شهدت قاعةُ خاتم الأنبياء(صلّى الله عليه وآله) في الصحن الحسينيّ الشريف عصر اليوم الجمعة (26محرّم الحرام 1438هـ) الموافق لـ(28تشرين الأوّل 2016م) اختتام فعّاليات مهرجان تراتيل سجاديّة الدوليّ بنسخته الثالثة، الذي أقامته العتبةُ الحسينيّة المقدّسة تحت شعار: (رسالة الحقوق للإمام زين العابدين-عليه السلام- أُسُسٌ وقواعد لمجتمعٍ مزدهر)، بمشاركة وفود وشخصيّات دوليّة وعربيّة ومحلّيّة من رجال دينٍ وكتّاب وأُدباء ومهتمّين بالشأن الحقوقيّ من عدّة دول، ويأتي هذا المهرجان الذي استمرّ لمدّة ثلاثة أيّام إحياءً وتخليداً لمآثر الإمام السجاد(عليه السلام) ومنها: "رسالة الحقوق"، ومواقفه في توحيد الأمّة الإسلاميّة تزامناً مع ذكرى شهادته.
استُهِلَّ ختامُ المهرجان الذي شهد حضورَ المتولّيَيْن الشرعيَّيْن للعتبتين المقدّستين الحسينيّة والعبّاسية وعددٍ من الشخصيّات الدينيّة والثقافيّة فضلاً عن وفودٍ مثّلت العتبات المقدّسة والمزارات الشريفة وجمع كبير من الزائرين بتلاوة آياتٍ من الذكر الحكيم، جاءت بعدها كلمة المتولّي الشرعي للعتبة العبّاسية المقدّسة سماحة السيد أحمد الصافي(دام عزّه) التي كان ممّا جاء فيها:
"أعتقد أنّ مهرجان "تراتيل سجادية" مهرجان واسع، يبدأ ولا ينتهي، ولنا في كلّ سنةٍ معه ومع البحوث القيّمة التي يُبديها الإخوة وقفات كثيرة جدّاً، ندّعي بتواضع كثرة الاطّلاع على الصحيفة السجادية، واشتغال الإنسان بها سيؤثّر إيجاباً على كثيرٍ من نواحي حياته وسلوكه بشكلٍ هادئ، فرسالة الحقوق نستطيع أن ندّعي أنّها يُمكن أن تُجاري جميع المشاكل المطروحة ويُمكن أن تحلّها، الصحيفة السجادية تميّز بها الإمام السجّاد(عليه السلام) كما قلنا للظرف الخاصّ الذي مرّ به الإمام، فالصحيفة السجادية ظاهرُها دعاء والإنسان يدعو "اللهمّ ارزقني كذا" أو "اللهم وفّقني الى كذا" ولكن عندما نتأمّل بها نرى أنّها بالإضافةً الى أنّ ظاهرها الدعاء فهي عبارة عن برامج مبثوثة في ثنايا الصحيفة، وهذه البرامج بثّها وأطلقها الإمام السجّاد على هيأة دعاء بمعنى أنّ المطلب الذي يُريد أن يوصله الإمام قد أوصَلَه عن طريق الدعاء".
وأضاف: "الإمام السجاد(عليه السلام) إضافةً الى رسالته الكريمة والعميقة -رسالة الحقوق- التي بيّن فيها مجموعةً من الحقوق التي نحتاجها عند التعامل مع مجتمعنا الضيّق كأسرة، الأب، الزوجة، الابن، الأخ، أو مع مجتمعنا عندما تتوسّع دائرتُه نحتاج الى رسم خطوط عريضة في كيفية التعامل معها، والإمام زين العابدين لعلّه تميّز بخصلة قد تكون غير موجودة عند باقي الأئمّة من جهة الظرف الحسّاس الذي مرّ به بعد واقعة الطفّ، ولعلّ النصوص التاريخية تُسعفنا نوعاً ما بالمشكلة الكبيرة التي كان يُعاني منها الأئمّة(عليهم السلام) بعد واقعة الطفّ، على الأقلّ الإمام السجّاد(سلام الله عليه) لعلّه عنده نصّ وهذا النصّ أعتقد أنّه يعكس بصورةٍ جليّة المشكلة التي كانت تضرب الأمّة عندما انحرفت عن مسارٍ هو أوضح من الشمس، عندما قال(سلام الله عليه): (لم يكن في مكّة والمدينة عشرون رجلاً يحبّنا) ولا شكّ أنّ هذه القيمة العدديّة تكشف عن قيمةٍ أخرى، تكشف عن مدى جهالة الأمّة مع أنّها قريبةُ عهدٍ بالنبيّ(صلّى الله عليه وآله)".
جاءت بعدها كلمةٌ للنائب والوزير التونسيّ السابق خالد شوكت بيّن فيها: "إنّ شخصيّة الإمام السجّاد تجاوزت في تأثيرها -في حقيقة الأمر- مجال شيعتها الى مجالٍ أوسع، الى المجال الإسلاميّ العامّ والمجال الإنساني، رجلٌ أسقط الدكتاتوريّة وقهر الطغيان بالدعاء، وأنا مع الفكرة التي أكّد عليها السادة وهي أنّ الصحيفة السجّادية ودعاء الإمام تتجاوز حدود الدعاء بالمعنى المتعارف عليه الى منهج في المقاومة الفكريّة والمقاومة الروحيّة والدينيّة والحضاريّة، من أجل تلك القضايا الكُبرى التي دافع عنها أئمّة أهل البيت وهي قضايا العدل والحرّية والحقوق العامّة والخاصّة، فتأثير الإمام السجّاد في الحقيقة نجد له أثراً كبيراً في المجال الإسلاميّ، واستمدّ الكثير من منهج الإمام السجاد في المقاومة وإعادة بناء مجتمعه والانتصار للإسلام وقيمه، حيث كان منهجاً سلميّاً تربويّاً".
بعدها تمّ الإعلان عن إحصائيّة المشاركة الإعلاميّة في تغطية فعّاليات المهرجان التي بلغت مائة وثمان (108) وسائل إعلاميّة مقروءة ومسموعة ومرئية، بالإضافة الى مئات الآلاف من المشاركين على مواقع التواصل الاجتماعي، كما تخلّل الختام إلقاءُ العديد من القصائد الشعريّة التي أظهرت فضائل ومناقب الإمام السجاد(عليه السلام)، ليُختَتَمَ المهرجان بعرض فيلمٍ وثائقيّ عن أهمّ الاستعدادات والتحضيرات التي أُنجزت لإقامته بالإضافة الى تكريم مجموعةٍ من المؤلّفين الذين كتبوا عن شخصيّة الإمام السجّاد(عليه السلام).