أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-14
414
التاريخ: 21-11-2019
4544
التاريخ: 21-11-2019
5640
التاريخ: 7-11-2016
1936
|
وأهم عوامل المدنية في جزيرة العرب كون أهلها عرفوا في كل العصور معاناة التجارة؛ ينقلون حاصلات الشرق إلى الغرب وحاصلات الغرب إلى الشرق، وحاصلات بلادهم من مكان إلى آخر، واشتهروا بذلك حتى قال الجغرافي استرابون وكان بعد المسيح بقليل: سمسار أو تاجر، ومن أجل هذا كانت معرفة العرب بالأقطار المجاورة لا غبار عليها، وكثيرًا ما كانوا يقتنون الأملاك والضياع وينزلون البلاد المجاورة، يساكنون أهلها كأن تلك البلاد أجزاء متممة لبلادهم على اختلاف بينهم وبين ساكنيها في الطبائع والألسن، وكانت (1) للعرب عشرة أسواق يجتمعون بها في تجاراتهم ويجتمع فيها سائر الناس، ويأمنون فيها على دمائهم وأموالهم؛ فمنها دومة الجندل والمشقر وهجر وصحار وريا والشحر وعدن وصنعاء والرابية بحضرموت وعكاظ بأعلى نجد، ينزلها قريش وسائر العرب وأكثر أهلها مضر ، وبها كانت مفاخرة العرب وحمالاتهم (2) ومهادناتهم ثم سوق ذي المجاز، وكان في العرب قوم يستحلون المظالم إذا حضروا هذه الأسواق، فسموا المحلين، وكان فيهم من ينكر ذلك وينصب نفسه لنصرة المظلوم والمنع من سفك الدماء وارتكاب المنكر، فيسمون الذادة المحرمين. واستولت قريش على التجارة في الجاهلية ترحل فيها رحلتين: رحلة الشتاء؛ نحو العباهلة من ملوك اليمن ونحو اليكسوم من أرض الحبشة، وأخرى: نحو الشام وبلاد الروم في الصيف، وإلى ذلك الإشارة في القرآن: (الإيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشَّتَاءِ وَالصَّيْفِ)، والإيلاف شيء كان يحمله هاشم لرؤساء القبائل من الربح، ويجعل لهم متاعًا مع متاعه، ويسوق إليهم إبلا مع إبله؛ ليكفيهم مؤنة الأسفار، ويكفي قريشًا مؤنة الأعداء، فكان المقيم رابحًا، والمسافر ،محظوظا وهاشم هو الذي تُنسب إليه غزة هاشم في الشام؛ لاتجاره فيها في الجاهلية وفيها مات، ثم جاء أبناؤه بعده ينسجون على منواله؛ فكان هاشم يؤلف إلى الشام، وعبد شمس إلى الحبشة والمطلب إلى اليمن، ونوفل إلى فارس، يؤلفون الجوار بعضهم بعضًا، ويجيرون قريشًا بميرهم وكانوا يسمون المجيرين، وكانت تجارة قريش قبل هؤلاء العظماء لا تعدو مكة(3)، إنما يقدم عليهم الأعاجم بالسلع فيشترون منهم ويتبايعون فيما بينهم ويبيعون ممن حولهم من العرب، فجبر قريش بهؤلاء النفر الأربعة من بني عبد مناف، فنمت أموالهم واتسعت تجارتهم، فكان بنو عبد مناف يسمون لأجل ذلك المجيرين، والعرب تسميهم أقداح النضار؛ لطيب أحسابهم وكرم فعالهم، وبفضلهم أخذت قريش تضرب في البلاد إلى قيصر (4) بالروم والنجاشي بالحبشة والمقوقس بمصر وكسرى بالعراق تجعل من أرضهم متجرًا لها؛ ذلك لأن قريشًا زهدت منذ زمن بعيد في الغصوب فلم يبق لهم مكسبة سوى التجارة، وبالتجارة عرفوا ما جاورهم من البلاد والشعوب وصاروا بأجمعهم تجارًا خلطاء.
..........................................
1- تاريخ اليعقوبي.
2- الحمالة كسحابة: الدية أو الغرامة التي يحملها قوم عن قوم.
3- الاكتفاء في مغازي المصطفى، والثلاثة الخلفاء للكلاعي.
4- المضاف والمنسوب: للثعالبي.
|
|
استبدال مفصل الركبة.. "خطوة ضرورية" قبل إجراء الجراحة
|
|
|
|
|
روسيا.. ابتكار محطة طاقة شمسية على شكل موشور
|
|
|
|
|
خلال استقباله وفدًا من مدغشقر.. السيد الصافي يؤكد استعداد العتبة العباسية لمساعدة المؤمنين بمختلف الدول في حدود الإمكانات المتوفرة
|
|
|