x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الجاهلي :

النقط والشكل والإعجام

المؤلف:  ناصر الدين الأسد

المصدر:  مصادر الشعر الجاهلي

الجزء والصفحة:  ص 34-41ج1

3-12-2019

3707

النقط والشكل والإعجام:
مسألة النقط والإعجام. فهذه النقوش التي عرضناها جميعًا خالية من النقط خلوًّا كاملًا، فليس فيها حرف واحد منقوط، وكذلك كانت الكتابة النبطية - التي يرجح أن الخط العربي مشتق منها ومتطور عنها- لا تعرف النقط والإعجام(1). وقد كان من الجائز أن نقف عند هذا الحد الذي أوقفتنا عنده هذه النقوش ، وأن نردد مع جميع الباحثين قبلنا رأيهم في أن الكتابة العربية، في أول نشأتها، كانت غير منقوطة، بل إنها استمرت خالية من النقط حتى زمن عبد الملك بن مروان(2). ولكن وجهًا آخر استبان لنا في أثناء الدراسة فوجدنا حقًّا علينا أن نعرضه. وخلاصة ذلك أننا عثرنا في خلال بحثنا على قول أورده القاضي أبو بكر بن العربي في كتابه "العواصم من القواصم"، قال(3):
"وكان نقل المصحف إلى نسخه على النحو الذي كانوا يكتبونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكتابة عثمان وزيد وأبي وسواهم من غير نقط ولا ضبط. واعتمدوا هذا النقل ليبقى بعد جمع الناس على ما في المصحف نوع من الرفق في القراءة باختلاف الضبط".
(1/34)

وقد استوقفنا كلام ابن العربي على غموضه وحاجته إلى فضل بيان يوضحه، فلما قرأنا ما سنعرضه من كلام ابن الجزري كان خير موضح، قال(4) " ... ثم إن الصحابة رضي الله عنهم لما كتبوا تلك المصاحف جردوها من النقط والشكل ليحتمله ما لم يكن في العرضة الأخيرة مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإنما أخلوا المصاحف من النقط والشكل لتكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيهةً بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المعقولين المفهومين. فإن الصحابة رضوان الله عليهم تلقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمر الله تعالى بتبليغه إليهم من القرآن: لفظه ومعناه جميعًا، ولم يكونوا ليسقطوا شيئًا من القرآن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم ولا يمنعوا من القراءة به".
وقول ثالث رُوِي عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال(5) "جردوا القرآن ليربو فيه صغيركم ولا ينأى عنه كبيركم.." وقد ذكر الزمخشري شارحًا قول ابن مسعود أنه "أراد تجريده من النقط والفواتح والعشور لئلا ينشأ نشء فيرى أنها من القرآن".
وهذه الأقوال الثلاثة يُفهم منها أن النقط أمر قد كان معروفًا قبل كتابة مصحف عثمان، ثم عدل عنه عدلًا مقصودًا، وجرد القرآن منه تجريدًا متعمدًا.
والقول في "تجريد" القرآن طويل، ونحن نعلم أن من ضمن ما يقصد من "التجريد" أن يُكتب القرآن وحده في الصفحة لا يختلط به شيء من التفسير أو الحديث أو القصص أو أية كتابة أخرى، لئلا يختلط على القارئ فيتوهم أن جميع المكتوب هو من القرآن الكريم. ولكن كلام الزمخشري وابن العربي وابن الجزري واضح وضوحًا لا لبس فيه، وهو ينص على أن "تجريد القرآن" يتضمن تجريده من النقط أيضًا.
وقد يكون المقصود من النقط هنا "النقط بالنحو" أي نقط أبو الأسود
(1/35)

الدؤلي، وهو بيان حركات أواخر الكلام بوضع نقطة فوق الحرف للدلالة على الفتحة، ونقطة تحت الحرف للدلالة على الكسرة، ونقطة بين يدي الحرف للدلالة على الضمة، بحبر يخالف لونه لون حبر الكتابة نفسها(6).
ومع تقريرنا لهذا المعنى فإننا نرى في قول ابن الجزري: "وإنما أخلوا المصاحف من النقط والشكل لتكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيهة بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المعقولين المفهومين" تفريقًا بين النقط والشكل، وذكرًا لكل منهما وحده؛ ونرى كذلك أن تجريد الكلمات من النقط لاحتمال الكلمة القراءات المختلفة يقتضي أن يكون من معاني النقط المعنى الذي نفهمه منه اليوم. وللقراءات التي تحتملها الكلمة الواحدة الخالية من النقط أمثلة كثيرة، لعل أوضحها وأشهرها ما ورد في سورة النساء آية 94:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}
وفي قراءة: "فتثبتوا" ورسم هذه الكلمة "فسوا" محتمل للقراءتين.
كانت إذن هذه الأقوال الثلاثة: قول الزمخشري وابن العربي وابن الجزري، أول ما وقفنا عند أمر النقط، فمضينا في أثناء بحثنا نجمع من الروايات والنصوص والأدلة ما قد يدعم هذا الوجه؛ فكان من ذلك:

(1/36)

1-ما رواه الفراء قال(7): "حدثني سفيان بن عيينة، رفعه إلى زيد ابن ثابت، قال: كتب في حجر: ننشزها، ولم يتسن، وانظر إلى زيد بن ثابت فنقط على الشين والزاي أربعًا، وكتب "يتسنه" بالهاء".
 2-ورُوِي عن ابن عباس قال(8): "أول من كتب بالعربية ثلاثة رجال من بولان، وهي قبيلة سكنوا الأنبار، وأنهم اجتمعوا فوضعوا حروفًا مقطعة وموصولة، وهم: مرامر بن مرة، وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة -ويقال مروة وجدلة- فأما مرامر فوضع الصور، وأما أسلم ففصل ووصل، وأما عامر فوضع الإعجام".
وقد ذكرنا في صدر هذا البحث أن صحة هذه الرواية وأمثالها عن أصل الخط العربي لا تعنينا في شيء، ونحن هنا لا نسوقها إلا لأمر واحد لا نعدوه، وذلك أن في هذا القول لابن عباس -إن كان قاله- دليلًا واضحًا على أن ابن عباس كان يعرف الإعجام، وأن من قبله كانوا يعرفونه؛ وأما إن لم يكن قاله فما زال يحمل من الدلالة ما لا يصح معها أن نغفله، وذلك أن واضع هذا القول وناسبه إلى ابن عباس كان لا بد يعرف أن ابن عباس كان يعرف الإعجام وإلا لما قبل الناس قوله.
 3-وقد ذكر السجستاني أن "الحجاج بن يوسف غيَّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفًا، قال: ... وكانت في يونس "آية 22" "هو الذي ينشركم" فغيره "يسيركم".
وقد نقبل أن يكون الحجاج هو الذي نقط هذه الكلمة وكانت من قبل غير منقوطة كما يزعمون، ولكن أن يكون غير نقطها فذلك هو ما نقف عنده،
(1/37)

ونفهم منه أنها كانت منقوطة قبله، ثم غير هذا النقط، وإلا فالكلمة من غير نقط تحتمل الوجهين ولا سبيل إلى ذكر أن الحجاج قد غير نقطها.
 4-ولقد كانت الكتابة الحميرية والصفوية والثمودية واللحيانية، والكتابة النبطية التي يرجح أن الكتابة العربية مشتقة منها -كانت كل هذه الكتابات غير منقوطة(9)، ولكن المدقق فيها يجد أن الكثرة الغالبة من حروفها يختلف بعضها عن بعض اختلافًا يمنع اللبس والاختلاط، ومن هنا لم تكن في حاجة إلى نقط. وأما الخط العربي فكثير من حروفه متشابهة في الكتابة تشابهًا كاملًا، مختلفة في الصوت اختلافًا تامًّا؛ ولا سبيل إلى التفرقة بينها إلا بالنقط، بل إن هذا التشابه العجيب بين الحروف ليكاد يجعلنا نظن أن الحرف منذ أن وجد وجد معه نقطه، وأن النقط ضرورة من ضرورات هذه الحروف منذ نشأتها(10)، إلا إذا كان يفرق بينها بوسيلة أخرى من وسائل الخط توضحها وتمنع اختلاطها مع غيرها. وإلا لكانت الكتابة، وخاصة الطويلة منها، عسيرة القراءة لا سبيل إلى فهمها. ولا عبرة في تجريد القرآن الكريم فإن الأصل فيه أن يكون محفوظًا في الصدر، وأن يرجع الحافظ إلى الكتاب للتذكر، أو أن يتلقاه المتعلم من معلم يحفظه إياه ثم يعود إلى الكتاب للاستذكار.
5- ومن أوضح الأحاديث وأصرحها عن النقط ما أورده ابن السيد البطليوسي وهو يتحدث عن الكتاب، قال(11): ".. فإذا نقطته قلت: وشمته وشمًا،
(1/38)

ونقطته نقطًا، وأعجمته إعجامًا، ورقمته ترقيمًا". وكان من اليسير علينا أن نمر بهذا القول مرًّا هينًا ثم نتجاوزه من غير أن نقف عنده، معتقدين أنه ينصرف إلى أزمنة تالية للقرن الأول الهجري لولا أن ابن السيد نفسه يستشهد -بعد قوله المتقدم- بأشعار جاهلية فقد أورد -دليلًا على هذه الألفاظ الدالة على النقط- أبياتًا لأبي ذؤيب والمرقش وطرفة. قال أبو ذؤيب:
برقم ووشم كما نمنمت ... بميشمها المزدهاة الهدى
وقال المرقش:
الدار قفر والرسوم كما ... رقش في ظهر الأديم قلم
وقال طرفة:
كسطور الرق رقشه ... بالضحى مرقش يشمه
وقد كدنا ننسب قول ابن السيد إلى التعجل والتسرع وإغفال الدقة في تحديد أزمان الألفاظ -فقد كان يبدو لنا أن الوشم والرقم والترقيش، في هذه الأبيات، لا تعني أكثر من تجويد الخط وتحسينه، لولا أن الأعلم الشنتمري يذكر ما ذكره ابن السيد. قال الأعلم في شرح بيت طرفة المتقدم(12): "وقوله: كسطور الرق: شبه رسوم الربع بسطور الكتاب، ومعنى رقشه: زينه وحسنه بالنقط" ولولا أن أبا علي القالي قد ذهب إلى ذلك أيضًا، قال(13): "رقشت الكتاب رقشًا ورقشته: إذا كتبته ونقطته". ثم استشهد ببيت طرفة.
 6- وربما كان أخطر ما يوجه إلى من يدعي نقط الكتابة في الجاهلية هو هذه النقوش الجاهلية الخالية من النقط. وهو دليل لا سبيل إلى إنكاره، وإن كان لا بأس في التحدث عنه حديثًا قد يكون فيه بعض حجة؛ وذلك أن
(1/39)

جميع ما عثرنا عليه من الكتابة الجاهلية كان نقوشًا على الحجر والصخر، وكان سطورًا قلائل بل كلمات معدودات؛ ولم نعثر على كتابة جاهلية على الرق أو البردي مثلًا كثيرة السطور والكلمات. فربما كان عدم النقط ناجمًا عن اطمئنان الكاتب إلى أن كلماته هذه المنقوشة في نجاة من التصحيف والخلط في القراءة؛ لأنها أسماء أعلام، وسنوات، وكلمات بينهما من اليسير معرفتها؛ وربما كان مما يسوغ له إهمال النقط فوق ذلك صعوبة فنية ومشقة عملية في النقش.
 7- ولعل خير ما يدعم هذه النقطة السابقة من حديثنا: تلك الوثيقة البردية التي يرجع تاريخها إلى سنة 22 هجرية على عهد عمر بن الخطاب وهي مكتوبة باللغتين العربية واليونانية(14). والذي يعنينا من هذه البردية أن بعض حروفها منقوط معجم وهي حروف: الحاء والذال والزاي والشين والنون. وكذلك الشأن في نقش وجد بقرب الطائف ومؤرخ في سنة 58 هجرية على عهد معاوية بن أبي سفيان، فإن أكثر حروفه التي تحتاج إلى نقط منقوطة معجمة(15).
فنحن نرى إذن أن تاريخ الوثيقة البردية وهو سنة 22 هجرية سابق بسنوات كثيرة على ما ذكره الكُتَّاب العرب في نشأة النقط والإعجام، وكذلك هذا النقش المؤرخ في سنة 58 هجرية. وثمة أمر آخر يجدر بنا أن ننبه عليه وهو أن أكثر الوثائق البردية -التي عُثر عليها مؤرخةً في القرن الأول الهجري- غير منقوطة ولا معجمة، وذلك يعني أن إهمال النقط فيما عثرنا عليه من نقوش جاهلية ضرورة أن النقط لم يكن معروفًا مستعملًا؛ لأن إهمال النقط في النقوش وأوراق البردي الإسلامية لم يمنع وجود وثائق ونقوش منقوطة. وجدير بالذكر أن إهمال
(1/40)

النقط أمر كان شائعًا في العهود الإسلامية قرونًا متوالية، بل لقد عد بعضهم الإعجام والنقط مما لا يليق في الكتب والرسائل؛ لأنه يدل على أن الكاتب يتوهم فيمن يكتب إليه الجهل وسوء الفهم(16).
وحسبنا ما قدمنا عن النقط، ونحن أول من يعرف أن هذا كله لا يقوم وحده دليلًا قاطعًا على وجود النقط قبل الإسلام، ولكننا أحببنا أن نثبته للأسباب التي قدمناها، فلعل غيرنا قادر من بعدنا على الوصول إلى مفصل من الأمر يتم به ما بدأنا .

(1/41)

 
 

__________
 خليل يحيى نامي، أصل الخط العربي وتاريخ تطوره إلى ما قبل الإسلام، ص87.(1)
 (2) انظر كتاب التنبيه على حدوث التصحيف لحمزة الأصفهاني "ورقة 37-40" حيث يذكر أن الحجاج أمر كتابه أن يضعوا للحروف المشتبهة -مثل الباء والتاء والثاء والنون- علامات تميزها.
 ج2 ص196-197 "ط. الجزائر".(3)

 النشر في القراءات العشر "ط. دمشق" ص32-330. (4)
 الزمخشري، الفائق 1: 186.(5)

(6)انظر لبيان المقصود بنقط المصحف: السجستاني، كتاب المصاحف: 143؛ وانظر لبيان نقط أبي الأسود: ابن النديم، الفهرست ص60، والسيرافي: 15-18.
2 انظر بعض هذه الأمثلة في كتاب جولد تسير: المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن، ترجمة علي حسن عبد القادر، ص4-6.

 معاني القرآن 1: 172-173.(7)
 مصاحف السجستاني: 49، 117.(8)

 (9)انظر جرائد حروف هذه اللغات في ولفنسون، تاريخ اللغات السامية ص179 وص200.
 (10)وفي ذلك يقول القلقشندي "صبح الأعشى 3: 155" "والظاهر ما تقدم، يعني: أن الإعجام موضوع مع وضع الحروف؛ إذ يبعد أن الحروف قبل ذلك مع تشابه صورها كانت عرية عن النقط إلى حين نقط المصحف"، وانظر كذلك كتاب مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم للمولى أحمد بن مصطفى المعروف بطاش كبرى زادة ج1 ص80.
 الاقتضاب في شرح أدب الكتاب: 93.(11)

 ديوان طرفة "ط. شالون سنة 1900" ص69.(12)
 الأمالي 2: 246.(13)

Islamic papyri, p. 11 "a"
 

 صورة هذه البردية في كتاب الدكتور جروهمان from the world of(14)  

ووصفها ونصها مع ترجمتها في ص113-114؛ ثم انظر ص82 من الكتاب نفسه.
 (15)انظر مقالة: ج. س. مايلز عن: النقوش الإسلامية المبكرة بقرب الطائف في الحجاز
GG. Miles Early islamic inscriptions Near Taif in the Hijaz

JNES. 7 "1948"
وصورة النقش هناك رقم 18.

(16) قال أبو بكر الصولي في كتابه أدب الكتاب ص57-58 "كره الكتاب الشكل والإعجام إلا في المواضع الملتبسة من كتب العظماء إلى من دونهم. فإذا كانت الكتب ممن دونهم إليهم ترك ذلك في الملتبس وغيره؛ إجلالًا لهم عن أن يتوهم عنهم الشك وسوء الفهم، وتنزيهًا لعلومهم وعلو معرفتهم عن تقييد الحروف".