المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2653 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
قطعة منقولة عن المغرب
2024-05-02
قول ابن أبي خالد اللخمي الإشبيلي في فتح المهدية
2024-05-02
قول ابن صارة الأندلسي في أبي الفضل
2024-05-02
كتابة بعض المغاربة لأبي العباس
2024-05-02
لابن مفوز المعافري
2024-05-02
لسان الدين يزور قبر المعتمد
2024-05-02

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الهاء والذال في ضمائر الغائب و أسماء الإشارة  
  
5374   01:12 صباحاً   التاريخ: 20-4-2020
المؤلف : حسن عباس
الكتاب أو المصدر : حروف المعاني بين الأصالة والحداثة
الجزء والصفحة : ص: 125 -132
القسم : علوم اللغة العربية / النحو / الحروف وأنواعها /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2014 1953
التاريخ: 2023-04-01 637
التاريخ: 5-4-2020 10511
التاريخ: 6-4-2022 1528

(الهاء والذال)
في ضمائر الغائب وأسماء الإشارة

بعد أن استعرضنا خصائص (الكاف) ومعانيها في أسماء الكناية بقي علينا أن نلاحق (الهاء والذال) في الأسماء التي تشاركان في تراكيبها، مما له أهميته ودلالاته المميزة والكثير الاستعمال. ولكن يستحسن بنا أن نعود للحديث بإيجاز شديد عن دور حرفي (الهمزة والنون) في ضمائر المتكلم والمخاطب، للمقارنة بينه وبين دور (الهاء والذال) في ضمائر الغائب وأسماء الإشارة و ذلك للكشف عن بعض ملامح الأصالة والحداثة في هذا القطاع اللغوي البالغ الدقة والحساسية.

لقد سبق أن تحدثنا عن الأصل في إبداع ضمير المتكلم (أنا)، والمخاطب (أنت) وعرضنا في حينه أن العربي قد وضع (الهمزة) ذات الصوت الانفجاري في أولهما تعبيراً عن الظهور والبروز والفعالية والحضور، ثم أتبعها بـ (النون) تعبيراً عن الصميمية، إشارة إلى  الذات- الإنسانية في المتكلم والمخاطب على حد سواء، وكان من أقطع الأدلة على الذاتية الإنسانية في (النون) استعمال (مَنْ) للعاقل و(ما) لغير العاقل.

ولكن العربي قد خصّ ضمير المتكلم بـ (الألف اللينة) في آخره. مما يوحي بالامتداد إلى  الأعلى فصار (أنا). أمّا المخاطب فقد خصه بـ (التاء) الضعيفة الرقيقة في آخره فصار (أنت). وذلك إصراراً من العربي على وضع المخاطب إطلاقاً في موقع (صوتي اجتماعي لغوي) أقل شأناً من موقع المتكلم. فكان معنى (أنا) هو: (الذات الإنسانية الحاضرة بوضوح وتعال) وذلك في مواجهة المخاطب الحاضر الأخفض مقاماً منه، كما ألمحنا إلى هذه المقابلة بينهما أكثر من مرة.

أما (نحن)، فهي لجمع المتكلم: (النون) الأولى للصميمية تعبيراً عن الذات الإنسانية، كما في (أنا). أما (الحاء) فمن موحيات صوتها الجميل الحُبُّ والحنين والحرارة، ومن معانيها الإحاطة كما أسلفنا في (حتى). بما يتوافق مع خصوصية جمع المتكلم. و(النون) الثانية في نهاية (نحن) هي للكثرة قريباً من وظيفة (النون) في نهاية جمع المذكر السالم فكانت خصائص أحرف (نحن) تتوافق مع الصميمية الذاتية والعاطفة الإنسانية بكثير من الرقة والأناقة والجمال والإحاطة وليس ثمة لفظة عربية. هي أحوى منها للقيم الجمالية والإنسانية، مما يشير إلى  تعظيم الإنسان العربي ومحبته للجماعة التي ينتمي إليها، أسرة كانت أو قبيلة أو أمة.

كما عرضنا في حينه أن العربي قد حرم ضمير الغائب من (الهمزة) للظهور والحضور والعيانية ومن (النون) للذات الإنسانية. فأبدع له كلمة (هو)، دون أن نعلل سبب ذلك لعدم المجال وقد صاحبت (الهاء) ضمائر الغائب جميعاً في أوائلها على مثال ما صاحبت (التاء) ضمائرَ المخاطب جميعاً في نهاياتها.

فلماذا تصدرت (الهاء) ضمائر الغائب:

لا بد لنا أولاً من الكشف عن خصائص (الهاء) الصوتية، وعن معانيها المعجمية، ثم عن استعمالاتها التراثية، وذلك لمعرفة السبب الحقيقي الذي جعل العربي يخص ضمائر الغائب بهذه (الهاء).

أولاً- حول خصائص (الهاء) الفطرية وموحياتها الصوتية:

تختلف خصائص (الهاء) وموحياتها الصوتية، وبالتالي معانيها، تبعاً لكيفية النطق بها. فإذا لفظ صوتها مشبعاً مشدداً على مخرجه، غير مخنخن به، أوحت اهتزازاته المتواترة بالاهتزاز والاضطراب والسحق والقطع والكسر والتخريب، وبما يماثلها من الأصوات الشديدة التواتر العالية النبرة.

وإذا لفظ صوتها باهتزازات رخوة مضطربة، دونما خنخنة، أوحى بمشاعر إنسانية من حزن ويأس وبما يحاكيها من الأصوات.

وإذا لفظ صوتها مخففاً مرققاً مطموس الاهتزازات، ولا سيما إذا وقعت ضميراً في نهاية الكلمات أوحى صوتها بأرق العواطف الإنسانية وأملكها للنفس. فصنفتها في فئة الأحرف (الشعورية للمعاني الجيدة) انظر (الإطلالة ص65-66).

أما إذا لفظ صوتها بطريقة تهكمية مخنخناً به فهو يصبح أوحى أصوات الدنيا باللاضطرابات النفسية وبما يدعو للسخرية من مظاهر الهبل والهتر والتشوهات والعيوب النفسية والعقلية والجسدية.

ثانياً- فماذا عن كل ذلك في معانيها المعجمية؟

باستعراض معاني المصادر الجذور التي تقع (الهاء) في أولها ووسطها وآخرها، وقد بلغت في المعجم الوسيط (574) مصدراً كان منها(350) مصدراً جذراً للمعاني الرديئة من (التشوهات والعيوب الجسدية والاضطرابات والعيوب النفسية والعقلية والأخلاقية والتخريب" بما نسبته (60%) مما يصح معها أن نطلق على (الهاء) المصحّ (العقلي) في اللغة العربية، قد فرد العربي فيه جناحاً خاصاً للتشوهات الجسدية، ولا يضير هذه التسمية أن نعثر على بضعة عشر كلمة للمعاني الجسدية كما في (هدى، هلَّ، هام..) على مثال ما نعثر في المصح على بضعة عشر طبيباً وممرضاً.

ثالثاً- حول معاني (الهاء) التراثية:

(الهاء) لدى الأنطاكي في محيطه على ثلاثة أوجه:

أ-أن تكون ضميراً للغائب، وتستعمل في موضعي الجر والنصب كقوله تعالى: "قال له صاحبه وهو يحاوره"

ب-أن تكون حرفاً للغيبة، وهي (الهاء) في (إياه).

ح-أن تكون للسكت. وهي حرف ساكن يلحق أواخر بعض الكلمات عند الوقف عليها، نحو:

(وازيداه). وربما وصلوها، كقول المتنبي:

              "واَحرَّ قلباه مِمَّن قَلبُه شبِمُ..)

ولكن هذه المعاني الفقيرة لـ (الهاء) واستعمالاتها التراثية المحدودة، لا تكشف لنا عن السبب الحقيقي الذي جعل العربي يضعها في صدارة ضمائر الغائب.

فماذا عن (الهاء) في ضمائر الغائب؟

لقد وضع العربي (الهاء) في مقدمتها جميعاً، وذلك للإفادة من خاصية الاهتزاز في صوتها، إثارة لانتباه السامع إلى  ما يقصده المتكلم ممن لا حضور له من إنسان أو حيوان أو جماد.

وقد أضاف (الواو) ذات الفعالية الصوتية إلى  (الهاء) للغائب المفرد، دعماً لها في إثارة الانتباه. أما الغائبة فقد أضاف لها (الياء) غضاً للصوت عن الأنثى وتقليلاً من شأنها في مواجهة الغائب.

وذلك على مثال ما خص (تاء) المخاطبة في (أنتِ) بالكسرة.

ويبدو لي أن جمع الغائب (هم) وجمع المخاطب (أنتم) كانا أقدم في الزمن من مثناهما (هما- أنتما). وذلك أخذاً بنهج العربي في الانتقال بمفرداته من قليلات الحروف إلى  كثيراتها، كما أسلفنا مراراً مما يشير إلى  أن الأسر في المجتمع العربي (الزراعي) كانت موسعة من (الأجداد والأبناء والأحفاد..) ثم انتقل في مرحلة الرعي المشردة مضطراً إلى  الأسر الضيقة من زوج وامرأته.. ومما يدعم هذا التعليل أن الأمم الأخرى التي لم تمارس حياة الرعي لم تبدع للمثنى مفردة خاصة به، فهو في لغاتها الراقية من الجموع.

هذا مع الإشارة إلى  أن وضع (الهاء) في مقدمة ضمائر الغائب لا يخلو من الغمز المبطن بمقامه الاجتماعي لا سيما وأنه يدل على (الإنسان والحيوان والجماد)، على العكس من ضمائر المتكلم والمخاطب المختصة أصلاً بالإنسان برعاية (النون) وحمايتها، وإن جاز مخاطبة الحيوان والجماد.

وما أحسب أن ثمة حقلاً تجريبياً هو أصلح من (أسماء الإشارة) لاختبار صلاحية (الهاء) في إثارة انتباه السامع، ولمعرفة مدى اعتماد هذه الخاصية في هذا المضمار دونما غمز مبطن أو غير مبطن.

4-الهاء والذال في أسماء الإشارة:

باستعراض أسماء الإشارة نلاحظ أن (الهاء والذال) تدخلان في تراكيب معظمها، مما يشير إلى  أن ثمة علاقة معينة بين خصائصهما وبين معاني هذه الأسماء.

فما هو القاسم المشترك بين الخصائص الصوتية لهذين الحرفين:

لقد تحدثنا عن خصائص (الهاء) بما فيه الكفاية، وبقي أن نتحدث عن الذال الملثوغة:

أ ـ حول خصائص (الذال) ومعانيها:

يتشكل صوت (الذال) باحتكاك النفَس بين طرف اللسان والأسنان العليا بذبذبة صوتية أقل حِدّة من (الزاي)، وأعذب جرساً من صوتها.

وبالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرنا على (58) مصدراً جذراً تبدأ بالذال، وما أقلها، قد وزعت   معانيها على الشكل التالي:

اًـ(18) مصدراً لمعاني الاهتزاز والاضطراب والتحرك السريع، بما يتوافق مع ظاهرة الاهتزاز في صوت (الذال) الملثوغة. كما في (ذأل (مشى مسرعاً) ذبّ ـ ذعذعه ـ ذحجته الريح.

2ًـ(11) مصدراً لمعاني البعثرة والانتشار، بما يتوافق مع بعثرة النفَس أثناء خروج صوتها، مثل: ذرّ.ذاع.

3ًـ(19) مصدراً لمعاني القطع والشدة والفعالية،  بما يتوافق مع خاصية القوة والفعالية والاهتزاز في موحيات صوتها كما في: ذبح ـ ذحَّ ـ ذربَ ـ الذكورة ـ ذلِقَ. بما نسبها جميعاً(80%)..

وإذن فإن القاسم المشترك بين (الهاء، والذال)، هو خصائصهما الفطرية من الاهتزاز والذبذبة والتخريب في صوتيهما، مما يثير انتباه السامع واهتمامه. وذلك إمّا إلى غائب لا حضور له إلا في الذهن بفعل (الهاء) كما في (هو)، وإما إلى حاضر يعينه المتكلم بالإشارة إليه بفعل (الذال)، كما في (ذا)..

ب ـ في التطبيق على أسماء الإشارة:

إن اسم الإشارة، ((هو اسم يدل على معيّن مصحوباً لفظه بإشارة حسية باليد ونحوها، إن كان المشار إليه ذاتاً حاضرة نحو: خذْ هذا الكتاب، أو بإشارة معنوية إنْ كان المشار إليه معنى أو ذاتاً غير حاضرة: نحو: سِرْ هذه السيرة))..

أولاً ـ أسماء الإشارة التي تبدأ بالذال:

آ ـ للمفرد المذكر: (ذا) للقريب، (ذاك) للمتوسط البعد. قد أضيفت (الكاف) لإعطاء السامع فسحة معتدلة من الزمن تتوافق مع المسافة التي تفصل المتكلم عن الذات أو الأمر المعني بالإشارة. (ذلك) للبعيد، قد أضيفت (اللام والكاف) لإعطاء السامع فسحة أطول في الزمن بما يتوافق مع المسافات البعيدة.

     وهكذا الأمر بمعرض إضافة (الكاف واللام) للمتوسط البعد فالبعيد في بقية أسماء الإشارة، سواء ما ابتدأ منها بـ(الهاء)، نحو (هناك  هنالك) أو (التاء)، نحو (تيك تلك) أو (الذال) نحو (ذانك).

     وهذا يثبت أن العربي كان يضيف بعض الحروف إلى جذور كثيرة من الكلمات لإعطاء السامع فسحة أطول في الزمن تتناسب مع الفسحة في المكان المقصود كما في (إلى) أو مع العدد المقصود كما في (هؤلاء) كما سيأتي وشيكاً وذلك: ((سوقاً للحروف على سمت المعنى المقصود والغرض المراد))، كما قال (ابن جني).

     لابل لو أمعنا النظر في دلالات مزيدات الفعل الثلاثي، لوجدنا أن العربي قد أضاف إلى الفعل المجرد حرفاً أو أكثر لمنح الحدث المقصود فسحة في الزمن تتناسب مع الوقت اللازم لإنجازه، ولإعطاء الذهن بالتالي فسحة مقابلة في الزمن لاستيعاب معناه الجديد. فوزن (استفعل) نحو: (استكتب) يحتاج وقوعه واستيعاب معناه إلى زمن أطول مما يحتاجه فعل (كتب)، وهكذا الأمر مع أوزان: فعَّل ومفعال للمبالغة وفاعل للمشاركة ـوانفعل وافتعل  للمطاوعة، واستفعل للطلب أو للدخول في حالة (استحجر).

ب ـ للمثنى المذكر: ذان ـ ذين  وذانّ ـ ذينّ (للقريب). ذانك (للبعيد)..

ح ـ للمفرد المؤنث: ذِهِ ـ ذِهْ. ولاشيء للجمع، مما يبدأ بالذال.

ومما سبق يتضح أن الفعالية في منح الأسماء أعلاه دلالة الإشارة تعود إلى خاصية الاهتزاز في صوت (الذال)، التي من شأنها إثارة انتباه السامع إلى الموضوع المشار إليه.

أما الأحرف الأخرى  في أسماء الإشارة التي تتصدرها (الذال)، مثل (الكاف واللام)، فهي لمجرد وضع المشار إليه في إطاره المكاني: (قريباً، أو متوسط البعد، أو بعيداً)..

وأما (الهاء) في نهاية (ذِهْ ـ ذهِ) للمفرد المؤنث، فهي لمجرد التأنيث، لا شأن لها في إثارة الانتباه، لأن صوتها في هذا الموقع، يلفظ برقة لا يكاد السمع يلتقط اهتزازاته مراعاة للحشمة في الأنوثة.

ثانياً ـ أسماء الإشارة التي تبدأ بالهاء:

للمفرد المذكر: هذا.

للمثنى المذكر: هذان، هذين ـ  هذانّ، هذينّ.

للمفرد المؤنث: هذهِ، هذهْ ـ هاتِهِ هاتِهْ.

للمثنى المؤنث: هاتان، هاتين ـ هاتانّ، هاتينّ.

لجمع المذكر والمؤنث: هؤلاء، هؤلى.

تحليل وتمحيص:

يلاحظ أن أسماء الإشارة التي تتصدرها (الهاء) للمفرد المذكر ومثناه (هذا ـ هذان)، قد أضيفت (الذال) إليها،  فتآذرت بذلك اهتزازاتهما الصوتية في إثارة انتباه السامع، إلى أمر أو شيء معين، بمزيد من الشدة. فـ(الهاء) في مقدمة أسماء الإشارة تلفظ (ها) وهي حرف للتنبيه أصلاً.

أما (الهاء) في نهاية (هذهِ ـ هذهْ) للمفرد المؤنث، فهي كما أسلفنا في: ((ذِهْ ـ ذِهِ) لمجرد التأنيث بحشمة.

كما أن (تاء ) التأنيث في (هاتِهِ) وشقيقاتها قد جاء العربي بها للتطليف من إثارة الانتباه إلى ما هو معنيٌّ من الأشياء والأمور المؤنثة، غضَّاً للصوت، كغضِّ البصر عنهن في المجتمع الرعوي. فصوت (تاء) التأنيث، كصوت (الثاء) الأنثوية، إنما هو أكثر رقة وحشمة من صوت (الذال) الجهوري الذكوري.

أما (هؤلاء وهؤلى)، لجمع المذكر والمؤنث للعاقل وغير العاقل، فإن أصلها ((أولاء ـ أولى) قد أضيف حرف التنبيه (ها) إلى مقدمتهما، لتتضافر بذلك الاهتزازات الصوتية في (الهاء) مع الانفجار الصوتي في (الهمزة)، لإثارة انتباه السامع بمزيد من الشدة. وأما مقطعاً (لاء ـ لى)، في نهايتيهما فلإعطاء ذهن السامع فسحة في الزمن كيما يتصور المزيد مما أشير إليه بهما من جمع المذكر والمؤنث للعاقل وغير العاقل.

كما أن أسماء الإشارة للمكان: (هنا ـ ههنا ـ هناك ـ هنالك) لا تخرج أحكامها عما لحظناه في الأسماء السابقة، سواء من حيث خاصية (الهاء) في إثارة الانتباه، أو من حيث إضافة (الكاف، ثم اللام والكاف) للمسافات المناسبة. أما الزعم بأن (الكاف) هنا هي للخطاب كما جاء في المحيط، فذلك لمجرد التوافق بين (كاف) الخطاب في (كتابك)، وبين (الكاف) في (هناك) للمسافة فأسماء الإشارة جميعاً موجهة أصلاً إلى مخاطب مفترض، لا فرق في ذلك بين (هنا) و(هناك) ولا بين (ذا) و(ذاك) إلا مسألة البعد.

ولكن ماذا عن أسماء الإشارة التي تتصدرها (التاء)؟

لقد اقتصرت على المفرد والمثنى للمؤنث فقط، وهي:

1 ـ للمفرد المؤنث: تِه ، تِهِ ـ تيك ـ تلك.

2 ـ للمثنى المؤنث: تان، تين ـ تانّ ـ تينّ ـ تانكْ.

ولا شيء للمفرد المذكر ومثناه، ولا لجمع المؤنث أو المذكر.

ويبدو لي أن العربي قد أجاز لنفسه استخدام (التاء) للمؤنث في صدارة أسماء الإشارة آنفة الذكر لاعتبارات تتعلق بالخصائص الأنثوية في (التاء) من ضعف ورقة وحشمة. ولم يجز ذلك للمذكر لتعارضها مع الخصائص الذكورية الرعوية.

حول دلالات استعمالات الضمائر المنفصلة للغائب:

1 ـ هو: للمفرد المذكر. (الواو) في نهايته للفعالية، للعاقل وغير العاقل.

2 ـ هي: للمفرد المؤنث: (الياء) للاستكانة. وتستعمل (هي) أيضاً لجمع الغائب غير العاقل مذكراً كان أو مؤنثاً، استهانة واستخفافاً به.

3 ـ هم: لجمع المذكر العاقل. (الميم) في نهاية المصادر للجمع والضم. وتستعمل (هم) لجمع الخليط من الذكر والإناث، إلحاقاً للإناث بالذكور.

4 ـ هما: لمثنى المذكر والمؤنث. أصلها (هم)، قد أضيفت (الألف اللينة) للفصل بين الجمع والمثنى فتكون (هم) أسبق في تاريخنا اللغوي من (هما) كما أسلفنا.

5 ـ هنّ: لجمع المؤنث العاقل حصراً. (النون) للرقة والأناقة، وللذات الإنسانية أصلاً، بمقابل ما جعل (هي) للعاقل وغير العاقل. وذلك لأن (الياء)، وإن كانت للاستكانة بما يتوافق مع الخصائص الأنثوية إلا أنها لا تحمل الهوية الإنسانية على مثال ما تحملها (النون) في ضمائر المتكلم والمخاطب، وفي (مَنْ) للعاقل كما أسلفنا. وهكذا أجاز العربي استعمال (هي) للمؤنث غير العاقل)، على العكس من (هنّ) ـ لمؤنث العاقل حصراً. بفعل (النون).

تنويه لابد‍َّ منه:

لقد أشرنا في دراسة (الهاء) إلى أن العربي قد أكثر من استعمالها معجمياً للمعاني الرديئة، بما يتوافق مع طريقة النطق بصوتها (مهتزاً، مضطرباً، مخنخناً به). وأنه قد وضع (الهاء) في مقدمة ضمير الغائب غضاً ضمنياً بمقامه الاجتماعي بمواجهة المتكلم والمخاطب.

على أن العربي قد استعمل (الهاء) أحياناً قليلة للمعاني الجيدة بما يتوافق مع طريقة النطق بصوتها في أول الحلق (مخففاً، مرققاً، مطموس الاهتزازات) ليكون أوحى الأصوات بالخشوع والحنين. فاستعمل لفظة  (ياهو) للتوسل بالذات العلية. وذلك على مثال ما استعمل (الخاء) المختصة أصلاً بالمعاني الرديئة ((للخير والخصب والخفر) وما إليها

وتعليق لابد منه:

ما أحسب أن ثمة قطاع لغوي هو الكشف عن المضامين الاجتماعية في اللغة العربية من قطاع حروف المعاني وأصول استعمالاتها، ولاسيما أسماء الإشارة والضمائر.

فلقد تخير الإنسان العربي الحروف والصيغ المناسبة للتعبير عن مقاصده ومعانيه بما يتوافق مع عاداته وتقاليده (الرعوية ـ الذكورية)، مما أتّاح لنا في جملة ما أتاح، إلقاء الأضواء على تاريخه المنسي، إن لم نقل المجهول، بصدد تطوره الاجتماعي في جزيرته العربية.

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.



المجمع العلمي يستأنف فعاليات محفل منابر النور في واسط
برعاية العتبة العباسيّة المقدّسة فرقة العبّاس (عليه السلام) تُقيم معرضًا يوثّق انتصاراتها في قرية البشير بمحافظة كركوك
تكريم عددٍ من عوائل الشهداء ضمن فعّاليات الحفل السنوي الثامن لذكرى تحرير قصبة البشير
فرقة العباس (عليه السلام): تحرير قرية البشير كان بتوصيةٍ من السيد السيستاني