بقلم: الشيخ جعفر السبحانيّ.
نص الشبهة:
يقال للشيعة: أنتم تقولون بأنّه لا يصحّ خلوّ الزمان من قائم لله بالحجّة وهو الإمام، فإذا كانت التقيّة تسعة أعشار الدِّين وهي سائغة للإمام، فكيف تتمّ الحجّة به على الخلق؟
الجواب:
تصوّر جامع الأسئلة ـ لضآلة علمه ـ أنّ أئمّة الشيعة يعملون بالتقيّة في جميع أبواب الفقه ومعارف القرآن والسنّة، ولذلك تراه يقول تسعة أعشار كلامهم تقيّة وقسمٌ واحد فقط كلام واقعيّ، ويكمن الخطأ في هذه النقطة بالذات؛ لأنّ التقيّة لها موارد خاصّة كما أسلفنا، وهي الموارد التي كان حكّام الجور يعملون بأحكام مخالفة للشريعة الإسلاميّة نتيجة جهلهم بسنّة النبيّ (صلى الله عليه وآله)، أو أنّ الفقهاء الذين تمّ تنصيبهم من قِبل هؤلاء الحكّام يحكمون بأحكام خاطئة، هنا يعمل الأئمّة (عليهم السلام) بالتقيّة لأجل حقن دماء شيعتهم ويفتون لهم بالعمل طبقًا لفتاوى فقهاء السلطة.
وأمّا غير هذه الفتاوى فالإجهار بالحقيقة في مجالي العقيدة والشريعة لم يكن مقرونًا بالضرر، وأئمة أهل البيت كانوا قد جاهروا بالحقيقة، ومن حسن الحظ فإنَّ فقهاء الشيعة يرجعون إليهم في كثير من هذه الأحكام.
وأمّا المراد من قولهم: إنّ تسعة أعشار الدِّين في التقيّة، فهو كناية عن أهمّية حفظ دماء المؤمنين؛ لأنّ بعض الشيعة ينشر آراءه المخالفة لرأي الحكّام الظَلَمة بدون مبالاة، ويعرّض بذلك نفسه وقومه للخطر.
وقد ذكرنا سابقاً أنّ تلاميذ الإمام الحقيقيّين يميّزون جيّدًا بين ما هو من التقيّة وما هو من غيرها، وذلك لأنّهم كانوا على اطّلاع واسع بروايات أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) الحقيقيّة، ويفرّقون من خلال أُسلوب الإمام (عليه السلام) في كلامه بين ما قاله تقيّة أو أنّه قال الحكم الواقعيّ.