x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

تاريخ الامريكتين

التاريخ : التاريخ الاسلامي : الخلفاء الاربعة : علي ابن ابي طالب (عليه السلام) : الامام علي (عليه السلام) :

موضع قبر أمير المؤمنين علي - عليه السلام

المؤلف:  محمد بن علي بن يونس الزحيف الصعدي، بدر الدين، المعروف بابن فند

المصدر:  مآثر الأبرار

الجزء والصفحة:  ص236- 245

20-10-2019

1297

استشهاد امير المؤمنين عليه السلام

هذا ومس من الدنيا أبو حسن *** ما ليس يقنع فيها منه بالعذرِ

إذ أغمدت سيف أشقاها بهامته *** وجللته حساماً قاطع الأثرِ

هذان البيتان لكل بيت منهما معنى، فالأول منهما معناه: أن الدنيا إنزوت عن أمير المؤمنين، ومالت إلى معاوية حتى آل الكلام إلى أن ثلاثة تحالفوا على قتل علي عليه السلام ومعاوية، وعمرو بن العاص فما قتل إلا علي في تلك الليلة.

ولا كلام أن الدهر والدنيا ينحرفان عن الكملة، ومن ازداد نبلاً ازداد عنهم انحرافاً وميلاً، ومن أحسن ما وجدته من الأمثلة العجيبة، والأعذار المبينة المضيئة ما ذكره ابن أبي الحديد قال: قلت: للنقيب أبي جعفر وكان من سادات العترة، وعلماء الإمامية، وكان لا يذكر المشائخ إلا بخير، وقلت له: ما سبب حب الناس لعلي بن أبي طالب عليه السلام وعشقهم له وتهالكهم عليه [مع أنه كان مزوياً من الدنيا] ودعني عن الجواب من جهة الشجاعة، والعلم، والفصاحة، وغير ذلك من الخصال التي رزقه الله منها الكثير الطيب؟ قال: فضحك [وقال لي: كم تجمع جراميزك علي] ثم قال: هاهنا مقدمة ينبغي أن تعلم، وهي أن أكثر الناس مزويون من الدنيا، أما المستحقون فلا ريب أن أكثرهم محرومون نحو عالم يرى أنه لا حظ له في الدنيا، ويرى جاهلاً [غيره] مرزوقاً وموسعاً عليه، أو شجاع قد أبلي في الحروب وانتفع بموضعه ليس له عطاء يكفيه، ويقوم بضراوته ويرى غيره وهو جبان فشل يفرق من ظله، وهو مالك بحظ عظيم من الدنيا وقطعة وافرة من المال[والرزق] أو عاقل شديد التدبير صحيح العقل، قد قدر عليه رزقه، وهو يرى غيره أحمق مائقاً تدرَّ عليه الخيرات، وتجتلب أخلاف الرزق، أوذي دين قويم وعبادة حسنة وإخلاص وتوحيد وهو محروم ضيق الرزق، وترى غيره يهودياً أو نصرانياً أو زنديقاً كثير المال حسن الحال، حتى أن هذه الطبقة المستحقة يحتاجون في أكثر الأوقات إلى الطبقات التي لا استحقاق لها، وتدعوهم الضرورة إلى الذل لهم والخضوع بين أيديهم، إما لدفع ضرر أو استجلاب نفع، ودون هذه الطبقات من ذوي الاستحقاق أيضاً [على] ما نشاهده عياناً من نجار حاذق، أو بنَّاء[عالم] أو نقَّاش بارع، أو مصَّور لطيف، [وهم] على غاية ما يكون من ضيق الرزق وقعود الدهر بهم، وقلة الحيلة لهم، وغيرهم ممن ليس يجري مجراهم، ولا يلحق طبقتهم مرزوق مرفوع قدره كثير المكتسب، طيب العيش، واسع الرزق، فهذه أحوال ذوي الاستحقاق، وأما الذين ليسوا من أهل الفضائل فحشو العامة، فإنهم أيضاً لا يخلون من الحقد على الدنيا، والذم لها، والحنق [عليها] والغيظ منها لما يلحقهم من حسد أمثالهم وجيرانهم، ولا نرى أحداً منهم قانعاً بعيشته ولا راضياً بحالته، بل يستزيد ويطلب حالاً فوق حاله.

قال: فإذا عرفت هذه المقدمة فمعلوم أن علياً -عليه السلام- كان مستحقاً محروماً، بل هو أمير المستحقين المحرومين وسيدهم وكبيرهم، ومعلوم أن الذين ينالهم الضيم، وتلحقهم المذلة والقضيمة يتعصب بعضهم لبعض، ويكونون[إلباًو] يداً واحدة على المرزوقين الذين ظفروا من الدنيا، ونالوا منها مآربهم لاشتراكهم في الأمر الذي أهمهم وساءهم، وغصهم ومضهم، واشتراكهم في الأنفة والحمية النفسانية والمنافسة لمن علاهم وقهرهم، وبلغ من الدنيا ما لم يبلغوه، فإذا كان هؤلاء أعني المحرومين متساوين في المنزلة والمرتبة، وبعضهم يتعصب لبعض، فما ظنك بما إذا كان منهم رجل عظيم القدر، جليل الخطر، كامل الشرف، جامع الفضائل محتوي[على] الخصائص والمناقب، وهو مع ذلك محروم[محدود] قد جرعته الدنيا علاقمها وعلتَّه[عللاً] بعد نهل من صبرها وصابها، ولقي منها ترحاً تارحاً وجهداً جاهداً، وعلا عليه من هو دونه، وحكم فيه وفي [بنيه و] أهله ورهطه من لم يكن ما ناله من الأمرة والسلطان في حسابه، ولا دائراً في خلده، ولا خاطراً بباله، ولا كان أحد من الناس يترقب له ذلك، ولا يراه به [في منامه] ثم كان آخر الأمر أن قتل هذا الرجل الجليل في محرابه، وقتل بنوه[بعده] وسبى حريمه ونساؤه، وتتبع أهله وبنو عمه بالقتل والطرد والتشريد[والسجون] مع فضلهم وزهدهم وعبادتهم وشجاعتهم وانتفاع الخلق بهم.

فهل يكون في الممكن إلا أن يتعصب البشر كلهم مع هذا الشخص، وهل تستطيع القلوب إلا أن تحبه[وتهواه] وتذوب فيه، وتفنى في عشقه انتصاراً [له] وحمية [من أجله، وأنفة ممَّا ناله، وامتعاضاً مما جرى عليه] وهذا مركوز في الطباع ومخلوق في الغرائز، كما تشاهد إنساناً قد وقع في ماء عميق وهو لا يحسن السباحة، فإن الناس في الطبع البشري يرقَّون عليه رقة شديدة، وقد يلقي قوم[منهم] أنفسهم[في الماء] نحوه يطلبون تخليصه، لا يتوقعون على ذلك مجازاة بمال منه أوشكر أو ثواب أيضاً في الآخرة، فقد يكون فيهم من لا يعتقد أمر الآخرة، ولكنها رقة بشرية، وكأن الواحد منهم يتخيل في نفسه أنه[ذلك] الغريق.

هذا خلاصة ما ذكره ابن أبي الحديد وهو أمر محسوس تدعو إليه الطبيعة البشرية، أوردته لمناسبته ما ذكره السيد صارم الدين من ميل الدنيا عن علي -عليه السلام-، وقد أحسن مهيار حيث قال في هذا المعنى:

مالي لم أسبق إلى الغنم *** قسم الرجال وأغفلوا قسمي

الجهد لي والحق عندهم *** أظمأ ويروى معشر باسمي

ما هذه أولى معاتبة *** وقضية للدهر في ظلمي.

استشهاد أمير المؤمنين علي - عليه السلام:

وأما البيت الثاني في منظومة السيد، فشرحه: أن عبد الرحمن بن مُلجم المرادي اللعين، كان يسمى أشقاها، أي أشقى أمة النبي ً، وذلك لما روي عن النبي أنه قال لعلي -عليه السلام-:((من أشقى الأولين والآخرين))؟ فقال: الله ورسوله أعلم، فقال:((أشقى الأولين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين الذي يضربك يا علي)) وأشار إلى حيث يضرب.

وروي أن علياً -عليه السلام- اشتكى شكوى -أي مرض- فلما شفي، قالوا له: لقد خفنا عليك، قال: ما خفتم عليَّ؟ قالوا: الموت، قال: لعمري ما من الموت أمان، ولكن حدثني الصادق المصدوق: ((أني لن أموت حتى تخضب لحيتي هذه من دم رأسي، يضربني أشقى هذه الأمة، كما عقر ناقة الله أشقى ثمود)).

وروى الحاكم أبو سعيد عن عبد الله بن يشيع، قال: خطبنا أمير المؤمنين، وقال: فيما عهد إليَّ رسول الله ً:( (لتخضبَّن هذه من دم هذا)) فقالوا: يا أمير المؤمنين، ألا تخبرنا به لنبيد عترته، قال: أنشد الله امرءاً قتل غير قاتلي.

وروي أنه كان إذا رأى ابن مُلجَم، تمثل بقول عمرو بن معدي كرب:

أريد حياته ويريد موتي *** عذيرك من خليلك من مراد

فيقول له أصحابه: هلا تقتله؟ فيقول: كيف أقتل قاتلي، وتارة يقول: إنه لم يقتلني فكيف أقتل من لم يقتلني.

وروي أنه لما خرج إلى صرح المسجد تصايح البط خلفه فزجرهنَّ بعض الحاضرين، فقال: دعوهنَّ فإنهنَّ نوائح.

وعن أبي الأسود الدؤلي قال سمعت علياً يقول: أتاني عبد الله بن سلام وقد أدخلت رجلي في الغرز، فقال لي: أين تريد؟ فقلت: العراق. فقال: أما إنك لو جئتها ليصيبنَّك [بها] ذباب السيف، ثم قال علي -عليه السلام-: والله لقد سمعت رسول الله ً يقول مثله قال أبو الأسود: فعجبت منه رجل محارب يحدث بمثل هذا عن نفسه.

وروي أنه -عليه السلام- لم ينم تلك الليلة التي قتل في صبيحتها، بل بات يمشي بين باب المسجد والحجرة، وهو يقول: والله إنها الليلة التي وعدت فيها، والله ما كذبت ولا كذبت.

ولما أراد أن يخرج من الدار تعلق مئزره بالباب، فأنشأ يقول:

أشدد حيازيمك للموت *** فإن الموت لاقيكا

ولا تجزع من الموت *** إذا حلَّ بواديكا

ثم مضى إلى المسجد، وهو يقول:

خلوا سبيل المؤمن المجاهد *** في الله لا يعبد غير الواحد

ويوقض الناس إلى المساجد.

وكان ابن ملجم -لعنه الله- كان قد واعد ثلاثة رجال على أن يقتل كل واحد منهم رجلاً، علياً وعمراً ومعاوية، وجعلوا ذلك ليلة من ليالي رمضان، فقال ابن مُلَجْمَ: أنا أكفيكم علياً، والقصة مشهورة.

قالوا: ولما دخل شهر رمضان كان علي يفطر عند الحسن ليلة، وعند الحسين ليلة، وعند عبد الله بن جعفر ليلة.

وكان لا يزيد على ثلاث لقم، ويقول: أحبُّ أن يأتيني أمر الله وأنا خميص، وإنما بقي ليلة أو ليلتان.

وروي أنه رأى رسول الله ً في المنام، فشكى عليه ما لقي من أهل العراق فوعده بالراحة منهم عن قريب، فما لبث بعد ذلك [إلا] جمعة أو جمعتين.

قالوا: وإن ابن مُلجَم لقي قطاماً، وكان أمير المؤمنين قد قتل أباها وأخاها يوم النهروان، وكانت جميلة فلما رآها أعجبته فخطبها فوعدته بالزواجة على مهر سمته، وعلى قتل علي، والقصة مشهورة.

فلما كان تلك الليلة كمَّن له في المسجد و[كان] معه اثنان: وردان، وشبيب بن بجرة فابتدأه بالضربة شبيب فلم يصبه، وثناه ابن ملجم[لعنه الله] فأصابه في رأسه، فقال علي -عليه السلام-: فزت ورب الكعبة، لا يفوتنَّكم الرجل فأخذ، وقتل، واختلف في كيفية قتله -لعنه الله-.

وأما وردان فهرب إلى بيته فلحقه من قتله، وأما شبيب فلزمه في المسجد فخاف لازمه من سيفه، فأرسله فانسل ساعة الزحمة، وسلم من القتل، وفي قتل ابن ملجم لعلي -عليه السلام- يقول عمران بن حطان وهو من علماء الخوارج وفصحائهم:

يا ضربة من تقي ما أراد بها *** إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره حيناً فأحسبه *** أوفى البرية عند الله ميزانا

أخلق بقوم بطون الطير أقبرهم *** لم يخلطوا دينهم كفراً وعدوانا

فأجابه القاضي أبو الطيب الشافعي بهذه الأبيات:

إني لأبرأ مما أنت قائله.... عن ابن مُلْجمَ الملعون بهتانا

يا ضربة من شقي ما أراد بها.... إلا ليهدم للإسلام أركانا

إني لأذكره يوماً فألعنه.... ديناً وألعن عمران بن حطانا

عليه ثم عليه الدهر متصلاً.... لعائن الله إسراراً وإعلانا

فأنتما من كلاب النار جاء به.... نص الشريعة برهاناً وتبيانا

وروى ابن عبد البر في كتاب (الاستيعاب) لبكر بن حماد شعراً:

[قل لابن مُلْجَم والأقدار غالبة.... هدمت ويلك للإسلام أركانا]

قتلت أفضل من يمشي على قدم.... وأول الناس إسلاماً وإيمانا

وأعلم الناس بالقرآن ثم بما.... سنَّ الرسول لنا نوراً وتبيانا

صهر النبي ومولاه وناصره.... أضحت مناقبه نوراً وبرهانا

وكان منه على رغم الحسود له.... مكان هارون من موسى بن عمرانا

وكان في الحرب سيفاً صارماً ذكراً.... ليثاً إذا لقي الأقران أقرانا

ذكرت قاتله والدمع منحدر.... فقلت سبحان رب العرش سبحانا

إني لأحسبه ما كان من بشر.... يخشى المعاد ولكن كان شيطانا

أشقى مراد إذا عدت قبائلها.... وأخسر الناس عند الله ميزانا

[كعاقر الناقة الأولى التي جلبت.... على ثمود بأرض الحجر خسرانا]

قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها.... قبل المنية أزماناً فأزمانا

فلا عفا الله عنه ما تحمله.... ولا سقى قبر عمران بن حطانا

لقوله في شقي ظل مجتهدا.... ونال ما ناله ظلماً وعدوانا

(يا ضربة من تقي ما أراد بها.... مخلداً قد أتى الرحمن غضبانا

في ضربة من غوي أوردته لظى.... فإنه لم يرد قصداً بضربته

إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا).... إلا ليصلى عذاب الخلد نيرانا

وروى في كتاب (كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب) لأبي عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي قصة عجيبة عن بعضهم.

قال: كنت أجول في بعض الفلوات إذ أبصرت ديراً فإذا في الدير صومعة، وفيها راهب فأشرف عليَّ فقلت له: من أين تأتيك الميرة؟ فقال: من مسيرة شهر، فقلت له: حدثني بأعجب ما رأيت في هذا الموضع.

فقال: نعم، بينا أنا ذات يوم أدير نظري في هذه البرية، وأتفكرُّ في عظمة الله وقدرته إذ رأيت طائراً أبيض مثل النعامة قد وقع على تلك الصخرة، وأومأ إلى صخرة بيضاء فتقيأَ رأساً ثم رجلاً، ثم ساقاً فإذا هو كل ما تقيأَ عضواً من تلك الأعضاء التأم بعضها إلى بعض أسرع من البرق الخاطف بقدرة الله سبحانه حتى استوى رجلاً جالساً فإذا هم بالنهوض نقره الطائر نقرة فقطعه أعضاء ثم رجع يبتلعه، فلم يزل على ذلك أياماً، فكثر والله تعجبي منه، وازددت يقيناً، وعلمت أن لهذه الأجساد حياة بعد الموت، ولم يزل على ذلك أياماً، والتفت إليه يوماً.

فقلت: أيُّها الطائر، سألتك بالذي خلقك إلا أمسكت عنه حتى أساله، فيخبرني بقصته.

فأجابه الطائر بصوت عربي طليق: لربي الملك والبقاء، الذي يفنى كل شيء ويبقى، أنا ملك من ملائكة الله موكَّل بهذا الجسد لما أجرم، وأمرني الله عز وجل أن آتي هذا المكان، لتسأله وتخاطبه فيخبرك بما كان منه.

فقلت: يا هذا الرجل المسيء إلى نفسه، ما قصتك؟ ومن أنت؟ فقال: أنا عبد الرحمن بن مُلْجَم قاتل علي بن أبي طالب فإني لما قتلته، وسارت روحي بين يدي الله، ناولني صحيفة، فيها مكتوب ما عملت من الخير والشر، منذ ولدت إلى أن قتلت علياً، فأمر الله هذا الملك يعذبني إلى يوم القيامة فهو يفعل بي ما قد رأيت، ثم سكت فنقره الطائر [نقرة] فتفرقت أعضائه، ثم ابتلعه عضواً عضواً.

فلما فرغ منه قال: يا آدمي، إني ماضٍ عنك بهذا الجسد إلى جزيرة من البحر الأسود، التي تخرج منها هوامَّ أهل النار إلى يوم القيامة.