أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-02-2015
4007
التاريخ: 29-01-2015
3525
التاريخ: 30-01-2015
4054
التاريخ: 24-2-2019
2735
|
عمّار بن ياسر من ألمع أصحاب النّبي (صلّى الله عليه وآله) وأكثرهم جهاداً وبلاءً في الإسلام وقد شايع عليّاً ولازمه بعد وفاة النّبي (صلّى الله عليه وآله) فقد أيقن أنّه مع الحقّ والحقّ معه كما قال فيه النّبي (صلّى الله عليه وآله) , وكان في أيّام صفّين شيخاً قد نيف على التسعين عاماً ولكنّ قلبه وبصيرته كانت بمأمن من الشيخوخة ؛ فقد كان في تلك المعركة كأنّه في ريعان الشباب وكان يحارب راية ابن العاص وهو يشير إليها قائلاً : والله إنّ هذه الراية قاتلتها ثلاث عركات وما هذه بأرشدهن , وكان يقول لأصحابه لمّا رأى انكشافهم في المعركة : والله لو ضربونا حتّى يبلغونا سعفان هجر لعلمنا أنّا على الحقّ وأنّهم على الباطل.
ويقول الرواة : إنّه جلس مبكراً في يوم مِنْ أيّام صفّين وقد ازداد قلبه شوقاً إلى ملاقاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وملاقاة أبويه فخفّ إلى الإمام مسرعاً يطلب منه الإذن في أنْ يلجَ الحرب لعلّه يُرزق الشهادة فلمْ يسمح له الإمام (عليه السّلام) بذلك وظلّ يعاود الإمام مستأذناً فلمْ تطب نفس الإمام بذلك وراح يلح عليه فأذن له وأجهش الإمام (عليه السّلام) بالبكاء حزناً وموجدة عليه , وانطلق عمّار إلى ساحات الحرب وهو موفور القوى قد استردّ نشاطه وهو جذلان فرح بما يصير إليه من الشهادة وقد رفع صوته عالياً : اليوم ألقى الأحبّهْ محمّداً وحزبَهْ , وكان صاحب الراية في الكتيبة التي يقاتل فيها عمّار هو هاشم بن عتبة المرقال وكان من فرسان المسلمين وخيارهم وأحبّهم للإمام (عليه السّلام) وأخلصهم له وكان أعور فاتّجه نحوه عمّار فجعل تارة يدفعه بعنف إلى الحرب ويقول له : تقدّم يا أعور ؛ واُخرى يرفق به أشدّ الرفق ويقول له : احمل فداك أبي واُمّي! وهاشم يقول له : رحمك الله يا أبا اليقظان إنّك رجل تستخفّ الحرب وإنّي إنّما أزحف لعلّي أبلغ ما اُريد.
وضجر هاشم فحمل وهو يرتجز :
قد أكثروا لومي وما أقلاّ إنّي شريتُ النّفس لن اعتلا
أعور يبغي نفسهُ مَحلاّ لا بدّ أن يفُلّ أو يُفلاّ
قد عالج الحياة حتّى ملاّ أشلّهم بذي الكعوب شلاّ
وقد دلّ هذا الرجل على تصميمه على الموت وسئمه مِن الحياة وجال في ميدان القتال وعمّار معه يقاتل ويرتجز :
نحنُ ضربناكُم على تنزيلِهِ واليوم نضربكُمْ على تأويلِهِ
ضرباً يُزيل الهامَ عن مقيلهِ ويذهل الخليلُ عن خليلِهِ
أو يرجع الحقّ إلى سبيلِهِ
لقد قاتل عمّار بإيمان وإخلاص المشركين مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وناضل كأشدّ ما يكون النضال دفاعاً عن كلمة التوحيد وقاتل أعنف القتال مع أخي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دفاعاً عن تأويل القرآن ودفاعاً عن إمام المسلمين فما أعظم عائدة عمّار وألطافه على الإسلام! والتحم عمّار مع القوى الغادرة التحاماً رهيباً وحمل عليه رجس من أرجاس البشرية يسمّى أبو الغادية فطعنه برمحه طعنة قاتلة فهوى إلى الأرض ذلك الصرح الشامخ من العقيدة والإيمان يتخبّط بدمائه الزكية ، وقد أضرّ به العطش فبادرت إليه امرأة بلبن فلما رآه تبسّم وأيقن بدنو أجله وراح يقول بنبرات هادئة مطمئنة : قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : آخر شرابك مِن الدنيا ضياح مِنْ لبن وتقتلك الفئة الباغية ولمْ يلبث قليلاً حتّى لفظ أنفاسه الأخيرة وانطوت بموته أروع صفحة مشرقة مِن الإيمان والجهاد وارتفع ذلك العملاق الذي أضاء الحياة الفكرية بإخلاصه واندفاعه نحو الحق , وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) برحاً لمْ يقرّ له قرار حينما برز عمّار إلى ساحة الجهاد فكان يقول : فتّشوا لي عن ابن سمية , وانطلقت فصيلة من الجند تبحث عنه فوجدوه قتيلاً مضمّخاً بدم الشهادة فانبروا مسرعين إلى الإمام (عليه السّلام) فاخبروه بشهادته فانهدّ ركنه وانهارت قواه وسرت موجات من الألم القاسي في مُحيّاه ؛ فقد غاب عنه الناصر والأخ.
ومشى الإمام (عليه السّلام) لمصرعه كئيباً حزيناً وعيناه تفيضان دموعاً وسار معه قادة الجيش وقد أخذتهم المائقة ؛ حزناً على البطل العظيم ولمّا انتهى إليه ألقى بنفسه عليه وجعل يوسعه تقبيلاً وقد انفجر بالبكاء وجعل يؤبّنه بحرارة قائلاً : إنّ امرأً مِن المسلمين لمْ يعظم عليه قتلُ ابن ياسر وتدخل عليه المصيبة الموجعة لَغير رشيد ؛ رحم الله عمّاراً يوم أسلم ؛ رحم الله عمّاراً يوم قُتل ؛ رحم الله عمّاراً يوم يُبعث حيّاً ؛ لقد رأيت عمّاراً وما يُذكر مِن أصحاب رسول الله أربعة إلاّ كان رابعاً ولا خمسة إلاّ كان خامساً وما كان أحد مِن قدماء أصحاب رسول الله يشكّ أنّ عمّاراً قد وجبت له الجنّة في غير موطن ولا اثنين ، فهنيئاً لعمار بالجنّة .
وأخذ الإمام (عليه السّلام) رأسه فجعله في حجره ودموعه تتبلور على خديه وانبرى الإمام الحسن (عليه السّلام) وغيره فأبّنوا الشهيد العظيم بقلوب مذابة مِن الحزن ثمّ قام الإمام (عليه السّلام) فواراه في مقرّه الأخير.
ويقول المؤرّخون : إنّ الفتنة وقعت في جيش معاوية حينما اُذيع مقتل عمّار فقد سمعوا أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال في فضل عمّار إنّ الفئة الباغية تقتله وقد اتضح لهم أنّهم الفئة الباغية التي عناها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولكن ابن العاص استطاع أن يزيل الخلاف فقال لهم : إنّ الذي أخرج عمّاراً هو الذي قتله وأذعن بسطاء أهل الشام لما قاله ابن العاص.
واشتد القتال بأعنفه بعد مقتل عمّار وقد تفلّلت جميع قوى معاوية وبان الضعف في جيشه.
|
|
للتخلص من الإمساك.. فاكهة واحدة لها مفعول سحري
|
|
|
|
|
العلماء ينجحون لأول مرة في إنشاء حبل شوكي بشري وظيفي في المختبر
|
|
|
|
|
قسم العلاقات العامّة ينظّم برنامجاً ثقافياً لوفد من أكاديمية العميد لرعاية المواهب
|
|
|