أكد ممثل العتبة العباسية ورئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية فيها السيد عقيل الياسري، أن التراث أمانة في أعناق من يعي أهمّيته ويحافظ عليه، لنشره وإتاحته للباحثين. جاء ذلك خلال توقيع اتّفاقية التعاون بين العتبة العباسية ودار المخطوطات العراقية، في وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية لحفظ التراث المخطوط. وفيما يلي نصّ الكلمة بالكامل: إن كلّ شعوب العالم لا يختلفون على غزارة نتاج علماء أمّتنا الإسلامية وتنوّعه، وإنّ هذا النتاج الغزير كمّاً ونوعاً قد تجاوزنا به غيرنا من الحضارات والأمم، وكما كان أسلافنا نحن اليوم أيضاً وسيأتي بعدنا من يفتخر بهذا النتاج وهذا التراث، الذي طال المعرفة في جميع ميادينها الإنسانية والعلمية والنظرية والتطبيقية، هذا نتاج ما حبره العلماء بعد صبر ومعاناة، ولا غاية منه سوى أن يسخّر لخدمة البشرية ونفعها، وهذه من الآداب الإسلامية التي حثّ عليها ديننا الحنيف، بوجوب إنفاق العلم الذي هو رزقٌ من الباري تعالى، وذمّ كلّ مَن يبخل به، وبسبب هذا الحافز تزاحمت الأقلام على إبدائها وسطّرت الصحائف علوماً ومعارف، أضحت اليوم نبراساً وقناديل علمٍ لكلّ بني آدم. ‏ومصداق ذلك اكتناز الكثير من مكتبات العالم لذلك التراث، وعليه فإن التراث في حقيقته أمانةٌ في أعناق من يعي أهمّيته، ويعرف قيمته والحفاظ عليه ونشره أو إتاحته للباحثين، والخدمة الواجب إسداؤها للعلماء ومفتاحاً لآفاق علمية جديدة، لترى النور على يد الباحثين فيتحقق بذلك المراد وتؤدي الأمانة، وما تعرض له التراث من آفات وكوارث ما تزال حسرته في قلوب الغيارى، وإذا لم نعتبر بذلك فإنّنا لا شكّ لسنا أمناء عليه، فمن المهمّ توحيد الجهود وبذل الممكن بغية حفظ هذا التراث، وصيانته ونشره بكلّ السبل المتاحة. ومن هنا سعت العتبة العباسية متمثّلةً بإدارتها الحكيمة، المستنيرة بتوجيهات المرجعية الدينية منذ تسنّمها زمام الأمور، إلى جعل هذا الموضوع من الأولويّات لما له من أهمّيةٍ يستحقّها فشكلت مكتبتها مؤسّسات متخصّصة بهذا الشأن، وعملت على إنشاء حصينة لحفظ ما تمتلكه العتبة من مخطوطات أصيلة وفق المعايير الدولية، إلى جانب ذلك أسّست مراكز متخصّصة للعناية بهذا التراث، كمركز ترميم المخطوطات ومركز تصوير المخطوطات وفهرستها، ومركز إحياء التراث ومركز الشيخ الطوسي قدّس سرّه، وغيرها من المراكز التراثية التي تعمل بشكلٍ حرفيّ عالٍ تتناسب مع أهمّية هذا التراث.
ومن صور اهتمام العتبة العباسية بهذا التراث وهذا الإرث العزيز، هو الدخول في شبكات تعاون مع العديد من المؤسّسات المحلية والعالمية التي تلتمس فيها تحقيق غايتها خدمةً للتراث المخطوط، كما كانت العتبة المقدسة طيلة عقد ونصف من الزمان حاضرةً في كثير من المنتديات والمحافل العلمية، والمؤتمرات والندوات العلمية نصرةً للتراث ونشر ثقافة المخطوط بين أكثر قدرٍ ممكن من شرائح المجتمع، وما يزال الاهتمام قائماً والسعي مستمرّاً والدعم حاضراً لكلّ ما يتّصل بهذا المجال. وان حضورنا اليوم لهذا المحفل ما هو إلا مبادرة جديدة تضاف إلى ما سبق، وهو التعاون الاستراتيجي مع دار المخطوطات العراقية في وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، وذلك بهدف الخروج بمشاريع حيويّة تخدم تراثنا المخطوط في مجال دراسة وحفظ وفهرسة ورقمنة المخطوطات والوثائق التاريخية، وهذه الخطوة قبل كلّ ذلك نافذة من نوافذ التواصل مع إدارة هذه المؤسّسات.