الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
قيمومة الرجال على النساء
المؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
المصدر: قضايا المجتمع والاسرة والزواج على ضوء القرآن الكريم
الجزء والصفحة: ص123ـ127
21-9-2020
2447
قوله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله ) .
والمراد بما فضل الله بعضهم على بعض هو ما يفضل ويزيد فيه الرجال بحسب الطبع على النساء ، وهو زيادة قوة التعقل فيهم ، وما يتفرع عليه من شدة البأس والقوة والطاقة على الشدائد في الأعمال ونحوها فإن حياة النساء حياة عاطفية مبنية على الرقة واللطافة ، والمراد بما أنفقوا من أموالهم ما انفقوه في مهورهن ونفقاتهن .
وعموم هذه العلة يعطي أن الحكم المبني عليها أعني قوله : (الرجال قوامون على النساء) غير مقصور على الأزواج بأن يختص القوامية بالرجل على زوجته بل الحكم مجعول لقبيل الرجال على قبيل النساء في الجهات العامة التي ترتبط بها حياة القبيلين جميعاً فالجهات العامة الاجتماعية التي ترتبط بفضل الرجال كجهتي الحكومة والقضاء مثلاً الذين يتوقف عليهما حياة المجتمع ، وإنما يقومان بالتعقل الذي هو في الرجال بالطبع أزيد منه في النساء ، وكذا الدفاع الحربي الذي يرتبط بالشدة وقوة التعقل كل ذلك مما يقوم به الرجال على النساء .
وعلى هذا فقوله : الرجال قوامون على النساء ذو إطلاق تام ، وأما قوله بعد : فالصالحات قانتات ( الخ ) الظاهر في الاختصاص بما بين الرجل وزوجته على ما سيأتي فهو فرع من فروع هذا الحكم المطلق وجزئي من جزئياته مستخرج منه من غير أن يتقيد به إطلاقه .
قوله تعالى : ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) المراد بالصلاح معناه اللغوي ، وهو ما يعبر عنه بلياقة النفس . والقنوت هو دوام الطاعة والخضوع.
ومقابلتها لقوله: واللاتي تخافون نشوزهن إلى آخره تفيد أن المراد بالصالحات الزوجات الصالحات ، وأن هذا الحكم مضروب على النساء في حال الأزدواج لا مطلقاً ، وأن قوله : قانتات حافظات ـ الرذي هو إعطاء للأمر في صورة التوصيف أي ليقنتن وليحفظن ـ حكم مربوط بشؤون الزوجية والمعاشرة المنزلية ، وهذا مع ذلك حكم يتبع في سعته وضيقه علته أعني قيمومة الرجل على المرأة قيمومة زوجية فعليها أن تقنت له وتحفظه فيما يرجع إلى ما بينهما من شؤون الزوجية .
وبعبارة اخرى كما ان قيمومة قبيل الرجال على قبيل النساء في المجتمع إنما تتعلق بالجهات العامة المشتركة بينهما المرتبطة بزيادة تعقل الرجل وشدته في البأس ، وهي جهات الحكومة والقضاء والحرب من غير أن يبطل بذلك ما للمرأة من الاستقلال في الارادة الفردية ، وعمل نفسها بأن تريد ما أحبت وتفعل ما شاءت من غير أن يحق للرجل أن يعارضها في شيء من ذلك في غير المنكر فلا جناح عليهم فيما فعلن في انفسهن بالمعروف ، كذلك قيمومة الرجل لزوجته ليست بأن لا تنفذ المرأة في ما تملكه إرادة ولا تصرف ، ولا أن لا تستقل المرأة في حفظ حقوقها الفردية والإجتماعية ، والدفاع عنها ، والتوسل إليها بالمقدمات الموصلة اليها ، بل معناها أن الرجل إذ كان ينفق ما ينفق من ماله بإزاء الاستمتاع فعليها أن تطاوعه وتطيعه في كل ما يرتبط بالاستمتاع والمباشرة عند الحضور ، وأن تحفظه في الغيب فلا تخونه عند غيبته بأن توطئ فراشه غيره ، وأن تمتع لغيره من نفسها ما ليس لغير الزوج التمتع منها بذلك ، ولا تخونه فيما وضعه تحت يدها من المال ، وسلطها عليه في ظرف الازدواج والاشتراك في الحياة المنزلية .
فقوله: فالصالحات قانتات أي ينبغي أن يتخذن لأنفسهن وصف الصلاح ، وإذا كن صالحات فهن لا محالة قانتات ، أي يجب أن يقنتن ويطعن أزواجهن إطاعة دائمة فيما أرادوا منهن مما له مساس بالتمتع ، ويجب عليهن أن يحفظن جانبهم في جميع ما لهم من الحقوق إذا غابوا .
وأما قوله: بما حفظ الله ، فالظاهر أن ما مصدرية ، والباء للآلة والمعنى : إنهن قانتات لأزواجهن حافظات للغيب بما حفظ الله لهم من الحقوق حيث شرع لهم القيمومة ، وأوجب عليهن الإطاعة وحفظ الغيب لهم .
ويمكن أن يكون الباء للمقابلة ، والمعنى حينئذ : أنه يجب عليهن القنوت وحفظ الغيب في مقابلة ما حفظ الله من حقوقهن حيث أحيا أمرهن في المجتمع البشري ، وأوجب على الرجال لهن المهر والنفقة ، والمعنى الأول أظهر . وهناك معان ذكروها في تفسير الآية أضربنا عن ذكرها لكون السياق لا يساعد شيء منها.
ماذا تعني قيمومة الرجل ؟
تقوية القرآن الكريم لجانب العقل الإنساني السليم ، وترجيحه إياه على الهوى واتباع الشهوات ، والخضوع لحكم العواطف والإحساسات الحادة وحضه وترغيبه في اتباعه ، وتوصيته في حفظ هذه الوديعة الإلهية عن الضيعة مما لا ستر عليه ، ولا حاجة إلى إيراد دليل كتابي يؤدي إليه فقد تضمن القرآن آيات كثيرة متكثرة في الدلالة على ذلك تصريحاً وتلويحاً وبكل لسان وبيان .
ولم يهمل القرآن مع ذلك أمر العواطف الحسنة الطاهرة ، ومهام آثارها الجميلة التي يتربى بها الفرد ويقوم بها صلب المجتمع كقوله: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] .
وقوله: {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21] .
وقوله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] .
لكنه عدلها بالموافقة لحكم العقل فصار اتباع حكم هذه العواطف والميول اتباعاً لحكم العقل . وقد مر في بعض المباحث السابقة أن من حفظ الإسلام لجانب العقل وبنائه أحكامه المشرعة على ذلك أن جميع الاعمال والأحوال والأخلاق التي تبطل استقامة العقل في حكمه ، وتوجب خبطه في قضائه وتقويمه لشؤون المجتمع كشرب الخمر والقمار وأقسام المعاملات الغررية والكذب والبهتان والإفتراء والغيبة كل ذلك محرم في الدين .
والباحث المتأمل يحدس من هذا المقدار أن من الواجب أن يفوض زمام الأمور الكلية والجهات العامة الاجتماعية ـ التي ينبغي أن تدبرها قوة التعقل ويجتنب فيها من حكومة العواطف والميول النفسانية كجهات الحكومة والقضاء والحرب ـ إلى من يمتاز بمزيد العقل ويضعف فيه حكم العواطف وهو قبيل الرجال دون النساء .
وهو كذلك ؛ قال الله تعالى : (الرجال قوامون على النساء) والسنة النبوية التي هي ترجمان البيانات القرآنية بينت ذلك كذلك ، وسيرته صلى الله عليه وآله وسلم جرت على ذلك أيام حياته فلم يول امرأة على قوم ولا أعطى امرأة منصب القضاء ولا دعاهن إلى غزاة بمعنى دعوتهن إلى أن يقاتلن .
وأما غيرها من الجهات كجهات التعليم والتعلم والمكاسب والتمريض والعلاج وغيرها مما لا ينافي نجاح العمل فيها مداخلة العواطف فلم تمنعهن السنة ذلك والسيرة النبوية تمضي كثيراً منها ، والكتب أيضاً لا يخلو من دلالة على إجازة ذلك في حقهن فإن ذلك لازم ما أعطين من حرية الإرادة والعمل في كثير من شؤون الحياة إذ لا معنى لإخراجهن من تحت ولاية الرجال وجعل الملك لهن بحيالهن ثم النهي عن قيامهن بإصلاح ما ملكته أيديهن بأي نحو من الإصلاح، وكذا لا معنى لجعل حق الدعوى أو الشهادة لهن ثم المنع عن حضورهن عند الوالي أو القاضي وهكذا .
اللهم إلا فيما يزاحم حق الزوج فإن له عليها قيمومة الطاعة في الحضور ، والحفظ في الغيبة ، ولا يمضي لها من شؤونها الجائزة ما يزاحم ذلك .