المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

من لا يغسل من الموتى
2024-04-03
زياد النهدي
7-9-2017
Eukaryotic Gene Transcription: Nuclear RNA polymerases
26-12-2021
مراتب العقل والذكاء
2023-05-20
Élie Joseph Cartan
2-4-2017
الفوسفاتير الحامضي Acid phospatase :
10-3-2021


مناقشة الاخباريين في عدم جواز تفسير القرءان بدون نص  
  
1230   11:22 صباحاً   التاريخ: 18-8-2016
المؤلف :  محمّد مهدي النراقي 
الكتاب أو المصدر :  أنيس المجتهدين
الجزء والصفحة : ج1 ص 195.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / مباحث الحجة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2020 1867
التاريخ: 18-8-2016 1343
التاريخ: 5-9-2016 861
التاريخ: 5-9-2016 1670

ذهب الإخباريون إلى أنّه لا يجوز تفسير القرآن بدون نصّ من النبيّ (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله )أو الأئمّة (عليهم ‌السلام) فكلّ آية منه لم يرد في تفسيرها أثر منهم عليهم‌ السلام لا يجوز العمل بها، سواء كانت من النصوص ، أو المحكمات ، أو الظواهر ، أو المتشابهات ، وقالوا : كلّ القرآن متشابه بالنسبة إلينا (1).

ويؤول قولهم إلى عدم حجّيّة القرآن مطلقا ؛ لأنّ الآيات التي لم يرد في تفسيرها الآثار المعصوميّة لا يجوز تفسيرها حينئذ ، والعمل بها ، والتي وردت في تفسيرها الآثار يكون الحجّة هي دونها.

وذهب بعض إلى جواز العمل بالمحكمات دون الظواهر (2).

وأجمع أهل الاجتهاد على أنّ كلّ آية كانت واحدة من الثلاث الاول يجوز تفسيرها والعمل بها من دون الافتقار إلى ورود نصّ في تفسيرها ، بل كلّ من كان عارفا بلغة العرب ، وحصل له من العلم ما تمكّن من فهمها ، يجوز أن يفسّرها ويعمل بها ، وتكون حجّة له وعليه. وإن كانت من الأخيرة ـ أي المتشابهات ـ فلا يجوز أن يعمل بأحد محتملاتها بمجرّد إخطاره بالبال من دون شاهد من العقل أو النقل ، كما يظهر من كلام المبتدعين ، بل حجّيّته موقوفة على الدليل.

وهذا هو الحقّ ؛ لوجوه :

منها : أنّ الله تعالى أنزل قرآنا بلسان عربيّ مبين ، وجعله قطعا لعذر المكلّفين وحجّة على العالمين ، ووصفه بكونه نورا وهدى وبيانا وشفاء ، وأودع فيه دلائل التوحيد ، ومعرفة صفاته الكماليّة ، واصول الأحكام ، وما يتعلّق بالحلال والحرام ، وأمر عباده بالتفكّر فيه ، وندبهم على الاستنباط منه ، وذمّ على ترك تدبّره ، وذكر فيه المواعظ والنصائح ، وأمر الناس بأخذها والعمل بها ، وقصّ فيه قصص الماضين ، وأمر عباده بالعبرة عنها.

وعلى قول الأخباريّين لم يتصوّر منه هذه الفوائد ، بل لم يجز لنا الانتفاع منه مطلقا.

ومنها : أنّه يمتنع أن يخاطب الله بما يدلّ ظاهره على غير مراده ؛ لإجماع الأمّة سوى المرجئة، وللزوم التكليف بما لا يطاق ، أو الإغراء بالجهل. ولا شكّ أنّ ما عدا المتشابهات صريح أو ظاهر فيما فهم القوم منه.

ومنها : استفاضة الأخبار بعرض الحديث ـ مطلقا ، أو عند التعارض ـ على القرآن ، وأخذ ما وافقه ، وطرح ما خالفه (3) ، والعرض عليه يتوقّف على كونه مفهوم المعنى.

ومنها : الخبر المتواتر عن النبيّ (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين ... » (4).

وعلى مذهب الأخباريّين ما ترك إلاّ الثقل الواحد ؛ لعدم كون الثقل الأكبر حجّة.

ومنها : ما روي عن ابن عبّاس أنّه قسم وجوه التفسير على أربعة أقسام : قسم لا يعذر أحد بجهالته ، وقسم يعرفه العرب بكلامها ، وقسم يعرفه العلماء ، وقسم لا يعلمه إلاّ الله (5).

فالأوّل : ما فيه من اصول الشرائع والأحكام وجمل دلائل التوحيد.

والثاني : حقائق اللغة وموضوع كلام العرب.

والثالث : تأويل المتشابه وفروع الأحكام.

والرابع : ما يجري مجرى الغيوب وقيام الساعة.

ومنها : ما روي عن النبيّ (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ) : « أنّ القرآن ذلول ذو وجوه ، فاحملوه على أحسن الوجوه » (6) و « أنّ للقرآن ظهرا وبطنا ... » (7).

ومنها : أمرهم (عليهم‌ السلام ) في عدّة أخبار بالتمسّك بالقرآن عند ظهور الفتن واختلاف الآراء (8).

ومنها : أمرهم (عليهم‌ السلام ) بتدبّر القرآن وفهم آياته ، والنظر في محكماته ، والإضراب عن متشابهاته (9).

ومنها : ما ورد في تفسير قوله تعالى : {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } [النساء: 59] أنّ الرادّ إلى الله الآخذ بمحكم كتابه ، والرادّ إلى الرسول الآخذ بسنّته الجامعة (10).

ومنها : ما ورد منهم (عليهم‌ السلام ) من التوبيخ على ترك العمل به (11).

ومنها : ما ورد منهم (عليهم‌ السلام ) من تعليم الاستدلال به (12).

ومنها : وقوع الاحتجاج به من أصحاب النبيّ (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ) والأئمّة (عليهم‌ السلام ) وتقريرهم عليه (13).

ومنها : بعض الآيات ، كقوله تعالى : { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ } [النساء: 83] ؛ حيث أثبت استنباطا للعلماء ، والتخصيص خلاف الأصل ، وقوله تعالى : {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ...} [آل عمران: 7] ؛ حيث دلّ على جواز اتّباع غير المتشابه ، وقوله تعالى : {هُدًى وَنُورٌ} [المائدة: 44] و {نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ } [المائدة: 15] وغيرها من الآيات.

وهذه الآيات لمّا كانت محكمة ، تقوم حجّة على من قال بجواز العمل بالمحكم دون الظواهر.

وأمّا على الأخباريّين الذين قالوا : إنّ جميع القرآن متشابه بالنسبة إلينا ، فلا تنهض حجّة ؛ لأنّ الاستدلال بها على إبطال مذهبهم يصير دوريّا.

وقد اجيب عن بعض الوجوه المذكورة بأجوبة ظاهرة الاندفاع ، فلا نطيل الكلام بذكرها ودفعها.

احتجّ الأخباريّون بأربعة وجوه :

[ الوجه ] الأوّل : أنّه يجوز أن يكون ما نفهم من الظواهر غير مقصود ، ولا يلزم منه التخاطب بما يدلّ ظاهره على غير المقصود ؛ لجواز ظهور المقصود منها للمخاطبين بمعونة القرائن المنضمّة معها عند النزول (14).

والجواب عنه بالنقض والحلّ :

أمّا النقض : فبأنّه يرد على ظواهر السنّة أيضا.

وأمّا الحلّ : فبأنّ المتكلّم إذا أراد خلاف ظاهر اللفظ ، يلزم عليه نصب قرينة تدلّ عليه ، فإذا لم ينصب قرينة يعلم أنّه أراد ظاهره ، فإذا حان حين العمل ولم يعثر على قرينة بعد الفحص يجب حمل اللفظ على ظاهره. ولا فرق في ذلك بين المخاطبين والغائبين ؛ لأنّ تكليف الجميع على السواء ، فإن ظهر لنا أنّ تكليف المخاطبين من خطاب كان على خلاف ما يفهم من ظاهره لقرينة كانت ظاهرة لهم ، لزم علينا حمل اللفظ على خلاف ظاهره. وإن لم يظهر يلزم علينا حمله على ظاهره.

[ الوجه ] الثاني : أكثر تفاسير أهل العصمة بل كلّها ممّا يخالف الظواهر ، كما يظهر من الأخبار (15). فالآيات التي فسّرها المعصوم ووصل إلينا تفسيره لا يمكن حملها على الظاهر ؛ لأجل تفسير المعصوم ، وكذا التي لم يفسّرها ؛ لتأتّي هذا الاحتمال فيها (16).

والجواب : أنّ التفاسير التي وردت منهم (عليهم‌ السلام ) بعضها من ظواهر القرآن ، وبعضها من بواطنه ؛ فإنّ للقرآن ظاهرا وباطنا ، كما ورد عنهم (عليهم‌ السلام ) (17) ، ولا منع في جمعهما ، فكلّ ما ورد منهم في تفسير القرآن ممّا يخالف الظاهر فهو من بطونه. ولا يقدح هذا في جواز إرادة ما يفهم من الظاهر.

[ الوجه ] الثالث : استفاضة الأخبار بالمنع عن تفسير القرآن بالرأي ، وفي بعضها وعيد عليه (18)(19).

والجواب عنه أمّا أوّلا : فبأنّ المراد من التفسير بالرأي الممنوع منه هو أن يكون للإنسان ميل إلى شيء فأخذ آية من القرآن وحملها عليه ، ولولاه لم يفعل كذلك ، كما يوجد في كلام المبتدعين.

وأمّا ثانيا : فبأنّ المراد منه ما نشأ عمّن لم يظفر بدقائق القرآن وغرائبها ممّا يتوقّف على النقل والسماع ، أو بعض العلوم ، بل فسّر بمجرّد وقوفه على ظاهر العربيّة.

 

وأمّا ثالثا : فبأنّ المراد منه حمل المجمل والمتشابه ، أو أمثالهما من الألفاظ المشكلة على أحد المحتملات ، والجزم به من غير دليل عقلي أو نقليّ.

ويدلّ عليه أنّ المراد من التفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل أو كشف المغطّى ، فالمراد من التفسير بالرأي القطع بالمراد من اللفظ المشكل من غير دليل.

ويدلّ عليه أيضا أنّ الشيخ الطبرسي قال :

قد صحّ عن النبيّ وعن الأئمّة القائمين مقامه أنّ تفسير القرآن لا يجوز إلاّ بالأثر الصحيح والنصّ الصحيح. وروت العامّة أيضا عن النبيّ (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ) أنّه قال : « من فسّر القرآن برأيه فأصاب الحقّ فقد أخطأ » (20).

مع أنّا نرى أنّه يفسّر القرآن من غير استناد إلى نصّ وأثر.

[ الوجه ] الرابع (21) : استفاضة الأخبار بأنّ علم القرآن منحصر في النبيّ والأئمّة (عليهم‌ السلام ) (22).

والجواب : أنّ المراد أنّ علم الكتاب كلّه ـ أي ظاهره وباطنه ، ومحكمه ومتشابهة ، وناسخه ومنسوخه ، وبالجملة ، الإحاطة التامّة الواقعيّة لجميع ما أودع الله في القرآن ـ منحصر بهم (عليهم‌ السلام ) ، وقد نطق بذلك أخبار كثيرة ، كقول الصادق (عليه‌ السلام) : « ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ، ظاهره وباطنه غير الأوصياء » ، وقوله (عليه السلام) : « ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أنزل إلاّ كذّاب ، وما جمعه وما حفظه كما نزّله الله تعالى إلاّ عليّ بن أبي طالب (عليه ‌السلام) والأئمّة من بعده » (23).

ولا بعد في ادّعاء دلالة جميع الأخبار التي تدلّ على انحصار علم القرآن فيهم على ذلك إمّا تصريحا ، أو تلويحا.

وغير خفيّ أنّه بعد ملاحظة أدلّتنا المتقدّمة يظهر أنّه لو لم يحمل الأخبار المذكورة على ما ذكر، لزم طرحها.

فإن قيل : الأصل الثابت عند الشيعة عدم العمل بالظنّ إلاّ بدليل ، كالعمل بأخبار (24) الآحاد ، والعمل بظواهر الكتاب من باب الظنون.

قلنا : هذا الظنّ أيضا خارج بالأدلّة المتقدّمة ؛ فإنّها تفيد القطع بجواز العمل.

ولا يخفى أنّ الكتاب والسنّة مشتركان في اشتمالهما على المحكم والمتشابه ، والنصّ والمجمل وغيرها ، فما يرد على العمل بأحدهما يرد على العمل بالآخر.

والأخباريّون فرّقوا بينهما بمجرّد الأخبار المذكورة (25). وقد عرفت جوابها (26).

فإن قيل : نحن نسلّم أنّ المحكم والظاهر يجوز العمل بهما ولكنّ تمييزهما عن المتشابه غير ممكن لنا ، فكلّ القرآن متشابه بالنسبة إلينا.

قلت : هذا مكابرة صريحة ، وتمييز كلّ واحد من المحكم والنصّ والظاهر والمتشابه عن الآخر واضح لمن له أدنى فطانة في علم القرآن.

ثمّ كيفيّة التفريع على هذا الاختلاف ظاهرة ؛ فإنّه يلزم على مذهب الأخباريّين عدم جواز الاستدلال بالآيات التي لم يرد في تفسيرها نصّ ، بل لا يجوز الاستدلال بها مطلقا (27).

وأمّا على المذهب (28) الحقّ ، فيجوز بغير المتشابه مطلقا ، وبه بمرجّح خارجي.

___________

(1) نسبه إليهم السيّد المحدّث الجزائري في منبع الحياة على ما في حاشية قوانين الاصول 1 : 393.

(2) ذهب إلى هذا التفصيل السيّد صدر الدين في شرح الوافية كما في المصدر.

(3) راجع : تفسير العيّاشي 1 : 82 ـ 83 ، ح 18 / 1 ـ 24 / 7 ، والكافي 1 : 69 ، باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب ، ح 1 ـ 5 ، والبرهان 1 : 67 ـ 68.

(4) راجع : تفسير العيّاشي 1 : 78 ، ح 8 / 8 ، والبرهان 1 : 20 ، باب في الثقلين.

(5) نقله الطبرسي في مجمع البيان 1 : 26 و 27.

(6) مجمع البيان 1 : 13 ، الفنّ الثالث.

(7) راجع تفسير العيّاشي 1 : 86 ـ 87 ، ح 33 / 2 ، 35 / 4 ، 36 / 5 ، 39 / 8.

(8) منها : ما في تفسير العيّاشي 1 : 74 ، ح 1 / 1 ، وبحار الأنوار 37 : 209 ، ح 16.

(9) راجع : الاحتجاج 1 : 136 ، ح 42 ، وبحار الأنوار 37 : 209 ، ح 16.

(10) نهج البلاغة : 600 ، الكتاب 53 ، الفقرة 64 و 65. وفيه : « الردّ والأخذ » مكان « الرادّ والآخذ ». وعنه في الصافي 1 : 429. وفيه كما في المتن.

(11) راجع بحار الأنوار 7 : 215 ، ح 116.

(12) راجع : الوافية : 136 ـ 144 ، وقوانين الاصول 1 : 393.

(13) المصدر.

(14) حكاهما الفاضل التوني في الوافية : 136 و 137.

(15) وهي الأخبار التي تكون أخصّ مطلقا ، أو من وجه من الآيات.

(16) حكاهما الفاضل التوني في الوافية : 136 و 137.

(17) راجع : تفسير العيّاشي 1 : 86 ـ 87 ، ح 33 / 2 ، 35 / 4 ، 36 / 5 ، 39 / 8 ، والبرهان 1 : 44 ، ح 139 / 1.

(18) هذه الروايات مذكورة في مجمع البيان 1 : 39 ، الفنّ الثالث ، والصافي 1 : 32 ، المقدّمة الخامسة ، والبرهان 1 : 39 ـ 42 ، ح 121 ـ 133.

(19) حكاه الفاضل التوني في الوافية : 139 و 140.

(20) مجمع البيان 1 : 13 ، الفنّ الثالث.

(21) حكاه الفاضل التوني في الوافية : 137.

(22) منها ما في الكافي 1 : 229 ، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلاّ الأئمّة (عليهم‌ السلام ) ، ح 5.

(23) الكافي 1 : 228 ، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلاّ الأئمّة (عليهم‌ السلام ) ، ح 1 و 2. والروايتان منقولتان عن أبي جعفر الصادق عليه‌ السلام.

(24) في « ب » : « بالأخبار ».

(25) راجع قوانين الاصول 2 : 220 و 221.

(26) في ص 195 ـ 196.

(27) هذا ناظر إلى طائفة قائلة بتشابه كلّ القرآن من الأخباريّين.

(28) في « ب » : « مذهب ».

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.