المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2652 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تحتمس الرابع وتاريخ هذه المسلة.
2024-04-19
تحتمس الثالث يقيم مسلتين في معبد عين شمس وتنقلان إلى الإسكندرية.
2024-04-19
مسلة القسطنطينية.
2024-04-19
مسلة القسطنطينية.
2024-04-19
تحتمس الرابع يقيم مسلةَ جدِّه في مكانها.
2024-04-19
منشآت تحتمس الثالث الدينية.
2024-04-19

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حروف الجر  
  
10465   10:35 صباحاً   التاريخ: 5-4-2020
المؤلف : حسن عباس
الكتاب أو المصدر : حروف المعاني بين الأصالة والحداثة
الجزء والصفحة : ص43-76
القسم : علوم اللغة العربية / النحو / الحروف وأنواعها /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2022 2072
التاريخ: 16-3-2022 4050
التاريخ: 20-4-2020 2407
التاريخ: 2023-04-01 818

حـــروف الجـــــر

لقد بلغ عددها في المحيط لدى (الأنطاكي) عشرون حرفاً، هي:

((مِنْ-إلى-عَنْ-على-في- رُبَّ-الباء-الكاف-اللام-واو القسَم-تاء القسَم- مُذْ-مُنْذُ-خَلا-عدا-حَاشا-حَتى-متى-كي-لعلَّ))

حول الترتيب المتبع في دراستها:

نبدأ بما يتشكل من حرف عربي واحد، ثم من حرفين اثنين فأكثر، بذات الترتيب الزمني الذي أبدع العربي فيه هذه الحروف بترجيح شديد.

وذلك لأن وظائف وأصول استعمالات حروف المعاني المؤلفة من حرف عربي واحد، هي ألصق بخصائصه الفطرية (الهيجانية أو الإيمائية أو الإيحائية)، فيسهل علينا الاهتداء إلى حقيقة معانيها وأصول استعمالاتها. ثم نتزود بما يتحصل لنا من حقائقها البسيطة فنتابع مهمتنا الشاقة في تقصي معاني حروف الجر من حرفين فأكثر التي جاءت في مراحل لغوية متطورة لاحقة على أيدي هزاج العرب وشعرائهم وفصحائهم.

ولكن قبل أن نتصدى لدراسة حروف الجر يستحسن بنا أن نعْرِف أولاً من (هم) أعضاء أسرتها- النحوية، كيما نعرف أصول وظائفها الفطرية التي اعتمدها العربي في جر مجروراتها.

الأسرة الأولى: المضاف إليه.

ليس ثمة ما هو أقرب حسباً إلى هذه المجرورات من المضاف إليه.

أ-  فكلاهما يُجر بالكسرة. والأصل في جر المضاف إليه يعود إلى أنه اسم تكملة لاسم آخر نكرة قبله يضم إليه ليفيده (التعريف) إذا كان هو معرفة، نحو: ((كتاب زيدٍ))، أو ليفيده (التخصيص) إذا كان هو نفسه نكرة، نحو: ((حفظت درس حسابٍ)). فكان من ذوق العربي ونهجه وفلسفته في تعامله مع حركات الشكل (الفتحة والضمة والكسرة) مخففات (الألف اللينة والواو والياء)، أن يجرَّ المضاف إليه بالكسرة. وذلك ليتحمل وقع التكملة، أي وقع الإضافة إليه. و (زيدٍ) في المثال الأول هو الذي يتحمل وقع إسناد الكتاب إليه. وكذلك (حسابٍ) بالنسبة للدرس في المثال الثاني.

ب- كما أن الرابطة بين المجرور بحرف الجر وبين المضاف إليه تعود أصلاً إلى أن العلاقة بين المضاف والمضاف إليه تضبطها بصورة عامة رابطة ضمنية بأحد أحرف الجر الأربعة، هي: ((اللام-من-في-الكاف)، كما في العبارات التالية:

كتاب التلميذ، أي (كتاب للتلميذ) خاتم ذهب- أي (خاتم من ذهب)-سهر الليل مضن، أي: (سهر في الليل مضن). لؤلؤ الدمع، أي (دمع كاللؤلؤ). كرام الناس، أي (كرام من الناس).

وما شذ عن ذلك إلا أن يكون ثمة علاقة عمل نحوية بين المضاف والمضاف إليه، فيمتنع تقدير أي من حروف الجر، نحو: (كاتب الرسالة)، لأن الرسالة هنا مفعول به. ونحو: (حسن الوجه) لأن الوجه فاعل: وفي هاتين الحالتين يجر المضاف إليه ليتحمل وقع التكملة والإسناد إليه، كما أسلفنا. (المحيط ج2 ص 303-318).

الأسرة الثانية-المفعولاتَ

كما أنه ليس ثمة ما هو أقرب نسباً إلى هذه المجرورات من المفعولات، وهي خمسة (المفعول به-المفعول له أو لأجله-المفعول معه-المفعول فيه-المفعول المطلق).

وهذه المفعولات تنصب بالفتحة ليسهل الاعتداء عليها. وذلك سواء أَكان الاعتذار صريحاً كما في المفعول به، أو ضمنيّاً، كما في بقية المفعولات. فالفتحة مخفف (الألف اللينة) هي أضعف حركات الشكل، مما يناسب موقع المفعول به من معنى العبارة. كما جاء في دراستي بشيء من التفصيل: ((الحرف العربي والشخصية العربية ص 128-131).

ولكن هذه المفعولات لا تستطيع أن تؤدي خدماتها للفعل إلا إذا توافرت في كل منها شروط معينة.

ففي المفعول به مثلاً، يجب أن يكون الفعل متعدياً بنفسه، كما في: ((أكل التفاحةَ)).

أما إذا كان الفعل لازماً، فيستعان بأحد حروف الجر لتعديته، كما في: ((فرح الطالب بنجاحِه)) فليس ثمة من سبيل للنجاح كيما يصل الفرح إلى قلب الطالب، إلا بوسيط ظاهر من أحد حروف الجر (الباء). وهكذا الأمر مع هذه الرابطة العصبية في بقية المفعولات في كل مرة لا تتوافر لها شروطها الخاصة، كما في الأمثلة التالية:

((دخلت امرأة النار في هرة))، للمفعول له (أي بسبب هرّة). و ((جلست في الدار)) للمفعول فيه. و ((اهبط بسلام)) للمفعول معه. و ((انطلق الفرس كالريح))، للمفعول المطلق.

وإذن فالمجرور بحرف الجر ليس في حقيقته إلا واحداً من المفعولات الخمس. ولهذا السبب سمَّى النحاة هذا النوع من المفعول به ((المفعول غير الصريح، أو المفعول غير المباشر)) (المحيط ج2 ص131-133).

وهكذا فالمجرورات بحروف الجر، باعتبارها مفعولات غير مباشرة، قد جرها العربي بالكسرة ليسهل الاعتداء عليها في هذا المكان الخفيض. وذلك على مثال ما اختار الكسرة للمضاف إليه ليسهل تحميله واقعة الإسناد، أي الإضافة في هذا المكان الخفيض أيضاً.

على أنه كان من الممكن نصب هذه المفعولات غير المباشرة بالفتحة أيضاً كالمفعولات المباشرة ولكن العربي قد اختار لها الكسرة لأمرين اثنين:

1-للعلاقة الفطرية بين المجرورات بحروف الجر والمضاف إليه كما أسلفنا: (علاقة حسب عضوية).

2-منعاً للالتباس بينها وبين المفعولات المباشرة (علاقة نسب معنوية).

فالكسرة هي كالفتحة، لا بل وأشد رضوخاً، من شأنها أن تضع المجرورات في موقع يسهل معه الاعتداء عليها مباشرة أو بصورة غير مباشرة.

فماذا عن حروف الجر؟

1- (اللاّم)

أولاً-حول خصائصها ومعانيها الفطرية:

يتشكل صوتها كما جاء في المحيط: ((بالتِصاق إحدى حافتي اللسان بالحنك الأعلى مع ترك الحافة الثانية سائبة يتسرب على جانبيها الهواء الخارج من الجوف، أي النفَس)).

إن التِصاق جانب اللسان بالحنك الأعلى يضاهي واقعة الالتصاق في الطبيعة.

ولقد كان لمعاني الالتصاق في المعجم الوسيط (83) مصدراً جذراً تبدأ باللام من أصل (212) مصدراً، كما في (لبد-لثب-لحف-لحم-لأم-لطأ-لزَّ-لزم-لزب-لزق-لصق.).

وما نحسب أن ثمة حرف جر هو أقدم استعمالاً من (اللام). وذلك ليس لأنها حرف إيمائي-تمثيلي قد أبدعها العربي في المرحلة الزراعية فحسب، وإنما لأن خاصية الالتصاق في طريقة النطق بصوتها هي من أهم وظائفها ومعانيها التراثية. والتملك هو أحد التطبيقات الميدانية لواقعة الإلصاق.

ومن المرجَّح أنَّ كلمة (لي) المؤلفة من حرف زراعي (اللام) وحرف غابي (الياء) كانت أقدم المجرورات المستعملة، تلبية لحاجات الإنسان الغريزية في التملك.

ونظراً لبساطة (اللام) المنفردة بلا قرين، ولمرونة صوتها وتماسكه، فقد أهلها ذلك كيما تكون أكثر حرية وتحرراً وطواعية في أداء مختلف المعاني مما يدور حول الإلصاق والالتصاق والتملك والإلزام والالتزام، وما إليها، مما يتماس مع معاني الجمع والضم، كما سيأتي:

ونظراً لاشتراك (اللام) في كثير من حروف الجر وحروف المعاني وسواهما، سنتوسع هنا في استعراض مختلف معانيها واستعمالاتها التراثية، للجر وغيره.

ثانياً-حول معانيها واستعمالاتها التراثية.

لقد أثبت الأنطاكي في محيطه (24) معنى لـ (اللام) بوصفها عاملة جر، وكذلك (7) معان بوصفها عاملة جزم، وأخيراً (8) معانٍ بوصفها غير عاملة. بما مجموعه (39) قسماً ومعنى.

لتتفوق (اللام) بذلك على معظم حروف المعاني.

أما لدى (ابن هشام) فكان لها قرابة (50) معنىً وقسماً ووجهاً واستعمالاً.

الحالة الأولى: (اللام) بوصفها عاملة جر:

على الرغم من أن معانيها واستعمالاتها في هذه الحالة مستمدة أصلاً من خاصية الإلصاق في طريقة النطق بصوتها، إلا أنه يمكننا تقسيمها إلى ثلاثة فئات:

فالفئة الأولى: تتحول فيها معاني الإلصاق إلى مسائل الملكية صراحة أو ضمناً.

والفئة الثانية: تستمد معانيها (صراحة) من خاصية الإلصاق في التلفظ بصوتها.

والفئة الثالثة: تستمدها (ضمناً) من خاصية الإلصاق، أيضاً.

الفئة الأولى: الملكية: وهي لسبعة معان:

1-الاستحقاق، نحو ((الحمد لله)) 2-الاختصاص، نحو: ((السرج للفرس)). 3-التملك نحو: ((الكتاب لزيد)). 4-التمليك نحو ((وهبت لزيد كتاباً)) 5-شبه التمليك نحو: ((جعل لكم من أنفسكم أزواجاً)). وهذه المعاني الخمسة مستمدة مباشرة من خاصية الإلصاق المادي أو المعنوي في (اللام)، مما لا حاجة معها لأي توضيح.

6-التعليل: كما في قول امرئ القيس في معلقته: ((ويومَ عقرتُ للعذارى مَطيَّتي..))

ولكن معنى (شبه التمليك) هنا غير خفي، وإن كان للتعليل. فمطيته قد أصبحت ملكاً للعذارى بعد عقرها.

7-للتعدية: كقوله تعالى: ((فهب لي من لدنك ولياً)). وهي عند (ابن مالك) لشبه التمليك.

أما عند (ابن هشام) فهي للتبليغ، نحو ((ما أحب زيداً لبكر)). وهذا المعنى في المثال الأخير مستمد من خاصية الإلصاق في (اللام) كما سيأتي في الفئة الثانية.

الفئة الثانية-الإلصاق: وهي على ثلاثة أوجه:

1-توكيد النفي: كقوله تعالى: ((لم يكن الله ليغفر لهم))(10). يقول الكوفيون: إن (اللام) أدخلت هنا لتقوية النفي. وهذه التقوية فيما نرى مستمدة أصلاً من خاصية الإلصاق في (اللام) مما لا مجال مع هذه المادة اللاّصقة للخروج عن حكم النفي في هذه الآية:

2-التوكيد الإيجابي: وهو على أربعة أنواع:

آ- (اللام) المعترضة بين الفعل المتعدي ومفعوله كقول الشاعر.

ومن يك ذا عظم صليب رجابه * ليكسر عود الدهر فالدهر كاسره

 

ب- (اللام) المقحمة-وهي المعترضة بين المتضايفين نحو: ((يا بؤس لِلحرب))، وأصلها ((يا بؤس الحرب)).

ج- (لام) التقوية، نحو: ((فعّال لما يريد))، وأصلها ((فعّال ما يريد)).

د- (لام) المستغاث، نحو: ((يا لَزيد))، بفتح (اللام)، بمعنى أن (زيداً) هو المستغاث به أي المطالب بالإغاثة. فإن كسرت (اللام)، كان زيد هو المستغاث لأجله. وهذه الكسرة مخفف (الياء) تتوافق مع جعل الاستغاثة لمتعلقها (زيد) قياساً على وظيفة (الياء) في النسبة (كتاب-كتابي).

وهذه المعاني في الأمثلة الآنفة الذكر تعود جميعاً إلى خاصية الإلصاق في (اللام). فالتكويد الإيجابي مثل توكيد النفي ووظيفته إلصاق الأحكام بمتعلقيها. فطبيعة التوكيد ذاتها تتضمن معنى الإلصاق.

3-        التبيين-وهي ثلاثة أقسام:

آ-  (لام) تبين المفعول من الفاعل. وهي التي تقع بعد فعل تعجب أو اسم تفضيل للحب أو البغض نحو: ((ما أحبني-أبغضني لِزيد)). أي ما أشد حبي أو بغضي له. و (اللام) هنا للإلصاق، قد ألصقت حبي أو بغضي بزيد. أما لو قلنا: ((ما أحبني-أبغضني إلى زيد)). لا نقلب المعنى، وصرت أنا المحبوب أو المبغوض من زيد، وذلك لأن من معاني (إلى ) بلوغ الغاية، وليس الإلصاق، كما سيأتي ففعل الحب أو البغض قد انتقل (مني) إلى أن بلغ (زيد)، فصار هو الذي يُحب أو يُبغِض.

ب- (لام)تبين المفعول في أسلوب دعائي نحو: ((سقياً لِزيد، وجوعاً له)). فاللام هنا مبيّنة للمدعو له أو عليه. بمعنى (سقى الله زيداً وجوّعه).

ج- (لام)تبين الفاعل في أسلوب دعائي، نحو: ((تباً لِزيد وويحاً له))، بمعنى (خسر زيدٌ وهلك).

وخاصية التبيين في المعنيين الأخيرين مستمدة أيضاً من خاصية الإلصاق في حرف (اللام)، كما في المعنى الأول، فالإلصاق يتضمن معنى التبيين.

4-التبليغ نحو: ((قلت له، وأذنت له، وفسّرت له)). وذلك لخاصية الإلصاق في (اللام).

5-التعجب مع القسم: وتختص باسم الله تعالى، نحو (لله، لقد أصبح زيد شاعراً).

6-التعجب وحده نحو: ((يا لَجمال الربيع)). وخاصية الإلصاق في الفقرتين الأخيرتين غير خفية.

7-الصيرورة:  وتسمى (لام) العاقبة، كقوله تعالى ((فالتقطه آل فرعون، (ليكون) لهم عدواً وحزناً)).(11) وخاصية الإلصاق في الصيرورة أشد ثباتاً ووضوحاً بفعل الاستمرارية.

الفئة الثالثة-لموافقة معاني بعض حروف الجر وسواها:

1-موافقة (إلى)، نحو: ((كلُّ يجري لأجلٍ مُسمَّى)).

2-موافقة (على) في الاستعلاء الحقيقي، كقوله تعالى: ((ويخرّون للأذقان(12))). وفي الاستعلاء المجازي، نحو: ((وإن اسأتم فلها)).

3-موافقة (في)، نحو: ((مضى لسبيله)).

4-بمعنى ((عند))، نحو: ((كتبته لخمس خلون)).

5-موافقة (بعد)، كما في الحديث: ((صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته)).

6-موافقة (من)، نحو: ((سمعت له صراخاً)).

7-موافقة (مع) كقول الجحدري:

لما تفرقنا كأني ومالكاً،،، لم نبت ليلة معاً بعد طول اجتماع 

 

وواضح أن خاصية الإلصاق الفطرية في (اللام) هي الرابطة بين استعمالاتها التراثية وبين ما وافقته من حروف الجر (إلى-على-في-من)، وأسماء الظرف: (عند-مع-بعد). وهذا التوافق مرده أن أحرف الجر وأسماء الظرف آنفة الذكر تتضمن هي ذاتها معاني الإلصاق، سواء أكانت (اللام) توافقها أو لا توافقها. كما في أقوالنا: ((ذهب إلى البيت-جلس (على) الكرسي- وضعه في الصندوق- أقام (عند) صديقه جاء بعده- خرج (من) المنزل- سكن (مع) صاحبه)) فالملاصقة في هذه الأمثلة واضحة لا تحتاج إلى تقدير.

ولكن خاصية الإلصاق الغالبة على معاني (اللام) بوصفها عاملة جر، هل ستظل تلاحقها بوصفها عاملة جزم، ولا عمل لها؟.

الحالة الثانية- (اللام) بوصفها عاملة جزم: ولها سبعة أوجه:

حذر التكرار، سنؤجل الحديث عن هذه الحالة، إلى أن نستعرض معاني (اللام) مع الأحرف الجازمة. وسنرى أن خاصية الإلصاق لن تفارقها في الجوازم أيضاً، لا بل ستكون هناك أشد وضوحاً.

الحالة الثالثة- (اللام) لا عمل لها، ولها سبعة معان:

1-(لام) الابتداء، وتسمى (لام) التوكيد، نحو: ((لَنِعْمَ الرجل زيد)).

2-(لام) المزحلقة عن صدر الجملة إلى عجزها بعد دخول (إنّ) المشددة، نحو: ((إنّ)) زيداً لقائم)).

3-(اللام) الفارقة- وهي (اللام) المزحلقة بعد (إنْ) المخففة، نحو: (إنْ زيداً لقائم).

4-(اللام) الزائدة. وهي الواقعة في خبر المبتدأ، نحو: (الرجل لكريم مِحتِدُه)). وكذلك في خبر (لكنَّ)، وخبر (ما)، وخبر (ما زال). وفي المفعول الثاني لـ (أرى)، نحو: ((أراك لشاتمي)).

   ويرى الأنطاكي أن /اللام/ الزائدة في المواقع الآنفة الذكر هي (لامات) ابتداء إذ المعنى فيهن جميعاً واحد وهو /التوكيد/ المحيط (الجزء 3 ص204).

5- (اللام) الواقعة في جواب (لو، ولولا)، كقوله تعالى ((لو كان معهما آلهة إلا الله لفسدتا)).(13)

6- (اللام) الواقعة في جواب القسم كقوله تعالى (تا لله لأكيدنَّ أصنامَهم)).(14).

7- (اللام) الموطئة للقسم، كقوله تعالى: ((.. ولئن نصروهم (ليولُّنَّ)، الأدبارَ، ثم لا يُنصرون)).(15)

وهذه (اللامات) في مختلف معانيها تفيد التوكيد صراحة أو ضمناً، مما يفيد إلصاق- الأحكام بمتعلقيها، كما أسلفنا بمعرض الحديث عن التوكيد الإيجابي والمنفي.

وهكذا، على الرغم من تنوع معاني (اللام) وأقسامها واستعمالاتها التي قاربت الخمسين لدى (ابن هشام) و (39) لدى الأنطاكي، فإن المتمّعن فيها لا بد واجد بينها وبين خاصية الإلصاق الفطرية فيها صلات مباشرة تارة وضمنية تارة أخرى.

2-(الباء)

أولاً-حول خصائصها ومعانيها الفطرية:

يبدأ تشكل صوت (الباء) بضغط الشفة على الشفة بشيء من الشّدة حبساً للنفَس، ويتم تشكله بانفراجهما الفجائي عن بعضهما البعض بشيء من الانفجار.

وباستعراض معاني المصادر الجذور التي تتصدرها (الباء) في المعجم الوسيط. لوحظ أن معانيها موزعة بين ثلاث فئات رئيسية هي: 1-الحفر والبقر 2-التوسع 3-الظهور والبيان، بنسب بلغت (53%).

ولما كانت (الباء) الجارة منفردة وحدها لا تلتزم بخصائص حرف قرين آخر، فمن المتوقع أن يكون لها المزيد من المعاني والاستعمالات التراثية. فهل تحدُّ خاصية الانفجار في صوتها شيئاً من حريتها في التنوع والتشعب؟.

ثانياً- حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

لها في المحيط أخذاً عن (ابن هشام) بشيء من الاختصار في الشروح كما هي عادة (الأنطاكي) (14) معنى، وهي:

1-الإلصاق: و قد اقتصر سيبويه على هذا المعنى زاعماً أنه لا يفارقها. وهو إما حقيقي، نحو: (أمسكت بزيد)، إذا قبضت على شيء من جسمه، وإما مجازي، نحو: ((مررت بزيد)) أي- ألصقت مروري بمكان يقرب من زيد.

    ولكن (الإلصاق) يتوافق في (اللام) مع واقعة التصاق طرف اللسان بالحنك الأعلى حبساً للنفس قبيل خروج صوتها. أما معنى (الإلصاق) في (الباء) فهو يتعارض مع خاصية (الانفجار) في صوتها الذي يوحي ويشير إلى الحفر والتوسع والبقر كما لاحظنا آنفاً في معاني المصادر التي تبدأ بها.

    ففي مثال (أمسكت بزيد): الإلصاق هنا عائد لفعل (أمسكت) الذي يفيد الإلصاق. فلو قلنا مثلاً: (استهنت بزيد) لغاب معنى الإلصاق. وكذا الأمر في تقدير ((مررت بزيد)). فمعنى (الباء) هنا هو أقرب إلى  (التعدية) منه إلى الإلصاق، كما في المعنى التالي لها. مما ينفي عنها خاصية الإلصاق.

2-التعدية: وأكثر ما تُعدِّي الفعل القاصر، كما تفعل (الهمزة). ففي قولنا: ((ذهب زيد)) نُعديه بالباء: ((ذهب بزيد))، أو بالهمزة: ((أذهبه)). وكما في قوله تعالى: ((ولولا دفع الله الناسَ بعضهم ببعض)) وفي قولنا ((صككت الحجر بالحجر)). ومعنى التعدية قريب من المعنى الفطري (للباء) بما يتوافق مع صوتها الانفجاري شدة وتأثيراً.

3-الاستعانة: وهي الداخلة على آلة الفعل، نحو: ((طعنته بالرمح، ونشرته بالمنشار)).

    وهذا المعنى هو (أقرب) إلى معانيها الفطرية في الحفر والبقر، بما يتوافق مع إيحاءات صوتها الانفجاري فكان الطعن والنشر والحفر والشق يتم بـ (الباء)، وليس بأي أداة أخرى.

    وهكذا تكون (الباء) من الأسلحة الصوتية الانفجارية التي يُعتدى بها على الآخرين ويُستعان بها عليهم أيضاً. وهذان المعنيان هما الألصق بخصائصها الفطرية من باقي المعاني المسندة إليها. كما سيأتي.

4-السببية: كقوله تعالى ((إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل))(16). أي معبوداً. ونرى أنه يمكن صرف (الباء) هنا إلى معناها الفطري في الاستعانة. وذلك بتقدير: ((إنّ اتخاذكم العجل كان وسيلة لظلمكم أنفسكم))، بمعنى أن عبادة العجل كانت أداة لظلمكم أنفسكم، كما في قولنا ((نجح الطالب باجتهاده، وفاز العدّاء بسرعته)). فالاجتهاد وسرعة العدو، كانتا أداتي النجاح والفوز، وإن كان بالإمكان صرفهما إلى السببية.

5-المصاحبة: نحو ((اهبط بسلام))، أي معه. ولكنهم اختلفوا في معنى (الباء) في قوله تعالى ((فسبح بحمد ربك)). فقيل للمصاحبة، وقيل للاستعانة.

    ونرى أن الاستعانة أكثر توافقاً مع المعنى الفطري (للباء). فالحمد هو الآلة المعنوية للتسبيح إذا صح التعبير.

6-الظرفية: كقوله تعالى: ((ونصركم الله ببدر))(17) بمعنى (في) بدر. وكقوله تعالى ((إنك بالوادي المقدس طوى)). وهذا المعنى يتماس مع معاني (الباء) في الحفر، قريباً من معاني (في) كحفرة صوتية:

7-البدل: كقول الشاعر:

فليت لي بهم قوما إذا ركبواشنوا الإغارة فرسانا وركبانا 

 

    والمعنى هنا فيما نرى أقرب إلى (المقابلة) وله حكمها، كما سيأتي في الفقرة التالية:

8-المقابلة: وهي الداخلة على الأعواض، نحو: ((اشتريته بألف)).

    وهذا المعنى يمكن صرفه إلى (البدل)، أو الاستعانة. وذلك بتقدير: استبدلته بألف، أي استعنت بألف لشرائه. وهكذا الأمر في قوله تعالى ((ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون))(18) يمكن أن يصرف للاستعانة بتقدير: ادخلوا الجنة مستعينين بما (كنتم تعملون).

9-المجاوزة: (عن). وتختص بالسؤال، نحو: ((فاسأل به خبيراً)). وقيل لا تختص بالتجاوز بدليل قوله تعالى: ((ويوم تشقَّقُ السماء بالغمام))
(19). فالباء على رأي الزمخشري هي هنا للاستعانة إذ جعل الغمام كالآلة التي يشق بها)).

    ومعنى الاستعانة في رأينا ينسحب أيضاً على المثال الأول:

    ((فاسأل به خبيراً))، إذ يمكن اعتبار صاحب الخبرة آلة للإخبار عن حقيقته ويكون معنى الاستعانة أقرب لها من معنى المجاوزة.

10-الاستعلاء: ومثلوا له بقوله تعالى ((ومنهم من أن تأمنه بقنطار))(20)، أي على قنطار.

ونرى أن الاستعانة أولى بهذا المعنى، بتقدير أن القنطار هو أداة اختبار أمانته، ونحو: ((وإذا مروا به يتغامزون))، أي عليه.

والتعدية هنا فيما نرى أولى بهذا المعنى كما لحظنا في الفقرة (1) آنفاً. ومثلوا لذلك أيضاً بقول الشاعر:

أرب يبول الثعلبان برأسه, لقد هان من بالت عليه الثعالب ...

   والاستعلاء هنا فيما نرى اصطلاح اقتضاه الوزن، وهو ضعيف وغير مألوف، ولا عبرة له.

11-التبعيض: كقوله تعالى: ((عينا يشرب بها عباد الله))(21)، أي منها، وكقول الشاعر:

 فَلَثِمْتُ فَاهَا آخِذاً بِقُرُونِهَا ... شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ مَاءِ الحَشْرَجَ

    ومعنى التبعيض هنا يتماس مع معنى التعدية.

12-القسم: (الباء) هي أصل أحرف القسم. يجوز ذكر فعل القسم معها ويجوز عدم ذكره نحو ((أقسم بالله العظيم)) و (بالله العظيم)). كما يجوز دخولها على الضمير، نحو: ((بك لأفعلَنَّ)).

    ونرى أن القسم هنا ينصرف إلى معنى الاستعانة بالمُقْسَمِ به لكسب الثقة بصدق القول. وذلك بتقدير أنّ المقسَمَ به رمز للقداسة والتكريم والاحترام،. فكانَ أداة للثقة والطمأنينة على صدق القول.

13-الغاية: كقوله تعالى: ((وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن))(22)، أي أحسن إليّ. وهذا المعنى يمكن صرفه إلى التعدية، كقولنا: ((استهان به))، فهو يتوافق مع خاصية الانفجار في صوتها. وذلك بتقدير أنه وقع عليه فعل الإحسان في المثال الأول وفعل الاستهانة في المثال الثاني.

14-التوكيد: و(الباء) هنا حرف جر زائد في ستة مواضع.

أ- تزاد في الفاعل إمّا وجوباً في صيغة التعجب ((أكرِمْ بزيدٍ))، وإما غالباً مع فاعل (كفى)، نحو: ((كفى بالفعلِ مرشداً))

ب- تزاد في المفعول به. كقوله تعالى ((وهُزِّي إليكِ بجِزعِ النخلة))(23).

ج- وتزاد في المبتدأ، نحو: ((خرجت فإذا بزيد)).

د- وتزاد في الخبر المنفي عنه، نحو: ((ما زيد بقائم)).

هـ-وتزاد في الحال المنفي عاملها. كقوله تعالى: (وما ربك بظلام للعبيد))(24).

و- وتزاد في التوكيد بالنفس والعين، كقوله تعالى: ((يتربصن بأنفسهن))
(25).

وعلى الرغم من أن (الباء) في هذه المواضع زائدة فإن بعضها يتماس مع معنى التعدية كما في ((اكرِمْ بزيد)). كقوله تعالى: ((وهزِّي إليك بجزع النخلة)).(26) وبعضها يتماس مع معنى الاستعانة، كما في قوله تعالى ((كفى بالله شهيداً))(27). وبعضها اصطلاحي لا يتماس مع أي معنى آخر كما في ((ما زيد بقائم-خرجت فإذا بزيد)).

وهكذا كان للباء (14) معنى والمزيد من التفرعات والاستعمالات. كان منها معنيان أصليان يتوافقان مع خصائص صوتها الانفجاري، ومع بعض معانيها المستمدة من المعاجم، هما: ((التعدية والاستعانة)). وكان منها (13) معنى، أعيدت تقديراً إلى الاستعانة أو التعدية. وكان ثمة معنى واحد هو: (التوكيد) قد أمكَن إعادة أربعة من تفرعاته تقديراً إلى الاستعانة والتعدية، والاثنان الباقيان مصطلحان.

وهكذا بإعادة معظم ما ورد من معاني (الباء) تلك إلى التعدية والاستعانة، فإن العربي يكون بذلك قد تمكن ببراعته اللغوية المعتادة من ضبط هذا الانفجار الصوتي في قنواته الصحيحة من المعاني والاستعمالات كما فعل بانفجار صوت (الهمزة)، فوظفها في صناعة معانيه. وذلك على مثال ما سيطرت الصناعة الحديثة على انفجار المواد المشتعلة في محركاتها الانفجارية.

3-الكاف:

أولاً-حول خصائصها ومعانيها الفطرية:

تختلف معاني (الكاف) باختلاف طريقة النطق بها. فإذا لفظ صوتها مخفوتاً به قليلاً-ومضغوطاً عليه بعض الشيء، كما يقع لها ذلك في نهاية المصادر، حاكى حادثة احتكاك الخشب بالخشب على الطبيعة. فكان من معانيها الفطرية الاحتكاك. وباستعراض معاني المصادر التي تنتهي بالكاف كان لمعاني الاحتكاك (15) مصدراً جذراً.

أما إذا لفظ صوتها بنبرة عالية وبشيء من التفخيم، كما يقع لها في مقدمة المصادر، أوحى صوتها بالضخامة والامتلاء والتجمع والتراكم والتكوم. وكان لهذه المعاني (40) مصدراً جذراً تبدأ بالكاف.

وللكاف معان أخرى من موحيات الشدة والحرارة، مما لا يعنينا أمرها هنا. انظر خصائص الحروف ص (70-72).

ثانياً-حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

هي لدى (ابن هشام) جارَّةٌ وغيرها، الجارة: حرف واسم:

  • الكاف الحرفية الجارة: لها خمسة معان

أ-التشبيه، نحو: ((زيد كالأسد))، وهذا المعنى المستمد من خاصية الاحتكاك في صوتها هو المعنى الفطري الأصيل لها. فتشبيه شيء بشيء يتطلب إجراء المطابقة بين صفاتهما الحسية أو المعنوية المشتركة، في صور من الاحتكاك المادي أو الذهني.

ب-التعليل: كقوله تعالى: ((واذكروه كما هداكم)) ونحو: ((وأحسِنْ كما أحسنَ اللهُ إليك))، ولم يسلم هذا المعنى من الاعتراض. فقال بعضهم: إن (الكاف) هنا للتشبيه بتقدير: ((مثلما هداكم، ومثلما أحسن الله إليك)). ونحن أميل إلى الأخذ بهذا المعنى لتوافقه مع خاصية الاحتكاك في صوتها.

ح-الاستعلاء: نحو: ((كن كما أنت))، بمعنى (كن على ما أنت عليه)). ويرى بعضهم أن /كما/ هنا هي بمعنى (مثل). بتقدير ((كن في الحاضر أو المستقبل مثلما كنت في الماضي)). وبذلك ينصرف معنى الاستعلاء إلى التشبيه وهو أحد المعاني الفطرية لـ (الكاف). وهو الأصحّ.

د-المبادرة: نحو: ((سلّم كما تدخل)). أي (عند دخولك). وذكر بعضهم أن هذا المعنى غريب جداً، وبالتالي شاذ الاستعمال، كما يرى (ابن هشام)، وإذن فلا عبرة له.

هـ-التوكيد: وهي (الكاف) الزائدة كقوله تعالى: ((ليس كمثله شيء)). فقد رأى الأكثرون أن تقدير الآية هو: ((ليس شيء مثله)). فقالوا بزيادة (الكاف) في (كمثله) تجنباً من تقدير الآية (ليس مثل مثله شيء)، وهذا محال لأنه تعالى لا مثل له. وقد اعترض بعضهم، بأن الزائدة هي (مثل) وليس (الكاف)، قد زيدت لتفصل بين (الكاف) والضمير (الهاء) فصارت (كمثله) بدلاً من (كهِ) ونحن أميل للأخذ بهذا الرأي لتوافقه مع خصائصها الصوتية في الاحتكاك.

2- (الكاف الاسمية الجارة: وهي مرادفة (مثل) كقول الشاعر:

بيض ثلاث كنعاج جم *** يضحكن عن (كالبرد) المنهم

 

أي مثل (البرد).

وهكذا يبدو أن المعنى الأصلي ((للكاف)) الجارة هو التشبيه، وأن باقي المعاني مشوبة به. وهو المعنى الفطري لها المستمد من خاصية الاحتكاك في صوتها.

3-الكاف غير الجارة، هي لدى (ابن هشام) نوعان اثنان:

أ-مضمر منصوب أو مجرور. وهي اللاحقة بالأفعال والأسماء، كقوله تعالى: ((ما ودعك ربك))(28).

ب-حرف معنى لا محل له، ومعناه الخطاب. وهي اللاحقة لاسم الإشارة، نحو: (ذلك-تلك)، وللضمير المنفصل المنصوب، نحو: (إياك- إياكم) ولبعض أسماء الأفعال، نحو: (رويدك).

وواضح أن استعمالات (الكاف) غير الجارة في الأمثلة آنفة الذكر لا علاقة لها بخاصيتها الفطرية في الاحتكاك.

وهكذا يبدو أن خاصية الاحتكاك في صوت (الكاف) قد حدّ من حرية العربي في التوسع-باستعمالاتها ليقتصر في ذلك على ما يتوافق مع موحيات صوتها في الاحتكاك لمعاني التشبيه.

4-(واو القسَم)

لقد سبق أن تحدثنا عن خصائصها الصوتية بوصفها عاطفة لمجرد الجمع بلا ترتيب، وبتراخ وبلا تراخ بما يتوافق مع واقع تدافع النفَس في جوف الفم عند خروج صوتها.

أما (الواو) هنا فلها قسمان.

1-(واو) القسم: وهي لا تدخل إلا على مُظهر، ولا تتعلق إلا بمحذوف فهي والمقسم به متعلقان بفعل القسم المحذوف وجوباً معها كقوله تعالى: ((والقرآنِ الكريم))(29). فإن تلتها (واو) أخرى. كقوله تعالى: ((والتين والزيتون))(30)، كانت (الواو) التالية للعطف.

2-(واو) ربّ. كقول الشاعر:

 وليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع الهموم ليبتلي

وهي لا تدخل إلا على منكر، ولا تتعلق إلا بمؤخَّر. ولا تدخل (واو) العطف على (واو) ربّ ولكنها تدخل على (واو) القسم كقول الشاعر:

فو الله لولا تمره ما حببته ولا كان ادنى من عبيد ومشرق

وهذان المعنيان لـ (الواو) الجارة مصطلحان، ليس بينهما وبين خصائص (الواو) في التدافع والفعالية والاستمرارية رابطة ظاهرة. فكان العطف أهم وظائفها لتوافقه مع خصائصها الصوتية كما أسلفنا في حينه.

5-(التَّاء)

أولاً-حول خصائصها ومعانيها الفطرية:

يوحي صوتها بالرقة واللين. فكان من معاني المصادر الجذور التي تبدأ بها: الرقة والضعف واللين والتفاهة، بما يتوافق مع صدى صوتها في النفْس، ولكن بنسب ضئيلة لم تتجاوز (18) في المئة. وذلك لأنّها من أضعف الحروف العربية شخصية، إذ لم تستطع أن تؤثر في معاني المصادر التي تبدأ بها أو تنتهي بها إلا قليلاً.

وهكذا كان لا بد من اعتماد الخصائص الفطرية لصوتها من رقة ولين وضعف كمعان لها أينما وجدت في حروف المعاني وسواها. لذلك لا بد لنا أن نتجاهل ضعف تأثيرها في معاني المصادر التي تشارك في تراكيبها، ما دام ذلك ناجماً عن طبيعة الضعف في صوتها وشخصيتها. ليكون الضعف والمطاوعة من خصائصها الفطرية أينما وجدت فكان لها بذلك دورها الهام في ضمائر (المخاطب وأسماء الإشارة وتاء التأنيث) كما سيأتي.

ثانيا-حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

لها في المحيط وفي مغني اللبيب ثلاثة أوجه.

1-حرف جر: وهي المختصة بجر لفظ الجلالة في القسم، كقوله تعالى: ((وتاللهِ لأكيدنَّ أصنامَكم..)(31) وربما قالوا: ((تربّي-تربِّ الكعبةِ-تالرحمنِ).

2-حرف خطاب: وهي الموجودة في سلسلة ضمائر المخاطب: (أنت-أنتم-أنتن). وهذا على مذهب من يرى أن الضمير هو (أنْ) وحدها. ومن يخالف ذلك يرى أن الحروف كلها هي الضمير وعلى هذا لا يكون هناك (تاء) خطاب.

    والرأي الأول، فيما نرى هو الصحيح. وذلك لتوافقه مع أصول نشأة اللغة العربية من حرف واحد هو (أ) ثم ضُمَّ إليه حرف ثان (ن) في مرحلة لغوية متطورة لاحقة فأصبحا (أنْ)، ثم ضُمَّ إليهما في مرحلة لغوية أكثر تطوراً (الألف اللينة) فصارت (أنا) للمتكلم. ثم أُلحقت (التاء) الضعيفة الرقيقة بضمير(أنْ) فصارت (أنتَ) للتقليل من شأن المخاطب والمخاطبة في مواجهة (أنا) للمتكلم، كما نوهنا بذلك سابقاً.

3-للتأنيث: وهي الساكنة الداخلة على الفعل، نحو: ((قامتْ هندُ)). وهذه حرف لا محل لها من الإعراب. خلافاً للجلولي الذي زعم أنها ضمير وأنها في محل رفع.

ولئن كانت (الباء) هي أصل أحرف القسم، فإن (الواو) للقسم بدل منها. أمَّا (التاء) فهي بدل من (الواو)، لأنها أضعفها جميعاً، على ما اتُّفِقَ عليه.

وهكذا يكون العربي قد استعمل (التاء)، سواء في القسم أو الخطاب أو التأنيث، بما يتوافق مع خصائص الضعف الفطريّة في صوتها. لتكون (التاء) على ضعفها هي إحدى الصور التراثية التي تهدينا إلى أصالة اللغة العربية وفطرتها.

6- (مِنْ)

أولاً-حول خصائص حرفيها ومعانيهما الفطرية:

1-الميم)-من معانيها في بداية المصادر: (المصُّ والرُّضاع واستخراج الأشياء من أمكنتها). فكان لها في المعجم الوسيط(33) مصدراً جذراً لهذه المعاني. وكان من معانيها في نهاية المصادر الجمع والضم) ولها (36) لهذه المعاني.

2-(النون)- من معانيها (البطون والصميمية والنفاذ في الأشياء) وكان لها (165) مصدراً تبدأ بها لهذه المعاني.

   والمعاني الفطرية لهذين الحرفين تتناسق فيما بينها لتشكل حركة (اندفاع) من الداخل إلى الخارج بفعل جاذبية الامتصاص في (الميم). فيكون معنى (التبعيض أو التجزئة) هو المعنى الفطري الأصل لها، باعتباره هو محصلة خصائص حرفيها: (الميم والنون). فهل سيغلب هذا المعنى الفطري على معانيها واستعمالاتها؟.

ثانياً-حول معانيها واستعمالاتها التراثية

هي لدى (ابن هشام) على خمسة عشر وجهاً. ويرى أن الغالب عليها هو (ابتداء الغاية) فيجعله في مقدمة معانيها ووجوهها. أما نحن، فنرى أن (التبعيض) هو أساس معظم معانيها، فجعلناه في مقدمتها.

1-التبعيض: ويصحُّ أن نطلق عليه اسم (التجزئة)، أي (جزء من)، نحو (شربت من الإناء)، أي (جزءاً من محتوى الإناء)، وكقوله تعالى: ((لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون))(32) بمعنى (جزءاً)، مما تحبون من الأموال. ونحو: (هذا الرجل من قريش)، إذ يشكل جزءاً من رجال قريش. وهذا المعنى التراثي يتوافق مع المعاني الفطرية لمحصلة حرفي (الميم والنون).

2-ابتداء الغاية: وهو الغالب عليها فيما يرى (ابن هشام)، حتى ادّعى جماعة أنَّ سائر معانيها راجعة إليه. فهل هذا صحيح؟.

    إنَّ ابتداء الغاية، إمّا مكاني، كقوله تعالى: ((سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى))(33). ولئن كان (إسراء) الله بعبده قد ابتدا (من) المسجد الحرام إلاَّ إن هذا الإسراء قد تضمَّن (استخراج) عبده (مِنَ) المسجد الحرام، بما يتوافق مع أحد معاني (الميم) في الاستخراج كقولنا ((استدنت من زيد)).

    وإما أن تكون زمانية. كقول رسول الله (ص): ((فمطرنا مِنَ الجمعة إلى الجمعة)). فالجمعة الأولى فيما نرى هي (جزء) من أيام الأسبوع، أو بعضه.

    وهكذا فإن معنى ابتداء الغاية يتماس مع معاني الاستخراج والتبعيض والتجزئة.

3-بيان الجنس: كقوله تعالى: ((ما ننسخ من آية أو ننسها، نأت بخير منها أو مثلها)). ولكن نرى أن الآية المنسوخة هي (جزء) مستخرج من مجموع الآيات. فالمعنى هنا للتبعيض والتجزئة.

   وكما في قوله تعالى: ((يُحلّون فيها من أساور (من) ذهب..). ولئن كانت (من) الثانية لبيان جنس الأساور، ولكنها في الوقت ذاته (جزء) من الذهب أو بعضه.

   وهكذا يتماس معنى التجزئة هنا أيضاً مع معنى (بيان الجنس).

4-التعليل: كقول الشاعر:

يُغضي حياء ويُغضى من مهابته 000 فلا يُكلّم إلا حين يبتسم

 

    وهذا المعنى يمكن صرفه إلى التبعيض، بمعنى أن (المهابة) هي بعض من مزاياه (صدق. شرف. تقى)

5-البدل: كقوله تعالى: ((أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة))(34). وهذا المعنى يتماس مع (الاستخراج) بتقدير: ((باستخراجها من حساب الآخرة)).

6-مرادفة (عن): كقوله تعالى: ((فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله))(35). وهذا المعنى يمكن صرفه إلى التبعيض، بمعنى أن (ذكر الله) هو بعض من الواجبات المفروضة عليهم (طاعته-محبته-شكره).

7-مرادفة (الباء): نحو: ((ينظرون من طرْف خفي)). الطرْف بتسكين الراء، هو (تحريك الجفن)، وهو أصل معانيه، بدليل قوله تعالى: ((وعندهم قاصرات الطرْف عين)(36)، كناية عن خجلهن وحيائهن. كما يأتي الطرْف بمعنى (العين). ونرى أن معنى (من) هنا قد أشرب بمعنى (ابتداء الغاية) وما يلابسه من معنى التجزئة أو التبعيض كما أسلفنا.

8-مرادفة (في): كقوله تعالى: ((أروني ماذا خلقوا من الأرض))(37). وهي هنا برأينا للتجزئة والتبعيض صراحة، بتقدير: ((أروني أي جزء من أجزاء الأرض قد خلقوا)).

9-موافقة (عند): كقوله تعالى: ((لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم (من) الله شيئاً))(38). وهذا المعنى يمكن صرفه أيضاً إلى التبعيض بتقدير: من بعض ما عند الله من صنوف العذاب وهو المقصود.

10-مرادفة (على): كقوله تعالى: ((ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا، إنهم كانوا قوم سوءٍ فأغرقناهم أجمعين))(39). والتقدير أنّه تعالى نصره باستخراجه من بينهم فسلم وهلكوا. وهذا المعنى هو أقرب للتجزئة والتبعيض.

11-الفصل: كقوله تعالى: ((الله يعلم المفسد من المصلح)). قال بعضهم أن (من) هنا للابتداء أو بمعنى (عن). ويصح عليها فيما نرى معنى (استخراج) المفسد من فئة المصلحين. وهذا يتماس أصلاً
مع معنى (الفصل).

12-مرادفة- (ربما): كقول الشاعر:

وأنا لمن ما تضرب الكبش ضربة   على رأسه تلقي اللسان من الفم 

    نرى أنَّ (ممّا) تنصرف هنا إلى تقدير ((مَن الذين)) يضربون الكبش، وليس إلى تقدير (لربما) فتكون للتجزئة والتبعيض، لا مرادفة (ربما). وقد اختلف الفقهاء حول هذا الوجه، مما يرجح معه التقدير الذي عرضناه.

13-(الغاية): وضرب لـه (سيبويه) مثالين: الأول: (رأيته من ذلك الموضع) فجعلته غاية لرؤيتك، أي محلاً للابتداء والانتهاء. وقد سبق أن لحظنا أن (الابتداء) يتوافق مع أحد معاني (الميم) في (استخراج) الأشياء. فكأنَّ الرؤية قد التقطت المنظور إليه من (ذلك الموضع). والثاني: ((أخذته من زيد)). وهي هنا لمعنى الاستخراج صراحة فيما نرى بتقدير ((أخذته مما هو موجود لدى زيد))، وليس للغاية والابتداء، كما قرَّر (ابن هشام).

14-التنصيص على العموم: نحو: ((ما جاءني من رجل)). ومعنى التبعيض والتجزئة أولى به هنا بتقدير: ((ما جاءني رجل من عموم الرجال)).

15-توكيد العموم: نحو: ((ما جاءني من أحد)). وهي هنا للتجزئة والتبعيض صراحة بتقدير ((ما جاءني أحد من الناس)). فحذفت لفظة (الناس) بلاغة في التعبير.

    وهكذا كان المعنى الغالب على (مِنْ) هو (التجزئة والتبعيض) ومن ثم (الاستخراج) بما يتوافق مع الخصائص الفطرية لحرفيها، مما يؤهلها أن تكون إحدى مستحاثاتنا اللغوية أيضاً.

7- (عَنْ)

أولاً-حول خصائص حرفيها ومعانيها الفطرية:

1-(العين)- من معانيها العلو والظهور والإحاطة وكان لها (128) مصدراً تبدأ بها لهذه المعاني.

2-(النون)- من معانيها الصميميّة والبطون والنفاذ، كما أسلفنا.

    وهكذا فإن ثمة تناقضاً بين معاني حرفيها: (فالعلو والظهور والإحاطة) في (العين). يناقضها على التوالي (الصميمية، والبطون، والنفاذ) في (النون).

    وإذن فما هي محصلة هذه المتناقضات في حرفي (عن)؟.

    لم أجد استعمالاً لحرف (عن) يجمع بين هذه المتناقضات أصدق من عبارة: ((تلقى الفقه عن شيخه)) وما ماثلها من المعاني المعنوية، نحو: ((ورث الشجاعة عن أبيه)).

    ولكن هل سيراعي العربي في معانيها واستعمالاتها التراثية محصلة هذه الخصائص المتناقضة في حرفيها.

ثانياً- حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

هي لدى (ابن هشام) على ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: حرف جر: ولها عشرة معان.

1-المجاوزة، نحو: ((سافرت عن البلد)) و ((رغبت عن صحبته))، و ((ورميت السهم عن القوس)). ولم يذكر البصريون لها سوى هذا المعنى على ما أثبته (ابن هشام).

والتجاوز في هذه الأمثلة يتوافق مع محصلة المعاني الفطرية المتضادة لخصائص حرفي (عن).

فالإقامة في البلد، وصحبة الرفاق، واستقرار السهم في القوس هي أحداث تتوافق مع صميمية (النون) وبطونها. فجاءت (العين) بموحيات العلو والسمو في صوتها لتمكين الأفعال الآنفة الذكر: (سافرت- رغبت-رميت) من تجاوز مفعولاتها غير المباشرة (البلد-الصحبة-القوس).

فالمجاوزة في حقيقتها هي المحصلة (الهندسية-الميكانيكية) لقوة الشد إلى تحت في الصميمية والبطون (للنون)، ولقوة الشد إلى فوق في العلو والسمو (للعين)، في حركة أفقية انزلاقية هي المعنى الحقيقي للتجاوز: يمكن رسمها في الشكل التالي:

العلو                      للعين

                                   التجاوز هو المحصلة.

البطون            للنون

والتجاوز إما معنوي كقوله تعالى (أذهب الحزن عنه)، وإما حسي، نحو: ((مسح العرق عن وجهه). وسنجد في معاني (عن) التالية تأويلات وتقديرات من التجاوز هي أقرب لمعانيها الحقيقية الفطرية.

2-البدل: كما في الحديث الشريف: ((صومي عن أمك))، ونرى أن معنى (التجاوز) أولى به بتقدير: ((دعي ثواب صومك يتجاوزك إلى أمك)).

3-الاستعلاء: كقوله تعالى ((.. فإنما يبخل عن نفسه))(40). أي على نفسه، والاستعلاء هنا غير حقيقي، لأنه يقتصر على إمكان استعمال (على) بدلاً من (عن). فالمقصود فيما نرى هو: ((أن ضرر البخل يتجاوز الآخرين إلى نفس صاحبه)).

4-التعليل: كقوله تعالى: ((وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك))، أي بسبب قولك. ولكن معنى (عن) هنا يتوافق مع معنى التجاوز المستمد من محصلة خصائص حرفيها ومعانيهما كما أسلفنا في مثال:

   ((تلقى الفقه عن شيخه)). ويظهر هذا المعنى جلياً لو عكسنا المعنى وقلنا: ((عبدنا الله عن قولك)).

5-مرادفة (بعد): كقوله تعالى: ((يحرِّفون الكلم عن مواضعه))(41)-وكقوله أيضاً:

   ((لَترْكبنَّ طبقاً عن طبق))(42) أي حالة بعد حالة. والتجاوز هنا واضح لا يحتاج إلى تأويل أو تقدير. فالتحريف يتم هنا بنقل الكلام من موضع إلى موضع في حركة (انزلاقية-تجاوزية). وكذلك الأمر في الانتقال من حال إلى حال.

6-الظرفية: كقول الشاعر:

ولا تكُ عنْ حَمْل الرِّباعةِ وانيا)).
 

 

((وآسِ سُراةَ الحيِّ حيثُ لقيتَهم
 

 

وهذا المعنى مردُّه إلى قول بعضهم بأن فعل (ونى) لا يتعدى إلا بحرف (في) بدليل قوله تعالى:

   ((ولا تنيافي ذكري)). ولكن (ابن هشام) يحيل هذا المعنى إلى التجاوز وهو الأصح. إذ أن معنى (ونى عن كذا) جاوزه ولم يدخل فيه، أما (ونى فيه) فمعناه، دخل فيه وفتر.

7-مرادفة (مِن): كقوله تعالى: ((هو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السَّـيِّئات))(43). ونرى أن التجاوز المعنوي في ((قبول التوبة (عن) عباده))، أبلغ وأوفى للغرض من استعمال (مِن) للتوبة.

   وذلك على العكس من استعمال (مِن) للمعاني الحسية بمعرض القبول والتقبل. فمن معاني (من) كما مر معنا آنفاً (الاستخراج). ففي قوله تعالى ((.. إذ قرَّبا قرباناً فتُقبِّل من أحدهما ولم يُتقبل من الآخر))
(44). يمكن صرف (التقبُّل منه) إلى (الأخذ منه).

8-الاستعانة، نحو: ((رميت السهم عن القوس)) أي بالقوس. ولكن السهم هنا يتجاوز القوس في حركة انزلاقية فكان معنى التجاوز أكثر توافقاً وتطابقاً مع واقعة الرمي بالسهام و أوفى للغرض من معنى الاستعانة.

9-مرادفة الباء، كقوله تعالى: ((وما ينطق عن الهوى))(45). ولكن معنى التجاوز هنا صريح، بتقدير ((وما يتجاوز نطقه (العقل والحكمة والحقيقة..) إلى الهوى)). وهي الأبلغ من (الباء).

10-أن تكون زائدة، ولها ثلاثة أوجه:

   الأول: للتعويض من أخرى محذوفة، كقول الشاعر:

فهلاّ التي عنْ بيْنَ جَنبيك تدْفعُ))..
 

 

أتجزعُ إنْ نفسٌ أتاها حِمامُها
 

 


أي: ((فهلاّ تدفع عن التي بينَ جنبيك))، فحذفت (عن) من أول الموصول وزيدت بعده. والصياغة الشعرية ركيكة، ولا عبرة لهذا المعنى فيما نرى.

الثاني: أن تكون حرفاً مصدرياً. وذلك أن بني تميم يقولون: ((أعجبني عن تفعل كذا)) بدلاً من ((أعجبني أن تفعل كذا)). وهذه المصدرية لا أهمية لها لنشوذها.

الثالث: أن تكون اسماً بمعنى (جانب). وذلك حين تجر (بمن أو على).

           فمن الأول قول الشاعر:

مِنْ عن يميني تارةً وأمامي).
 

 

((فلقد أَراني للرِّماحِ دريئةً
 

 

ومن الثاني قول أحدهم:

وكيفَ سُدُوحٌ واليمينُ قطيعُ)).
 

 

((على عنْ يميني مرَّتِ الطيرُ سُنَّحاً
 

 

ومعنى التجاوز قد لحقها إلى (الاسمية) أيضاً. فمفهوم (جانب) ينطوي في حد ذاته على التجاوز وهو صريح في البيتين آنفي الذكر.

وهكذا، كان البصريون أصدق حَدْساً بصدد حصر معاني (عن) جميعاً في التجاوز، الذي هو محصلة معاني حرفي (العين والنون)، في حركة انزلاقية كما أسلفنا.

وبالتقاء الفطري والتراثي في هذا الحرف الرعوي (عن) يكون واحداً من المستحاثات اللغوية أيضاً.

8- (على)

واستطراداً في الحديث عن معاني (العين) في (عن)، رأينا أن نتحدث هنا عن (على) ذات الأحرف الثلاثة قبل الحديث عما بقي من حروف الجر ذوات الحرفين.

أولاً-حول خصائص أحرفها ومعانيها الفطرية:

أ-(العين)- لها خصائص ومعان عديدة بحسب طريقة النطق بصوتها. ونكتفي منها هنا بثلاثة فقط مما يعنينا في تحديد معاني حروف الجر وسواها من حروف المعاني التي تشارك في تراكيبها. فمن معانيها:

1-العلو والظهور بما يتوافق مع النطق بصوتها بنبرة عالية. كما في (علا-عَرَب).

2-العيانية والوضوح، بما يتوافق مع نصاعة صوتها ونقائه كيفما نطق به. كما في: (العلم- العراص).

3-العوج والميل: نحو: ((عقد الشيء-لواه))، والعقد والربط، نحو: ((عقل البعير- ربطه)).

   والفتل والدوران، نحو: (عبل الحبل-فتله)، وهكذا إلى (64) مصدراً جذراً تبدأ بالعين.

   وهذه المعاني التي تعبِّر عن حَدْس الإحاطة تتوافق مع طبيعة صوت (العين) إذا لفظ بنبرة عالية وبشيء من الشدة والتكرار، كما في (عصّد-عقّل-عّبل..). طريقة قديمة في النطق بصوت (العين) قد اندثرت، ولم ألحظ لها أثراً واضحاً إلا في لهجة رعاة الإبل من عشائر (عنزة) في البادية السورية في الخمسينيات من هذا القرن. على أن هذا التكرار في صوت (العين) نلحظه مخففاً في أصوات بعض الناس ممن تكون مخارج أصواتهم قريبة من مخرج صوت (العين). كما يلاحظ ذلك في طريقة نطق محمد عبد الوهاب بصوت (العين) في أغانيه أيام شبابه. وكما يلاحظ أيضاً في ترتيل (العين) في القرآن الكريم أحياناً قليلة.

ب- (اللام)-من معانيها الإلصاق والالتصاق.

ح- (الألف اللينة أو المقصورة): فاصل صوتي للامتداد.

   فتكون محصلة خصائص أحرفها ومعانيها: ((الاستعلاء والإحاطة والاتصال على تراخ وامتداد)).

ثانياً-حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

هي لدى (ابن هشام) على وجهين:

الوجه الأول: حرف: ولها تسعة معان:

1-الاستعلاء: وهو الغالب على معانيها. فإمّا حقيقي، كقوله تعالى: ((وعَليها وعلى الفُلْكِ تُحملون)(46) وإمّا معنوي كقوله تعالى: ((فضَّلنا بعضَهم على بعضٍ))(47). وهذا المعنى الغالب في استعمالاتها التراثية، هو المعنى الأصل لها صراحة بلا تقدير أو تأويل. وذلك لتوافقه مع الخصائص الفطرية لأحرفها.

2-المصاحبة (مع) كقوله تعالى ((وأتى المال على حبه..))..(48)

   ونرى أنَّ معنى المصاحبة في (مع) أقل بلاغة من معنى الاستعلاء في (على). فالعين للعلو والإحاطة، واللام للاتصال، والألف اللينة للمسافة. فيكون إيتاء المال على حبه تعالى مقترناً بمعاني السمو والإحاطة (حصراً)، على شيء من المسافة بين الإنسان وربه، مما لا تقدر (مع) المصاحبة على تضمين هذه المعاني الذكية.

   وهكذا الأمر في قوله تعالى ((وإنَّ ربَّك لذو مغفرة للناس على ظُلمهم))(49). فالصلة بين المغفرة وظلم الناس في (على) تتسم بالسمو والإحاطة والفسحة أيضاً. فكانت (على) هنا للاستعلاء أوفى للغرض من (مع) للمصاحبة.

3-المجاوزة (عن). كقول الشاعر:

لعمرُ اللهِ أعجبني رِضاها)).
 

 

((إذا رضيتْ عليَّ بنو قُشَيْرٍ
 

 

    والرضى هنا يتسم بالسمو والإحاطة ومسافة التكريم بين الراضي والمرضي (عليه). فكانت (على) الاستعلاء أبلغ من (عن) المجاوزة. مع الإقرار بأن عبارة (الرضى عنه) أكثر شيوعاً واستعمالاً من عبارة (الرضى عليه). فجاء بها الشاعر لضرورة الوزن.

4-التعليل-(اللام): كقوله تعالى: ((ولتكبروا الله على ما هداكم))(50). والصلة هنا بين (الله) تعالى والمهديين تتسم أيضاً بالسمو والإحاطة ومسافة التعظيم. فكانت (على) للاستعلاء أبلغ في ذلك من (اللام) اللاصقة وأوفى للغرض بتقدير: ((لهدايته لكم)).

5-الظرفية- (في). كقوله تعالى: ((ادخلوا المدينة على حين غفلة))(51). ولكن دخول المدينة يتطلب فسحة في الزمان والمكان، لا تتضمنها (في) الظرفية التي تمثل حفرة في الطبيعة كما سيأتي فلا فسحة معها في الزمان أو المكان. فكانت (على) أبلغ وأوفى للغرض.

6-موافقة (من): كقوله تعالى: ((ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون)(52). (على) هنا أصلح للاستعلاء المعنوي على الناس الذين إذا (كالوهم أو وزنوهم يخسرون)).

7-موافقة (الباء). نحو ((اركب على اسم الله))، أي باسم الله. ومعنى (الباء) هنا للاستعانة كما أسلفنا. ولكن (على) بما تتضمنه من معاني السمو والإحاطة والفسحة هي أوفى للغرض وأبلغ في أداء معنى (الاستعانة من (الباء).

8-أن تكون زائدة للتعويض: كقول الشاعر:

إن لم يجدْ يوماً (على) من يتكِلْ)).
 

 

((إن الكريمَ وأبيكَ يعتملْ
 

 

    وأصلها ((إن لم يجد يوماً من يتكل عليه)). فكانت (على) تعويضاً عن (عليه) المحذوفة. وهذا ليس معنى لها ولا عبرة له.

9-أن تكون للاستدراك والإضراب كقول الشاعر:

على أن قُربَ الدارِ خيرٌ مِنَ البُعدِ)).
 

 

((بِكُلٍّ تَداوينا فلمْ يَشفَ ما بِنا
 

إذا كانَ مَنْ تهواهُ ليسَ بذي ودّ)).
 

 

على أنَّ قُرْبَ الدارِ ليسَ بِنافعٍ
 

 

فقد أبطل بـ (على) الأولى قوله (لم يشف ما بنا)، ثم أبطل بـ (على) الثانية ما قاله في الشطر الثاني من البيت الأول: ((على أنَّ قرب الدار..)). وهذا الاستعمال اصطلاحي وصحيح.

الوجه الثاني: أن تكون اسماً بمعنى (فوق). وذلك إذا دخلت عليها (من). ولم يثبت هذا المعنى لدى (ابن هشام).

وفي الحقيقة أن معنى (فوق) لا يتضمن الالتصاق أصلاً. وذلك لأن من معاني (الفاء) الفصل والقطع كما أسلفنا في (الفاء) العاطفة، على العكس من (على). فنقول: ((حط الطائر على الشجرة))، لالتصاقه بها في أعاليها بفعل (اللام) اللاصقة، ولا نقول (فوقها). كما نقول: ((حام الطَّائر (فوق الشجرة) وليس عليها.

وهكذا يرفض (ابن هشام) اسمية (على) بمعنى (فوق)، فكان في ذلك ملتزماً بخصائص أحرف (على) الفطرية، فيلتقي التراثي هنا مع الفطري.

ملاحظة لا بد منها، حول التعدية بـ (على) وبـ (اللام).

لا يجيز بعض اللغويين تعدية فعلي (حزن وأسف) إلا بحرف الجر (على). وبعضهم يجيزه بـ (اللام) أيضاً. ويستشهد كلا الفريقين بما ورد في التراث.

فما الضابط في ذلك، وما الأصول في استعمالهما؟.

يجوز تعدية كل فعل لازم بـ (اللام) عندما يقصد منه أن يكون مفعولاً غير مباشر (مفعولاً له) أي (لأجله). ففي قولنا (حزنت له) يكون الحزن ملتصقاً بشخص المحزون من أجله، لما أصابه هو نفسه من مكروه. وهكذا الأمر في (أسفت له) لخاصية (اللام) بالإلصاق.

أما في قولنا (حزنت عليه) فالأمر يختلف. فلما كان من معاني (على)، الإحاطة لحرف (العين)، والالتصاق لحرف (اللام)، والمسافة الفاصلة لحرف (الألف اللينة)، فإن الحزن هنا يتجاوز المصاب إلى المتكلم لبيان وقع الفاجعة التي أحاطت به، بسبب ما أصاب المحزون عليه.

(9- إلى):

واستطراداً ثانياً في الحديث عن (اللام والألف اللينة) في نهاية (على)، رأينا أن نتحدث هنا عن حرف الجر (إلى) قبل أحرف الجر ذات الحرفين.

أولاً- حول خصائص أحرفها ومعانيها الفطرية:

1-(الهمزة)- هي بصوتها الانفجاري تثير الانتباه وتوحي بالحضور والوضوح والظهور، مما جعلها صالحة للقيام بوظيفة النداء، كما أسلفنا والاستفهام أيضاً كما سيأتي:

2-(اللام)- للإلصاق والالتصاق والالتزام كما أسلفنا.

3-(الألف المقصورة)- امتداد صوتي للمسافة في الزمان والمكان.

وهكذا تكون وظيفة (إلى) بحكم محصلة خصائص أحرفها ومعانيها: ((إلصاق حكم فعل لازم- بمفعول به، على ظهور ووضوح بفاصل زماني- مكاني)) نحو: ((ذهبت إلى البيت))، يعني إني ذهبت جهاراً (للهمزة) حتى اتصلت بالبيت (للام)، بفاصل زماني- مكاني، (للألف المقصورة). أما إذا لم يكن الذهاب جهاراً، فيجب إضافة (خفية أو تسللاً..).

وذلك على العكس من وظيفة (اللام) المفردة اللاصقة في: ((هذا الكتاب لزيد)) فالملكية هنا تلتصق مباشرة بزيد، بلا أي فاصل زماني أو مكاني، وهي غير ظاهرة بالضرورة. ولذلك لا يقال: ((هذا الكتاب إلى زيد))، ولا: ((ذهبت للبيت)): وقريب من ذلك قولنا ما أحبَّني (لزيد أو إلى زيد)، تعبيراً عن حبي.

له في الأولى للإلصاق مع (اللام)، وعن حبه لي في الثانية للامتداد مع (الألف) كما أسلفنا.

ثانياً- حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

هي لدى (ابن هشام) على ثمانية معان:

1-انتهاء الغاية الزمانية، كقوله تعالى: (ثم أتِمّوا الصِّيامَ إلى الليل)، والمكانية كقوله أيضاً: ((من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى)). وقد يدخل ما بعدها في حكم ما قبلها إذا وجدت قرينة، نحو: ((قرأت القرآن من أوله إلى آخره)). وقد لا يدخل كقوله تعالى: نحو ((ثم أتموا الصيام إلى الليل))(53)، فالليل لا يدخل. وهذا المعنى هو الأصل في استعمال (إلى) التراثي بما يتوافق مع خصائص أحرفها ومعانيها الفطرية كما أسلفنا.

2-المعية: نحو: ((جمعهم إلى بعضهم بعض)) وقوله تعالى: ((من أنصاري إلى الله))(54). وهنا تستمد (إلى) معنى (المصاحبة) من خصائص أحرفها. فـ(الهمزة) للحضور والوضوح و(اللام) للالصاق والجمع، و(الألف المقصورة) للفسحة في الزمان والمكان. وهذه المعاني هي من مقتضيات (المعية) والمصاحبة.

3-موافقة (في). كقوله تعالى: ((ليجمعنّكم إلى يوم القيامة)(55). ولئن كانت (إلى) تأخذ هنا معنى (في) إلا أن معنى انتهاء الغاية الملغية الزمانية والمكانية.. هو هنا أوفى للغرض وأبلغ من معنى
(في) الظرفية.

4-موافقة (اللام)، نحو: ((والأمر إليك)). ولكن (إلى) هنا، هي لانتهاء الغاية، وذلك بتقدير: ((الأمرُ منته إليك)). وهي أبلغ من معنى (اللام) اللاصقة، وأكثر تعظيماً وتكريماً للمخاطب من قولنا ((والأمر لك)).

5-موافقة (عند): كقول الشاعر

أشهى (إليَّ) من الرحيق السلسل))؟
 

 

((أم لا سبيل إلى الشباب، وذِكرُهُ
 

 

وهذا المعنى صحيح. فهو يتوافق مع خصائص أحرف (إلى) في الظهور والإلصاق والمسافة (الزمانية) بينه وبين الشباب الغابر.

6-التبيين: كقوله تعالى: ((ربِّ السجن أحبُّ (إليَّ) مما يدعونني، إليه))
(56). ونرى أن (عندي) تصح هنا أيضاً بدلاً من (اليّ) فتكون هذه الفقرة(للتبيين) والفقرة السابقة لمعنى واحد، بتقدير (عندي)- ولكن (إلى) في المثالين السابقين هي أوفى للمعنى من (عندي)، وألطف تناولاً وأكثر التصاقاً بذات المتكلم وهكذا لا يؤبه لهذين المعنيين.

7-الابتداء، كقول الشاعر:

أيُسقى فلا يَروَى (إليّ) ابنُ أحمرا))؟.
 

 

((تقولُ وقد غاليتُ بالكُورِ فوقَها
 

 

أي (يروي مني)). وهذا المعنى شاذ لتعارضه مع الخصائص الفطرية لأحرف (إلى)، كما أنه نادر الاستعمال على ما يرى (ابن هشام)، مما لا يؤبه له لتعارض هذا المعنى مع خصائص أحرف (إلى) الفطرية ومعانيها.

8-التوكيد: وهي الزائدة، أثبته الفراء، مستدلاً بقراءة بعضهم قوله تعالى: ((فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم)(57) بفتح (الواو) إذ أن الأصل (تهوِي)، بكسر (الواو). وهذا المعنى لا يعتد به لتعارضه مع خصائص أحرف (إلى) فهو شاذ لقراءة شاذة.

وهكذا فإن اقتصار معاني (إلى) واستعمالاتها التراثية على (ستة) صحاح فقط من ثمانية يرجع إلى التزامها بخصائص أحرفها الثلاثة، على تناقض بين خصائص حرفي (الهمزة، واللام) في (إلى) مما جعلها أقل طواعية لرغبات العربي وأقل حرية وتحرراً بمعرض التعبير عن المؤيد من المعاني والاستعمالات.

10-فِي

أولاً- حول خصائص حرفيها ومعانيهما الفطرية:

1-(الفاء)- من معانيها (الفصل والشق والتوسع)، كما في (فأس- فطم- فرج- فتح..).

2-(الياء)- بحسب حركة النطق بصوتها تشير إلى (تحت)، لتأخذ في الذهن صورة حفرة في الطبيعة. فتكون (في) بتوافق معاني حرفيها: (الفاء) للتوسع (الياء) للحفرة (وعاءً للمحتويات) أي ظرف للمكان. فهل ستلتزم استعمالاتها التراثية بالمعاني الفطرية لحرفيها؟.

ثانياً- حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

هي حرف جر. ولها عند (ابن هشام))، عشرة معان.

1-الظرفية- وهي إما مكانية، كقوله تعالى: ((غلبت الروم(58)، في أدنى الأرض (59))) وإما زمانية، كما في بقية الآية: ((وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين))(60)، وقد تكون مجازية نحو: ((ادخلوا في أُمم)) أي معهم. ولكنها تصبح ظرفية إذا قدرناها ((في جملة أمم)).

3-(التعليل)، نحو: ((إنّ امرأة دخلت النار في هرة)) أي (بسبب هرة) وهو صحيح ولكنه اصطلاحي، لتعارضه مع خصائص حرفي (الفاء والياء).

4-الاستعلاء لقوله تعالى: (((ولأصلبنكم (في) جذوع النخل))(61) بمعنى (على جذوع النخل)، وهو، في رأينا غير صحيح. لأن الصلب يكون بتثبيت الجسم في جذع النخلة بمسامير من حديد وما شابهها وليس فوق جذوعها. وهي هنا للظرفية المكانية.

5-مرادفة (الباء)، نحو: ((أنت خبير في هذا الأمر)). ونرى أن (في) هنا للظرفية المجازية- بتقدير ((في شؤون هذا الأمر)). وذلك على العكس مما لو قلنا: ((أنت خبير في استعمال- السلاح))، إن صح هذا الاستعمال أصلاً. فتكون هنا مرادفة (الباء) بمعنى (الاستعانة).

   ويكون الأصح عندئذ أن نقول: ((أنت خبير باستعمال السلاح))، وليس في استعماله.

6-مرادفة (إلى) كقوله تعالى: (( فَرَدُّوا أيديَهم ووضعوها في أفواههم))
(62)، والظرفية المكانية فيما نرى هي أولى بها هنَا، بتقدير : فَرَدّوا أيديَهم في أفواههم)) سواء أكان المعنى مجازياً أو- حقيقياً.

7-المقايسة، كقوله تعالى/ ((فما متاع الحياة الدنيا (في) الآخرة إلاّ قليل)). وهذا المعنى يتماس مع الظرفية الزمانية بتقدير: ((إذا قورِن متاع الدنيا بنعيم الجنة (يوم) الآخرة، فما هو إلاّ قليل)).

8-مرادفة (من) كقول الشاعر:

وهلْ يعِمَنْ من كانَ في العُصُرِ الخالي)).
 

 

((ألاعِمْ صباحاً أَيُّها الطللُ البالي
 

ثلاثينَ شهراً (في) ثلاثةِ أحوالِ)).
 

 

((وهل يعِمَنْ من كان أحدثُ عهدِه
 

 

أي (من) ثلاثة أحوال. وهذا المعنى ضعيف، يصعب تخريجه بشكل سليم. وكان موضع خلاف فلا يؤبه له، لأنه ليس معنى اصطلاحياً، ولا فطرياً أصيلاً.

9-التعويض: وهي الزائدة عوضاً من (في) أخرى محذوفة، نحو: ((من ضربت فيمن رغبت))، وأصله: ((ضربت من رغبت فيه)). وهو معنى ركيك ضعيف الاستعمال، لا يعتبر اصطلاحياً ولا يؤبه له. فلم يجزه- سوى ابن مالك.

10-التوكيد: وهي الزائدة لغير التعويض، أجازه الفارسي في الضرورة. كقول الشاعر:

يُخالُ (في) سَواده بَرَنْدَجَا)).
 

 

((أنا أبو سَعيدٍ إذا الليلُ دَجا
 

 

وهذا المعنى ضعيف أيضاً وغريب الاستعمال مما لا يؤبه له، ولا يعتبر مصطلحاً.

وهكذا فإن أغلب معانيها واستعمالاتها التراثية الصحيحة تتوافق مع خصائص حرفيها ومعانيها الفطرية في الظرفية. مما يصح اعتبارها من أقدم المستحاثات اللغوية: (الفاء) للمرحلة الزراعية- و(الياء) للمرحلة الغابية.

11-رُبَّ

أولاً- حول خصائص حرفيها ومعانيها الفطرية:

1-(الراء)- من معانيها التكرار والترجيع والتحرك والتمفصل، بما يتوافق مع طريقة النطق بصوتها (التكراري)، كما يعرِّفها الأنطاكي في (محيطه). ولقد كان ثمة (8 17) مصدراً جذراً تبدأ بالراء و(172) تنتهي بها لهذه المعاني. مما يثبت صحة هذه الخاصية وعراقتها في معانيها. كما في (ربك. رتك. رقص. رأد. رجع..  راغ. رمل).

2-(الباء)- من معانيها (الحفر والبقر. والبيان). كما في (بجّ. بعج. بك (للحفر والبقر)، وكما في بصر. بقل. بهر. (للظهور والبيان).

   ومحصلة معاني هذين الحرفين تشير إلى التكرار والبيان .

ثانياً- حول معانيها التراثية وأصول استعمالها:

هي حرف جر. أما عند الكوفيين فهي اسم.

لها وظيفة واحدة تتعلق بالعدد كثرة أو قلة. فهي لدى (ابن هشام ) ترِدُ للتكثير كثيراً وللتقليل قليلاً.

1-للتكرار- كقوله تعالى: ((ربما يودُّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين)). وفي الحديث الشريف: ((يا رُبَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)). وما أكثر المعنيين بهذين المثالين.

2-للتقليل- كقول الشاعر:

وذي ولَدٍ لم يلدْه أبوان)).
 

 

((ألا رُبَّ مولودٍ وليسَ له أبٌ
 

 

والمقصود في الشطر الأول (عيسى) وفي الشطر الثاني (آدم) عليهما السلام. وهما قلة.

ولكن الخصائص الفطرية لحرفيها: (الراء) للتكرار و(الباء) للبيان، تتوافق مع استعمالها للكثرة والتكرار. وهكذا فإن تغليب استعمالها للكثير على القليل بما يتوافق مع خصائص (الراء) الفطرية في التكرار، ينم عن حساسية ذوقية تراثية في منتهى الرهافة.

ثالثاً- حول بعض استعمالاتها:

1-لاتجر إلا المفرد النكرة، فلا يقال: ((ربّ رجالٍ)) و((ربّ زيدٍ)).

2-يجب في مجرورها الظاهر أن يوصف، نحو: ((ربّ كتابٍ نافع قرأته)).

3-تعمل (ربّ) مذكورة ومحذوفة. ويكثر حذفها بعد (الواو)، وتسمى (واو ربّ) وأقل من ذلك بعد (الفاء) وأقل منهما بعد (بل). وقد تحذف وليس قبلها شيء من الحروف.

4- يجب تصديرها.

5-إذا دخلت عليها (ما) الزائدة (ربما) كفَّتها عن العمل. وقد يبقى لها عمل وهو قليل.

6-يقول (ابن هشام) في (ربّ) ست عشرة لغة: (ضم الراء وفتحها، وكلاهما مع التشديد والتخفيف والأوجه الأربعة مع تاء التأنيث ساكنة أو متحركة ومع التجرد منها فهذه اثنتا عشرة لغة، والضم والفتح مع اسكان الباء، وضم الحرفين مع التشديد ومع التخفيف في التلفظ بصوتها.

وهذه الكثرة من اللغات في (ربّ)، تعود إلى خاصية (التمفصل) في صوت (الراء)، بحيث تبقى محافظة على خصائصها في التكرار كيفما لُفظت وحُركت.

12-13- مُذْ + مُنْذُ

لهما معان واستعمالات واحدة:

أولاً- حول خصائص أحرفهما ومعانيهما الفطرية:

باستعراض معانيهما التراثية لم نعثر على رابطة واضحة بينهما وبين خصائص أحرفهما، ولا سيما (الذال) التي من معانيها (الاهتزاز والشدة والقطع).

وإذن فلنصرف النظر مؤقتاً عن البحث في خصائص أحرف (الميم والنون والذال) للكشف عن الرابطة بينها وبين معاني (مذ ومنذ)، إلى أن ننتهي من بيان معانيهما واستعمالاتهما التراثية.

ثانياً- حول معانيهما واستعمالاتهما التراثية:

لهما لدى (ابن هشام) ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يليهما اسم مجرور، فيكونان حرفي جر لثلاثة معان:

1-بمعنى (مِنْ)، إذا كان الزمن ماضياً، نحو: ((ما رأيته (مذ + منذ) يوم الخميس.

2-وبمعنى (في)، إذا كان الزمن حاضراً، نحو: ((ما رأيته (مذ + منذ) يومِنا.

3-وبمعنى (من وإلى) إذا كان معدوداً، نحو ((ما رأيته (مذ + منذ) ثلاثةِ أيام.

وقد استقر العربي على وجوب جر ما بعدهما، نحو: ((ما رأيته (مذ منذ)- يومين. وعلى ترجيح جر (منذ) للماضي على رفعه نحو: ((ما رأيته (منذ) يومين)). وعلى ترجيح رفع (مذ- للماضي على جره، نحو: ((ما رأيته (مذ) يومان)):

الحالة الثانية: أن يليهما اسم مرفوع. نحو: ((ما رأيته (مذ) ومنذ (يومان). وذلك بتقدير ((مذ كان، منذ كان يومان)).

الحالة الثالثة: أن تليهما جملة فعلية، نحو: ((ما رأيته مذ سافر))، أو جملة اسمية، نحو: - ((ما رأيته منذ هو صغير)).

وهكذا يبدو أنه ليس ثمة علاقة بين معانيهما التراثية وبين الخصائص الفطرية لأحرفهما.

ولكن ماذا لو أخذنا بأقوال بعض الكوفيين، من أن كلاً من (مذ.منذ) مؤلف من كلمتين اثنتين هما: (من) + (ذو) الطائية، كما ذكر (ابن هشام)؟ فهل ستتوافق معانيهما- واستعمالاتهما التراثية مع محصلة معاني ((من + ذو))؟.

أ-(من)، من معانيها (ابتداء الغاية) مكانية أو زمانية، كما أسلفنا في دراستها. ولما كانت (مذ ومنذ) تتعلقان بالحاضر أو الماضي، فإن (ابتداء الغاية) الزمانية هو الذي يعنينا هنا وحده.

ب-(ذو)- معناها الأصلي التراثي (صاحب)، نحو (ذومال)). ولكنها تأتي مصاحبة للزمان، نحو ((اتيته ذات صباح وذا مساء)).

وهكذا يغلب على معاني (مذ-منذ) الجارتين المتعلقتين بالماضي، فيما نرى، (ابتداء الغاية الزمانية). وهو أحد معاني (من). أما (الذال)، فهي مخفف (ذو) الزمانية فتكون محصلة معاني (من+ذو) ابتداء الغاية الزمانية، لتتوافق بذلك خصائص أحرفهما الفطرية مع معانيهما التراثية.

وما نحسب إلا أن العربي قد أبدع (مذ) من (منذ)، لأن هذه هي الأصل المركب، فخففت إلى (مذ) بفعل الشعراء لضرورات الوزن. وذلك على مثال ما كانت (إنّي) هي أصل (إنّ)- كما سيأتي في الأحرف المشبهة بالفعل.

ويبدو لي أن هذين الحرفين (مذ ومنذ) قد أبدعا في مرحلة لغوية شعرية متأخرة، فتراخت بذلك معانيهما واستعمالاتهما التراثية عن خصائص أحرفهما ومعانيهما الفطرية.

14-حتّى الجارَّة

يشترط في (حتى) الجارة ما يشترط في (حتى) العاطفة، أن يكون مجرورها مفرداً ظاهراً، لا مضمراً، وهو هنا لا يدخل في حكم ما قبلها، على العكس من (حتى) العاطفة. فإذا قلنا ((قرأت الكتاب حتى الفصل الخامس)) بالكسر، فإن الفصل الخامس لا يدخل. وذلك على العكس مما لو قلنا ((قرأت الكتاب حتى الفصلَ الخامسَ)) بالفتح، فهو يدخل بالعطف، كما سبق.

وحتى الجارة هذه لها معنيان:

1-مرادفة (إلى). نحو: ((سأقيم في المدينة حتى يأتي الربيع)).

2-ومرادفة (كي)، نحو ((أسلم حتى تدخل الجنة)).

ويبدو لي أن الأصل في (حتى) هو العطف لخاصية الاحتواء في (الحاء). التي تناسب العطف وليس الجر. وهكذا جاء (الجر) لاحقاً.

على أن (حتى) لها معان واستعمالات عديدة أخرى يصعب حصرها، مما لا يعنينا في هذه الدراسة عن حروف الجر، فصرفنا النظر عنها. وقد قال بعضهم: ((مات الفراء وفي قلبه شيء من حتى)).

15-16-17 (خَلا+ عَدا+ حَاشا)

لم يبدعها العربي أحرفاً للجر أصلاً. وليس ثمة  علاقة بين خصائص الأحرف العربية التي تشارك في تراكيبها وبين معانيها واستعمالاتها التراثية. لذلك سنجمل احكامها ومعانيها فيما يلي:

حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

1-أفعال ماضية متصرفة، نحو ((شتم زيدٌ رفاقه، وما حاشا أحداً منهم)). و((خلا البيتُ من السكان) و((عدا الغزال عدواً سريعاً)).

2-أفعال ماضية جامدة، نحو: ((سكر القوم حاشا زيداً)) و((قام القوم (خلا-عدا) زيداً)) وإن زيداً في هذه الأمثلة منصوب على الاستثناء.

3-أحرف جر شبيهةً بالزائدة: إذا استعملت في الاستثناء وجرَّت الاسم المستثنى له. نحو ((قام القوم (خلا- عدا- حاشا) زيد)) فزيد مجرور لفظاً منصوب محلاً على الاستثناء.

وهكذا يتضح أن هذه الأفعال الثلاثة قد أُقحمت في فئة حروف الجر إقحاماً، بدليل أن مجروراتها تُنصب محلاً على الاستثناء. مما يجعل جرها لما بعدها اختيارياً وضرباً من الاصطلاح. وربما كان ذلك على أيدي الشعراء لضرورات الأوزان والقوافي.

وإذن فهي أفعال وليست (حروف) جر أصلية.

18- متى:

هي حرف جر بمعنى (من)، أو بمعنى (الى). وهذان المعنيان خاصان بلغة (هذيل). يقولون ((وضعته متى كمي)) أي (في) كمي. و((اخرجتها متى كمي))، أي (من) كمي.

ولا يؤبه لهذين المعنيين لأنهما لغة خاصة بإحدى القبائل العربية. ولأن خصائص أحرفها لا تتوافق مع هذين المعنيين. وهي إما اسم استفهام، أو اسم شرط جازم، مما لا علاقة له بالجر.

19- كَيْ:

هي على ثلاثة أوجه:

1-اسم استفهام- كقول الشاعر:

قتلاكُمُ ولَظى الهَيجاءِ تضْطِرمُ)).
 

 

((كي تجنحونَ إلى سلم وما ثُئِرَتْ
 

 

هي (كيف) بحذف (الفاء). وهذا المعنى لا علاقة له بـ(كي) الأصلية.

2-حرف جر- وهي الداخلة على (ما) الاستفهامية، نحو ((كيم فعلت ذلك)) أي ((لم فعلته)) والداخلة على (ما) المصدرية، كقول الشاعر:

يُرجَّى الفتى كيما يَضُرُّ ويَنفعُ)).
 

 

((إذا أنت لم تنفعْ فضُرَّ فإنما
 

 

   أي، يرجّى الفتى للضرر والنفع.

3-حرف مصدرية ونصب، نحو: ((ذهبت إلى المدرسة لكي أتعلمَ). نرجئ البحث عن (كي) المصدرية هذه إلى فئة أحرف النصب.

ولما كانت (كي) لا تدخل إلا على الأفعال، كما لاحظنا آنفاً، فإن خاصية الجر فيها قد أُلصق بها إلصاقاً لتخريج إعراب ما بعدها. فيبدو أنهم لم يجدوا له مخرجاً إلا بجعلها أداة وما بعدها جملة فعلية في محل جرِِّ بها، على ما ذكره ابن هشام في (مغني اللبيب). وهكذا تكون وظيفتها في الجر مصطلحة، مما يخرجها من فئة حروف الجر الأصلية.

20-لَعلّ

هي أحد الأحرف المشبهة بالفعل ناصبة لاسم ورافعة لخبر، كما سيأتي:

أما في لغة عقيل، فهي حرف جار، كقول الشاعر:

(لعلَّ) أبي المغوارِ منكَ قريبُ)).
 

 

فقلتُ ادعُ أخرى وارفعِ الصوتَ جَهرة
 

 

ونرى أنه لا يؤبه لخاصية الجر فيها، لأنها لغة خاصة لدى احدى القبائل العربية، ولأن معنى الجر المسند إليها لا يتوافق مع خصائص أحرفها.

وهكذا فإن حداثة الحروف العربية تتجلى في هذا الفصل بالوعي الجديد لخصائصها ومعانيها الفطرية بمعرض المطابقة بينها وبين المعاني التراثية وأصول استعمال حروف الجر التي تشارك في تراكيبها.

 

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.



موكب أهالي كربلاء يهدي ممثل المرجعية العليا درعا تثمينا للمساهمات الفاعلة والمساندة لإنجاح الفعاليات التي يقيمها خلال المناسبات الدينية
مراحل متقدمة من الإنجاز يشهدها مشروع مركز الشلل الدماغي في بابل
الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة: يجب الاهتمام بالباحثين عن العمل ومنحهم الفرص المناسبة عبر الاهتمام بقدراتهم ومؤهلاتهم وإبداعاتهم
يمتد على مساحة (500) دونم ويستهدف توليد الطاقة الكهربائية.. العتبة الحسينية تعلن عن الشروع بإنشاء مشروع معمل لتدوير النفايات في كربلاء