المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 5832 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الاشوريون  
  
5107   02:55 مساءاً   التاريخ:
المؤلف : دكتور حلمي محروس اسماعيل
الكتاب أو المصدر : الشرق العربي القديم وحضاراته
الجزء والصفحة : ص67-94
القسم : التاريخ / الامبراطوريات والدول القديمة في العراق / الاشوريون /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5108
التاريخ: 2023-07-24 678
التاريخ: 18-7-2018 2084
التاريخ: 13-1-2017 1961

الاشوريون من الساميين الذين استوطنوا في شمال شرق بلاد النهرين في حوض نهر دجلة منذ الالف الثالث ق.م, وينسبون الى مدينة اشور التي تقع في بقعة استراتيجية هامة كانت تتحكم في الطرق التجارية الممتدة بين بلاد سومر واكاد من جهة كردستان وشمال ارض الجزيرة من جهة اخرى ولذلك كانت اشور دائما محل اطماع الملوك الاقوياء الذين ظهروا في الجنوب , امثال سرجون , ونارام- سن، وملوك سلالة اور.

ولم يتمكن الاشوريون من تأسيس دولة لهم في عصر متأخر نسبيا ولم تستطع هذه الدولة الحصول على استقلالها قبل الالف الثاني ق.م، ثم قدر لهذه الدولة بعد ذلك ان تبلغ مركز الصدارة وان تقوم بدور خطير في منطقة الشرق الادنى القديم.

اقسام تاريخ الاشوريين:

يمكن تقسيم تاريخ الاشوريين الى ثلاث  مراحل هي:

(1) مرحلة التكوين او مرحلة (العهد الاشوري القديم): وتبدأ من حوالي عام2100الى1530ق.م  منذ بدء نهوضهم سياسيا وتعرضهم لتقلبات عديدة حتى نهاية حكم الدولة البابلية الاولى. 

(2)عصر الدولة الاشورية (العهد الاشوري البسيط): ويبدأ من عام 1530ق.م, عند تخلصهم من حكم الدولة البابلية الاولى الى عام 900ق.م.

(3)عصر الامبراطورية او (العهد الاشوري الحديث): وينقسم بدوره الى قسمين:

 (أ) الامبراطورية الاشورية الاولى: وتشمل الفترة من عام 911الى 745 ق.م, تقريبا.

(ب) الامبراطورية الاشورية الثانية: وتمتد من عام 745الى 612 ق.م تقريبا... .

(أ) الامبراطورية الاشورية الاولى: وتشمل الفترة من عام 911الى 745 ق.م, تقريبا.

ومن أهم ملوكها:

أدد ـنيراري الثانى (911ـ891ق.م):

وكان نهوض دولة أشور على يديه، عندما اعتلى العرش، فعل على تقوية الجيش ونظم شئون الدولة ولكنه لم يبلغ شأن الملوك العظام أمثال سرجون وآشور ناصر بال.

وقد عمل أددـ نيرارى الثانى على فك الحصار الذى فرضه الأعداء على مملكته، وخاض جزء تحرير شعبية مصرية، وبدأ فى إخضاع بعض الاقاليم المجاورة، وتمكن من ابعاد الاراميين عن وادي دجلة واستعاد عدة مدن في اقليم الجزيرة. كما شن حملات اخرى على كردستان وطارد القبائل الجبلية بعيدا نحو قمم الجبال.

وهاجم مملكة بابل في عهد ملكها شمش- مداميق واقتطع من اراضي دولته مساحة كبيرة الى الشمال من وادي ديالى رافد نهر دجلة.

توكلتي- ننورتا الثاني(890- 884ق.م):

وقد خلف اباه ادد- نيراري الثاني على عرش آشور بعد وفاته وكان متحمسا كأبيه لتوسيع نطاق دولته ولكنه لم يعمر طويلا بما يكفي لبلوغ اهدافه.

  وقاد توكلتي- ننورتا الثاني حملة ضد المقاطعات الجنوبية الغربية التي سبق ان احتلها ادد- نيراري الثاني، والزم الاراميين بأحترام حدود الدولة الاشورية.

وعند وفاته كانت حدود الدولة الاشورية تمتد من جبال زاجروس الى الخابور رافد الفرات في الشمال ومن نصيبين غربا الى تكريت او سامراء في وادي دجلة .ومن اعماله الاخرى اعادة بناء سور مدينة اشور, وتامين طرق مواصلاته التجارية والعسكرية الى اطراف الدولة وتشييد بعض القلاع والحصون لحمايتها.

اشور- ناصر بال الثاني(883- 859ق.م):

وخلف توكلتي- ننورتا الثاني بعد وفاته على العرش اشور- ناصر بال الثاني وهو من اعظم ملوك الاشوريين رغم ما عرف عنه من القسوة مع اعدائه، وجميع كل مميزات ومساوئ الملوك العظام الذين سبقوه وقد بدأ اولى الخطوات في تكوين الامبراطورية ووصلت فتوحاته الى الجبال الشرقية والشمالية وحصل على غنائم كثيرة وفرض الجزية على حكامها المحليين.

وهذه قائمة بالغنائم التي حصل عليها اشور- ناصر بال الثاني اثناء حملته على مقاطعة صغيرة في المنطقة الشمالية الجبلية:

2000    راس من البقر(1)

5000    راس من الغنم

40        عربة محملة بالحلي وبأسرجة الجياد

2          تالنت من الفضة

2          تالنت من الذهب

100      تالنت من الرصاص

100      تالنت من النحاس

300      تالنت من الحديد

3000    من الاواني النحاسية المتنوعة

1000    بدل من الكتان والصوف بألوان زاهية

عدد كبير من الموائد الخشبية وارائك مصنوعة من العاج المحلي بالذهب، اخذت من قصر حاكم هذه المنطقة. وفي هذه الحملة قتل حاكم المنطقة وفرضت الجزية على خليفته وقوامها:

1000    راس من الغنم

2000    كور من الحبوب

2          مائتين من الذهب

13        مينة من الفضة

كما قاد حملة لتأديب المتمردين الذين اعلنوا العصيان في مدينة ارامية في وادي الخابور الاسفل اثناء حملته ضد المناطق الجبلية الشمالية.

ووجه اشور- ناصر بال الثاني حملات تأديبية اخرى ضد المتمردين في جبال الكاشياري(بالمنطقة المحيطة بالسلمانية حاليا) وفي منطقة الفرات الاوسط، وذلك خلال بعض فترات حكمه.

وبعد ان استتب الامن في تلك المناطق، شرع اشور- ناصر بال الثاني في فتح سوريا وبلغ ساحل البحر المتوسط وهو الهدف الذي كان يراود شمش- حدد الاول من قبل وفي طريقه اجتاح مملكة بيت- اديني الارامية التي كانت تقع في هذه المنطقة وارغم حاكمها على دفع الجزية وتقديم الرهائن للأشوريين.

وبذلك انفتح الطريق امام الجيش الاشوري في سنة 877ق.م بقيادة اشور – ناصر بال الثاني وسار من كركميش الى ساحل انطاكية مرورا بجبال الاورنتس وجبال لبنان الى ارض امورو, وحصل على الجزية من اهالي ساحل البحر وبعض الجزر القريبة(واستلمتها منهم بعد ما عانقوا قدمي) كما جاء في كتابته عن هذه الحملة.

وبعد ذلك عاد الاشوريون الى موطنهم عن طريق جبال الامانوس حيث قطعوا منها الاشجار وارسلت الى مدينة اشور ونصبت مسلة ملكية في هذا المكان .

وقد اتبع اشور- ناصربال الثاني سياسة الارهاب بأكثر من غيره من ملوك الاشوريين لاخضاع شعوب هذه المناطق ومن ذلك قتل الحكام والعصاة وسلخ جلودهم ونثرها على اسوار المدن وتعذيب المساجين الاسرى والمدنيين الابرياء من الرجال والنساء والاطفال ، وقال في ذلك:

(اقمت عمودا على بوابة مدينته وسلخت جلود كل الرؤساء المتمردين وكسوت العمود بها،......اما بقية جنوده، فقد اهلكتهم عطشا في صحراء الفرات...)(2)

اصلاحات آشور- ناصر بال الثاني الداخلية:

ادخل اشور- ناصر بال الثاني اصلاحات كثيرة في الجيش وفي النظام الاداري فأستخدم الخيالة على نطاق واسع في الجيش. كما قسم البلاد الى عدة ولايات وعين لحكم كل منها احد الولاة.

ومن اعماله الانشائية والعمرانية ترميم معابد مدينتي اشور ونينوى وجدد بناء مدينة كالح(غرود حاليا) التي اسسها شلمنصر الاول في القرن الثالث عشر قبل الميلاد وتقع على بعد 22ميلا جنوب الموصل وتتميز بموقع استراتيجي ممتاز حيث يحميها نهر دجلة من الغرب والزاب الاعلى من الجنوب.

واستخدم اشور- ناصربال الثاني الاف العمال في تجديد مدينة كالح وبنى حولها حائطا متينا يبلغ طول محيطه نحو خمسة اميال ودعمه بمجموعة من الأبراج وبنى فيها عددا من المعابد . زجري شق قناة من الزاب الاعلى لري السهل من المحيط بها, واسكن بها مجموعة من الاسرى جيء بهم من المناطق التي اخضعها وقد قرر اشور- ناصربال الثاني جهل هذه المدينة بعد تجديدها عاصمة له التي اصبحت تحت حماية الاله ننورتا وهو اله الحرب .

وفي العاصمة الجديدة بنى قصرا ملكيا فخما تحدث عنه اشور- ناصر بال الثاني في احدى كتاباته قائلا:

(قصر مشيد من خشب السرور والارز والعرعر والبقس والتوت والفستق والطرفاء,.....والغنائم التي استحوذت عليها بنفس وبكميات كبيرة من البلدان التي اخضعتها)(3).

وهذا القصر كان ينقسم الى ثلاثة اقسام ، هي الاجنحة الادارية، وجناح الاحتفالات والمراسيم وغرفة العرش, فالجناح العائلي ويضمم شققا ملكية وغرفا للحريم ومخازن ودورات للمياه.

وكانت جدران القصر مزينة بالواح كبيرة من الرخام نقشت عليها مناظر تمثله في حروبه وفي رحلات الصيد كما تمثل صور الامراء الذين قدموا اليه يعلنون الخضوع له, وحملوا معهم الهدايا والجزية.

وفي اروقة القصر, وامام بوابته الرئيسية, نصبت تماثيل ضخمة منها ثور مجنح كبير واسود وحيوانات ضخمة اخرى خرافية, وهذه التماثيل وتحف اخرى التي تم اكتشافها في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي, تم نقلها الى انجلترا, واودعت بالمتحف البريطاني حاليا. وبداخل القصر نصبت مسلة ضخمة نقشت عليها صورة الملك ودونت عليها نقوش تبين اعماله خلال الخمس سنوات الاولى من حكمه , كما صورت عليها الاحتفالات الفخمة التي اقيمت بمناسبة افتتاح المدينة رسميا في عام 879ق.م.

وبهذه المناسبة اعد اشور- ناصر بال الثاني وليمة فخمة حضرها جميع سكان المدينة والسفراء الاجانب, ويذكر ان عدد الذين حضروا هذه المآدب التي استمرت طوال عشرة ايام,69574شخص وتحدث عنها اشور – ناصر بال الثاني في احد كتاباته, قائلا:

(اولمت للشعب السعيد من كل البلاد مع شعب كالحو لعشرة ايام, وقدمت لهم الشراب وحممتهم وعطرتهم وشرفتهم ثم اعدتهم الى بلادهم وبسلام وحبور)(4).

شلمنصر الثالث(858- 824ق.م):

خلف شلمنصر الثالث والده اشور- ناصر بال الثاني على العرش بعد وفاته ودام حكمه 35 عام ويتفوق شلمنصر الثالث على والده في كثرة حملاته الحربية وفي سعة مداها فقد قضى واحد وثلاثين عاما من مدة حكمه في شن الحروب ووصلت جيوشه الى اماكن نائية لم تبلغها من قبل, في ارمينا وكليكا وفلسطين وفي وسط جبال طوروس وزاجروس وعلى سواحل الخليج العربي,

واستولت على اراضي جديدة ،وحاصرت مدنا جديدة ، ووصلت الى منابع دجلة والفرات ولكن جيوش شلمنصر الثالث تعرضت لعدة اخفاقات في مواجهة الاعداء الاقوياء الجدد في عدة مواقع ،مما اضعف من قيمة انتصاراتها. ومع توغل جيوش شلمنصر الثالث في اراضي مملكة اورارتو في وسط جبال ارمينيا ، فلم تستطع  تحقيق نصر كامل ،وتمكن ملكها ويدعى ارامي ، من الفرار. كما اخفقت المحاولات المتكررة التي قام بها شلمنصر الثالث لغزو سوريا ، بعد ان تمكن الحيثيون الجدد والامراء الاراميون من تقوية انفسهم ،وتوحدت جهودهم لصد الخطر الجديد من جانب الاشوريين .وقد تطلب الامر توجيه ثلاث حملات متتالية من اجل القضاء على مملكة بيت – ادينى ،وتم الاستيلاء على عا صمتها تلبارست (تل احمر حاليا ) ، في عام 856 ق.م واستو طنها الا شوريون ، واطلقوا عليها اسم (كار –شلمان- شارد) اى (رصيف شلمنصر) ، وعلى قمة التل المطل على نهر الفرات شيد قصر استخدم كقاعدة انطلاق للعمليات العسكرية ضد الجبهة الغربية. وعندما توغل شلمنصر الثالث في سهل سوريا الاوسط في عام 853ق .م واجه مقاومة عنيفة من جانب امير حماه ارحو –لينى ، وامير دمشق اور – ادرى، وشاركت في هذه المواجهة جيوش اثنى عشر ملكا من ملوك ساحل البحر ،بلغ عددها900 ،62 مقاتل من المشاة و1900 من الفرسان ، و3900عربة قتال و1000 جمل ارسلها (( جنديبو في شبه الجزيرة ))واشتبك الجيشان في قرقرة على نهر العاصي ولاتبعد كثيرا عن حماه ويصف شلمنصر الثالث هذه المعركة في كتاباته قائلا:

(ذبحت 14000من محاربيه بالسيف وامطرتهم مثل ادد بالهلاك .... كان السهل اضيق من ان يسمح لأجسادهم بالسقوط كما ضاق الريف الفسيح بدفنهم وذرعت نهر العاصي بجثثهم مثل الجسر)(5).

ولكن شلمنصر الثالث عجز عن احتلال حماه ودمشق وبعد ذلك بمده أربعه الى ثمانية اعوام, ارسل حملات اخرى ضد حماه لم تنجح في دخول المدن الرئيسية .

وفي عام 841ق.م هاجمت قوات شلمنصر الثالث دمشق على اثر اغتيال ملكها ادد- ادري واستبدله بالملك هزايل الذي هزم في موقعة جبل سانر (حرمون)ولكنه التجأ الى عاصمته واعتصم بها. وفي هذه الحالة اقتصر عمل شلمنصر الثالث على تخريب الحدائق والبساتين المحيطة بدمشق ونهب سهل حوران. وبعد ذلك سار بجيشه صوب ساحل البحر نحو جبل الكرمل واستلم الجزية من ثيرا(صور), وسيدون(صيدا)، ومن ملك اسرائيل اياوامار حمري وقد اضطر الاشوريون الى التخلي عن سوريا بعد ان فشلوا في غزوها.

اما في بابل فكان شلمنصر الثالث اوفر حظا ولكنه لم يستثمر نجاحه وضيع فرصة مواتية لمملكته ذلك انه في عام 851ق.م، نشب النزاع بين ملك بابل مردوخ- زاكر- شومي وشقيقه الذي كان يساعده الاراميون فطلب ملك بابل العون من الاشوريين فقام شلمنصر الثالث بدحر المتمردين ودخل مدينة بابل وقدم الضحايا في معبد الاله مردوخ ومعابد اخرى وعامل سكان تلك البلاد بكرم ورعاية وقال في ذلك :

(اعدت لشعب بابل وبارسيبا المحمي احرار الالهة العظيمة وليمة فخمة, فقدمت لهم الطعام والشراب, وكسوتهم بالحلل الزاهية وقدمت لهم الهدايا)(6).

وبعد ذلك توغلت قوات شلمنصر الثالث في داخل بلاد سومر وهزم اعداء بابل ولاحق فلولهم حتى ساحل الخليج. وعلى اثر هذه الحملة التأديبية اقسم مردوخ – زاكر- شومي يمين الولاء لحماية ملك اشور، وهو يلهج بالشكر له والعرفان بجميلة وبقى محتفظا بعرشه .

وفى ذلك الوقت كان من المكن، وبسهولة، تحقيق وحدة وادى الرافدين، شماله وجنوبه، فى ظل السيادة الأشورية ،ولكن شلمنصر الثالث، ولسبب مجهول، اكتفى بسيادة اسمية من بابل، وكل ما غنمه من الآشوريون من تلك الحملة مدينتان، وبضع مقاطعات تقع على الحدود بين المملكتين. وبذلك أصبحت الدولة الأشورية يحدها من الجنوب ديالى رافد نهر دجلة، ومن الغرب نهر الفرات، ومن الشرق سلاسل جبال زاجروس، ومن الشمال جبال طوروس.

الاضطرابات الداخلية فى الدولة الأشورية فى أواخر عهد شلمنصر الثالث:

وفى أواخر عهد شلمنصر الثالث وقعت إضطرابات داخلية خطيرة فى داخل الدولة الأشورية، أدت إلى زعزعة هيبة الدولة فى الداخل والخارج. ذلك أن أحد أبنائه المدعو وأشورـ دانين ـ أبلو، قد ثار عليه ، سنة827ق.م بمساندة سبع عشرين مدينة من بينها آشور ونينوى واربيل وعرفه(كركوك حاليا)،فعهد الملك المسن إلى إبنه الثانى شمش ـأدد بمهمة إخماد حركة العصيان التى قادها أخوه أشورـ دانين ـأبلو.

وقد انتشرت الحرب الأهلية فى أنحاء الدولة، واستمرت طوال أربعة أعوام كاملة، أثناء ذلك توفى شلمنصر الثالث فى سنة824ق.م،وخلفه على العرش إبنه شمش ـأدد الخامس. وهذه الثورة كانت موجهة ضد الحكام المحليين وكبار موظفي البلاط الذين تجاوزوا حدود سلطاتهم.

وفى آخر الأمر تغلب شمش ـ أدد الخامس على أخيه الثائر، وتمكن من قمع هذا التمرد، ولكن تلك الاضطرابات أدت إلى فقدان دولة أشور لبعض مقاطعاتها البعيدة، التى أعلنت إلغاء ((الحماية الأشورية)) وإيقاف دفع الجزية.

وفى تلك الأثناء ظلت بابل على ولائها، لأشور وتعززت العلاقات بين البلدين بزواج ـأدد الخامس من أميرة بابلية تدعى سمورامات، التى حظيت بشهرة كبيرة، وأطلق هيرودوت عليها فيما بعد إسم ((سميراميس))، ونسج حولها أسطورة، صورت فيها على أنها ((أجمل وأقسى وأقوى وأكثر ملكات الشرق عشقا)،ونسب إليها تحقيق إنجازات هائلة وانتصارات، هي فى الأصل من أعمال الملوك الأشوريين السابقين واللاحقين.

ركود الدولة الأشورية:

بعد أن تولى شمش ـ أدد الخامس الحكم(824ـ811ق.م)،بدأت فترة من الركود السياسي للدولة الأشورية استمرت حوالى قرن من الزمان.

وكان شمش ـ أدد الخامس قد قضى معظم فترة حكمه فى تأكد سلطته على حكام المقاطعات الجبلية فى الشمال والشرق الذين استغلوا فرصة انشغال الأشوريين فى الحرب الأهلية ، وحاولوا الخروج على الحماية الأشورية، وأوقفوا دفع الجزية لهم.

وأخيرا أمكن إعادة السلام والنظام للدولة، دون أن يطرأ تغير كبير على الإدارات المحلية، ولا على الحكومة المركزية، وترتب على غياب الاستقرار الاجتماعي إثارة أعمال الشغب والعصيان من حين لآخر.

وكان أددـ نيرارى الثالث (810ـ783ق.م) غلاما صفيرا عندما آل إليه العرش بعد وفاة أبيه شمش ـ حدد الخامس ، وصارت أمه سامورامات وصية عليه ، وطوال خمس سنوات تسلمت مقاليد الحكم.

ولما بلغ أدد ـ نيرارى السن التى تؤهله للقيام بواجبات المملكة ،بادر بالهجوم على سوريا، ودخل دمشق ، واستلم الجزية من ملكها بن حداد الثالث.

كما فرض الجزية على الحيثيين الجدد، والفينيقيين، واليهود، والميديين والفرس.

ولم تكن هذه الحملات سوى هجمات تأديبية، ولم تترتب عليها فتوحات مستديمة.

وكانت وفاة أدد ـ نيرارى الثالث المبكرة، بداية لفتره طويلة من التدهور للدولة الأشورية.

وقد توالى على عرش أشور بعد وفاة أددـ نيرارى الثالث أربعة من أولاده، هم شلمنصر الرابع (782ـ772ق.م)،الذى كانت سلطته محدودة إلى حد كبير. والإبن الثانى آشورـ دان الثالث (771ـ754ق.م)،قام بحملات غير موفقة على سوريا ،ونفشى وباء الطاعون فى عهده، واندلا ع الاضطرابات فى مدينة أشور وعرفة وكوزانا (تل ـ حلف حاليا).

والإبن الثالث أشورـ نرارى الخامس (753ـ736ق.م)، كان يلازم قصره فى معظم الأوقات، وأغلب الظن أنه لاقى حتفه فى الثورة التى نشبت فى العاصمة كالحو، فتنصب مكانه أخوه الأصغر تجلات ـبلاسر الثالث (745ـ727ق.م)،فأعاد للدولة الأشورية مجدها.

ولفترة خمسة وثلاثين عاما قبل تولى تجلات ـبلاسر الحكم (781ـ745ق.م)،كانت قوة الدولة الأشورية مشلولة من الناحية العملية، وخلال تلك الفترة حصلت تغييرات هامة فى أوضاع منطقة الشرق الأدنى ،شملت ،بابل ،وسوريا ،وإيران .

ولكن أهم تلك التطورات جرت فى أرمينيا، حيث تحولت أورارتو من إقليم صغير إلى مملكة قوية، ولم تلبت أن اتسعت حدودها ، واعترفت بسيادتها الدويلات المجاورة، وأخذت تدفع لها الجزية.

وكان لبزوغ هذه الدولة القوية تأثير حاد على حالة الركود التى أصابت الدولة الأشورية، بسبب الدور البارز الذى كانت تمارسه مملكة أورارتو فى سياسة واقتصاد منطقة الشرق الأدنى ، مما كان يعتبر مصدر قلق دائم للأشوريين، بل وتحديا لهم.

(ب) الإمبراطورية الأشورية الثانية(745ـ612ق.م):

ومن أهم ملوكها:

تجلات ـ بلاسر الثالث (745ـ727ق.م):

وقد وجدت فيه الدولة الأشورية المنقذ الذى جاء ليخلصها من حالة الركود التى أصابتها، بما عرف عنه من الشجاعة والحذف، وبعد النظر. وكان تجلات ـ بلاسر الثالث يعرف جيدا مواطن الضعف فى الدولة ، وعمل بجدية لعلاجها ، ثم سعى لدرء الأخطار المحدقة بالدولة، ولإعادة مجد الدولة الأشورية.

التنظيمات الإدارية والعسكرية التى أدخلها تجلات ـ بلاسر الثالث :

وقد أعاد تنظيم الجيش لزيادة مقدرته القتالية، وأجرى إصلاحا إداريا لضمان سلامة الدولة داخليا.

وكان برنامج الإصلاح الإداري الذى بدأ تطبيقه تدريجيا بعد عام 738ق.م ، يستهدف تقوية السلطة الملكية، والحد من النفوذ المتعاظم للأمراء الكبار ، وتمثل ذلك فى مضاعفة عدد المقاطعات فى الدولة، وتصغير حجم رقعتها. اما البلدان الواقعة خارج حدود الدولة, والتى أخضعها تجلات ـ بلاسر الثالث فى حملانه العديدة، فقد عين لها ولاة أشوريون، بدلا من حكامها المحليين، وجرى إلحاقها بقدر الإمكان ،بولايات الدولة الأشورية ،وعوملت على أساس أنها أشورية تماما، ومنح حاكها لقب ((سيد مقاطعة ))،وأصبح مسئولا عن تصرفاته أمام الملك مباشرة.

أما البلدان والشعوب التى تعذر دمجها فى رقعة الدولة ،فقد استبقيت فيها حكوماتها المحلية، مع وضعها تحت رقابة مشرف من طرف الدولة .

كما تم إنشاء نظام محكم للاتصالات بين القصر الملكي والمقاطعات التابعة للدولة، فكانت تقارير ورسائل الحكام ورؤساء المقاطعات أو نوابهم، تنقل باستمرار عن طريق الرسل العاديين، إلى الملك وكبار رجال البلاط، ثم يعودون حاملين أوامر الملك إليهم.

وفى بعض الأحيان ،كان الملك يبعث بممثله الشخصي إلى هؤلاء الحكام ، فى المسائل السرية والقضايا المهمة ،وله حق التصرف بحرية لمعالجة هذه الامور.

وكان لرؤساء المقاطعات وحكامها سلطات عسكرية وقضائية وادارية ومالية كبيرة وذلك في نطاق منطقتهم الصغيرة بينما احتفظت السلطة المركزية لنفسها بحق التدخل في اي وقت وفي جميع المسائل تقريبا.

وكانت المهمة الاساسية لرؤساء وحكام المقاطعات تامين تسليم دفعات دائمة من الجزية والضرائب بالاضافة الى الوجبات الاخرى التي كانت يلتزم بها الاشوريون والاجانب على حد سواء.

كما كانوا مسئولين عن ضمان سيادة القانون والنظام وتنفيذ اعمال الخدمات للمواطنين وتجنيد العساكر في مقاطعاتهم وكان لهذا الامر الاخير اهمية بالغة للدولة.

وكان الجيش الاشوري يتألف اساسا من المزارعين والعبيد الذين يستغنى عنهم ملاك الاراضي الاشوريون ويلحقون بخدمة الملك اثناء الحملات السنوية. وفي عهد تجلات بلاسر الثالث استبدل جيش السخرة بهذا الجيش الدائم, واصبح يتكون اساسا من فرق عديدة تمثل كل فرقة منها احدى مقاطعات الدولة وترتب على ذلك مضاعفة قوات الدولة الاشورية.

ولكن هذا الجيش الضخم كان يفتقر الى التنظيم والانضباط, ذلك ان العناصر الاجنبية التي كان يضمها لم يكن يعتمد عليها واصبح هذا الجيش في المدى البعيد صعب الانقياد، وانخفض مستوى بأسه وقوته عن ذى قبل.

سياسية الترحيل الجماعي للأجانب غير المرغوب فيهم:

ولكى يمنع حالات التمرد والعصيان، أدخل تجلات ـ بلاسر الثالث، والأول.

مرة سياسة الترحيل الجماعي للأجانب غير المرغوب فيهم، بالقوة إلى مناطق بعيدة عن مواطنهم الأصيلة، واستبد الهم بجماعات أخرى جلبت بالإكراه من مواطن أخرى، وكان الهدف من ذلك تحريدهم من الشعور الوطني ، والتخلي عن الآلهة والتقاليد المحلية، بحيث يمكن مزج سكان الامبراطورية بعصهم ببعض.

وبهذه الطريقة جرى تفريغ مدن ومقاطعات كاملة من سكانها، ونقلوا قسرا إلى جهات نائية، وحل مكانهم جماعات أخرى من جهات غيرها.

وخلال عامي 742و741ق.م،جرى نقل 20 ألف سورى من منطقة حماه إلى جبال زاجروس، كما تم تهجير 18 ألف آرامي من الضفة اليسرى لنهر دجلة إلى منطقة شمال سوريا.

وفى عام 744ق.م،تم ترجيل 65ألف شخص فى إيران ، فى حملة واحدة وفى عام آخر تم تهجير 154 ألف شخص على لأقل، فى القسم الجنوبي من وادى الرافدين.

وتصور لوحات أشورية منحوتة على حجر البازلت ، مشاهد مؤلمة لهؤلاء المهجرين البائسين، وهم يحملون على أكتافهم حقائب صغيرة، ويمسكون أطفالهم بأيدهم، ويسيرون فى طابور طويل يحيط به العسكر، وتتبعهم زوجاتهم محمولات على عربات، وقد مات كثير منهم بسبب المعاناة الشديدة أثناء قطع المسافات الطويلة تحت وهج الشمس الحارقة ،وقد اتبع خلفاء تجلات ـ بلاسر الثالث هذه السياسة القاسية ، ولكنها فى النهاية لم تمنع اندلاع حركات العصيان والتمرد وتفاقمها، وإلى جانب الحروب المدمرة ، أدت إلى تزايد النقمة على الأشوريين، من قبل شعوب الشرق الأدنى القديم.

حروب تجلات ـ بلاسر الثالث واتساع الامبراطورية الاشورية في عهده:

يعتبر تجلات ـ بلاسر الثالث المؤسس الحقيقي للإمبراطورية الأشورية، فقد قضى معظم أيامه فى الحروب، وتمكن من تحطيم الحلفاء السوريين لأورارتو والميديين، وضم مناطق جديدة إلى الممتلكات الأشورية، وترك إمبراطورية واسعة عنده مماته.

وكانت أولى حملانه موجهة نحو العراق، وأزاح عن بابل ضغط الآراميين، وأخضع مدن سومر وأكاد لسيطرته ،من سيبار إلى أوروك.

ثم اتجه تجلات ـ بلاسر الثالث نحو سوريا، وهاجم حلف الحيثيين الجدد مع الآراميين بقيادة متيع ـ إيلو حاكم أرفاد، الذى كان يتبع ملك أورارتو القوي سردور الثالث ، فخف لمساعدة حليفه حاكم أرفاد، ولكنه مني بهزيمة منكرة قرب سمسات على ضفة نهر الفرات، وهرب سردور الثالث على ظهر فرسه((ليلا ولم يعد يرى))،وفرض تجلات ـ بلاسر الثالث حصارا على أرفاد، واستمرت هذه المدينة تقاوم لمدة ثلاثة أعوام مواصلة، قبل أن تستسلم فى عام741ق.م، وأصبحت عاصمة لمقاطعة أشورية جديدة.

وفى عام 742ق.م أمكن ضم الأجزاء الغربية من سوريا، وربما فينيقيا أيضا، إلى الإمبراطورية، بعد هزيمة أزرياو ملك يعديه (سمعال حاليا)وحلفائه على الساحل السوري.

وهذه الهزيمة قد أصابت الكثير من الأمراء المحليين المجاورين بالرعب، فسارعوا إلى تقديم الهدايا والإتاوات إلى تجلات ـ بلاسر الثالث ، ومنهم راسونا ملك دمشق، ومناحيم ملك إسرائيل.

وبعد أن تغلب على الحلفاء السوريين لملكة أورارتو، وجه تجلات ـ بلاسر الثالث حملاته شرقا، وذلك خلال أعوام 744و793و737ق.م، وتمكنت من ضم معظم مناطق جبال زاجروس الوسطى إلى الامبراطورية الأشورية، ووصلت إحدى الحملات عبر الهضبة الإيرانية إلى قلب المنطقة التى كان يستعطنها((الميديون الأقوياء))،وذلك لأول مرة يوجه فيها الجيش الأشوري إلى مثل هذا المسار البعيد، وقد عثر على بقايا قصر لتجلات ـ بلاسر الثالث، قرب نهاوند، يدل على اهتمامه الكبير بالمقاطعات الإيرانية.

وفى حوالى عام 735ق.م، شن تجلات ـ بلاسر الثالث هجوما على مملكة أورارتو، وحاصر عاصمتها تشبا (قرب وان حاليا)، دون أن يظفر بها.

وفى حوالى عام 734ق.م توجع تجلات ـ بلاسر الثالث مرة أخرى إلى ساحل البحر المتوسط ، عندما اضربت الاضطرابات الأوضاع هناك ، على أثر قيام تحالف معاد للآشوريين، ضم ملوك وأمراء هذه المنطقة ، فى صور وصيدا وعسقلون وغزة، وتمكن تجلات ـ بلاسر الثالث من دحر المتمردين، وفى المعركة قتل أمير عسقلون، وهرب أمير غزه إلى مصر، وقام أمراء إيدوم ومؤاب ويهوذا وغيرها بدفع الجزية إلى الملك الأشوري.

وفى عام 732ق.م طلب ملك يهوذا ويدعى آهاز، النجدة من الآشورين ضد أعدائه فى دمشق ومملكة إسرائيل، وتمكن تجلات ـ بلاسر الثالث من احتلال دمشق، وضم نصف مملكة إسرائيل إلى الإمبراطورية الأشورية ، ونصب هوشيا ملكا على سماريا (السامرة حاليا).

وفى غضون ذلك وقعت اضطرابات فى جنوب العراق، بعد وفاة الملك البابلى نبوخذ ـ نصر فى عام 734ق.م، فادعى أوكين ـ زير، وهو زعيم آرامي، أحقيته فى عرش بابل، وفشل الأشوريون فى زحزحته بالوسائل السلمية، عن عرش بابل .

وعلى أثر ذلك قاد تجلات ـ بلاسر الثالث حملة ضد هذا الزعيم الآرامي  وألحق به الهزيمة، وخرب منطقة قبيلته، ثم عزم على أن يحكم بابل بنفسه.

وفى بداية عام 729ق.م، نصب تجلات ـ بلاسر الثالث ، ((وهذب إلى مصيره))،على حد تعبير البابليين.

سرجون الثانى (721ـ705ق.م):

يكتنف الغموض الظروف التى جاءت بسرجون الثانى إلى عرش الدولة الأشورية، بعد وفاة شلمنصر الخامس (726ـ722ق.م) الذى خلف أباه تجلات ـ بلاسر الثالث بعد وفاته، ولم يحدث فى عهده سوى عصيان الملكة الإسرائيلية ، فقام بمحاصرة مدينة السامرة لمدة ثلاث سنوات ، وسقطت فى الغالب فى يد خلفه سرجون الثانى. وكان شلمنصر الخامس قد اضطر إلى العودة إلى آشور ، على أثر الاضطرابات الى وقعت فيها ،وأدت إلى مقتله.

غير معروف اصل خليفة شلمنصر الخامس وهل كان مغتصبا للعرش ام انه كان احد ابناء تجلات- بلاسر الثالث وهذا الملك الجديد اتخذ لنفسه اسم سرجون(شارو- كين) تشبها باسم سرجون الاكادي.

وفي بداية عهده قامت الثورات في انحاء كثيرة من الامبراطورية الاشورية, بمساندة الحكام العيلاميين والمصريين الذين تحالفوا مع حكام اورارتو ضد الدولة الاشورية. وكانت عيلام قطع عليها طرق التجارة الوحيدة الباقية لها على اثر توغل تجلات- بلاسر الثالث بداخل الهضبة الايرانية, بينما حرمت مصر من فينيقيا التي فتحها تجلات- بلاسر الثالث.

وبعد ان قضى سرجون الثاني على الاضطرابات الداخلية, في العام الاول من حكمه واعفى المواطنين الاشوريين من (الاستدعاء لحمل السلاح ومن طلبات جابي الضرائب). وفي العام التالي قاد سرجون الثاني حمله ضد اعدائه, واشتبك معه في دير (بدره) بين نهر دجلة وجبال زاجروس، وتذكر مدوناته, انه قد احرز نصرا ساحقا على العيلاميين بينما تؤكد وثيقة بابلية , ان الاشوريين قد خسروا هذه المعركة مع العيلاميين.

وقد تمكن سرجون الثاني من اخضاع عدة مدن ومقاطعات في كرمنشاه وهمدان وفرض الجزية على الميديين وذلك في عام 713ق.م.

وكانت مملكة اورارتو في الشمال مستمرة في القيام بدور المنافس الرئيس للأشوريين وتتربص بهم الدوائر ولا تكف عن عبث الاضطرابات في المناطق الجبلية الوعرة ونجح حكامها في استبدال الحكام الموالين للأشوريين بحكام اخرين متحالفين معهم وذلك خلال الفترة بين عامي (719- 715ق.م).

وازاء ذلك ارسل سرجون الثاني حملة كبيرة ضد مملكة اورارتو وحلفائها بالمنطقة في عام 714ق.م وكان تنقل الجيش الاشوري في اعالي جبال كردستان عملية شاقة محفوفة بالمخاطر بسبب وعورتها, وتربص الاعداء فيها للأشوريين.

وتحدث سرجون الثاني عن هذه الموقف الصعب في احدى نصوصه قائلا:

(تتطاول القمة العظيمة لجبل سيمريا موطن بلت- ايلاني الشامخة كسنان الرمح فوق غيرها من الجبال فيرتفع ذراها في اعالي السماء ويغوص جذرها الى مركز العالم الاسفل.....والفرسان والمقاتلين على جوانبي يحلقون فوق الجبل كالنسور الباسلة)(7).

وقد عبر سرجون الثاني بجنوده الانهار والجبال وخاض المعارك الحامية, وتمكن من الحاق الهزيمة بمملكة اورارتو, واستولى على مدينة مصاصير جنوب بحرة وان وهي من اقدم مدن اورارتو واخذ معه تمثال الهها الوطني هالديا وعقب ذلك انتحر ملكها اورسا(وبخنجره طعن نفسه في القلب كالخنزير وانهى حياته), ولكن الاورارتيون استطاعوا بث روح العداء ضد الاشوريين في مواطن اخرى كما حدث في كركميش بعد ذلك.

اما في المقاطعات السورية التي اعلنت العصيان بقيادة ملك حماة وملك غزه بمساعدة جيش مصري فقد تمكن سرجون الثاني سنة 720ق.م دحرها بعد هزيمة ملك حماة والقبض على ملك غزة (وسلخ جلدة بينما هرب القائد المصري) واختفى مثل راع سرق قطيعة.

وبعد ذلك بثماني سنوات وقع عصيان اخر في فلسطين بمساعدة الملك المصري وقيادة ملك اشدود, وطان النصر حليف سرجون الثاني في هذه المرة ايضا وهرب ايماني ملك اشدود الى مصر ولكن قبض عليه هناك وسلمه الملك النوبي مغنجي الذي اصبح سيدا على وادي النيل (فجلب الى اشور مكبلا بالأصفاد).

وبحلول عام 710ق.م، كان سرجون الثاني قد سيطر على كل الجهات، واصبحت كل اقاليم سوريا وفلسطين، ما عدا مملكة يهوذا وجميع مناطق جبال زاجروس في قبضة الاشوريون .

وقد ضلت بابل وحدها تقاوم الاشوريين تحت حكم ملكها مردوخ- ابال- ادنيا لمدة عامين وبمساعدة قبائل بلاد سومر.

واخيرا تمكن الجيش الاشوري من محاصرة ملك بابل في دور- اياكين (تل لحم) وجرح في يده و(نفذ من باب مدينته كما تنفذ الفئران من الجحور)والتجأ الى ارض عيلام وعقب ذلك دخل سرجون الثاني بابل، واخذ يد بعل كما فعل تجلات- بلاسر الثالث من قبل .

وكان لهذا الانتصار وقع بليغ في كل الممالك المجاورة التي اسرع ملوكها في ارسال الهدايا الى اشور وطلبوا صداقة ملكها سرجون الثاني ومنهم ملك البحرين وملك القبرص. وبذلك فشلت كل المحاولات المتكررة لتقويض الدولة الاشورية وفي نهاية عهد سرجون الثاني اصبحت اشور اقوى مما كانت عليه في اي وقت مضى.

ومن الاعمال العمرانية التي قام بها سرجون الثاني تشييد قصر خاص به في عام 717ق.م، في مدينته الخاصة التي اطلق عليها اسم (دور- شاروكين) اي حصن سرجون وتبعد خمسة عشر ميلا الى الشمال الشرقي من مدينة نينوى.

ويتكون قصره من مائتي غرفة وثلاثين صالة وبداخل المدينة والعاصمة الجديدة شيد ستة معابد للالهة، وبنيت بيوت فخمة لكبار الموظفين وكانت التماثيل الضخمة للثيران المجنحة تحرس ابواب القصر الملكي وابواب المدينة وتزين جدران القصر الملكي منحوتات بارزه من الجص.

وقد تم انجاز مدينة دور- شاروكين في خلال عشر سنوات ولكن لم تكد تمضي سنة على افتتاحها رسميا حتى (سار سرجون لحرب تابال فقتل هناك)وآثر خلفاء سرجون الثاني اتخاذ نينوى عاصمة لهم بدلها ولم تلبث ان صارت خرابا وهجرها سكانها.

خلفاء سرجون الثاني:

سنحاريب:

بعد وفاة سرجون الثاني خلفه على العرش ولده سنحاريب(705- 681ق.م)الذي واجه في بداية عصره خطرين من جانب بابل التي كانت تحاول الاستقلال مرة ثانية ومن وجهة ولايات سوريا وفلسطين. وقد تمكن سنحاريب من قمع حركات التمرد ثم تجددت الانتفاضات في بابل بمساعدة العيلاميين وفي سوريا وفلسطين بمساعدة مصر في عهده.

كان النصر حليف سنحاريب في هذه المرة ايضا وقام بتدمير بابل سنة 689ق.م وهي المدينة المقدسة والعاصمة الثانية للإمبراطورية. وفي عام 681ق.م، قاد سنحاريب جيشا كبيرا بأتجاه فلسطين حيث غزا المدن الساحلية ثم حاصر بين المقدس ولكن وباءا خطيرا تفشى بين قواته ووصلت ابناء بوقوع اضطرابات في عاصمة بلاده فأضطر الى العودة اليها مع ما تبقى من جيشه وهناك لقى حتفه على يد احد ابنائه الذي كان يطمع في تولى العرش.

اسرحدون:

وبعد مقتل سنحاريب تنافس ابناؤه على العرش ولم تدم هذه الازمة طويلا فقد فاز به بالقوة اصغر اولاده اسرحدون(681- 669ق.م) واستطاع ان يقضي على هذه الفتنة سريعا بعد ان هرب اخوته الى بلد مجهول وقام بإعدام الزعماء الذين ازروهم مع اولادهم وكان اول عمل قام به اسرحدون الامر باعادة بناء مدينة بابل مما اكسبه ود كثير من البابليين.

وبعد ذلك اعتزم اسرحدون الانتقام من مصر بسبب تدخلها في شؤون ولايات سوريا وفلسطين وزحف بجيش كبير نحو مصر في سنة 671ق.م ووصل الى شرق الدلتا ثم دخل العاصمة ممفيس بعد ان خاض معارك عنيفة ضد قوات طهرقة ملك مصر والسودان الذي هرب الى الجنوب. وبعد ذلك عاد اسرحدون الى بلاده محملا بالغنائم الكبيرة واخذ معه الملكة ونساء القصر وابناء الملك وجياده ومواشيه ووضع حاكما واداريين جدد في كل المواقع وفرض الضرائب والجزية على الاهالي.

ولم يستمر الحال على ذلك طويلا فبعد سنتين من تلك الحملة عاد طهرقا من الجنوب واستعادة ممفيس واعلن العصيان على الاشوريين في اقاليم الدلتا. وعلى اثر ذلك قرر اسرحدون العودة الى مصر لتأديب العصاة , ولكنه اصيب بمرض في الطريق عندما  وصل الى حران ، وتوفي بها،  وذلك في سنة 669 ق . م.   

اشور – بانيبال :       

وكان اسرحدون قبل وفاته بثلاث سنوات ، وبحضور قادة الجند ونبلاء اشور ، وسفراء وممثلي الدول الاخرى ، قد امكن اختيار ابنه اشور – بانيبال ورثيا شرعيا للعرش ، وعين ابنه الاخر شمس –شم- اوكن  نائبا للمك في بابل ، وامن بذلك عدم نشوب نزاعات عائليه على العرش بعد وفاته . لما توفي اسرحدون  جرى تحول السلطة – بين اشور بانيبال واخيه ، ولكن لم تقتسم اجزاء الامبراطورية بينها .

وقد بدا اشور –بانيبال عهده (668-627ق.م) ، بإخماد حركة التمرد في مصر التي بدات في عهد ابيه.

ولهذا الغرض جهز اشور-بانيبال جيوشا ضخمة جمعها(( أثنان و عشرون ملكا من ساحل البحر ومن وسط البحر ومن الارض الرئيسية ))، وزحفت هذه الجيوش باتجاه مصر ،وسحقت جيشا اعده طهراقا لصدها ، واخذت تطارد طهراقا الذي هرب الى طيبة في الجنوب ، ووصلت الى طيبه وخربتها ، فعاد طهراقا الى عاصمة مملكته نباتا في النوبة  العليا .

ثم عاد الأشوريين الى بلادهم ، بعد وضع حاميات اشورية في المناطق المختلفة ، وفرضوا قدرا اكبر من الجزية على الأهالي.

وفي حوالى عام 655 ق.م اعلن بسماتيك الاول الاستقلال في دلتا النيل ،وطرد الحاميات الاشورية من مصر ، وتعقب فلولها حتى اشدود في فلسطين .

وفي هذه الاثناء كان الجيش الأشوري منهمكا في الحرب ضد العيلاميين مما جعل اشور- بانيبال يتخلى  عن  مصر لا نقاد بلاده .

وبعد انتهاء الحرب مع العيلاميين ، اعلنت بابل العصيان ، عندما انقلب حاكمها شمش –شم- اوكن على اخيه سنة 651 ق.م معتقدا ان بابل

تستحق ان تهيمن على العالم مثل نينوى عاصمة الآشورين، وتحالف مع الفينيقيين والفلسطينيين ومملكة يهوذا والكلدانيين وغيرهم ضد اخيه اشور- بانيبال .

 وعلى اثر ذلك زحف اشور-بانيبال ضد اخيه في بابل، واستمر الحرب بينهما لمدة ثلاث سنوات ، وانتهت بهرب شمش –شم- اوكن بعد ان احرق قصره .

وبعد ذلك تقدم الاشوريون جنوبا لت أديب العرب الذين وقفوا الى جانب اخيه ، ثم دخلوا في حرب ضد العيلاميين لمساعدتهم في  تمرد بابل ، وانتصر الاشوريون في  معركة حاسمة على العيلاميين في 639 ق .م وحصلوا على مغانم كبيرة.

وبالرغم من هذه الانتصارات التى حققها أشورـ بانيبال، فإن الإمبراطورية الأشورية، وبعد إرهاق واستنزاف جيوشها، بايت فى حالة من الضعف لم تحدث لها من قبل.

________

(1)  جورج رو وترجمة حسين علوان حسين: نفس المرجع , ص385و386.

(2) جورج رو وترجمة حسين علوان حسين: نفس المرجع،ص391و392.

(3)جورج رو وترجمة حسين علوان حسين: نفس المصدر,ص393.

(4) جورج رو ترجمة حسين علوان حسين :نفس المرجع,ص395.

(5) جورج رو وترجمة حسين علوان حسين : نفس المرجع، ص 398.

(6) جورج رو وترجمة حسين علوان حسين: نفس المرجع،ص399.

(7) جورج رو وترجمة حسين علوان حسين: نفس المرجع ,ص 418و419.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).





جمعيّة العميد وقسم الشؤون الفكريّة تدعوان الباحثين للمشاركة في الملتقى العلمي الوطني الأوّل
الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السابق: جناح جمعية العميد في معرض تونس ثمين بإصداراته
المجمع العلمي يستأنف فعاليات محفل منابر النور في واسط
برعاية العتبة العباسيّة المقدّسة فرقة العبّاس (عليه السلام) تُقيم معرضًا يوثّق انتصاراتها في قرية البشير بمحافظة كركوك