أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-11-2018
2283
التاريخ: 5-11-2018
4749
التاريخ: 5-11-2017
2094
التاريخ: 5-5-2017
2686
|
إتخذ الامويين الدين وسيلة لقمع حركات المسلمين الذين طالبوا « الخلفاء » الأمويين بتطبيق مبادئ الدين على تصرفاتهم .
أي أن الامويين كانوا يتظاهرون بالتدين فيدعون المسلمين ـ في خطبهم وخطب ولاتهم ـ إلى التمسك بالدين الذي لا يتمسكون هم ولا ولاتهم بتعاليمه .
وكانت غايتهم من ذلك ـ بالطبع ـ هي صرف الناس عن المطالبة بتطبيق الدين على شؤون الحياة من جهة وعاملا من العوامل التي يبرر الأمويون فيها اعتداءاتهم على أرواح المسلمين وممتلكاتهم .
وقد أصبح الأمويون بهذا النوع من التصرف ممن يشملهم منطوق الآيات التالية التي وردت في القرآن : جاء في سورة البقرة .
« ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين . يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون . في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون » .
وإذا قيل لهم : « لا تفسدوا في الارض قالوا إنما نحن مصلحون . ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون » .. وجاء في سورة البقرة أيضاً .
« أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون » .
« ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام . وإذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد . وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد » . وإلى القارئ نماذج من تصرفات الامويين في هذا الباب .
خطب زياد بن أبيه في حشد كبير من المسلمين فنعى عليهم عدم تمسكهم بالدين ونسي او تناسى نفسه وخليفته وأثر كل منهما في ذلك الوجه من وجوه الحياة الإسلامية . ثم قال :
« كأنكم لم تسمعوا نبي الله ولم تقروا كتاب الله ولم تعلموا ما أعد الله من الثواب الكريم لأهل طاعته والعذاب الأليم لأهل معصيته .. إني لأقسم بالله لآخذن الولي بالولي والمقيم بالضاعن والمقبل بالمدبر. أيها الناس لقد أصبحنا لكم ساسة وعنكم ذادة . نسوسكم بسلطان الله الذين أعطانا ونذود عنكم بفئ الله الذي خولنا . فلنا عليكم السمع والطاعة فيما أحببنا ولكم علينا العدل فيما ولينا ( 1 ) .
فزياد بن سمية إذن يتهم المسلمين الذين يطالبون الامويين باتباع تعاليم الدين في تصرفاتهم بأنهم لم يقرؤا كتاب الله ولم يسمعوا أحاديث نبيه وأنهم جاهلون بما أعد الله من الثواب لأهل طاعته والعقاب لأهل معصيته . في حين أن زياداً ـوأسياده الامويينـ أولى بسماع ذلك واتباعه . فقد أعد الله الثواب والعقاب للذين يطيعونه ويتبعون أوامره ويعرضون عما ينهى عنه .
وعندي إن جانبا من تعبير المسلمين عن طاعتهم الله يتمثل في عصيانهم أوامر ولاة السوء « أمثال زياد بن أبيه » الذي عصوا الله فيما كانوا يعملون .
ولا ندري فيما إذا كانت هناك طاعة الله افضل من عصيان اوامر الخارجين على تعاليمه !!
أما استطراد ابن سمية في التهديد والوعيد « إلى حد الخروج عن أوامر الله » وتصميمه على اخذ الولي بالولي والمقيم بالضاعن والمقبل بالمدبر فشيء يناقض قول الله « ولا تزر وازرة وزر أخرى » .
وأما زعمه بأنه والامويين قد جعلهم الله للناس ساسة فكذب على الله والناس ، ذلك لأنهم نصبوا أنفسهم حكاما عن طريق تمردهم على الله ورسوله .
وأما قوله بأنهم عن الناس ذادة فلسنا ندري كيف يذودون عن الناس بعد الذي ظهر منهم من تمزيق لمصالح الناس وتحد لمبادئ الدين !. ولعله كان يقصد أنه ـ واسياده الامويين ـ يذودون عمن سكت عن موبقاتهم ، وشاركهم اقتسام منافع الملك والتمتع بثمرات « بساتين قريش » ..
وإذا كان الامر كذلك فهل من الانصاف لله أن يزعم ابن أبيه انه يسوس المسلمين بسلطان الله !! . ولو أنه قال : انه يسوسهم بسلطان الامويين ـ الذي لا يرضاه الله ـ لما أخطأ ولا تجنى .
وأما إضافة عبارة « الذي أعطانا » بعد عبارة « بسلطان الله » فشئ يمجه الذوق الاسلامي ، ويأباه التاريخ .
ولا ندري كيف أعطى الله سلطانه للامويين الذين حاربوه في شخص نبيه الكريم !!
وخطب الحجاج بن يوسف في اهل البصرة فقال :
« يا أهل العراق إني قد استعملت عليكم محمداً ابني وبه الرغبة عنكم .. وقد أوصيته فيكم خلاف وصية رسول الله بالأنصار . فانه أوصى أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم . وقد أوصيته أن لا يقبل من محسنكم ولا يتجاوز عن مسيئكم » ( 2 ) .
ولسنا نعرف سبب وصيته تلك بعدم التجاوز عن المسيء وعدم القبول من المحسن ـ إلا إيغاله في قتل الناس .
وإذا جاز للحاكم ـ في بعض الاحيان ـ أن لا يتجاوز عن المسيء فإنه لا يجوز عدم القبول من المحسن .
ثم هل يجيز الاسلام ذلك ؟
وخاطب الحجاج جموعا من المسلمين فقال :
« إني لأرى رؤساء قد أيعنت وقد حان قطافها . إني لأنظر الدماء بين العمائم اللحى ... ثم قرأ قوله تعالى : « وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان . فكفرت بأنعم الله فأذاقها البأس والجوع والخوف بما كانوا يصنعون . وأنتم أولئك ... »
إنكم أهل بغي وخلاف وشقاق ونفاق . فإنكم طالما أوضعتم في الشر وسننتم سنن البغي ... فو الله لأذيقنكم الهوان ... ولألحونكم لحو العود ولأعصبنكم عصب السلمة حتى تذلوا . ولأضربنكم ضرب غرائب الابل حتى تذروا العصيان وتنقادوا » .
فالمسلم ـ بنظر الحجاج ـ هو الذي يستسيغ موبقات الامويين ويرتاح لاستهتار الحجاج ، ويفوض أمره لله . وإلا فهو معرض ـ في كل لحظة ـ لشتى صنوف العاب . أما أن يبحث الحجاج ـ « أمير » المسلمين ـ عن عوامل التدمير ، ويسعى إلى إزالتها بالمعاملة الحسنة والسير وفق مستلزمات الشريعة الاسلامية فشئ لم يخطر بباله . وسبب ذلك أنه ـ وأسياده الامويين ـ كانوا من الامرين بالمعروف التاركين له .
وحج عبد الملك بن مروان بالناس في عام « 75 هـ » ـ على ما يذكر ابن الاثير ( 3 ) فقال « لست بالخليفة المستضعف ـ يعني عثمان ـ ولا بالخليفة المداهن ـ يعني معاوية ـ ولا بالخليفة المأفون ـ يعني يزيد ـ .
ألا وإني لا أداري هذه الامة إلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم .. والله لا يأمرني أحد بتقوى الله ـ بعد مقالي هذا ـ إلا ضربت عنقه . ثم نزل . » أي إن حفيد طريد رسول الله يريدها جاهلية صرفة مبنية على القوة الغاشمة وإراقة الدماء .
أما المسلم الذي ينبه « الخليفة » نحو تقوى الله فسوف ينال حتفه ـ وهو أمر على جانب كبير من الخطر على الدين والأخلاق .
ومن الطريف أن نذكر في هذه المناسبة أن المفروض بعبد الملك من حيث كونه خليفة المسلمين أن يأمر هو الناس بتقوى الله وأن يعاقب من يتمرد على أوامر الله . أما أن يتمرد الخليفة نفسه على الله وتعاليمه ويعصيه عصياناً مضاعفاً ـ بتمرده على أوامره أو لا وبقتله من يمنعه عن ذلك التمرد ثانياً ـ فأمر على جانب كبير من الخطر على الدين والاخلاق .
ومن الطريف أن نذكر في هذه المناسبة أن عبد الملك بن مروان ـ عبد الملك « الخليفة » الجبار المتمرد على الله ـ عندما شاخ وضعف وقرب من الموت ، أخذ يشعر بحقارة نفسه واستصغارها أمام سلطان الله ـ شأن كل إنسان في الاوقات الحرجة ـ فندم . ولات ساعة مندم . قال ابن الاثير ( 4 ) :
« لما نزل بعبد الملك بن مروان الموت أمر بفتح باب قصره فإذا قصار يقصر ثوباً . فقال يا ليتني كنت قصاراً... فقال سعيد بن العزيز : الحمد لله الذي جعلهم يفزعون إلينا ولا نفزع إليهم .
وقال سعيد بن بشير : إن عبد الملك حين ثقل جعل يلوم نفسه ويضرب يده على رأسه وقال : وددت أن كنت أكتسب يوماً بيوم ما يقوتني وأشتغل بطاعة الله . فذكر ذلك لأبن حازم فقال : الحمد لله الذي جعلهم يتمنون ـ عند الموت ـ ما نحن فيه ، ولا نتمنى ـ عند الموت ما هم فيه » .
وسبب ذلك واضح ، هو أن عبد الملك ـ ومن هم على شاكلته ـ يخافون الله لموبقاتهم في الوقت الذي يشعرون فيه أنهم ملاقوه.
وتنعكس الآية عند غيرهم من أنصار الله، فقد روي عن الامام علي بن أبي طالب أنه قال : عند ما ضربه ابن ملجم وشعر بالموت ـ « فزت ورب الكعبة » ـ فأطلقها صيحة ، لا شعورية ، مرحباً بلقاء ربه لأنه كان عف اللسان واليد والقلب.
____________
(1) ابن الاثير : « الكامل في التاريخ » 3 | 222 ـ 233 .
(2) المسعودي : « مروج الذهب ومعادن الجوهر » 3 | 85 ـ 86 .
(3) ابن الاثير : « الكامل في التاريخ » 4 | 33 ـ 34 .
(4) الكامل في التاريخ 4 | 41 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|