المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2653 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
ونواقض الوضوء وبدائله
2024-05-02
معنى مثقال ذرة
2024-05-02
معنى الجار ذي القربى
2024-05-02
{واللاتي‏ تخافون نشوزهن}
2024-05-02
ما هي الكبائر
2024-05-02
شعر لأحمد بن أفلح
2024-05-02

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


وجهة نظر سيميولوجية  
  
876   11:13 صباحاً   التاريخ: 22-2-2019
المؤلف : جون ليونز
الكتاب أو المصدر : اللغة وعلم اللغة
الجزء والصفحة : ص23- 34
القسم : علوم اللغة العربية / علم اللغة / ماهية علم اللغة /

 

وجهة نظر سيميولوجية
وصفت السيميولوجية وصفا متنوعا على أنها علم الإشارات أو أنها السلوك الرمزي أو أنها النظم الاتصالية، وثمة مناقشات كثيرة في إطار السيميولوجية تتعلق بالاختلاف بين الإشارات والرموز والعلامات، وبمجال مصطلح الاتصال(1)، ولأغراضنا الراهنة سنعتبر السيميولوجيا تتعلق بنظم الاتصال، وسوف نفسر مصطلح "اتصال" تفسيرا مجملا إلى حد ما بحيث لا يتضمن بالضرورة اتجاها نحو تقديم معلومات، ولا يكون ذلك إذا فسرنا المصطلح بالطريقة التي يمكن للمرء أن يتكلم عن الاتصال الحيواني دون أن يبدأ ببعض القضايا الفلسفية المثيرة للجدل.
وثمة تصورات معينة تتصل بالبحث في كل النظم الاتصالية الإنسانية وغير الإنسانية، الطبيعية والصناعية، فالإشارة تمر من المرسل إلى المستقبل "أو مجموعة

ص23

 

من المستقبلين" وتأخذ الإشارة شكلا معينا وتحمل معنى معينا "أو رسالة"، والعلاقة بين شكل الإشارة ومعناها يؤسسها ما يعرف بشكل شائع في السيميولوجيا بالشفرة "بالمعنى العام إلى حد ما للمصطلح" فالرسالة يرمز لشفرتها المرسل ويحل شفرتها المستقبل.
وتعد اللغات الطبيعية -من وجهة النظر هذه- شفرات، ويمكن مقارنتها بالشفرات الأخرى من جميع النواحي: من ناحية قناة الاتصال التي تمر من خلالها الإشارات، ومن ناحية شكل الإشارات أو بنيتها، ومن ناحية نوع الرسائل التي يمكن أن يرمز لشفرتها أو مجالها وهلم جرا، وتقبع المشكلة في تحديد خصائص الشفرات أو النظم الإشارية التي تعمل من خلالها والتي لها أهميتها فيما تهدف إليه عملية المقارنة، وتلك التي لا أهمية لها أو التي هي أقل أهمية، ويجعل هذه المشكلة أكثر تعقيدا أن الكثير من هذه الخصائص التي يمكن أن يختارها المرء باعتبارها خصائص حاسمة يمكن تدرجها، ولهذا فإنه ربما كان مهما للغاية أن نقارن الشفرات من خلال درجة وجود الخاصة المشتركة وليس ببساطة من خلال وجودها أو عدمه والمقارنات السخيفة إلى حد بعيد التي تعقد بين اللغات ونظم الاتصال التي تستخدمها أجناس معينة من الطيور والحيوانات تقوم -على أساس اختيار خصائص معينة- باستبعاد الخصائص الأخرى وتفشل في أن تولي اهتماما بإمكانية تدرج الخصائص.
وبقدر ما تلقى قناة الاتصال من اهتمام تكون الحاجة إلى الكلام ضئيلة سوى أن اللغة -بخلاف الشفرات التي تستخدمها كثير من الحيوانات إن لم تكن جميعها- تتميز بدرجة عالية إلى حد بعيد بوجود خاصة قابلية التحول في الوسيلة فيها، وقد تناولنا هذه النقطة في القسم السابق، ومفهوم الوسيلة، ومفهوم القناة -بالطبع- مرتبطان ارتباطا وثيقا من حيث إن

ص24

خصائص الوسيلة مأخوذة من خصائص القناة الطبيعية للتوصيل، ومع هذا فإنه من الأهمية أن نميز بين المفهومين فيما يتصل باللغة، فكلتا اللغتين المنطوقة والمكتوبة يمكن أن تنتقل عبر قنوات اتصال متنوعة، وعندما نستخدم مصطلح "وسيلة" أكثر من "قناة" فإننا لا نعنى بالمرور الفعلي للإشارات في مناسبات معينة، ولكننا نعنى بالاختلافات الوظيفية والبنيوية المصوغة في صورة نظام والتي تميز بين اللغة المنطوقة واللغة المكتوبة، وذلك على الرغم من أن المفارقة قد تبدو من الوهلة الأولى في أن اللغة الإنجليزية المكتوبة يمكن أن تنتقل عبر القناة المسموعة المنطوقة "أي: بواسطة الكلام"، واللغة الإنجليزية المنطوقة يمكن أن تنتقل عن طريق الكتابة "على الرغم من أن ذلك غير مرض إلى حد بعيد في الكتابة الهجائية المعتادة".
وربما كانت أكثر خصائص اللغة لفتا للأنظار عند مقارنتها بالشفرات أو بنظم الاتصال مرونتها، وتعدد استعمالاتها، فنحن نستخدم اللغة للتعبير عن انفعالاتنا، ومشاعرنا، أو لكي نلتمس تعاون رفاقنا، أو لكي نصوغ وعودنا ووعيدنا، أو لكي نصدر أوامرنا، أو نوجه أسئلتنا أو لنصوغ أحكامنا، ويمكننا أن نشير إلى الماضي، وإلى الحاضر، وإلى المستقبل وإلى الأشياء البعيدة عن سياق القول وحتى إلى تلك الأشياء التي لا حاجة لوجودها ولس من الممكن إيجادها، وليس هناك نظام اتصال خاص بالإنسان أو بغير الإنسان يبدو أن له شيئا ما يشبه هذه الدرجة من المرونة وقابلية التغير، وفيما بين الخصائص الأكثر وضوحا والتي تسهم في مرونة اللغة وتعدد استعمالاتها "أي: في كل نظام لغوي وفي أي نظام لغوي" هناك أربع خصائص تذكر بشكل متكرر للتذكر وهي: الاعتباطية، والازدواجية، والتمايز، والإنتاجية.

ص25

1- الاعتباطية(2) ويستخدم هذا المصطلح هنا بمعنى خاص إلى حد ما ليعني شيئا ما مثل "تعذر التفسير من خلال بعض المبادئ الأكثر عمومية" وأكثر الأمثلة وضوحا على الاعتباطية في اللغة -والمثال الذي يذكر بشكل أكثر تكرارا- يتصل بالعلاقة التي تربط بين المعنى والشكل، بين الإشارة والرسالة، وهناك أمثلة متفرقة في كل اللغات لما يعرف تقليديا بظاهرة التسمية بالمحاكاة الصوتية: لاحظ العلاقة غير الاعتباطية بين الشكل والمعنى في الكلمات الآتية المسماة بالمحاكاة الصوتية مثل cuckoo" "peewit" "crash"(3)" في اللغة الإنجليزية، غير أن الأغلبية العظمى من الكلمات في كل اللغات غير مسماة بالمحاكاة الصوتية فالعلاقة بين ألفاظها ومعانيها اعتباطية فلفظ كلمة ما لا يمكن أن ينبأ عن معناها كما أن معنى كلمة ما لا يمكن أن ينبأ عن لفظها.
ومن الواضح أن العرفية -بهذا المعنى- تزيد من مرونة نطام الاتصال وتعدد استعمالاته فاتساع المعجم ليس مقيدا بضرورة التوافق بين الشكل والمعنى من خلال بعض المبادئ الأكثر عمومية، ومن الناحية الأخرى فحقيقة أن حلقة الوصل بين الشكل والمعنى على مستوى الوحدات المعجمية للنظم اللغوية -بشكل عام- اعتباطية لها أثرها في العبء الكبير الذي يقع على الذاكرة في عملية اكتساب اللغة، وارتباط صيغة معينة بمعنى معين يجب أن نعرفه في كل وحدة معجمية بشكل مستقل، إذن الاعتباطية التي من هذا
ص26

 

النوع من وجهة النظر السيميولوجية لها فوائدها وأضرارها فهي تجعل النظام اللغوي أكثر مرونة وتكيفا، لكنها تجعل تعلمه أكثر صعوبة وإرهاقا كذلك، وتوجد نقطة إضافية فالاعتباطية في أي نظام سيميولوجي تجعل تفسير الإشارات أكثر صعوبة بالنسبة لأي فرد يتصدى لتفسير هذه الإشارات ولا يعرف النظام، ولهذا أيضا فوائده وأضراره بالنسبة لمستخدمي النظام العاديين، ومن المفترض أن يتفوق الجانب المفيد على الجانب الضار، أما معظم النظم الاتصالية الخاصة بالحيوان ففيها رابطة لا اعتباطية بين شكل الإشارة ومعناها.
ولا تنحصر الاعتباطية بقدر ما تلقى اللغة من اهتمام في العلاقة بين الشكل والمعنى، فهي تتسع كذلك -بدرجة كبيرة إلى حد ما- لما يتعلق بكثير من البنية النحوية الخاصة بلغات معينة بقدر ما تختلف نحويا الواحدة عن الأخرى، ولم لم يكن الأمر كذلك لكان تعلم اللغات الأجنبية أكثر سهولة.
والأكثر إثارة فرضية تشومسكي التي تذهب إلى أن مقدارا كبيرا مما هو مشترك في البنية النحوية للغات الإنسانية جميعها -بما في ذلك العملية التي هي من نوع خاص إلى حد بعيد والخاصة بتبعية البنية- اعتباطي كذلك بمعنى أنه لا يمكن تفسيرها أو التنبؤ بها من خلال وظائف اللغة، أو الأحوال البيئية التي تكتسب فيها للغة وتستخدم فيها، أو طبيعة العملية الإدراكية الإنسانية عموما، أو أي عامل من هذا النوع، ووجهة نظر تشومسكي أن الكائنات الإنسانية موهوبة وراثيا بمعرفة المبادئ العامة الاعتباطية المزعومة التي تحدد الأبنية النحوية في جميع اللغات، وكل ما نحتاج أن نقوله هنا عن هذه النظرية أن اللغويين لا يتفقون جميعا على أن مثل هذه المبادئ العامة -كما يمكن تأسيسها- اعتباطية بالمعنى المقصود، وكثير من

ص27

البحوث الحديثة في علم اللغة النظري تكرث جهودها في محاولة بيان أنها ليست كذلك، وسنعود إلى هذه النقطة في الفصل الثامن.
2- الازدواجية(4) ونعني بها أن اللغة مستويين بنيويين فوحدات المستوى الأساسي تتكون من عناصر المستوى الثانوي ولكلا المستويين أسسه التنظيمية الخاصة، وستلاحظ أنثى أدخلت مميزا اصطلاحيا بين "عنصر" و"وحدة" وهذا ليس مميزا اصطلاحيا مشتركا في علم اللغة ومع ذلك فهو ذو ملائمة تفسيرية معينة وسيلتزم به في هذا الكتاب.
ونستطيع الآن أن نعتبر أن عناصر اللغة المنطوقة هي الأصوات "أو بشكل أوضح كما سيتضح في الفصل الثالث الفونيمات"، ولا تحمل الأصوات في حد ذاتها معنى، ووظيفتها الوحيدة أن يتجمع الواحد منها مع الآخر لتكوين وحدات لها -بصفة عامة- معنى محدد، ويرجع ذلك إلى أن عناصر المستوى الأدنى وهي الأصغر لا معنى لها بينما عناصر المستوى الأعلى وهي الأكبر لها معنى مميز -بصفة عامة إن لم يكن بشكل ثابت- يمكن التعرف عليه، ومن ثم وصفت العناصر بأنها ثانوية ووصفت الوحدات بأنها أساسية، ونظم الاتصال كلها لها مثل هذه الوحدات الأساسية لكن هذه الوحدات ليست بالضرورة مؤلفة من عناصر، ولا يكون للنظام خاصة الازدواجية إلا إذا كانت فيه الوحدات والعناصر كلاهما، ومعظم نظم الاتصال الخاصة بالحيوان لا تنتهج

ص28

 

هذا النهج -بشكل واضح- وتلك التي تنتهج هذا النهج لا تتركب وحداتها الواحدة مع الأخرى بالطريقة التي تتركب بها الكلمات الواحدة مع الأخرى في كل اللغات الإنسانية لتكون العبارات والجمل.
وفائدة الازدواجية أنه يمكن أن نركب عددا ضخما من الوحدات المختلفة من عدد صغير من العناصر، فعدة آلاف من الكلمات -على سبيل المثال- تتركب من ثلاثين أو أربعين صوتا، ولو أن هذه الوحدات الأساسية أتيح لها التركيب المنظم بطرق متنوعة فإن عدد الإشارات المتميزة التي يمكن أن تنقل -وبالتبعية عدد الرسائل المختلفة- سيتزايد بدرجة هائلة، وكما سنرى فيما بعد ليس هناك حد لعدد الإشارات اللغوية المتميزة التي يمكن أن تتركب في لغات معينة.
3- التمايز(5) ويقابل الاختلاف المتصل أو المتواصل، والتمايز في حالة اللغة خاصة للعناصر الثانوية، ولكي نوضح ذلك فإن الكلمتين: "bit"

ص29

 

"bet" مختلفتان في الصيغة في كلتا اللغتين المنطوقة والمكتوبة، ومن الممكن فعلا أن يصدر صوت حركة بطريقة وسط بين الحركتين اللتين تذكران عادة في نطق هاتين الكلمتين، لكننا إذا استبدلنا هذا الصوت المتوسط بالحركة التي في bit أو bet في السياق نفسه فلن تكون النتيجة أننا سننطق كلمة ثالثة تتميز عن الكلمتين السابقتين أو تشاركهما خصائصهما ولكننا سننطق بشيء ما لا يعد كلمة عن الإطلاق أو يعد صورة نطقية خاطئة لإحدى الكلمتين، فما يميز صيغة معينة في اللغة -بصفة عامة- ليس الترجيح أو الموازنة وإنما العناصر جميعها سلبا أو إيجابا.
وبناء عليه فإن التمايز لا يعتمد اعتمادا منطقيا على الاعتباطية، فهي تتفاعل معها لتزيد من مرونة النظم اللغوية وتعددا استعمالاتها فعلى سبيل المثال من الممكن من حيث المبدأ أن تكون كلمتان مختلفتان الحد الأدنى للاختلاف غير أنهما متمايزتان في الصيغة متشابهتين في المعنى إلى حد بعيد وهو ما لا يحدث بوجه عام، فالكلمتان "bet" "bit" لا يزيد الشبه بينهما في المعنى عن أي زوج تختاره بشكل عشوائي من كلمات اللغة الإنجليزية، وحقيقة أن الكلمات التي تختلف الحد الأدنى من الاختلاف في الشكل تختلف عادة في المعنى إلى حد بعيد أكثر من اختلافها الحد الأدنى لها أثرها في تعضيد التمايز في الاختلاف الشكلي بينهما ففي معظم السياقات يكون ذكر إحداها أكثر احتمالا إلى حد بعيد من ذكر غيرها, وهو ما يقلل احتمالات عدم الفهم في الأحوال الرديئة من الإرسال الإشاري، وفي نظم الاتصال الخاصة بالحيوان يرتبط عادة اللاتمايز "أي: التنوع المستمر" باللااعتباطية.
4- الإنتاجية لنظام اتصالي ما خاصة تجعل تركيب الإشارات الجديدة وتفسيرها ممكنا، ونعني بالإشارات الجديدة تلك الإشارات التي لم تواجهنا من

ص30

 

قبل، والإشارات لا توجد في بعض القوائم -مهما كانت ضخامة هذه القوائم- بحيث يجد مستخدم اللغة منفذا إليها, ومعظم نظم الاتصال الخاصة بالحيوان تبدو محدودة للغاية من حيث عدد إشاراتها التي يمكن أن تُرْسَل وأن تستقبل من قِبَل مستخدميها، ومن الناحية الأخرى تمكن جميع النظم اللغوية مستخدميها من تركيب أقوال كثيرة بغير حدود -لم يسبق سماعها أو قراءتها من قبل- وفهمها.
وقد لاقت خاصة الإنتاجية توكيدا في المؤلفات اللغوية الحديثة لا سيما تلك التي تُعْزى لتشومسكي مع إشارة خاصة إلى قضية تفسير اكتساب الأطفال للغة وحقيقة أن الأطفال يكون في مقدورهم -في مرحلة مبكرة إلى حد بعيد- إنتاج الأقوال التي لم يسمعوها من قبل دليل على أن اللغة لا تكتسب عن طريق المحاكاة والذاكرة وحدهما.
ويجب أن نؤكد عند مناقشة الإنتاجية أنه ليس هناك مثل القدرة على تركيب أقوال جديدة في أهميتها الحاسمة، عند تقييم النظم اللغوية فعلى سبيل المثال القول بأن نظام الاتصال الذي تستخدمه مملكة النحل للاستدلال على مصدر رحيق الزهرو له خاصة الإنتاجية يكون مضللا إلى حد بعيد إذا كنا نعني بذلك أن النظام -من هذه الناحية- يشبه اللغات الإنسانية، فالنحل ينتج إشارات متنوعة كثيرة بلا حدود "تختلف من حيث ذبذبة أجسامها، ومن حيث درجة الزاوية التي تتخذها في مواجهة الشمس"، غير أنه يوجد اختلاف مستمر في الإشارات ورابطة لا اعتباطية بين الإشارة والرسالة، ولا يمكن أن يستخدم النحل هذا النظام ليحمل معلومات عن أي شيء سوى اتجاه مصدر الرحيق والمسافة التي تفصل بينهما.
ومما يلفت النظر حول الإنتاجية في اللغات الطبيعية أنها بقدر ما هي واضحة

ص31

في أبنيتها النحوية فهي غاية التعقيد والتنوع من حيث المبادئ التي تضمنها وتشكلها، غير أن هذا التنوع والتعقيد -كما ألح تشومسكي بما لم يفعله غيره- ليس على عواهنه أي: إنه محكوم بقانون، وفي إطار الحدود التي رسمتها قوانين النحو التي ربما كانت عالمية إلى حد ما ونوعية خاصة بلغات معينة إلى حد ما أيضا يكون للمتكلمين الأصليين الحرية في تركيب أقوال كثيرة بلا حدود بطريقة خلاقة -وهي الطريقة التي يراها تشومسكي طريقة إنسانية مميزة- وترتبط فكرة الخلق وفقا لقوانين حاكمة ارتباطا وثيقا بالإنتاجية وهي التي كانت لها أهمية عظمى في تطور التوليدية.
والخصائص الأربعة العامة التي سبق ذكرها ومناقشتها باختصار وهي: الاعتباطية، والازدواجية، والتمايز، والإنتاجية تترابط جميعها من طرق عديدة، وهذه الخصائص ليس موجودة فحسب -بقدر ما نعلم- في اللغات كلها ولكنها موجودة فيها بدرجة عالية إلى حد بعيد، وإذا ما وجدنا هذه الخصائص في أي نظام اتصالي خلاف اللغة موضع البحث فلن تبدو موجودة بنفس درجة وجودها أو متداخلة بنفس الطريقة كما هي في اللغة.
وعلى كل حال يستحق أيضا أن نوضح أن تلك الخصائص الأربعة التي تستقل بشكل تام في القناة والأداة كليهما أقل تميزا في الجانب غير المنطوق من الإشارات اللغوية، وأن الأقوال ليست مجرد تتابعات من الكلمات فهناك ظاهرتان صوتيتان متميزتان إلى حد ما تعلوان الكلمات المتتابعة "أي: الأجزاء المنطوقة" في أي قول متكلم به وهما: موسيقى الكلام والمصاحبات اللغوية، وتشمل السمات الموسيقية في الكلام أشياء مثل النبر، والتنغيم(6)،
ص32

 

وتشتمل المصاحبات اللغوية على ظواهر مثل سرعة الأداء وارتفاع الصوت.. إلخ، ويرتبط كذلك بالقول المتكلم به ظواهر غير منطوقة متنوعة "حركات العين، وإيماءات الرأس، وتعبيرات الوجه، واللفتات، وحركات الجسم... إلخ" وتسهم بشكل إضافي في تحديد بنية القول أو معناه ويمكن أيضا أن توصف بالمصاحبات اللغوية، ولا يتعامل اللغوي -في العادة- إلا مع ظواهر موسيقى الكلام ضمن السمات المنطوقة كما يحددها النظام اللغوي في حد ذاته, وعلى كل حال فإن الظواهر الخاصة بموسيقى الكلام، والمصاحبات اللغوية كليهما تعد جزءا متمما للسلوك اللغوي المعتاد عبر الوسيلة المنطوقة، وبقدر ما تفتقد الأنواع المختلفة من الاتصال الحيواني الخصائص العامة الأربعة: الاعتباطية، والازدواجية، والتمايز، والإنتاجية -أو على الأقل لا تظهر فيها بالدرجة التي تظهر بها في الجزء المنطوق من اللغة- فإن السمات الخاصة بموسيقى الكلام والمصاحبات اللغوية في السلوك اللغوي تشبه إلى حد بعيد السمات الخاصة بالأنواع المختلفة من الاتصال الحيواني.
إذن هل ينفرد الإنسان باللغة؟ الإجابة على هذا السؤال يشبه الإجابة على السؤال: "هل الإنسان متفرد بين الحيوانات؟" فهي تعتمد إلى حد بعيد على الخصائص التي يقرر المرء أن يركز عليها وأن يجعلها حاسمة في تعريف اللغة، ومن الجائز على حد سواء أن نركز على الاختلافات الواضحة من حيث النوع ومن حيث الدرجة بين اللغة واللا لغة أو على التماثلات الأقل وضوحا،

ص33

وقد يميل اللغوين وعالم النفس، والفيلسوف إلى التأكيد على أوجه الاختلاف بينما يركز السيميولوجي، وعالم الأحياء، وعالم الأجناس على أوجه الشبه.

ص34

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاتصال Communication فكرة أساسية في دراسة السلوك تعمل إطارا مرجعيا للدراسات اللغوية والصوتية ويشير الاتصال إلى انتقال رسالة بين المرسل والمستقبل باستخدام نظام إشاري، وفي السياق اللغوي يكون المرسل والمستقبل هما المتكلم والمستمع ويكون النظام الإشاري اللغة.

(2) أو العشوائية أو العرفية "arbitrariness" وتفقد بموجبها الصيغ اللغوية أي تناظر فيزيائي مع الموجودات التي تشير إليها في العالم فعلى سبيل المثال ليس هناك شيء في كلمة كرسي تعكس هيئة ذلك الشيء المسمى بها فالعلاقة بين اللفظ والمعنى علاقة عشوائية باستثناء كلمات قليلة تفصح ألفاظها عن معانيها.
(3) المقابل الدلالي لهذه الكلمات الوقوفة، والبويت، ويحطم على الترتيب.

(4) خاصة الازدواجية "duality" وتبدو اللغة بموجبها ينتظمها على المستوى البنيوي مستويان مجردان: أولهما المستوى الأعلى حيث نحلل اللغة إلى مجموعات من الوحدات ذات المعنى وهي الوحدات الصرفية أو المورفيمات أو الكلمات وثانيهما المستوى الأدنى حيث تبدو اللغة سلسلة من القطع الصوتية "segments" لا معنى لها لكنها تتجمع لتكون وحدات ذات معنى.

(5) خاصة التمايز "discreteness" ويمكن بموجب هذه الخاصة تحليل عناصر الإشارة اللغوية كما لو كانت ذات حدود يمكن تمييزها دون أي تدرج أو تواصل بينها، والنظام الذي يفتقد التمايز، يقال إنه نظام متواصل أو مفتقد التمايز ويستخدم المصطلح بصفة خاصة في علم الأصوات والفونولوجيا ليشير إلى الأصوت التي لها حدود حاسمة نسبيا, كما تحددها الوسائل السمعية والنطقية والفيزيائية، فرغم أن الكلام تيار متواصل من الأصوات إلا أن متكلمي لغة ما يستطيعون تقسيم هذه الكتلة المتجانسة إلى عدد محدد من الوحدات المنفصلة التي تناظر عادة الوحدات الصوتية "الفونيمات" في اللغة، وحدود هذه الوحدات قد تناظر السمات السمعية والنطقية التي يمكن تمييزها غير أنها غالبا قد لا تكون كذلك وتعرف الوحدات المجزأة أو المقسمة في حدها الأدنى في علم الأصوات بالفونات "Phones".

(6) التنغيم: مصطلح يستخدم في دراسة الفونولوجيا التطريزية أو الفونولوجيا فوق القطعية ويشير إلى الاستخدام المميز للأنماط الخاصة بدرجة الصوت "pitch" أو اللحن "melody" ويقوم التنغيم بوظائف عديدة في اللغة وأهم وظيفة له أنه يقوم مقام الإشارة "Signal" في البنية النحوية حيث يقوم مقام علامات الترقيم في الكتابة، ويكشف كذلك عن المواقف الشخصية للمتكلم مثل السخرية والغضب.. إلخ.

 

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.



جمعيّة العميد وقسم الشؤون الفكريّة تدعوان الباحثين للمشاركة في الملتقى العلمي الوطني الأوّل
الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السابق: جناح جمعية العميد في معرض تونس ثمين بإصداراته
المجمع العلمي يستأنف فعاليات محفل منابر النور في واسط
برعاية العتبة العباسيّة المقدّسة فرقة العبّاس (عليه السلام) تُقيم معرضًا يوثّق انتصاراتها في قرية البشير بمحافظة كركوك