهم جيش العباسيين بفخ هو وادي «الشهداء» في طريق مكة ويبعد عنها يومها بستة أميال (٤) وفي هذا المكان تقرر مصير العلويين حيث قتل الحسين بن علي وهو محرم بعد أن أبلى بلاء شديدا وقتل معه أكثر من مائة من أصحابه في نهاية عام ١٦٩ وكانت قبورهم معروفة هناك ويشرف قبر زعيمهم الحسين بن علي على ربوة في الوادي وكانت هذه الوقعة من الشدة بحيث قيل لم تكن مصيبة بعد كربلاء أشد وأفجع من فخ (5).
وهكذا دفن العباسيون ثورة العلويين الثانية في ثنايا وادي فخ إلا أن ذلك ترك أثرا أقلق العباسيين حينا من الدهر فقد هرب من الواقعة رجلان أحدهما يحي بن عبد الله والثاني أخوه ادريس (6) أما الأول فقد مضى إلى بلاد الديلم حيث حشد له فيها أنصارا دعوا الى خلافته وأنشأ منهم قوة كلفت الرشيد خمسين الف محارب للقضاء عليها ، وأما الثاني فقد مضى الى المغرب فالتف حوله البربر وأسس له فيها دولة دعيت فيما بعد بدولة الادارسة وأن الرشيد عندما رأى أنه لا طاقة له باخضاعه دس له من قتله (7) الى آخر ما ذكر المؤرخون في ذلك مما لسنا بصدده (8).
_______________
(١) البداية والنهاية ١٠ / ١٠٧.
(٢) الآداب السلطانية ١٧٣.
(٣) شفاء الغرام للفاسي ٢ / ١٧٩.
(٤) كانت مكة في هذا العهد لا تتعدى حارة الباب. لهذا فالمسافة بينهما كانت ستة أميال ، اما اليوم فقد اتصلت مكة بالشهداء تقريبا بعد انشاء شارع الأمراء في طرف مكة بجرول.
(5) المسعودي مروج الذهب ٢ / ٢٥٧.
(6) هو ادريس بن عبد الله المحض بن الحسين المثنى وسيأتي في فصل العهد الفاطمي ان جعفر بن محمد مؤسس حكومة الأشراف في مكة في اواسط القرن الرابع يجتمع مع ادريس هذا في جدهم عبد الله المحض بن الحسن بن المثنى.
(7) تاريخ الاسلام السياسي للدكتور حسن ابراهيم حسن ٢ / ١٢٠.
(8) راجع اخبار الادارسة في كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الاقصى ج ١ / ٦٧.
الاكثر قراءة في الدولة العباسية *
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة