إنّ للّيالي البيض في شهر رجب حرمةً ومنزلةً خاصّةً عند الله سبحانه وتعالى، وإنّه عزّ وجلّ قد بسط موائد رحمته للعاملين فيها، يمنحهم من عظيم العطايا ما لا يصفه الواصفون، لذا فالحريّ بالإنسان المؤمن أن يغتنم هذه الفرصة وألّا يضيّع أوقاتها، إنّ الثواب العظيم الذي حباه الله للعاملين في هذه اللّيالي العظيمة وفي أيّامها هو فوق وصف الواصفين.

فقد ذكر السيّد ابن طاووس في كتاب (الإقبال) عن الرسول(صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (من صام ثلاثة أيّام من رجب وقام لياليها في أوسطه ثالث عشر ورابع عشر وخامس عشر، والذي بعثني بالحقّ أنّه لا يخرج من الدنيا إلّا بالتوبة [على التوبة] النصوح، ويُغفر له بكلّ يومٍ صامه سبعون كبيرة، وتُقضى له سبعون حاجة عند الفزع الأكبر، وسبعون حاجة إذا دخل قبره، وسبعون حاجة إذا خرج من قبره، وسبعون حاجة إذا نُصب الميزان، وسبعون حاجة عند الصراط، وكأنّما عتق بكلّ يومٍ يصومه سبعين من ولد إسماعيل، وكأنّما ختم القرآن سبعين ألف مرّة، وكأنّما رابط في سبيل الله سبعين سنة، وكأنّما بنى سبعين قنطرة في سبيل الله، وشفع في سبعين من أهل بيته ممّن وجبت له النار، وبنى له في جنّات الفردوس سبعون ألف مدينة، في كلّ مدينة سبعون ألف قصر وفي كلّ قصرٍ ألف حوراء ولكلّ حوراء سبعون ألف خادم).

أمّا عن أعمال هذه اللّيلة فقد رُوي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق(صلوات الله عليه) أنّه قال: (أُعطيت هذه الأمّة ثلاثة أشهر لم يُعطها أحدٌ من الأمم، رجب وشعبان وشهر رمضان، وثلاث ليالٍ لم يُعط أحدٌ مثلها: ليلة ثالث عشر وليلة رابع عشر وليلة خامس عشر من كلّ شهر، وأُعطيت هذه الأمة ثلاث سور لم يُعطها أحدٌ من الأمم: (يس) و (تبارك –الملك-) و (قل هو الله أحد)، فمن جمع بين هذه الثلاث فقد جمع أفضل ما أُعطيت هذه الأمّة). فقيل: وكيف يجمع بين هذه الثلاث؟ فقال(عليه السلام):

(يصلّي كلّ ليلةٍ من اللّيالي البيض من هذه الأشهر الثلاثة، في الليلة الثالثة عشر ركعتين، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وهذه السور الثلاث، وفي اللّيلة الرابعة عشر أربع ركعات، يقرأ في كلّ ركعةٍ فاتحة الكتاب وهذه السور الثلاث، وفي الليلة الخامسة عشر ستّ ركعات، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وهذه السور الثلاث، فيحوز فضل هذه الأشهر الثلاثة ويُغفر له كلّ ذنبٍ سوى الشرك).